الأصـــــمـــعــــي...

بسم الله الرحمن الرحيم
سأروي لكم ما ترك التاريخ لنا من طرائف ترسم الإبتسامة
على وجوهكم
وهي الحادثة التي حصلت بين أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور (رحمه الله) والراوية الأصمعي


يروى أن أمير المؤمنين الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور رحمه الله كان يحفظ القصيدة من أول مرة يلقيها الشاعر على مسامعه ، وله عبد مملوك يحفظ القصيدة من المرة الثانية ، وجارية تحفظ القصيدة من المرة الثالثة ..

فكان الشاعر يكتب قصيدة طويلة ، فينظمها ويوزنها عدة أيام .

فيقول له الخليفة : ان كانت هذه القصيدة لم تسمع من قبل نعطيك زنة ماكتبت عليه ذهبا ، أما إذا كانت قد سمعت فليس لك شئ ..
فيوافق الشاعر .. ويلقيها على مسامع الخليفة ، فيحفظها الخليفة من أول مرة ، وكان المملوك والجارية قد سمعوها على لسان الشاعر وهم خلف الستار ، فيقول الخليفة للشاعر أنني أحفظها منذ زمن بعيد ، فيرددها الخليفة على مسامع الشاعر وكأنها سمعت من قبل ، فسمع المملوك والجارية القصيدة على لسان الخليفة للمرة الثانية.
فقال الشاعر : انها من بنات افكاري يا أمير المؤمنين .
فيقول له الخليفة : لا , و لدي عبد يحفظها أيضا .
فأرسل الخليفة في طلب المملوك ، فألقى المملوك القصيدة على مسامع الشاعر ، فسمعت الجارية القصيدة على لسان المملوك للمرة الثالثة .

ثم ينادي على الجارية فرددت القصيدة كاملة .

فيشك الشاعر في نفسه وفي القصيدة التي ألفها للتو ، فيخرج من الدار مصابا بخيبة أمل.

وهكذا كان يفعل الخليفة مع كل الشعراء ( حرصا منه على أموال المسلمين حتى لايذهب أكثرها للشعراء ) حتى سمع الأصمعي بما يفعله الخليفة بالشعراء وقد أسف على حالهم , وهم الاصمعي الى امير المؤمنين وقد تنكر بلباس اعرابي وجعل له جدائل وارتدى جلد شاة ، فلما قدم على الخليفة ...
قال : السلام عليكم يامير المؤمنين , انا اعرابي أتيت إليك ولدي قصيدة أود أن أقولها لك .
فقال الامير : اتعرف شرطنا ايها الاعرابي ؟
فقال الاصمعي : نعم يا امير المؤمنين اعرفه ، فأذن له الخليفة ..

فقال الأصمعي :

صـوت صفيـر البلبـل *** هيـج قلبـي الثـمـل

المـاء والـزهــر مـعـا *** مع زهر لحـظ المقـل

وأنــت يـاسـيــدلـي *** وسـيـدي ومولـلـي

فكـم فـكـم تيـمـنـي *** غـزيــل عقـيـقـل

قـطـفتـه مـن وجـنـة *** مـن لثـم ورد الخجـل

فــقـــال لا لا لا لا لا *** فقـد غـدا مـهـرول

والخـود مالـت طـربـا *** من فعـل هـذا الرجـل

فـولــولـت وولــولــت *** ولـي ولـي ياويللـي

فـقـلـت لاتــولــولـي *** وبيـنـي الـؤلـؤلـي

وقالت لـه حيـن كـذا *** انهض وجـد بالمقتـل

وفـتــيـة سقـونـنــي *** قهـيـوة كالـعـسـل

شمـمــتـهـا بـأنـفـي *** ازكـى مـن القرنفـل

في وسط بستان حلـي *** بالزهـر والسرورلـي

والعود دن دن دن لـي *** والطبـل طبطـب لـي

طبطبطـب طبطبـطـب *** طبطبطب طبطـب لـي

والرقص قد طـاب لـي *** والسقف سقسق سق لي

شـوا شـوا وشاهـش *** علـى ورق سفـرجـل

وغرد القمري يصيـح *** من ملـل فـي ملـل

ولـو ترانـي راكـبـا *** علـى حمـار اهــزل

يمشـي علـى ثلاثـة *** كمشـيـة العرنـجـل

والناس ترجـم جملـي *** فـي السـوق بالقلقـل

والكـل كعكـع كعكـع *** خلفـي ومـن حوللـي

لكـن مشيـت هاربـا *** مـن خشيـة العقنقـل

الـى لـقـاء مـلـك *** مـعـظـم مـبـجـل

يأمـر لــي بخلـعـة *** حمراء كالـدم دم لـي

اجـر فيهـا ماشـيـا *** مـبـغـددا لـلـذيـل

انـا الاديـب الالمعـي *** من حي ارض الموصل

نظمت قطعـا زخرفـت *** تعجـز عنهـا الادبـل

اقـول فـي مطلعـهـا *** صـوت صفيـر البلبـل


فلم يستطيع الخليفة أن يحفظها لصعوبة كلماتها فنادى على المملوك فساله ان كان قد سمع بهذه القصيدة ( بمعنى هل حفظتها ) ولكن العبد اشار الى أنه لم يسمع بها من قبل ، فنادى على الجارية وسألها نفس السؤال ولكن جوابها لم يكن أفضل من جواب المملوك .
حينها قال الخليفة : أحضر ماكتبت عليه القصيدة .
وكان الأصمعي قد كتب القصيدة على عمود من الرخام قد ورثه أباه عن جده فأتى به بمساعدة اربعة من الرجال بسبب ضخامة هذا العمود , وحينما شاهده الخليفة اندهش تماما فأمر بوزن العمود وإذا به يزن ثلاثة ارباع بيت المال فأعطاه بوزنه ذهبا كما كان يعد بذلك فأخذ الأصمعي الذهب الذي منحه إياه الخليفة وأراد الخروج من مجلسه فمنعه الوزير وقال : يا امير المؤمنين ما أظن هذا إلا الأصمعي ..!
حينها إلتفت إليه الخليفة وقال : أمط اللثام عن وجهك أيها الإعرابي .
فأزال اللثام وإذا هو الأصمعي فغضب الخليفة وقال : أتفعل هذا بأمير المؤمنين ؟
فرد الأصمعي : نعم يا أمير ، بذاكرتك قطعت أرزاق الشعراء .
فأمره الخليفة أن يرد المال الذي أخذه ولكن الأصمعي رفض أن يرده إلا بشرط ، فسأله الخليفة ماهو الشرط ؟
فقال الأصمعي : أن تعطي الشعراء جوائز على قصائدهم سواء كانت من نقلهم او من نظمهم
فقال الخليفة : لابأس نجيزهم ، فرد الأصمعي المال الذي كان قد أخذه .
 

ستانفورد بينيه

عضو بلاتيني
اشكرك عزيزي تيمور لنك على سرد هذه القصه والقصيده الجميله ولكن هل من الممكن ان ينطبق وصف النصاب على الخليفه العباسي ؟؟

اعتقد ان امير الؤمنين كان قادراً على حفظ مال المسلمين دون اللجوء لهذه الطريقة ... ولكنها اساطير الأولين ...
 
عزيزي ستانفورد بينيه - ان ظاهرة اكرام الأمراء للشعراء شائعة في العصور الاسلامية ، وخاصة في العصر العباسي ، فالشعر يحفظ اللغة ، لاسيما أن العاصمة في بغداد وهي متاخمة لحدود فارس ، وخشية من تداخل اللغة الفارسية باللغة العربية حرصوا الخلفاء العباسيين على جمع الأدب والشعر حتى يحفظوا اللغة العربية ، اضافة الى ذلك كان الخلفاء العباسيين يرسلون في جلب الاعرابي من البادية ليأخذوا الكلمات العربية النادرة في استخدامها ، وكذلك يكرمون علماء البلاغة والنحو وغير ذلك ، ولكن الشعر هو المصدر الأول للغة العربية ، لذلك حرص الخلفاء على اعطائهم الأموال والهدايا .
 

ستانفورد بينيه

عضو بلاتيني
عزيزي تيمور لنك انا معك في كل ماقلت ولكن امير المؤمنين يجب ان يبتعد عن مثل هذه الامور هذا ان صدقت الروايه .. فأمير المؤمنين يجب أن لا يكذب !!
 
أخي ستانفورد بينيه هكذا كان يفعل الخليفة مع كل الشعراء ( حرصا منه على أموال المسلمين حتى لايذهب أكثرها للشعراء ) فأموال الدولة تصرف للرعية والجند ، وتسد حاجات الأراضي الزراعية وغير ذلك ...
فبسبب كثرة الشعراء في ذلك العصر ، خشي الخليفة على أموال المسلمين ، فعمل هذه الخدعة لحفظ هذه الأموال للدولة ... وللضرورة أحكام
 
أعلى