موضوع اكثر من رائع من حيت المتعة والإستفادة ، ولكنكم بخلتم بذكر علماء العرب والمسلمين ،والذين كان لهم الفضل الكبير الذي لم ينكره علماء العصر الحديث.
العالم المسلم الشيخ ابن سينا ( أبو علي )
هو الشيخ الرئيس أبو علي الحسين ابن عبد اللّه بن سيناء الطبيب
المشهور والفيلسوف الكبير. كان أبوه من بلخ وانتقل إلى بخارى
وكان من الولاة على بعض الجهات تولى العمل بقرية من ضياع بخارى
يقال لها خرميثنا فولد له الرئيس أبو علي بن سينا وأخوه بها واسم
والدته ستارة ثم انتقلوا جميعاً إلى بخارى وانتقل الرئيس بعد ذلك
إلى غيرها من البلاد التي تعتبر مراكز للعلم فاشتغل بالعلوم ولما
بلغ العاشرة من عمره كان قد أتقن علم القرآن والأدب وحفظ أشياء
من أصول الدين والحساب والجبر والمقابلة ثم قصدهم الحكيم أبو عبد
اللّه الناتلي فأنزله الرئيس أبو علي عنده وقرأ عليه كتاب إيسا
غوجي في المنطق وكتاب إقليدس والمجسطي وفاقه فيها حتى أوضح له
منها رموزا وأفهمه إشكالات لم يكن الناتلي حلها وكان مع ذلك يأخذ
الفقه عن إسماعيل الزاهد.
ولما توجه الناتلي إلى خوارزم شاه مأمون بن محمد اشتغل أبو علي
بتحصيل العلوم الطبيعية وغير ذلك ونظر في النصوص والشروح ثم رغب
بعد ذلك في علم الطب وعالج تأدبا لا تكسبا حتى فاق فيه الأوائل
في أقل مدة وقصده الفضلاء يأخذون عنه ويقرأون عليه فنون الطب
والمعالجات التي اقتبسها من التجربة ولم تكن سنه إذ ذاك أكثر من
ست عشرة سنة ويقال إنه في مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بتمامها
ولا اشتغل في النهار بسوى المطالعة وكان من عادته إذا أشكلت عليه
مسألة توضأ وقصد المسجد الجامع وصلى ودعا اللّه عز وجل أن يسهلها
عليه ويفتح مغلقها له. ذكر عند الأمير نوح بن نصر الساماني صاحب
خراسان في مرض مرضه فأحضره وعالجه حتى برىء واتصل به وقرب منه
ودخل إلى دار كتبه وكانت جامعة لكل نادر فظفر أبو علي فيها بكتب
من علم الأوائل وحصل نخب فوائدها واطلع على أكثر علومها واتفق
بعد ذلك احتراق تلك الخزانة فتفرد أبو علي بما حصله منها ولم
يستكمل ثماني عشرة سنة من عمره إلا وقد فرغ من تحصيل العلوم
بأسرها.
توفى أبوه وسنه اثنتان وعشرون سنة وكان يتصرف هو ووالده في
الأحوال ويتقلدان الأعمال للسلطان. ولما اضطربت أمور الدولة
السامانية خرج أبو علي من بخارى إلى كركانج وهي قصبة خوارزم
واختلف إلى خوارزم شاه علي بن مأمون ابن محمد وكان أبو علي في زي
الفقهاء يلبس الطيلسان فقرر له كل شهر ما يقوم به ثم انتقل إلى
نسأ وابيورد وطوس وغيرها من البلاد وكان يقصد حضرة الأمير شمس
المعالي قابوس بن وشمكير في أثناء هذه الحال فلما أخذ قابوس وحبس
في بعض القلاع. ذهب أبو علي إلى دهستان فمرض بها فعاد إلى جرجان
وصنف بها الكتاب الأوسط. واتصل به الفقيه أبو عبيد الجرحاني
واسمه عبد الواحد ثم انتقل إلى الري واتصل بالدولة ثم إلى قزوين
ثم إلى همذان وتقلد الوزارة لشمس الدولة فاضطرب العسكر عليه
وسألوا شمس الدولة عزله ثم مرض شمس الدولة بالقولنج فأحضره
لمداواته واعتذر إليه وأعاده إلى الوزارة ثم مات شمس الدولة
وتولى تاج الدولة فعزله عن الوزارة فتوجه إلى أصفهان وبها علاء
الدولة أبو جعفر بن كاكويه فأحسن إليه.
كان أبو علي قوي المزاج مسرفا في القوة الشهوية فأنهكه ذلك وعرض
له قولنج فحقن نفسه في يوم واحد ثماني مرات فتقرحت أمعاؤه وظهر
له سحج واتفق له سفر مع علاء الدولة فحدث له الصرع الذي يحدث
عقيب القولنج فأمر باتخاذ دانقين من كرفس في جملة ما يحقن به
فجعل الطبيب الذي يعالجه به خمسة دراهم فازداد السحج به فطرح بعض
خدمه في الأدوية التي يعالج بها مقدارا كبيرا من الأفيون وكان
سبب ذلك أن غلمانه خانوه في أمر فخافوا العاقبة عند برءه وكان مذ
حصل له الألم يتحامل ويجلس مرة بعد أخرى ولا يحتمي ويسرف في قوته
الحيوية فكان يمرض أسبوعا ويصلح أسبوعا. ثم قصد علاء الدولة
همذان ومعه الرئيس أبو علي فحصل له القولنج في الطريق ووصل إلى
همذان وقد بلغ منه الضعف وأشرف على الانحلال فأهمل التداوى وقال
المدبر الذي في بدني قد عجز عن تدبيره فلا تنفعني المعالجة ثم
اغتسل وتاب وتصدق بما معه على الفقراء ورد المظالم على من عرف
وأعتق مماليكه وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة حتى مات