في الفخ أكبر من القناة
د. بدر الديحاني
dai7aani@gmail.com
العنصرية مرض نفسي خبيث ينظر من يُصاب به إلى الآخرين نظرة فوقية مرضية، ويعاملهم بدونية نتيجة لتوهمات وهواجس مرضية على اعتبار أنه أفضل منهم ومتفوق عليهم فقط لأنه مختلف عنهم في العرق أو الدين أو المذهب أو اللون أو الجنس. كما أن العنصريين موجودون على مر العصور في المجتمعات البشرية كافة، لكن وجودهم لا يشكل أي قيمة تذكر إلا إذا تحولت أفعالهم ومعتقداتهم إلى ممارسات فعلية أو أصبحت جزءاً من سياسات الدولة مثلما كانت السياسات العنصرية لحكومة جنوب إفريقيا قبل وصول نيلسون مانديلا إلى الحكم.
وحتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال، فإن العنصرية موجودة في مجتمعنا سواء فيما بين الكويتيين والوافدين أو حتى فيما بين الكويتيين أنفسهم، إذ يمارسها البعض حتى داخل الفئة الاجتماعية الواحدة، وإن بدرجات متفاوتة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، فإن ما يسمى 'الحضر' ينظرون إلى بعضهم بعضا بشيء من العنصرية، وكذلك الحال بين 'القبائل' أو بين أبناء الطائفة الواحدة مثل 'الشيعة'.
وقد تنعكس هذه النظرة ذاتها في شكل ممارسات وأفعال عنصرية، خصوصاً في بعض مجالات العمل هنا وهناك، لكن رغم ذلك، فإن العنصرية لم تبرز إلى السطح وتمارس بشكل فعلي حاد ومقزز إلا في السنوات الأربع الأخيرة التي أصبح فيها الانتماء الوطني الديمقراطي تهمة، وتلك دلالة واضحة على الفشل الذريع للدولة في خلق البيئة الصحية المناسبة التي تشجع اندماج مكونات الشعب الكويتي كافة في وطن واحد؛ تتحقق فيه مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، ويسود فيه القانون بين أفراده، ويحظر فيه الأفعال والنزعات العنصرية الممجوجة.
وعلى الرغم من كثرة الحديث الرسمي عن الوحدة الوطنية وتماسك النسيج الاجتماعي، فإن ذلك لا يعدو كونه كلاماً إنشائياً مرسلاً لا قيمة له لأنه لا يعكس سياسات حكومية فعلية.
لهذا، فإن الطرح العنصري الممجوج للسيد محمد الجويهل ما هو إلا تعبير فج ومباشر عما هو موجود واقعياً في المجتمع، والدليل على ذلك أن الجويهل قد حصل في الانتخابات الأخيرة على أكثر من 3500 صوت، فضلاً عن تلقيه، كما هو واضح، المزيد من الدعم والتشجيع والرعاية من بعض المتنفذين الفاسدين الذين يمدونه أيضاً ببعض المستندات 'الرسمية' التي يضلل بها المشاهدين، الأمر الذي شجعه على الاستمرار في طرحه العنصري السخيف.
ليس ذلك فحسب، بل إن الجويهل ليس الوحيد الذي يتبنى الطرح العنصري علناً، وإن كان أكثرهم رعونة ووقاحة، فقد سبقه في تبني النفس العنصري بعض الوزراء السابقين مثل د.عبدالرحمن العوضي والسيد بدر الحميضي وغيرهم من الشخصيات والكتّاب الصحفيين.
لذلك، فإن إغلاق قناة 'السور' العنصرية ليس كافياً بحد ذاته، إذ إنها مجرد أداة فقط بالإمكان استبدالها بأدوات ووسائل أخرى، بل لابد من البحث عن الأسباب الحقيقية لبروز النزعات والممارسات العنصرية بأشكالها كافة وبشكل حاد في الآونة الأخيرة، كي يسهل القضاء عليها من جذورها مع عدم إهمال عملية فضح مَن يمارسها ومَن يشجعها ويرعاها كائناً من كان.
وفي هذا السياق، من الضروري كشف مَن يمد صاحب 'القناة' العنصري بالمستندات والبيانات 'الرسمية' التي تحتوي على أسرار شخصية وخاصة، وتحميل الحكومة المسؤولية السياسية نتيجة قصور سياساتها العامة وتراخيها في تطبيق القوانين.
من جانب آخر، لابد من قيام الحكومة بالاعتراف بقصور سياساتها ثم الإعلان عن تنفيذ مشروع وطني يستهدف استكمال بناء دولة دستورية ديمقراطية تتسع للجميع وتكون فيها المواطنة الدستورية هي الأساس الذي يتساوى بناء عليه الكويتيون كافة في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن أصولهم ومعتقداتهم ومذاهبهم وأديانهم وجنسهم ولون بشرتهم، وهو الأمر الذي سيرسخ الانتماء الوطني الحقيقي ويسهّل عملية الاندماج الاجتماعي بين مكونات المجتمع كافة، وبالتالي سيقضي على الممارسات والأفعال العنصرية التي تخدش النسيج الاجتماعي.
من هنا، وكما سبق أن طرحنا أكثر من مرة في هذه الزاوية، فإن الرد على الجويهل وأمثاله يجب ألا يكون رداً عنصرياً مماثلاً لما يطرحونه، وإلا أصبحنا عنصريين مثلهم، وهذا ما يتمناه مَن يدعمهم ويشجعهم، حيث إنهم يدفعون وبقوة من أجل تفاقم حدة التأجيج العنصري والطائفي والمناطقي من خلال افتعال الانقسامات الداخلية وتغذيتها، والتشويه المتعمد للنظام الدستوري الديمقراطي لكي تتهيأ الظروف المناسبة لتكميم الأفواه ووأد الحريات العامة وتقييد حرية إبداء الرأي، مما يساعد، مستقبلاً، في تسهيل مسعاهم الدائم للانقلاب على الدستور والانفراد بالسلطة والثروة معاً، بل إن الرد الصحيح عليهم هو تمسكنا بوحدتنا الوطنية التي أطرها الدستور، والتزامنا بالقانون، ثم مطالبة الحكومة بحماية حرية إبداء الرأي ضمن الأسس الدستورية، والعمل على استكمال بناء الوطن الدستوري الديمقراطي.
من المقال السابق...
وتحديداً ما ظللته باللون الأحمر، هو بالواقع ما يريده أعداء الدستور، خصوصاً في هذا المنتدى. إذ لازال البعض يتشدق بأصله وفصله، ليس بين القبائل والعوائل، أو الشيعة والسنة. بل لو بحثت أكثر، لوجدت بأن حتى المقربين من الدويش يتفاضلون على غيرهم، أو البراعصه على من في صفوفهم من "نبج" لأن منهم من صاهر الدويش وهو شيخ قبيلة مطير.
فالقضية إذاً...
هي عبارة عن جهل يعتري كلا الفريقين، وما يدعو للألم، بأن كل فريق إذا أحس بخطر يهدده، تجده يتمحور حول أصله أو فصله ليستمد منه قوته في التصدي والدفاع عن نفسه، وبذلك تجد بأن فعل الجويهل كان كالسحر في فضح "بعض" من يدعون بالوطنية والوحدة بين أبناء هذا الوطن الذي يتمزق. وانظروا في هذا المنتدى "كشريحة عشوائية" كم واحد مستعد أن يريق الدماء بقوة قبيلته؟
ما طرحه الكاتب في هذا المقال...
يستحق منّا القراءة، والإدراك والفهم، حتى لو كان ذلك صعباً على بعض الأعضاء هنا لسبب أو لآخر، فسوف أحاول أن ابسطها بالآتي.
يا أخوان...
لو كل فئة أو طائفة تريد أن ترجع وتنسحب إلى مصادر وجودها، لخلت أرض الكويت من ساكنيها ومواطنيها الحاليين، منهم أنا وأنتم على حد سواء. فلم ينب أحد في هذه الأرض ومنهم أسرة الحكم. فكلّنا مهاجرين إليها.
وبعد فترة...
سوف يرحل بعضكم وأنا معكم طلباً للرزق، ونستوطن أرضاً جديدة اسمها الكويت، ونكبر عليها وننمو، ونتعلم وتتعاقب أجيالنا، وسوف نصل تماماً كما وصلنا إليه اليوم من وطن بين أدينا اسمه "الكويت" لكنناّ نضيعه بأسم القبيلة تراة، وباسم العقيدة تارة، وباسم القتن في كل الأحوال.
عرفتوا الآن...
كم أحمق وتافه يظهر لنا حبّه للكويت وهو أوّل من يجرحها ويثير فيها الطعون؟
د. بدر الديحاني
dai7aani@gmail.com
وحتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال، فإن العنصرية موجودة في مجتمعنا سواء فيما بين الكويتيين والوافدين أو حتى فيما بين الكويتيين أنفسهم، إذ يمارسها البعض حتى داخل الفئة الاجتماعية الواحدة، وإن بدرجات متفاوتة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، فإن ما يسمى 'الحضر' ينظرون إلى بعضهم بعضا بشيء من العنصرية، وكذلك الحال بين 'القبائل' أو بين أبناء الطائفة الواحدة مثل 'الشيعة'.
وقد تنعكس هذه النظرة ذاتها في شكل ممارسات وأفعال عنصرية، خصوصاً في بعض مجالات العمل هنا وهناك، لكن رغم ذلك، فإن العنصرية لم تبرز إلى السطح وتمارس بشكل فعلي حاد ومقزز إلا في السنوات الأربع الأخيرة التي أصبح فيها الانتماء الوطني الديمقراطي تهمة، وتلك دلالة واضحة على الفشل الذريع للدولة في خلق البيئة الصحية المناسبة التي تشجع اندماج مكونات الشعب الكويتي كافة في وطن واحد؛ تتحقق فيه مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، ويسود فيه القانون بين أفراده، ويحظر فيه الأفعال والنزعات العنصرية الممجوجة.
وعلى الرغم من كثرة الحديث الرسمي عن الوحدة الوطنية وتماسك النسيج الاجتماعي، فإن ذلك لا يعدو كونه كلاماً إنشائياً مرسلاً لا قيمة له لأنه لا يعكس سياسات حكومية فعلية.
لهذا، فإن الطرح العنصري الممجوج للسيد محمد الجويهل ما هو إلا تعبير فج ومباشر عما هو موجود واقعياً في المجتمع، والدليل على ذلك أن الجويهل قد حصل في الانتخابات الأخيرة على أكثر من 3500 صوت، فضلاً عن تلقيه، كما هو واضح، المزيد من الدعم والتشجيع والرعاية من بعض المتنفذين الفاسدين الذين يمدونه أيضاً ببعض المستندات 'الرسمية' التي يضلل بها المشاهدين، الأمر الذي شجعه على الاستمرار في طرحه العنصري السخيف.
ليس ذلك فحسب، بل إن الجويهل ليس الوحيد الذي يتبنى الطرح العنصري علناً، وإن كان أكثرهم رعونة ووقاحة، فقد سبقه في تبني النفس العنصري بعض الوزراء السابقين مثل د.عبدالرحمن العوضي والسيد بدر الحميضي وغيرهم من الشخصيات والكتّاب الصحفيين.
لذلك، فإن إغلاق قناة 'السور' العنصرية ليس كافياً بحد ذاته، إذ إنها مجرد أداة فقط بالإمكان استبدالها بأدوات ووسائل أخرى، بل لابد من البحث عن الأسباب الحقيقية لبروز النزعات والممارسات العنصرية بأشكالها كافة وبشكل حاد في الآونة الأخيرة، كي يسهل القضاء عليها من جذورها مع عدم إهمال عملية فضح مَن يمارسها ومَن يشجعها ويرعاها كائناً من كان.
وفي هذا السياق، من الضروري كشف مَن يمد صاحب 'القناة' العنصري بالمستندات والبيانات 'الرسمية' التي تحتوي على أسرار شخصية وخاصة، وتحميل الحكومة المسؤولية السياسية نتيجة قصور سياساتها العامة وتراخيها في تطبيق القوانين.
من جانب آخر، لابد من قيام الحكومة بالاعتراف بقصور سياساتها ثم الإعلان عن تنفيذ مشروع وطني يستهدف استكمال بناء دولة دستورية ديمقراطية تتسع للجميع وتكون فيها المواطنة الدستورية هي الأساس الذي يتساوى بناء عليه الكويتيون كافة في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن أصولهم ومعتقداتهم ومذاهبهم وأديانهم وجنسهم ولون بشرتهم، وهو الأمر الذي سيرسخ الانتماء الوطني الحقيقي ويسهّل عملية الاندماج الاجتماعي بين مكونات المجتمع كافة، وبالتالي سيقضي على الممارسات والأفعال العنصرية التي تخدش النسيج الاجتماعي.
من هنا، وكما سبق أن طرحنا أكثر من مرة في هذه الزاوية، فإن الرد على الجويهل وأمثاله يجب ألا يكون رداً عنصرياً مماثلاً لما يطرحونه، وإلا أصبحنا عنصريين مثلهم، وهذا ما يتمناه مَن يدعمهم ويشجعهم، حيث إنهم يدفعون وبقوة من أجل تفاقم حدة التأجيج العنصري والطائفي والمناطقي من خلال افتعال الانقسامات الداخلية وتغذيتها، والتشويه المتعمد للنظام الدستوري الديمقراطي لكي تتهيأ الظروف المناسبة لتكميم الأفواه ووأد الحريات العامة وتقييد حرية إبداء الرأي، مما يساعد، مستقبلاً، في تسهيل مسعاهم الدائم للانقلاب على الدستور والانفراد بالسلطة والثروة معاً، بل إن الرد الصحيح عليهم هو تمسكنا بوحدتنا الوطنية التي أطرها الدستور، والتزامنا بالقانون، ثم مطالبة الحكومة بحماية حرية إبداء الرأي ضمن الأسس الدستورية، والعمل على استكمال بناء الوطن الدستوري الديمقراطي.
من المقال السابق...
وتحديداً ما ظللته باللون الأحمر، هو بالواقع ما يريده أعداء الدستور، خصوصاً في هذا المنتدى. إذ لازال البعض يتشدق بأصله وفصله، ليس بين القبائل والعوائل، أو الشيعة والسنة. بل لو بحثت أكثر، لوجدت بأن حتى المقربين من الدويش يتفاضلون على غيرهم، أو البراعصه على من في صفوفهم من "نبج" لأن منهم من صاهر الدويش وهو شيخ قبيلة مطير.
فالقضية إذاً...
هي عبارة عن جهل يعتري كلا الفريقين، وما يدعو للألم، بأن كل فريق إذا أحس بخطر يهدده، تجده يتمحور حول أصله أو فصله ليستمد منه قوته في التصدي والدفاع عن نفسه، وبذلك تجد بأن فعل الجويهل كان كالسحر في فضح "بعض" من يدعون بالوطنية والوحدة بين أبناء هذا الوطن الذي يتمزق. وانظروا في هذا المنتدى "كشريحة عشوائية" كم واحد مستعد أن يريق الدماء بقوة قبيلته؟
ما طرحه الكاتب في هذا المقال...
يستحق منّا القراءة، والإدراك والفهم، حتى لو كان ذلك صعباً على بعض الأعضاء هنا لسبب أو لآخر، فسوف أحاول أن ابسطها بالآتي.
يا أخوان...
لو كل فئة أو طائفة تريد أن ترجع وتنسحب إلى مصادر وجودها، لخلت أرض الكويت من ساكنيها ومواطنيها الحاليين، منهم أنا وأنتم على حد سواء. فلم ينب أحد في هذه الأرض ومنهم أسرة الحكم. فكلّنا مهاجرين إليها.
وبعد فترة...
سوف يرحل بعضكم وأنا معكم طلباً للرزق، ونستوطن أرضاً جديدة اسمها الكويت، ونكبر عليها وننمو، ونتعلم وتتعاقب أجيالنا، وسوف نصل تماماً كما وصلنا إليه اليوم من وطن بين أدينا اسمه "الكويت" لكنناّ نضيعه بأسم القبيلة تراة، وباسم العقيدة تارة، وباسم القتن في كل الأحوال.
عرفتوا الآن...
كم أحمق وتافه يظهر لنا حبّه للكويت وهو أوّل من يجرحها ويثير فيها الطعون؟