الشاعر أحمد مطر: الجهاتُ الأربعُ اليومَ: جَنـــوب!

الهاملي

عضو ذهبي

كُلُّ وقتٍ
ما عدا لحظة ميلادكَ فينا
هو ظِلٌّ لنفاياتِ الزمانْ
كُلُّ أرضٍ
ما عدا الأرض التي تمشي عليها
هي سَقْطٌ مِن غُيارِ اللاّمكانْ
كُلُّ كون
قبل أن تلبسَهُ.. كان رمادا
كلُ لونٍ
قبل أن تلمسهُ.. كان سوادا
كلُ معنىً
قبل أن تنفُخَ في معناهُ نارَ العُنفوانْ
كان خيطاً من دُخانْ
لم يكن قبلكَ للعزَّةِ قلبٌ
لم يكن قبلكَ للسؤددِ وجهٌ
لم يكن قبلكَ للمجدَ لسانْ
كلُ شيءٍ حَسَنٍ ما كان شيئاً
يا جنوبيُّ
ولمّا كنتَ.. كانْ!


كانتِ الساعة لا تدري كم السّاعةُ
إلاّ
بعدما لقَّـنَها قلبكَ درسَ الخَفقانْ!
كانت الأرضُ تخافُ المشيَ
حتى عَلمتْها دَفقاتُ الدَّمِ في قلبكَ
فنَّ الدّورانْ!
لن تتيه الشمسُ، بعدَ اليومِ،
في ليلِ ضُحاها
سترى في ضوءِ عينيكَ ضياها!
وستمشي بأمانٍ
وستمشي مُطمئـناً بين جنْـبَيها الأمانْ!
فعلى آثارِ خُطواتِك تمشي،
أينما يمَّمتَ.. أقدامُ الدُّروبْ!
وعلى جبهتكَ النورُ مقيمٌ
والجهاتُ الأربع اليوم: جنوبْ
يا جنوبيُّ..
فمِنْ أينَ سيأتيها الغروبْ؟!
صار حتى الليلُ يخشى السَّيرَ في الليلِ
فأَنّى راحَ.. لاح الكوكبانْ
مِلءَ عيْنيكَ،
وعيناكَ، إذا أغمضَ عيْنيهِ الكَرى،
لاتغمضانْ!

يا جنوبيُّ..
ستأتيكَ لِجانُ الجانِ
تستغفِرُ دهرَ الصمتِ والكبْتِ
بصوتِ الصولجانْ
وستنهالُ التهاني
من شِفاهِ الإمتهانْ!
وستَغلي الطبلةُ الفصحى
لتُلقي بين أيديكَ
فقاعَ الهذيانْ
وستمتدُّ خطوطُ النارِ،
كُرمى لبطولاتكَ،
ما بين خطابٍ أو نشيدٍ أو بيانْ
وستجري تحتَ رِجليكَ
دِماءُ المهرجانْ
يا جنوبيُّ
فلا تُصغِ لهمْ
واكنُسْ بنعْليكَ هوى هذا الهوانْ
ليس فيهم أحدٌ يملكُ حقَّ الامتنانْ
كُلهم فوقَ ثناياهُ انبساطٌ
وبأعماقِ طواياهُ احتقانْ!
هم جميعاً في قطارِ الذلِّ ساروا
بعدما ألقوكَ فوق المزلَقانْ
وسقَوا غلاّية السائقِ بالزيتِ
وساقُوا لكَ كلَّ القَطِرانْ!
هُم جميعاً
أوثقوا بالغدرِ أيديكَ
وهم أحيوا أعاديكَ،
وقد عُدتَ مِنَ الحينِ
لِتُحيينا.. وتسقينا الحنانْ
كيف يَمْتـَنّونَ؟
هل يَمتنُّ عُريانٌ لِمن عَراهُ؟
هل يزهو بنصرِ الحُرِّ
مهزومٌ جبانْ؟!​
 

Aryaag

عضو جديد
نبذه عن شاعر الحرية - احمد مطر

ولد أحمد مطر في مطلع الخمسينات، ابناً رابعاً بين عشرة أخوة من البنين والبنات، في قرية (التنومة)، إحدى نواحي (شط العرب) في البصرة. وعاش فيها مرحلة الطفولة قبل أن تنتقل أسرته، وهو في مرحلة الصبا، لتقيم عبر النهر في محلة الأصمعي

وفي سن الرابعة عشرة بدأ مطر يكتب الشعر، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية، لكن سرعان ما تكشّفت له خفايا الصراع بين السُلطة والشعب، فألقى بنفسه، في فترة مبكرة من عمره، في دائرة النار، حيث لم تطاوعه نفسه على الصمت، ولا على ارتداء ثياب العرس في المأتم، فدخل المعترك السياسي من خلال مشاركته في الإحتفالات العامة بإلقاء قصائده من على المنصة، وكانت هذه القصائد في بداياتها طويلة، تصل إلى أكثر من مائة بيت، مشحونة بقوة عالية من التحريض، وتتمحور حول موقف المواطن من سُلطة لا تتركه ليعيش. ولم يكن لمثل هذا الموقف أن يمر بسلام، الأمر الذي اضطرالشاعر، في النهاية، إلى توديع وطنه ومرابع صباه والتوجه إلى الكويت، هارباً من مطاردة السُلطة.

وفي الكويت عمل في جريدة (القبس) محرراً ثقافياً، وكان آنذاك في منتصف العشرينات من عمره، حيث مضى يُدوّن قصائده التي أخذ نفسه بالشدّة من أجل ألاّ تتعدى موضوعاً واحداً، وإن جاءت القصيدة كلّها في بيت واحد. وراح يكتنز هذه القصائد وكأنه يدوّن يومياته في مفكرته الشخصيّة، لكنها سرعان ما أخذت طريقها إلى النشر، فكانت (القبس) الثغرة التي أخرج منها رأسه، وباركت انطلاقته الشعرية الإنتحارية، وسجّلت لافتاته دون خوف، وساهمت في نشرها بين القرّاء.

وفي رحاب (القبس) عمل الشاعر مع الفنان ناجي العلي، ليجد كلّ منهما في الآخر توافقاً نفسياً واضحاً، فقد كان كلاهما يعرف، غيباً، أن الآخر يكره ما يكره ويحب ما يحب، وكثيراً ما كانا يتوافقان في التعبير عن قضية واحدة، دون اتّفاق مسبق، إذ أن الروابط بينهما كانت تقوم على الصدق والعفوية والبراءة وحدّة الشعور بالمأساة، ورؤية الأشياء بعين مجردة صافية، بعيدة عن مزالق الإيديولوجيا.

وقد كان أحمد مطر يبدأ الجريدة بلافتته في الصفحة الأولى، وكان ناجي العلي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة.

ومرة أخرى تكررت مأساة الشاعر، حيث أن لهجته الصادقة، وكلماته الحادة، ولافتاته الصريحة، أثارت حفيظة مختلف السلطات العربية، تماماً مثلما أثارتها ريشة ناجي العلي، الأمر الذي أدى إلى صدور قرار بنفيهما معاً من الكويت، حيث ترافق الإثنان من منفى إلى منفى. وفي لندن فَقـدَ أحمد مطر صاحبه ناجي العلي، ليظل بعده نصف ميت. وعزاؤه أن ناجي مازال معه نصف حي، لينتقم من قوى الشر بقلمه.

ومنذ عام 1986، استقر أحمد مطر في لندن، ليُمضي الأعوام الطويلة، بعيداً عن الوطن مسافة أميال وأميال،
 

Aryaag

عضو جديد
كتب هذه الابيات عندما غادر الكويت

يا كويت

كم على السيف مشت

كم بجمر الظلم والجور أكتويت

كم تحملت من القهر

كم من ثقل البلوى خويت

غير اني ما أنحنيت

وكم حاول أن انكر صبري

فأبيت

وهوى ثم هوى ثم هوى

حتى هويت

غير اني عندما طاوعني دمعي عصيت

مذهبي أني كريم بدمائي

وبخيل ببكائي

غير أني يا حبيبة

حينما سرت الى طائرة النفي

عامدا طأطأت رأسي

ولعينيك أنحنيت

وعلى صدرك علقت بقايا كبريائي

وبكيت

آه يافتنة روحي .. كم بكيت

آه يافتنة روحي .. كم بكيت

كنت من فرط بكائي

دمعة حيرى على خدك تمشي

ياكويت

أحمد مطر
 
الهاملي شكرا على هذه الابيات

لست من عشاق الشعر الحر ولكن احمد مطر استثناء
بغض النظر عن موضوع القصيده
فهو صاحب قدرة فائقة يطوّع من خلالها المفردات لصالح الفكرة التي يريدها

ولذلك هو استثناء .......
 
قُبلـة بوليسيّة


عِنـدي كَلامٌ رائِـعٌ لا أستَطيعُ قولَهْ
أخـافُ أنْ يزْدادَ طيني بِلّـهْ.
لأنَّ أبجديّتي
في رأيِ حامـي عِـزّتي
لا تحتـوي غيرَ حروفِ العلّـهْ !
فحيثُ سِـرتُ مخبرٌ
يُلقـي عليَّ ظلّـهْ
يلْصِـقُ بي كالنّمْلـهْ
يبحثُ في حَقيبـتي
يسبـحُ في مِحـبرَتي
يطْلِـعُ لي في الحُلْـمِ كُلَّ ليلهْ!
حتّى إذا قَبّلتُ، يوماً، زوجَـتي
أشعُرُ أنَّ الدولـهْ
قَـدْ وَضَعَـتْ لي مُخبراً في القُبلـهْ
يقيسُ حجْـمَ رغبَـتي
يطْبَعُ بَصمَـةً لها عن شَفَتي
يرْصـدُ وعَـيَ الغفْلـهْ!
حتّى إذا ما قُلتُ، يوماً، جُملـهْ
يُعلِنُ عن إدانتي
ويطرحُ الأدلّهْ!
**
لا تسخروا منّي .. فَحتّى القُبلهْ
تُعَـدُّ في أوطاننـا
حادثَـةً تمسُّ أمـنَ الدولـهْ!
 

الهاملي

عضو ذهبي
نديم الزمان قال:
الهاملي شكرا على هذه الابيات

لست من عشاق الشعر الحر ولكن احمد مطر استثناء
بغض النظر عن موضوع القصيده
فهو صاحب قدرة فائقة يطوّع من خلالها المفردات لصالح الفكرة التي يريدها

ولذلك هو استثناء .......



والشكر لك علي التواجد

والمشاركه

دمت بود
 
كُلُّ وقتٍ

ما عدا لحظة ميلادكَ فينا

هو ظِلٌّ لنفاياتِ الزمانْ

كُلُّ أرضٍ

ما عدا الأرض التي تمشي عليها

هي سَقْطٌ مِن غُيارِ اللاّمكانْ

كُلُّ كون

قبل أن تلبسَهُ.. كان رمادا

كلُ لونٍ

قبل أن تلمسهُ.. كان سوادا

كلُ معنىً

قبل أن تنفُخَ في معناهُ نارَ العُنفوانْ

كان خيطاً من دُخانْ

لم يكن قبلكَ للعزَّةِ قلبٌ

لم يكن قبلكَ للسؤددِ وجهٌ

لم يكن قبلكَ للمجدَ لسانْ

كلُ شيءٍ حَسَنٍ ما كان شيئاً

يا جنوبيُّ

ولمّا كنتَ.. كانْ!





كانتِ الساعة لا تدري كم السّاعةُ

إلاّ

بعدما لقَّـنَها قلبكَ درسَ الخَفقانْ!

كانت الأرضُ تخافُ المشيَ

حتى عَلمتْها دَفقاتُ الدَّمِ في قلبكَ

فنَّ الدّورانْ!

لن تتيه الشمسُ، بعدَ اليومِ،

في ليلِ ضُحاها

سترى في ضوءِ عينيكَ ضياها!

وستمشي بأمانٍ

وستمشي مُطمئـناً بين جنْـبَيها الأمانْ!

فعلى آثارِ خُطواتِك تمشي،

أينما يمَّمتَ.. أقدامُ الدُّروبْ!

وعلى جبهتكَ النورُ مقيمٌ

والجهاتُ الأربع اليوم: جنوبْ

يا جنوبيُّ..

فمِنْ أينَ سيأتيها الغروبْ؟!

صار حتى الليلُ يخشى السَّيرَ في الليلِ

فأَنّى راحَ.. لاح الكوكبانْ

مِلءَ عيْنيكَ،

وعيناكَ، إذا أغمضَ عيْنيهِ الكَرى،

لاتغمضانْ!



يا جنوبيُّ..

ستأتيكَ لِجانُ الجانِ

تستغفِرُ دهرَ الصمتِ والكبْتِ

بصوتِ الصولجانْ

وستنهالُ التهاني

من شِفاهِ الإمتهانْ!

وستَغلي الطبلةُ الفصحى

لتُلقي بين أيديكَ

فقاعَ الهذيانْ

وستمتدُّ خطوطُ النارِ،

كُرمى لبطولاتكَ،

ما بين خطابٍ أو نشيدٍ أو بيانْ

وستجري تحتَ رِجليكَ

دِماءُ المهرجانْ

يا جنوبيُّ

فلا تُصغِ لهمْ

واكنُسْ بنعْليكَ هوى هذا الهوانْ

ليس فيهم أحدٌ يملكُ حقَّ الامتنانْ

كُلهم فوقَ ثناياهُ انبساطٌ

وبأعماقِ طواياهُ احتقانْ!

هم جميعاً في قطارِ الذلِّ ساروا

بعدما ألقوكَ فوق المزلَقانْ

وسقَوا غلاّية السائقِ بالزيتِ

وساقُوا لكَ كلَّ القَطِرانْ!

هُم جميعاً

أوثقوا بالغدرِ أيديكَ

وهم أحيوا أعاديكَ،

وقد عُدتَ مِنَ الحينِ

لِتُحيينا.. وتسقينا الحنانْ

كيف يَمْتـَنّونَ؟

هل يَمتنُّ عُريانٌ لِمن عَراهُ؟

هل يزهو بنصرِ الحُرِّ

مهزومٌ جبانْ؟!
شاعر فحل وختام قصيدتك ماأروعه
*****************************************
كيف يَمْتـَنّونَ؟

هل يَمتنُّ عُريانٌ لِمن عَراهُ؟

هل يزهو بنصرِ الحُرِّ

مهزومٌ جبانْ؟!
 
أعلى