مبارك صنيدح
فيض المشاعر
ثقافة الانبطاح
التأم مجلس الانبطاح السياسي واصدر بياناً مؤثراً يقول فيه:
«السادة اعضاء السلطة الانبطاحية يسرنا ان نخاطبكم ونبين لكم خطورة القادم من الايام وانها حبلى بالمصائب السياسية.. وقد لانملك القدرة على اجهاضها.. وقد يسبب لنا هذا حرجا امام القواعد الانتخابية.
ولذلك يجب اخذ الحيطة والحذر.. فلقد حققنا مكاسب في الفترة السابقة.. واكدنا اننا نحن الاغلبية والمعارضة اقلية مسحوقة ليس لديها العدد الكافي لتمرير مشاريعها او التهديد باستجواباتها.
وكلما اوقدوا ناراً للاستجواب اطفأناها.. اما بالتحويل الى النيابة العامة.. او التأجيل الى اجل غير مسمى او تعديل اللائحة الداخلية.. وستكون برداً وسلاماً.. ونمارس مسلسل الضحك على الذقون وذر الرماد في العيون..»
لا شك ان الانبطاح السياسي ثقافة وممارسة تمكن اصحابها من استخدام وسائل مختلفة لتحقيق مكاسب ومصالح شخصية على حساب الثوابت والمبادئ.. واقتناص الفرص والانزلاق في دهاليز المساومات الرخيصة.. واتباع سياسة التلون وفق مناخات البيئة السياسية.. فساعة ينفخون في ابواق التهديد والتلويح بالمساءلة السياسية.. وفي نفس الوقت يتقنون فنون الزوغان والهروب السريع الى مربض الانبطاح... وساعة اخرى يرتدون قناع الدفاع عن حقوق المواطنين وحماية المال العام.. ولكنهم على أهبة الاستعداد لخلعه عند أي مواجهة سياسية قادمة.. متذرعين بالمصلحة الوطنية.. ووقف مسلسل التأزيم.. أو من اجل مشاريع التنمية!
وان ضاقت بهم السبل.. وزاغت الأبصار.. وبلغت القلوب الحناجر.. تعلقوا بحبال التحويل الى النيابة العامة المطلية بدهان الخديعة!!.
ان لغة الانبطاح يسيرة وسلسة وغير معقدة.. ويسهل تعلمها ولا تحتاج الى ترجمان.. ولكن يشترط الأرضية الملوثة التي تقبل ان تدفن مبادئها في حقل المساومات.. وتبيع ضمائرها في سوق النخاسة.. وان تكتم انفاس التأنيب بين ضلوعها.. وتهشم اعمدة الكبرياء على موائد الساسة.
والانبطاح درجات ومراحل.. اعلاها مرحلة ادمان الانبطاح. وهي تعاطي افيون فقدان الذاكرة.. حتى يستطيع تحمل الصدمات السياسة التي يتعرض لها.. ولا يشعر بوخزات الضمير.. وتكسر موجات الحسرات على اعتاب قلبه.. وابعاد شبح السقوط السياسي عن جادة تفكيره.. والعيش في وهم ان المجلس سيكمل مدته الدستورية!
ولا شك ان ممارسة الانبطاح السياسي تجعل صاحبها يعيش في عزلة مع نفسه وغربة عن مجتمعه.. ويشعر انه يغرد خارج السرب.. ولكن عشق الوجاهة والسير على سلالم النفوذ والسلطة.. تحجب عنه الرؤية وتقوده القوة العمياء الى تجديد العضوية في مجلس الانبطاح..!
والى هواة الانبطاح نعتذر لهم مع الشاعر سليم الرافعي:
معذرة ايها الانبطاح.
عظماء الجنس البشري يرفضونك.
شرفاء العالم لا يؤمنون بك.
هؤلاء هم المحررون انكروا العبودية..
وحرموا شراء الانسان وبيعه
جريدة الوطن
تاريخ النشر 17/07/2009 http://www.alwatan.com.kw/Default.aspx?tabid=164&article_id=522876&AuthorID=6275
فيض المشاعر
ثقافة الانبطاح
التأم مجلس الانبطاح السياسي واصدر بياناً مؤثراً يقول فيه:
«السادة اعضاء السلطة الانبطاحية يسرنا ان نخاطبكم ونبين لكم خطورة القادم من الايام وانها حبلى بالمصائب السياسية.. وقد لانملك القدرة على اجهاضها.. وقد يسبب لنا هذا حرجا امام القواعد الانتخابية.
ولذلك يجب اخذ الحيطة والحذر.. فلقد حققنا مكاسب في الفترة السابقة.. واكدنا اننا نحن الاغلبية والمعارضة اقلية مسحوقة ليس لديها العدد الكافي لتمرير مشاريعها او التهديد باستجواباتها.
وكلما اوقدوا ناراً للاستجواب اطفأناها.. اما بالتحويل الى النيابة العامة.. او التأجيل الى اجل غير مسمى او تعديل اللائحة الداخلية.. وستكون برداً وسلاماً.. ونمارس مسلسل الضحك على الذقون وذر الرماد في العيون..»
لا شك ان الانبطاح السياسي ثقافة وممارسة تمكن اصحابها من استخدام وسائل مختلفة لتحقيق مكاسب ومصالح شخصية على حساب الثوابت والمبادئ.. واقتناص الفرص والانزلاق في دهاليز المساومات الرخيصة.. واتباع سياسة التلون وفق مناخات البيئة السياسية.. فساعة ينفخون في ابواق التهديد والتلويح بالمساءلة السياسية.. وفي نفس الوقت يتقنون فنون الزوغان والهروب السريع الى مربض الانبطاح... وساعة اخرى يرتدون قناع الدفاع عن حقوق المواطنين وحماية المال العام.. ولكنهم على أهبة الاستعداد لخلعه عند أي مواجهة سياسية قادمة.. متذرعين بالمصلحة الوطنية.. ووقف مسلسل التأزيم.. أو من اجل مشاريع التنمية!
وان ضاقت بهم السبل.. وزاغت الأبصار.. وبلغت القلوب الحناجر.. تعلقوا بحبال التحويل الى النيابة العامة المطلية بدهان الخديعة!!.
ان لغة الانبطاح يسيرة وسلسة وغير معقدة.. ويسهل تعلمها ولا تحتاج الى ترجمان.. ولكن يشترط الأرضية الملوثة التي تقبل ان تدفن مبادئها في حقل المساومات.. وتبيع ضمائرها في سوق النخاسة.. وان تكتم انفاس التأنيب بين ضلوعها.. وتهشم اعمدة الكبرياء على موائد الساسة.
والانبطاح درجات ومراحل.. اعلاها مرحلة ادمان الانبطاح. وهي تعاطي افيون فقدان الذاكرة.. حتى يستطيع تحمل الصدمات السياسة التي يتعرض لها.. ولا يشعر بوخزات الضمير.. وتكسر موجات الحسرات على اعتاب قلبه.. وابعاد شبح السقوط السياسي عن جادة تفكيره.. والعيش في وهم ان المجلس سيكمل مدته الدستورية!
ولا شك ان ممارسة الانبطاح السياسي تجعل صاحبها يعيش في عزلة مع نفسه وغربة عن مجتمعه.. ويشعر انه يغرد خارج السرب.. ولكن عشق الوجاهة والسير على سلالم النفوذ والسلطة.. تحجب عنه الرؤية وتقوده القوة العمياء الى تجديد العضوية في مجلس الانبطاح..!
والى هواة الانبطاح نعتذر لهم مع الشاعر سليم الرافعي:
معذرة ايها الانبطاح.
عظماء الجنس البشري يرفضونك.
شرفاء العالم لا يؤمنون بك.
هؤلاء هم المحررون انكروا العبودية..
وحرموا شراء الانسان وبيعه
جريدة الوطن
تاريخ النشر 17/07/2009 http://www.alwatan.com.kw/Default.aspx?tabid=164&article_id=522876&AuthorID=6275