قضية القبس: نهج الإهدار الشامل!

حر الفكر

عضو مميز
قضية القبس اليوم
نهج الإهدار الشامل!

رغم أجواء التفاؤل التي أشاعتها كلمة سمو أمير البلاد في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك تجاه حشد المؤسسات الحكومية والشعبية خلف مشروعات التنمية وتحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري، وكذلك الإشارات التي أعطتها الحكومة، على ان قطار التنمية قد انطلق، فوقعت عقد محطة الصبية، لكن موجة التفاؤل سرعان ما تبددت لأن خطوات الحكومة التي تلت رفعت من كمية مشاعر الإحباط لدى المواطنين، بعدما استبدلت مشاريع طال انتظارها مثل ميناء بوبيان، وتجديد البنى التحتية، وتطوير المطار الدولي والجزر، بما أسمته «عيدية» بنك وربة، ليحصل كل مواطن بموجبه على مايقارب 760 سهما لا تتجاوز قيمتها الـ 76 دينارا، وكأن الناس تريد هبات لا مشاريع، أو كأن البلد يحتاج حفنة من الدنانير، لا إنجازات ملموسة يستعيد بها نهضته ويستأنف تنميته!
ورغم الضجة الإعلامية المبرمجة التي صورت القرار بأنه «إنجاز تاريخي»، فانه في الحقيقة أثار استغراب، بل استياء، مواطنين كثر، بمن فيهم أيضا مواطنون ستسجل الأسهم في أرصدتهم.
لقد وجهنا سهام اللوم أكثر من مرة - ولانزال ثابتين على موقفنا لقناعتنا بأن فيه مصلحة البلد وأهله - إلى المقترحات الشعبوية التي يتسابق النواب على تقديمها بمناسبة ومن دون مناسبة لكونها تمثل هدرا للموارد المالية للدولة، وضياعا لها في أسواق المزايدات العقيمة لأن هدفها صناديق الاقتراع، لكننا فوجئنا بأصوات داخل الحكومة تتسابق مع النواب على المقترحات «الشعبوية»، وكأن الحكومة وليدة صناديق الاقتراع، أو كأن الوزراء خصم انتخابي للخمسين نائبا الذين يتكون منهم مجلس الأمة، فتشتعل بينهم المزايدات في هذا الميدان.
نحن نلوم النواب على التنافس فيما بينهم لتكديس الاصوات الانتخابية تحسبا لأجندات انتخابية خاصة على حساب مصلحة البلد ومستقبله، لكن الملامة الكبرى لابدّ أن توجه الى الحكومة التي تخالف بتحركاتها أبسط آليات العمل الحكومي، وأبرزها الحرص على التنمية وخلق فرص العمل المنتج للشباب من خلال الحفاظ على المال العام وعليها أن تعرف أنها في «تبذير» أرصدة الدولة وما يتوافر لها من احتياطيات بسبب ارتفاع سعر النفط، انما تتناقض مع ما تسير عليه الحكومات في الدول الأخرى سواء المتقدمة منها أو حتى المتخلفة، والتي يسعى معظمها إلى خلق عوامل جديدة للتنمية في ظروف أصعب من ظروف الكويت، وبقدرات مالية أقل بما لا يقاس!
إننا نعيش في زمن أزمة اقتصادية عنيفة عالميا ومحليا. وعلى رأس أولويات أي حكومة تفكر بحاضر بلدها ومستقبله، معالجة هذه الأزمة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، بمشاريع انتاجية يعود نفعها على المواطنين جميعا، وتكون أساسا مستداما لنهضة البلد وتحسين مستوى معيشة أهله، فهذه أجدى وأكثر نفعا من صرف بضعة دنانير هنا أو هناك.
ان أبجديات العمل الحكومي تتطلب صرامة في دراسة المقترحات الشعبوية التي يتقدم بها النواب، كما تتطلب شجاعة في رفضها والتصدي لغير المحق والضار منها، والمبادرة، بدل ذلك، لطرح البدائل التي تحافظ على الثروة الوطنية وتؤدي الى تثميرها لتكون حافزا للاقتصاد الوطني على خلق مواقع التنمية الحقيقية، لا أن تكون الحكومة طرفا منافسا في تبني مقترحات هدر المال العام وتبديد الفوائض المالية على ما يضر المواطن ولا ينفعه.
تأسيس الشركات عمل يخضع لآليات السوق ومدى الحاجة الى وجودها وليس من خلال القرارات السياسية المحضة، لأن معايير الأخيرة تختلف اختلافا جذريا مع ما تتطلبه حركة السوق. وهناك الكثير من الأمثلة حول الشركات التي كان إنشاؤها بقرارات سياسية، إن على الصعيدين المحلي أو العربي في إطار شمولية الأنظمة، كان مصيرها العجز والفشل ولا حاجة بنا الى تكرارها، وإلا فإن في تكرارها دعوة صريحة لمزيد من الاتكال على الدولة وهذا هو الخطأ بعينه.
إن الكويت تحتاج الى نهج تنموي فعال وشامل، وليس الى سياسة إهدار شاملة مهما كانت المبررات، والضغوطات.

التعليق:
اتفق اتفاقا كاملا مع ما طرحته القبس اليوم فالبلد اليوم تمر بسياسة تبذير غير مسبوقة من قبل الحكومة والنواب معا
 
أعلى