من كلام الامام السجاد علي بن الحسين عليه السلام

خادم الامام

عضو بلاتيني
بسم الله الرحمن الرحيم

انقل لكم ايها الاحبة بعض من كلمات ودرر الامام السجاد علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام .

ومن كلام له عليه السلام في التوحيد

وذلك لما دخل علي بن الحسين عليه السلام مسجد المدينة ، فرأى قوما يختصمون ، قال عليه السلام لهم : فيما تختصمون ؟ قالوا : في التوحيد . قال عليه السلام : اعرضوا علي مقالتكم .

قال بعض القوم : إن الله يعرف بخلق سماواته وأرضه ، وهو في كل مكان .
قال علي بن الحسين عليه السلام : قولوا : نور لا ظلام فيه ، وحياة لا موت فيه ، وصمد لا مدخل فيه ، ثم قال عليه السلام : من كان ليس كمثله شئ ، وهو السميع البصير ، وكان نعته لا يشبه نعت شئ فهو ذاك .
وفي رواية أخرى ، لما كان عليه السلام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم إذ سمع قوما يشبهون الله بخلقه ، ففزع لذلك وارتاع له ، ونهض حتى أتى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فوقف عنده ، ورفع صوته يناجي ربه ، فقال في مناجاته : إلهي بدت قدرتك ، ولم تبد هيبة ، فجهلوك وقدروك بالتقدير على غير ما أنت به ، شبهوك وأنا بريء يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك ! ليس كمثلك شئ ، إلهي ولن يدركوك ، وظاهر ما بهم من نعمة دليلهم عليك لو عرفوك ! وفي خلقك يا إلهي مندوحة أن يتأولوك ! بل ساووك بخلقك ! فمن ثم لم يعرفوك ! واتخذوا بعض آياتك ربا ! فبذلك وصفوك ! فتعاليت يا إلهي عما به المشبهون نعتوك .


ومن كلام له عليه السلام في إدبار الدنيا ، وإقبال الآخرة

قال : إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، ألا وكونوا من الزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ، ألا إن الزاهدين في الدنيا ، اتخذوا الأرض بساطا ، والتراب فراشا ، والماء طيبا ، وقرضوا من الدنيا تقريضا ألا ومن اشتاق إلى الجنة ، سلا من الشهوات ، ومن أشفق من النار ، رجع من المحرمات ، ومن زهد في الدنيا ، هانت عليه المصائب .
ألا إن لله عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين ، وكمن رأى أهل النار في النار معذبين ، شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة ، أنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، صبروا أياما قليلة ، فصاروا بعقبى راحة طويلة ، أما الليل فصافون أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، وهم يجأرون إلى ربهم ، يسعون في فكاك رقابهم ، وأما النهار فحلماء علماء ، بررة أتقياء ، كأنهم القداح ، قد براهم الخوف من العبادة ، وينظر إليهم الناظر فيقول : " مرضى " ! وما بالقوم من مرض ! أم خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم من ذكر العذاب وما فيها .


ومن كلام له عليه السلام يصف شيعته


وذلك لما كان علي بن الحسين عليه السلام قاعدا في بيته إذ قرع قوم عليه الباب ، فقال : يا جارية انظري من بالباب ؟ فقالت : قوم من شيعتك ، فوثب عليه السلام عجلا حتى كاد أن يقع ، فلما فتح الباب ونظر إليهم فرجع .​
قال عليه السلام : كذبوا فأين السمت في الوجوه ، أين أثر العبادة ، أين سيماء السجود ؟ إنما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعثهم ، قد قرحت العبادة منهم الآناف ، ودثرت الجباه والمساجد ، خمص البطون ، ذبل الشفاه ، قد هبجت العبادة وجوههم ، وأخلق سهر الليالي ، وقطع الهواجر جثثهم ، المسبحون إذا سكت الناس ، والمصلون إذا نام الناس ، والمحزونون إذا فرح الناس .


ومن كلام له عليه السلام في الاقتداء بآل محمد عليهم السلام والنهي عن القياس

قال عليه السلام : إن دين الله عز وجل لا يصاب بالعقول الناقصة ، والآراء الباطلة ، والمقاييس الفاسدة ، ولا يصاب إلا بالتسليم ، فمن سلم لنا سلم ، ومن اقتدى بنا هدى ، ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك ، ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله ، أو نقضي به حرجا ، كفر بالذي أنزل السبع المثاني ، والقرآن العظيم ، وهو لا يعلم .​


ومن كلام له عليه السلام احتج به ، وانتصر أباه عليا عليه السلام

لما جاء إليه رجل من أهل البصرة فقال : يا علي بن الحسين ، إن جدك علي بن أبي طالب قتل المؤمنين ! فهملت عينا علي بن الحسين عليه السلام دموعا حتى امتلأت كفه منها ، ثم ضرب بها على الحصى ، ثم قال عليه السلام : يا أخا أهل البصرة ، لا والله ما قتل علي عليه السلام مؤمنا ، ولا قتل مسلما ، وما أسلم القوم ، ولكن استسلموا وكتموا الكفر ، وأظهروا الإسلام ، فلما وجدوا على الكفر أعوانا أظهروه ، وقد علمت صاحبة الحدث والمستحفظون من آل محمد عليه السلام أن أصحاب الجمل ، وأصحاب صفين ، وأصحاب النهروان ، لعنوا على لسان النبي الأمي ، وقد خاب من افترى .​
فقال شيخ من أهل الكوفة : يا علي بن الحسين ، إن جدك كان يقول : إخواننا بغوا علينا ! فقال علي بن الحسين عليه السلام : أما تقرأ كتاب الله : ( وإلى عاد أخاهم هودا ) ! فهم من مثلهم ، أنجى الله عز وجل هودا والذين معه ، وأهلك عادا بالريح العقيم .


ومن كلام له عليه السلام في فضائل عترة النبي صلى الله عليه وآله

قال عليه السلام : إن محمدا صلى الله عليه وآلهكان أمين الله في أرضه ، فلما انقبض محمد صلى الله عليه وآله كنا - أهل البيت - أمناء الله في أرضه ، عندنا علم البلايا والمنايا ، وأنساب العرب ، ومولد الإسلام ، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان ، وبحقيقة النفاق ، وإن شيعتنا لمكتوبون معروفون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله الميثاق علينا وعليهم ، يردون موردنا ، ويدخلون مداخلنا ، ليس على ملة إبراهيم خليل الله غيرنا وغيرهم ، إنا يوم القيامة آخذون بحجزة نبينا ، ونبينا آخذ بحجزة ربه ، وإن الحجزة النور ، وشيعتنا آخذون بحجزنا ، من فارقنا هلك ، ومن تبعنا نجا ، والجاحد لولايتنا كافر ، ومتبعنا وتابع أوليائنا مؤمن ، لا يحبنا كافر ، ولا يبغضنا مؤمن ، من مات وهو محبنا كان حقا على الله أن يبعثه معنا ، نحن نور لمن تبعنا ، ونور لمن اقتد بنا ، من رغب عنا ليس منا ، ومن لم يكن معنا فليس من الإسلام في شئ ، بنا فتح الله الدين ، وبنا يختمه ، وبنا أطعمكم عشب الأرض ، وبنا أنزل عليكم مطر السماء ، وبنا أمنكم الله من الغرق في بحركم ، ومن الخسف في بركم ، وبنا نفعكم الله في حياتكم ، وفي قبوركم ، وفي محشركم ، وعند الصراط ، وعند الميزان ، وعند دخول الجنان ، إن مثلنا في كتاب الله كمثل المشكاة ، والمشكاة في القنديل ، فنحن المشكاة فيها المصباح ، والمصباح هو محمد صلى الله عليه وآله ، المصباح في زجاجة ، نحن الزجاجة ، كأنها كوكب دري توقد من شجرة مباركة زيتونة ، لا شرقية ولا غربية ، لا منكرة ولا دعية ، يكاد زيتها نور يضيء ولو لم تمسسه نار ، نور القرآن نور على نور ( يهدي الله لنورهي من يشاء . . . والله على كل شئ قدير ) ، على أن يهدي من أحب لولايتنا ، حقا على الله أن يبعث ولينا مشرقا وجهه ، نيرا برهانه ، عظيما عند الله حجته ، ويجيء عدونا يوم القيامة مسودا وجهه ، مدحضة عند الله حجته ، وحق على الله أن يجعل ولينا رفيق النبيين والصديقين ، والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا ، حق على الله أن يجعل عدونا رفيقا للشياطين والكافرين ، وبئس أولئك رفيقا ، ولشهيدنا فضل على شهداء غيرنا بعشر درجات ، ولشهيد شيعتنا على شهيد غيرنا سبع درجات ، فنحن النجباء ، ونحن أفراط الأنبياء ، وأبناء الأوصياء ، ونحن خلفاء الأرض ، ونحن أولى الناس بالله ، ونحن المخصوصون في كتاب الله ، ونحن أولى الناس بدين الله ، ونحن الذين شرع الله لنا دينه ، فقال الله : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا بهى إبر هيم وموسى وعيسى ) .

فقد علمنا وبلغنا ما علمنا ، واستودعنا علمهم ، ونحن ورثة الأنبياء ، ونحن ذرية أولي العلم ، أن أقيموا الدين بآل محمد صلى الله عليه وآله ، ولا تتفرقوا فيه ، وكونوا على جماعتكم كبر على المشركين بولاية علي بن أبي طالب ما تدعوهم إليه من ولاية علي . إن الله يا محمد ، يجتبي إليه من يشاء ، ويهدي إليه من ينيب ، ويجيبك إلى ولاية علي بن أبي طالب .


ومن كلام له عليه السلام في النهي عن الاغترار بما يعمله المرائي


قال : إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه ، وتماوت في منطقه ، وتخاضع في حركاته ، فرويدا لا يغرنكم ، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا ، وركوب الحرام منها ، لضعف نيته ومهانته ، وجبن قلبه ، فنصب الدين فخا لها ، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره ، فإن تمكن من حرام اقتحمه ، وإذا وجدتموه يعف المال الحرام فرويدا لا يغرنكم ، فإن شهوات الخلق مختلفة ، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وإن كثر ، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة ، فيأتي منها محرما ، فإذا وجدتموه يعف عن ذلك ، فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقده عقله ، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ، ثم لا يرجع إلى عقل متين ، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله ، فإذا وجدتم عقله متينا ، فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا أمع هواه يكون عقله ، أم يكون مع عقله هواه ؟ وكيف محبته للرياسات الباطلة وزهده فيها ، فإن في الناس من خسر الدنيا والآخرة ، يترك الدنيا للدنيا ، ويرى أن لذة الرياسة الباطلة ، أفضل من لذة الأموال ، والنعم المباحة المحللة ، فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة ، حتى إذا قيل له : اتق الله ( أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ) ، فهو يخبط خبط عشواء ، يقوده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة ، ويمده ربه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه ، فهو يحل ما حرم الله ، ويحرم ما أحل الله ، لا يبالي ما فات من دينه ، إذا سلمت له الرياسة ، التي قد شقى من أجلها ، فأولئك مع الذين ( غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم ) عذابا مهينا .​
ولكن الرجل كل الرجل نعم الرجل ، هو الذي جهل هواه تبعا لأمر الله ، وقواه مبذولة في رضا الله ، يرى الذل مع الحق أقرب إلى العز الأبد من العز في الباطل ، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها ، يؤديه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد ، وأن كثيرا ما يلحقه من سرائها إن اتبع هواه يؤديه إلى عذاب لا انقطاع له ولا يزول ، فذلكم الرجل ، نعم الرجل ، فيه فتمسكوا ، وبسنته فاقتدوا ، وإلى ربكم فبه فتوسلوا ، فإنه لا ترد له دعوة ، ولا تخيب له طلبة .




 
أعلى