معنى لا إله إلا الله من الدرر السنية

سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، عن: معنى: " لا إله إلا الله " فأجاب: اعلم رحمك الله، أن هذه الكلمة، هي الفارقة بين الكفر والإسلام، وهي: كلمة التقوى، وهي: العروة الوثقى، وهي: التي جعلها إبراهيم عليه السلام: (كلمة باقية في عقبة لعلهم يرجعون) [الزخرف: 28] وليس المراد: قولها باللسان مع الجهل بمعناها، فإن المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار، مع كونهم يصلون، ويصومون، ويتصدقون؛ ولكن المراد: معرفتها بالقلب، ومحبتها ومحبة أهلها، وبغض من خالفها ومعاداته، كما قال صلى الله عليه وسلم " من قال لا إله إلا الله مخلصاً " وفي رواية: " صادقا من قلبه " وفي لفظ: " من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله " إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة.
واعلم: أن هذه الكلمة، نفي، وإثبات؛ نفي الألوهية عما سوى الله تبارك وتعالى، من المخلوقات، حتى عن محمد صلى الله عليه وسلم وعن الملائكة، حتى جبرائيل، فضلا عن غيرهم، من الأولياء، والصالحين؛ إذا فهمت ذلك: فتأمل هذه الألوهية، التي أثبتها الله لنفسه، ونفاها عن محمد، وجبرائيل عليهما السلام، فضلا عن غيرهما من الأولياء، والصالحين، وأن يكون لهم مثقال حبة خردل.
إذا عرفت هذا، فاعلم: أن هذه الألوهية، هي التي تسميها العامة، في زماننا: السر، والولاية؛ فالإله معناه: الولي الذي فيه السر؛ وهو الذي يسمونه: الفقير، والشيخ؛ وتسمية العامة: السيد، وأشباه هذا؛ وذلك: أنهم يظنون، أن الله جعل لخواص الخلق عنده منزله، يرضى أن الإنسان يلتجىء إليهم، ويرجوهم، ويستغيث بهم، ويجعلهم واسطة بينه، وبين الله؛ فالذي يزعم أهل الشرك في زماننا: أنهم وسائطهم؛ هم: الذين يسميهم الأولون، الإله، والواسطة هو الإله، فقول الرجل: لا إله إلا الله، إبطال للوسائط.
إذا أردت أن تعرف هذا، معرفة تامة، فذلك بأمرين؛ الأول: أن تعرف أن الكفار الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقتلهم، وغنم أموالهم، واستحل دماءهم، وسبى نساءهم، كانوا مقرين لله: بتوحيد الربوبية؛ وهو أنه لايخلق إلا الله، ولا يرزق، ولا يحيي، ولا يميت، ولا يدبر الأمر إلا الله، كما قال تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون) [يونس: 31].
وهذه: مسألة عظيمة، مهمة؛ وهي: أن تعرف أن الكفار شاهدون بهذا كله، ومقرون به، ومع هذا لم يدخلهم في الإسلام، ولم يحرم دماءهم، وأموالهم؛ وكانوا أيضا: يتصدقون، ويحجون، ويعتمرون، ويتعبدون، ويتركون أشياء من المحرمات، خوفا من الله عزَّ وجلَّ.
ولكن الأمر الثاني، هو: الذي كفرهم، وأحل دماءهم، وأموالهم؛ وهو: أنهم لا يشهدون الله بتوحيد الألوهية، وهو أنه: لا يدعى إلا الله، ولا يرجى إلا الله وحده لا شريك له، ولا يستغاث بغيره، ولايذبح لغيره، ولا ينذر لغيره، لا لملك مقرب، ولا نبي مرسل، فمن استغاث بغيره، فقد كفر، ومن ذبح لغيره، فقد كفر، ومن نذر لغيره، فقد كفر؛ وأشباه هذا.
وتمام هذا: أن تعرف أن المشركين، الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون الملائكة، وعيسى، وعزيراً، وغيرهم من الأولياء، فكفرهم الله بهذا، مع إقرارهم بأن الله هو الخالق، الرازق، المدبر؛ فإذا عرفت: معنى لا إله إلا الله؛ وعرفت: أن من نخا نبيا، أو ملكا، أو ندبه، أو استغاث به، فقد خرج من الإسلام، وهذا هو الكفر، الذي قاتلهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل من المشركين: نحن نعرف أن الله هو الخالق، الرازق، المدبر؛ لكن هؤلاء الصالحين: مقربون، ونحن ندعوهم، وننذر لهم، وندخل عليهم، ونستغيث بهم، نريد بذلك الجاه، والشفاعة، وإلا فنحن نفهم: أن الله هو المدبر؛ فقل: كلامك هذا، دين أبي جهل، وأمثاله؛ فهم يدعون: عيسى، وعزيراً، والملائكة، والأولياء، يقولون: (مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) [الزمر: 3] وقال: (ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) [يونس: 18].
فإذا تأملت هذا تأملاً جيداً، عرفت: أن الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية، وهو التفرد بالخلق، والرزق، والتدبير، فهم ينخون عيسى، والملائكة، والأولياء يقصدون: أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، ويشفعون لهم عنده؛ وعرفت: أن الكفار، خصوصاً النصارى؛ منهم: من يتعبد الليل، والنهار، ويزهد في الدنيا، ويتصدق بما دخل عليه منها، معتزلا في صومعة عن الناس، ومع هذا: كافر، عدو لله، مخلد في النار، بسبب اعتقاده في عيسى، أو غيره من الأولياء، يدعوه ويذبح له، وينذر له؛ وتبين لك: أن كثيرا من الناس عنه بمعزل؛ وتبين لك: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريبا كما بدأ ".
فالله، الله، إخواني: تمسكوا بأصل دينكم أوله وآخره، اسه ورأسه، وهو: شهادة أن لاإله إلا الله؛ واعرفوا: معناها؛ وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم، ولو كانوا بعيدين؛ واكفروا بالطواغيت، وعادوهم، وابغضوا من أحبهم، أو جادل عنهم، أو لم يكفرهم، أو قال ماعلي منهم، أو قال ماكلفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله، وافترى؛ بل: كلفه الله بهم، وفرض عليه الكفر بهم، والبراءة منهم؛ ولو كانوا: إخوانه، وأولاده؛ فالله، الله، تمسكوا بأصل دينكم، لعلكم تلقون ربكم، لا تشركون به شيئا؛ اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين.
ولنختم الكلام: بآية ذكرها الله في كتابه، تبين لك: أن كفر المشركين، من أهل زماننا، أعظم من كفر الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه) الآية [الإسراء: 67] فقد ذكر الله تعالى، عن الكفار، أنهم إذا مسهم الضر، تركوا السادات، والمشائخ، فلا يدعونهم، ولا يستغيثون بهم؛ بل يخلصون لله وحده، لا شريك له، ويستغيثون به، ويوحدونه؛ فإذا جاء الرخاء: أشركوا.
وأنت ترى المشركين من أهل زماننا، ولعل بعضهم يدعي أنه من أهل العلم، وفيه زهد، واجتهاد، وعبادة؛ وإذا مسه الضر، يستغيث بغير الله، مثل: معروف؛ وعبد القادر، الجيلاني؛ وأجل من هؤلاء، مثل: زيد بن الخطاب، والزبير؛ وأجل من ذلك، مثل: رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله المستعان؛ وأعظم من ذلك، وأعظم: أنهم يستغيثون بالطواغيت، والكفرة، المردة، مثل: شمسان؛ وإدريس، ويوسف، وأمثالهم؛ والله أعلم.
 

الريفي

عضو فعال
كوبي في كوبي

احمد الدوسري كوبي

تكفى اكتب انت شي علق على موضوعك

والله لاعت جبتي منك مسوي زحمه على الفاضي بسبب كوبياتك الكثيرة
 
سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، عن: معنى: " لا إله إلا الله " فأجاب: اعلم رحمك الله، أن هذه الكلمة، هي الفارقة بين الكفر والإسلام، وهي: كلمة التقوى، وهي: العروة الوثقى، وهي: التي جعلها إبراهيم عليه السلام: (كلمة باقية في عقبة لعلهم يرجعون) [الزخرف: 28] وليس المراد: قولها باللسان مع الجهل بمعناها، فإن المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار، مع كونهم يصلون، ويصومون، ويتصدقون؛ ولكن المراد: معرفتها بالقلب، ومحبتها ومحبة أهلها، وبغض من خالفها ومعاداته، كما قال صلى الله عليه وسلم " من قال لا إله إلا الله مخلصاً " وفي رواية: " صادقا من قلبه " وفي لفظ: " من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله " إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة.
واعلم: أن هذه الكلمة، نفي، وإثبات؛ نفي الألوهية عما سوى الله تبارك وتعالى، من المخلوقات، حتى عن محمد صلى الله عليه وسلم وعن الملائكة، حتى جبرائيل، فضلا عن غيرهم، من الأولياء، والصالحين؛ إذا فهمت ذلك: فتأمل هذه الألوهية، التي أثبتها الله لنفسه، ونفاها عن محمد، وجبرائيل عليهما السلام، فضلا عن غيرهما من الأولياء، والصالحين، وأن يكون لهم مثقال حبة خردل.
إذا عرفت هذا، فاعلم: أن هذه الألوهية، هي التي تسميها العامة، في زماننا: السر، والولاية؛ فالإله معناه: الولي الذي فيه السر؛ وهو الذي يسمونه: الفقير، والشيخ؛ وتسمية العامة: السيد، وأشباه هذا؛ وذلك: أنهم يظنون، أن الله جعل لخواص الخلق عنده منزله، يرضى أن الإنسان يلتجىء إليهم، ويرجوهم، ويستغيث بهم، ويجعلهم واسطة بينه، وبين الله؛ فالذي يزعم أهل الشرك في زماننا: أنهم وسائطهم؛ هم: الذين يسميهم الأولون، الإله، والواسطة هو الإله، فقول الرجل: لا إله إلا الله، إبطال للوسائط.
إذا أردت أن تعرف هذا، معرفة تامة، فذلك بأمرين؛ الأول: أن تعرف أن الكفار الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقتلهم، وغنم أموالهم، واستحل دماءهم، وسبى نساءهم، كانوا مقرين لله: بتوحيد الربوبية؛ وهو أنه لايخلق إلا الله، ولا يرزق، ولا يحيي، ولا يميت، ولا يدبر الأمر إلا الله، كما قال تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون) [يونس: 31].
وهذه: مسألة عظيمة، مهمة؛ وهي: أن تعرف أن الكفار شاهدون بهذا كله، ومقرون به، ومع هذا لم يدخلهم في الإسلام، ولم يحرم دماءهم، وأموالهم؛ وكانوا أيضا: يتصدقون، ويحجون، ويعتمرون، ويتعبدون، ويتركون أشياء من المحرمات، خوفا من الله عزَّ وجلَّ.
ولكن الأمر الثاني، هو: الذي كفرهم، وأحل دماءهم، وأموالهم؛ وهو: أنهم لا يشهدون الله بتوحيد الألوهية، وهو أنه: لا يدعى إلا الله، ولا يرجى إلا الله وحده لا شريك له، ولا يستغاث بغيره، ولايذبح لغيره، ولا ينذر لغيره، لا لملك مقرب، ولا نبي مرسل، فمن استغاث بغيره، فقد كفر، ومن ذبح لغيره، فقد كفر، ومن نذر لغيره، فقد كفر؛ وأشباه هذا.
وتمام هذا: أن تعرف أن المشركين، الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون الملائكة، وعيسى، وعزيراً، وغيرهم من الأولياء، فكفرهم الله بهذا، مع إقرارهم بأن الله هو الخالق، الرازق، المدبر؛ فإذا عرفت: معنى لا إله إلا الله؛ وعرفت: أن من نخا نبيا، أو ملكا، أو ندبه، أو استغاث به، فقد خرج من الإسلام، وهذا هو الكفر، الذي قاتلهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل من المشركين: نحن نعرف أن الله هو الخالق، الرازق، المدبر؛ لكن هؤلاء الصالحين: مقربون، ونحن ندعوهم، وننذر لهم، وندخل عليهم، ونستغيث بهم، نريد بذلك الجاه، والشفاعة، وإلا فنحن نفهم: أن الله هو المدبر؛ فقل: كلامك هذا، دين أبي جهل، وأمثاله؛ فهم يدعون: عيسى، وعزيراً، والملائكة، والأولياء، يقولون: (مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) [الزمر: 3] وقال: (ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) [يونس: 18].
فإذا تأملت هذا تأملاً جيداً، عرفت: أن الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية، وهو التفرد بالخلق، والرزق، والتدبير، فهم ينخون عيسى، والملائكة، والأولياء يقصدون: أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، ويشفعون لهم عنده؛ وعرفت: أن الكفار، خصوصاً النصارى؛ منهم: من يتعبد الليل، والنهار، ويزهد في الدنيا، ويتصدق بما دخل عليه منها، معتزلا في صومعة عن الناس، ومع هذا: كافر، عدو لله، مخلد في النار، بسبب اعتقاده في عيسى، أو غيره من الأولياء، يدعوه ويذبح له، وينذر له؛ وتبين لك: أن كثيرا من الناس عنه بمعزل؛ وتبين لك: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريبا كما بدأ ".
فالله، الله، إخواني: تمسكوا بأصل دينكم أوله وآخره، اسه ورأسه، وهو: شهادة أن لاإله إلا الله؛ واعرفوا: معناها؛ وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم، ولو كانوا بعيدين؛ واكفروا بالطواغيت، وعادوهم، وابغضوا من أحبهم، أو جادل عنهم، أو لم يكفرهم، أو قال ماعلي منهم، أو قال ماكلفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله، وافترى؛ بل: كلفه الله بهم، وفرض عليه الكفر بهم، والبراءة منهم؛ ولو كانوا: إخوانه، وأولاده؛ فالله، الله، تمسكوا بأصل دينكم، لعلكم تلقون ربكم، لا تشركون به شيئا؛ اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين.
ولنختم الكلام: بآية ذكرها الله في كتابه، تبين لك: أن كفر المشركين، من أهل زماننا، أعظم من كفر الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه) الآية [الإسراء: 67] فقد ذكر الله تعالى، عن الكفار، أنهم إذا مسهم الضر، تركوا السادات، والمشائخ، فلا يدعونهم، ولا يستغيثون بهم؛ بل يخلصون لله وحده، لا شريك له، ويستغيثون به، ويوحدونه؛ فإذا جاء الرخاء: أشركوا.
وأنت ترى المشركين من أهل زماننا، ولعل بعضهم يدعي أنه من أهل العلم، وفيه زهد، واجتهاد، وعبادة؛ وإذا مسه الضر، يستغيث بغير الله، مثل: معروف؛ وعبد القادر، الجيلاني؛ وأجل من هؤلاء، مثل: زيد بن الخطاب، والزبير؛ وأجل من ذلك، مثل: رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله المستعان؛ وأعظم من ذلك، وأعظم: أنهم يستغيثون بالطواغيت، والكفرة، المردة، مثل: شمسان؛ وإدريس، ويوسف، وأمثالهم؛ والله أعلم.
 
أعلى