بسم الله الرحمن الرحيم
والعاقبة للمتقين
وبعد. فهذه نبذة يسيرة عن تاريخ الكويت ألفتها لأبناء المدارس مبتدئاً فيها من صباح الأول وختمتها بوفاة مبارك بن صباح سنة 1334 هجرية، وأرجأت تاريخ من بعده إلى وقت آخر إن سنحت لي الفرصة، وقد اعتمدت فيها على ما شاهدته ثم النقل عن الآباء فنقل الآباء عن أسلافهم.
والله أسأل أن يوفقني للحقيقة والصواب.
الكويت
هو تصغير كوت وهو معروف بالعراق، وهو عندهم يحتوي على عدة دور للفلاحين ويحاط بسور، وقد تكون هذه الدور خالية من السور.
وتاريخ بناء هذا الكويت لا نعلمه بوجه الحقيقة والأحرى أنه بنى في آخر القرن الحادي عشر من الهجرة، أما الباني فهو أمير بني خالد باتفاق الرواة، كان هذا الأمير يضع فيه الزاد والمتاع إذا اشتمل للربيع ويتزود منه لحاجته، والظاهر أن الباني لهذا الكويت هو براك أمير بني خالد، لأن براكاً سنة 1074 هجرية كان هو الأمير على بني خالد أيام دولتهم، وقد ذكر في تاريخ العراق الحديث (أن الحكومة أمرته أن يأخذ الإحساء من محمد باشا فلم يجد صعوبة في أخذها ورأى من المناسب أن يأخذها لنفسه). فمن هذه العبارة استدل أن الباني هو براك وأن البناء قد يكون في آخر سنة 1100 من الهجرة.
مناخ الكويت
الكويت أحسن بلد في الخليج العربي مناخاً وصحة أما الهواء فريح الشمال تهب على الكويت من بحر لا يتجاوز عرضه عدة أميال فيأتيها الشمال خالياً من السموم ومن الرطوبة متلطفاً بالبرودة من هذا البحر، والصبا يأتيها من البحر ويسمى "نعشي"، والجنوب يأتيها من الخليج العربي محاذياً لساحل العدان وفيه نداوة قليلة لا تنكمش منها النفس، وهواؤها ليلاً في الغالب هو الغربي يأتيها من الصحراء لذيذاً بارداً، وليس في الكويت هواء فيه سموم إلا السهيلي، ويهب من جهة سهيل اليماني وهو ما بين الغرب والجنوب، وهذا الهواء مع ندرته لا يكون به سموم إلا إذا هب نهاراً في أيام الصيف قرب الظهيرة، ومنام الكويت أيام الصيف لا يوجد حتى في الشام ولبنان والسبب عدم وجود البعوض والبق، وينام الكويتيون في الصيف على سطوح المنازل بينما المنام في الشام ولبنان داخلها وهي لا تخلو من البعوض.
أما الصحة فحدث عنها ولا حرج فلقد مضى على أهل الكويت ما ينيف على 200 سنة وليس فيها طبيب سوى طب العجائز: الكي وشرب المسهل، والأمراض الفتاكة نادرة فيها ولهذا لما حدث الطاعون سنة 1247 هجرية جعلوا لحدوثه تاريخاً، ومن بعده لم يحدث وباء يذكر سوى الانفلونزة العامة آخر سنة 1336 هجرية، ولو أن أهل الكويت أعطوا النظافة حقها في مسكن وملبس ومأكل وبدن لرأيتهم أكثر مما هم فيه من الصحة والنشاط ولكن الأغلبية الساحقة هي على البداوة من قلة العناية بالنظافة وعدم الاعتقاد أن النظافة أساس الصحة، وقد بدأت حالتهم تتبدل لانتشار العلم وإدراك أن النظافة من الإيمان.
أرض الكويت والزراعة
أرض الكويت صالحة للزراعة بجميع أنواعها، وإنما العلة هي قلة الماء الصالح للزراعة، إذ ليس في الكويت ماء معين ولا عيون يتوفر فيها الماء وتقوم بحاجة المزارعين، بل جل ما فيها آبار يتوقف ماؤها على الأمطار، فإذا جاء المطر صارت هذه الآبار صالحة للزراعة، وإن قل المطر أو انقطع صارت مالحة لا تصلح لذلك، فلهذا يقتصر زراع الكويت على زرع المخضرات من طماطم وبطيخ وقثاء وبصل وكراث وفجل وما أشبه ذلك لأنها تثمر مدة ليلة وقبل أن يتبدل ماء الآبار.
وأما زراعة الأشجار والفواكه والنخيل وكل زرع يريد استمرار الماء فإنها لا تنتج بسبب تبدل الماء إذا دام عليه النزح .
وفي الجهرة (وهي قرية من قرى الكويت) آبار ماؤها غزير ولا ينقطع أو يتبدل إلا أنه مر لا يصلح لكل زراعة، ويزرع في هذه القرية النخل والبرسيم والشعير والكراث وما أشبه ذلك، وجعل حاصل زراعتها من البرسيم، ولو سهل للكويت آباراً ارتوازية أو مدت لها أنابيب المياه من البصرة لكانت أرضها جنة تشد إليها الرحال، وما ذلك على الله بعزيز .