حمد العنزي
عضو فعال
شعب همه ديوانيات وزيادات..!
من الأمور الغريبة التي لفتت انتباهي والتي تم طرحها في وسائل الإعلام المحلية هي مطالبة الكثير من النقابات بتخصيص كوادر للموظفين أو مناشدة لزيادة رواتب الموظفين بحجة ومن غير حجة، فتارة يقولون أن هناك سيولة مالية ضخمة، وتارة أخرى يقولون أسعار النفط بلغت أعلى معدل لها في التاريخ، وآخرون يقولون إن الاقتصاد في العالم انتعش والأسعار ارتفعت والحكومة (البخيلة) مطالبة بضرورة توفير أجواء الرفاهية للمواطن الكويتي من خلال فتح الخزائن وغرف الأموال منها وتوزيع الثروات على المواطنين بالتساوي حتى لا تدك الطبقة الوسطى، ويصبح المجتمع فئتين لا ثالث لهما أغنياء وفقراء، مع وجود مناشدات وصرخات استغاثة يطلقها بعض المنتفعين خاصة من أعضاء مجلس الأمة الذين يعلمون أنهم بلا انجازاتهم فيضطرون غير آسفين إلى الضحك على الذقون وتحريك مشاعر المواطنين من خلال المطالبة بضرورة إسقاط القروض وفوائدها وتحمل الدولة أخطاء الآخرين، واستمرت هذه النداءات حتى اجتاحت العالم موجة هوجاء دمرت الاقتصاد الأمريكي ونتج عنه أضرار كبيرة في اقتصاد دول الخليج والعالم أجمع..!
بعد هذه الهزة الاقتصادية، لاحظت الصمت المدقع الذي سيطر على أفواه المواطنين وأعضاء مجلس الأمة المنادين بالزيادات والكوادر واسقاط القروض وفوائدها لتتحول المطالب إلى إيقاف عمل لجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة من خلال طرح حلول (ترقيعية) الهدف منها التحايل على القانون وإيقافه من خلال إقرار قانون يقضي بدفع رسوم رمزية للدولة..!، وبكل تأكيد المغزى من هذا المطلب ليس فقط التحايل على القانون والالتفاف عليه، بل ولإشغال المواطن بأمور سطحية وتغييبه بشكل كلي عن أمور مهمة ورئيسية تحتاج وقفة جادة من قبل أعضاء مجلس الأمة الذين تم انتخابهم وإيصالهم إلى البرلمان ليكونوا صوت المواطن أمام الحكومة..!
ولا أدري إلى متى ستبقى الأمور الثانوية هي الشغل الشاغر للمواطنين، ومتى سيكف بعض أعضاء مجلس الأمة عن طرح مثل هذه الموضوعات وإعطائها أكبر من حجمها، بدلاً من التطرق إلى أمور رئيسية مثل سبل تطوير التعليم والنهوض بمستوى الطلبة والتدريس، و الارتقاء بمستوى العلاج في المستشفيات الحكومية، ووضع تصور للقضاء على الفساد والمحسوبية في وزارات الدولة، وإيجاد بدائل جديدة تعتمد عليها الدولة بدلاً من الاعتماد الكلي على مبيعات النفط ومشتقاته، وإيجاد حلول ومخارج لمشاكل المرأة الكويتية، ووضع حلول جذرية لمشكلة البدون الإنسانية، وقضايا أخرى كثيرة تعني بمستقبل الوطن والمواطن، فمن غير المعقول أن يتم التركيز على القشور وترك اللب، فنحن بحاجة ماسة إلى أن تقدم مشاريع ومقترحات ويبدأ العمل في تطبيقها فعلياً بدلاً من الوعود التي نسمع عنها ولا نرى منها شيئاً..!
الكويت دولة غنية بمواردها النفطية، وتمتلك كل مقومات النجاح، ولديها فرصة حقيقية وتكاد أن تكون ذهبية إن لم تكن ماسية لتنهض وتسابق الزمن لتصطف بمصاف الدول التي سبقتها بعد أن كانت سباقة في كافة المجالات والميادين، وهذا الأمر يحتاج إلى عزيمة وإصرار حقيقي، ولن يتحقق شيئاً طالما المواطن مغيب وذاكرته لا تسعفه لتذكر الوعود التي أدلى بها النائب الذي انتخبه وأخلف عن المضي قدماً بها..!
وفي الختام... أتمنى ألا نصبح فعلاً شعب همه الأول والأخير هو المظاهر الكذابة (ديوانيات للسهر والجنجفة والدامة والبلاي ستيشن) والمكاسب المادية المؤقتة، وأكل العيوش وتكبير الكروش، بل أتمنى أن يعي كل مواطن دورة في بناء مسيرة الوطن من خلال مواجهة النائب الذي انتخبه وسؤاله عن وعوده وعن انجازاته بصفة شهرية، والضغط عليه ليكون عنصراً فاعلاً بدلاً من أن يكون عضواً متكسباً..!