ياعل عيني ماتبكيك..يالعجمي

مصدر موثوق

عضو فعال
ياعل عيني ما تبكيك... يالسعدون


كلما استمعت إلى مداخلة أحمد السعدون في جلسة الاستجواب أدرك أننا أمام شخصية وطنية استثنائية في كل شيء... شخصية لا تملك إلا أن تقف لها احتراماً وتقديراً وإجلالاً، فما قاله 'أبوعبدالعزيز' في تلك المرافعة التاريخية، يجب أن يُحفظ كوثيقة، يرجع إليها 'أطفال' السياسية الذين وصلوا في غفلة من الزمن إلى 'قاعة عبدالله السالم'.

عندما يتحدث السعدون يصمت الجميع، ويعرف كل نائب مكانه وحجمه الطبيعي، وإذا استرسل 'أبوعبدالعزيز' فما عليك إلا إحضار ورقة وقلم لتكتب ما يقول، فأنت أمام مرجعية دستورية، وتاريخية، وسياسية، لا نملك إلا الدعاء لها بطول العمر، حتى نستفيد منها.

تلكم 'الرمز' في جلسة الاستجواب، فتحول صخب 'قاعة عبدالله السالم' وضجيج حضورها الجماهيري الكبير إلى صمت مطبق، حتى تكاد أن تسمع صوت الإبرة لو سقطت على 'موكيت' القاعة لا رخامها. تبدلت الوجوه، وشعر البعض بضآلته أمام الكبار عندما يتكلمون، وقتها التفت إلى مجموعة من الصحافيين بجانبي، وقلت لهم 'سحقاً لمن سيتكلم بعد هذا الرجل، فما بعد حديثه حديث'.

تحدث 'أبوعبدالعزيز' فكأن الدستور نطق، تحدث فكأن التاريخ تكلم، تحدث فنفض الماضي غبار الزمن عنه وحضر، تحدث فماتت بعض القلوب بغلِّها، تحدث فاكتشف كل من حضر الجلسة، من هم ممثلو الأمة، ومنَ هم الممثلون عليها.

أمام أحمد السعدون تسقط كل الفوارق الاجتماعية والطائفية والمناطقية، ومن خلفه تتناثر المحسوبيات والمجاملات والمساومات والصفقات، وتحت قدميه يسحق الأقزام ممن يتطاولون على تاريخه وهامته الشامخة، التي تغذي مفهوم الوطنية، فيما آخرون يقتاتون عليها.

السعدون بطرحه ومواقفه يعيدنا إلى ذلك الزمن الجميل، يوم كان النائب يمثل الأمة بأطيافها ومشاربها ومكوناتها الاجتماعية كافة، حينما كانت هموم ناخب الصباحية تعادل عند نائب الشامية هموم ناخبي منطقته والعكس صحيح، قبل أن تفرقنا 'دمى' المجلس، والإعلام الفاسد.

مازلت أتذكر مقالاً قديماً للزميل الوشيحي، يخاطب فيه 'أبوعبدالعزيز'، فيقول: 'أنت كمَن يسقط منه الفتات فيأتي النمل ليقتات عليه، لكنك تدوس ذلك النمل بأقدامك دون أن تراه'... اليوم أتذكر ذلك المقال بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها إثر حديثه في جلسة الاستجواب من قبل بعض كتاب 'الغفلة' فتذكرت الفتات والنمل وأقدام 'أبوعبدالعزيز'.

يقولون لماذا كل هذا الحب لأحمد السعدون؟ لماذا تدافع عنه؟ لماذا تصفه بـ'الرمز'، و'حامي الدستور والمال العام والمكتسبات الشعبية'؟ لماذا تخوض المعارك الكلامية مع خصومه؟ أسئلة كثيرة تحاصرني عندما يثار أي حديث عن دور الكاتب وتعاطيه مع الأحداث السياسية المحلية، فأجد نفسي في هذا الزمن الأغبر الذي قلَّ فيه الرجال وكثر فيه الذكور لا أكتفي بالدفاع عنه فقط، بل أدعو له وأقول 'ياعل عيني ماتبكيك يا أحمد السعدون'.


التعليق: مقال رائع في رجل يستحق..هل تعتقد بأن النائب احمد السعدون سوف يدفع ضريبة موقفه؟
http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=117872
 
أعلى