البسملة ( بسم الله الرحمن الرحيم )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلنا نقرأ البسملة في الصلاة وعند قراءة القرآن وعند الأكل والشرب وفي كثير من الأحوال ، ولكن القليلون منا من يعرف معانيها وتفسيرها ، لذا أحببتُ أن أشارككم ببعض المعلومات المفيدة في تفسير البسملة التي لا أزعم أنني أعلم منكم بها ، بل أن على يقين أنكم أعلم مني بها ، ولكنها للمذاكرة والذكرى ، قال الله تعالى : { فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين } [ الذاريات : 55 ] .

أقول مستعيناً بالله :

البسملة هي اسم اختصار لـ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، مثل الحوقلة ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) والسبحلة ( سبحان الله ) والتكبير ( الله أكبر ) والحمدلة ( الحمد لله ) .

والبسملة لمن تدبرها وجدها يدخل فيها الاعتقاد والفقه والتفسير واللغة وغيرها من علوم الشريعة .

( بسم ) : مركبة من ( الباء ) و ( اسم ) ، وإعراب ( بسم ) : ( الباء ) حرف جر مبني على السكون ، وإعرابها : ( اسم ) اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جره الكسره الظاهرة في آخره .

واختلفوا في معنى ( الباء ) على قولين :

القول الأول : أنها للمصاحبة .

القول الثاني : أنها للاستعانة ، وهو الراجح .

ولـ ( الباء ) في اللغة العربية إثنا عشر معنىً ، فقد تأتي للسببية ، وقد تأتي ظرفية ... الخ .

وقد اختلفوا في أصل كلمة ( اسم ) على قولين :

القول الأول : أنها مأخوذة من ( السِّمة ) وهي العلامة .

والقول الثاني : أنها مأخوذة من ( السمو ) وهو العلو .

( الله ) : علم على الذات المقدسة ، ذات الله عز وجل ، وهو الاسم الأعظم ، لأنه تُطلق عليه الصفات ، وأصلها من كلمة ( إله ) ، ولكن حُذِفت الهمزة تخفيفاً ، وهو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ منهم ، والإله هو المألوه ، وهو المعبود ، وإعراب ( الله ) : اسم مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره .

وذكر إمام اللغة سيبويه أن لفظ الجلالة ( الله ) أعرف المعارف ، وهو الراجح .

وقد اختلفوا في لفظ الجلالة ( الله ) ، هل هو اسم جامد أم مشتق :

القول الأول : أنه اسم جامد ، فلا يُشتق منه أي اسم آخر .

القول الثاني : أنه مشتق ، وهو الراجح ، لقوله تعالى : { وهو الله في السماوات والأرض } ، فإن { في السماوات } [ الأنعام : 3 ] متعلق بلفظ الجلالة ، يعني : ( وهو المألوه في السماوات وفي الأرض ) .

سؤال : ما تقدير ( بسم الله ) من حيث الإعراب ؟

الجواب : ( بسم الله ) متعلقة بفعل ٍ محذوف متأخر مناسب للمقام ، فإذا قلتُ قبل الأكل ( بسم الله ) فيكون التقدير ( باسم الله آكل ) ، وإذا قلتها قبل قراءة القرآن فيكون التقدير ( باسم الله أقرأ ) .

وقدّرنا الفعل المحذوف متأخراً لا متقدماً لسببين :

1 - الحصر : لأن تقديم المعمول يفيد الحصر ، فيكون ( باسم الله أقرأ ) بمنزلة ( لا أقرأ إلا باسم الله ) .

2 - تيمناً بالبداءة باسم الله عز وجل ، وتقديمه على الفعل المُقَدًّر .

وهذا هو قول الزمخشري وهو ما رجحه الشيخ العثيمين ، وقدّره الكوفيون فعلاً مقدماً ، أما البصريون فيقدرونه اسم مقدماً ، وهي أقوالٌ مرجوحة لما تقدم ، ولأن الأصل في الأفعال أنها تعمل بلا شرط ، بخلاف الأسماء .

( الرحمن ) : ذو الرحمة الواسعة ، وهذه الكلمة على وزن ( فعلان ) ، وهي تدل في اللغة العربية على الامتلاء والسعة ، كما يُقال : رجل غضبان ، إذا امتلأ غضباً ، وإعراب ( الرحمن ) : اسم مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره .

( الرحيم ) : على وزن ( فعيل ) بمعنى ( فاعل ) فهي تدل على فعل الرحمة ، وهي من صيغ المبالغة كما هو معلوم من علم الصرف ، وإعراب ( الرحيم ) : اسم مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره .

سؤال : ما الفرق بين ( الرحمن ) و ( الرحيم ) ؟

الجواب : ( الرحمن ) واسع الرحمة ، وهو يدل على اتساع رحمة الله عز وجل في الدنيا والآخرة ، و ( الرحيم ) معناه الرحيم بالمؤمنين خاصة ، فـ ( الرحمن ) رحمة عامة لجميع الخلق ، و ( الرحيم ) رحمة خاصة بالمؤمنين .

سؤال : هل البسملة آية من سورة الفاتحة ؟

الجواب : اختلف العلماء في ذلك على قولين :

القول الأول : أنها آية من سورة الفاتحة .

القول الثاني : أنها آية مستقلة من سورة الفاتحة ، وهو ما رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .

والخلاف في هذه المسألة طويلٌ قديم .

سؤال : ما حكم الجهر والإسرار بالبسملة في الصلاة ؟

الجواب : الخلاف فيها تابع للخلاف في البسملة في سورة الفاتحة ، فمن اعتبرها من سورة الفاتحة أوجب الجهر بها في الصلاة الجهرية ورأى أن الصلاة لا تصح إلا بها .

ملاحظة : هذا الموضوع مستفاد من ( تفسير سورة الفاتحة ) و ( القول المفيد على شرح كتاب التوحيد ) كليهما للشيخ العلامة العثيمين و ( تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد ) للشيخ العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله أجمعين .
 

joreyaa

عضو بلاتيني / الفائز الثالث في المسابقة الرمضانية
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
جزاك الله خيرا على هذا الإيضاح ، ولكن بما أنك قد ذكرت عن الجهر في الصلاة ، هل يمكنك أن توضح الصلوات التي يجب بها الجهر مع إيضاح صفة هذا الجهر ، ولك جزيل الشكر
 

خادم الامام

عضو بلاتيني
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير البسملة من مدرسة اهل البيت عليهم السلام .

في التوحيد وتفسير الإمام عن أمير المؤمنين عليه السلام : الله هو الذي يتأله إليه كل مخلوق الحوائج والشدائد إذا انقطع الرجاء من كل وجه من ، دونه وتقطع الأسباب من جميع من سواه تقول بسم الله أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة الا له المغيث إذا استغيث والمجيب إذا دعي .
أقول : معنى يتأله إليه : يفزع إليه ويلتجأ ويسكن .
وفي رواية اخرى عنه عليه السلام يعني بهذا الاسم اقرأ واعمل هذا العمل .
وفي العيون والمعاني عن الرضا عليه السلام يعني بهذا أسم نفسي بسمة من سمات الله وهي العبادة ، قيل له ما السمة قال العلامة .
وفي التوحيد وتفسير الإمام عليه السلام قال رجل للصادق عليه السلام : يابن رسول الله دلني على الله ما هو فقد أكثر عليّ المجادلون وحيروني فقال يا عبدلله هل ركبت سفينة قط ؟ قال : بلى ، قال : فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك ؟ قال : بلى قال : فهل تعلق قلبك هناك أن شيئا من الأشياء قادر على ان يخلصك من ورطتك ؟ قال : بلى . قال الصادق عليه السلام : فذاك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حين لا منجي وعلى الإغاثة حين لا مغيث ويأتي في معنى الله حديث آخر في تفسير سورة الاخلاص انشاء الله ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام : الله أعظم اسم من اسماء الله عز وجل لا ينبغي أن يتسمى به غيره .
وعنه عليه السلام : الرحمن الذي يرحم ببسط الرزق علينا . وفي رواية العاطف على خلقه بالرزق لا يقطع عنهم مواد رزقه وإن انقطعوا عن طاعته . الرحيم بنا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا خفف علينا الدين وجعله سهلا خفيفا ( حنيفا خ ل ) وهو يرحمنا بتمييزنا من اعدائه .
أقول : رزق كل مخلوق ما به قوام وجوده وكماله اللائق به فالرحمة الرحمانية تعم جميع الموجودات وتشتمل كل النعم كما قال الله سبحانه : أحسن كل شيء خلقه ثم هدى . وأما الرحمة الرحيمية بمعنى التوفيق في الدنيا والدين فهي مختصة بالمؤمنين وما ورد من شمولها للكافرين فإنما هي من جهة دعوتهم إلى الإيمان والدين مثل ما في تفسير الامام عليه السلام من قولهم عليهم السلام الرحيم بعباده المؤمنين في تخفيفه عليهم طاعاته وبعباده الكافرين في الرفق في دعائهم إلى موافقته . ومن ثمة قال الصادق عليه السلام : الرحمن اسم خاص لصفة عامة والرحيم اسم عام لصفة خاصة . وقال عيسى بن مريم عليه السلام : الرحمن رحمن الدنيا والرحيم رحيم الآخرة يعني في الامور الأخروية
رواهما في المجمع وفي الكافي والتوحيد والمعاني والعياشي عن الصادق عليه السلام الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله . وفي رواية ملك الله والله إله كل شيء الرحمن بجميع خلقه ، والرحيم بالمؤمنين خاصة .
والقمي عنه عليه السلام مثله بالرواية الأخيرة فحسب .

وروي في المشكاة وأورده في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إن لله عز وجل مائة رحمة أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه فبها يتعاطفون ويتراحمون وأخر تسعا وتسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة .
وروي أن الله قابض هذه إلى تلك فيكملها مائة يرحم بها عباده يوم القيامة .
وفي تفسير الامام معنى ما في الروايتين عن أمير المؤمنين عليه السلام والتسمية في أول كل سورة آية منها وإنما كان يعرف إنقضاء السورة بنزولها إبتداء للأخرى وما أنزل الله كتابا من السماء الا وهي فاتحته كذا عن الصادق عليه السلام رواه العياشي .
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : أول كل كتاب أنزل من السماء بسم الله الرحمن الرحيم فإذا قرأتها فلا تبال أن لا تستعيذ فإذا قرأتها سترتك فيما بين السماء والارض .
وفي العيون عن أمير المؤمنين عليه السلام : أنها من الفاتحة وأن رسول الله صلى الله عليه وآله يقرؤها ويعدها آية منها ويقول فاتحة الكتاب هي السبع المثاني ، وفيه وفي العياشي عن الرضا عليه السلام أنها أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها .
ورواه في التهذيب عن الصادق عليه السلام .
والقمي عنه أنها أحق ما يجهر به وهي الآية التي قال الله عز وجل : وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا .
وفي الخصال عنه عليه السلام : أن الاجهار بها في الصلاة واجب .
والعياشي عنه عليه السلام قال : مالهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها .
أقول : يعني العامة ، عن الباقر عليه السلام سرقوا آية من كتاب الله بسم الله الرحمن الرحيم وينبغي الإتيان بها عند افتتاح كل أمر عظيم أو صغير ليبارك فيه .


ففي الكافي عن الصادق عليه السلام قال : لا تدعها ولو كان بعده شعر .
وفي التوحيد وتفسير الامام عنه عليه السلام من تركها من شعيتنا امتحنه الله بمكروه لينبهه على الشكر والثناء ويمحق عنه وصمة تقصيره عند تركه ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله حدثني عن الله عز وجل أنه قال كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر .



اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد


 

وادي المسك

عضو بلاتيني
ألف شكر وتحيه لك أخي الكريم منهاج السنة النبوية على هذا الموضوع والشرح القيم المفيد

تقبل أجمل التحيات :وردة:
 
جزاك الله خيرا على هذا الإيضاح ، ولكن بما أنك قد ذكرت عن الجهر في الصلاة ، هل يمكنك أن توضح الصلوات التي يجب بها الجهر مع إيضاح صفة هذا الجهر ، ولك جزيل الشكر

إن كنتِ تقصدين الجهر بالبسملة في الصلاة فهي مختلف فيها بين العلماء بحسب رأيهم هل هي من الفاتحة أم لا ، فمن يقول أنها من الفاتحة ، فهو يوجب الجهر بها في الصلوات الجهرية ( الفجر والمغرب والعشاء ) .

أما إنْ كنتِ تقصدين الجهر بقراءة سور القرآن الكريم في الصلاة ، فهي كما هو معلوم في الصلوات الجهرية فقط .

أرجو أن أكون قد فهمتُ السؤال .
 

joreyaa

عضو بلاتيني / الفائز الثالث في المسابقة الرمضانية
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
إن كنتِ تقصدين الجهر بالبسملة في الصلاة فهي مختلف فيها بين العلماء بحسب رأيهم هل هي من الفاتحة أم لا ، فمن يقول أنها من الفاتحة ، فهو يوجب الجهر بها في الصلوات الجهرية ( الفجر والمغرب والعشاء ) .

أما إنْ كنتِ تقصدين الجهر بقراءة سور القرآن الكريم في الصلاة ، فهي كما هو معلوم في الصلوات الجهرية فقط .

أرجو أن أكون قد فهمتُ السؤال .

جزاك الله خيرا هذا ما قصدت ، بس سؤال بعيد عن المسألة ؟ هل هنالك سبب للجهر بهذه الصلوات دون غيرها ؟
 
جزاك الله خيرا هذا ما قصدت ، بس سؤال بعيد عن المسألة ؟ هل هنالك سبب للجهر بهذه الصلوات دون غيرها ؟

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز : لماذا شرع الجهر بالتلاوة في صلاة المغرب والعشاء والفجر دون بقية الفرائض ، وما الدليل على ذلك ؟

فأجاب :

" الله سبحانه أعلم بحكمة شرعية الجهر في هذه المواضع ، والأقرب - والله أعلم - : أن الحكمة في ذلك : أن الناس في الليل وفي صلاة الفجر أقرب إلى الاستفادة من الجهر وأقل شواغل من حالهم في صلاة الظهر والعصر " انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (11/122) .
 
أعلى