لكن هناك حقيقة طريفة بشأن موضوع تسمية الخليج العربي, فكلمة "الخليج" هي عربية بالأساس, يستخدمها الفرس اليوم لعدم وجود كلمة فارسية بديلة سوى الكلمة العربية هذه وجمعها "خُلجان". والجدير بالذكر إن عمر اللغة الفارسية المستخدمة اليوم في إيران لا يتجاوز الأربعة قرون, وإن أكثر من ثلثي هذه اللغة تزينها الكلمات العربية, أو من الأصل العربي, وبعض الكلمات التركية والهندية. كما أترك هنا سياسات التفريس المنهجية في الأحواز التي استهدفت أسماء المواليد بعد أن غيرت غالبية أسماء الأحياء, وحتى الأزقة الضيقة في هذا القطر العربي في حين أكثر من نصف القائمة التي تسمح إيران لشعبنا بأن يختار منها أسماء مواليده هي الأسماء الفارسية ما قبل الإسلام.
لكن لنعود قليلاً إلى التاريخ لنبحث عن اللغات التي كان يستخدمها الفرس قبل استخدام لغتهم المعروفة اليوم بالفارسية. بعد بناء الحضارات السامية بآلاف السنين في المناطق الجنوبية للهلال الخصيب (الأحواز والعراق), هاجرت قبائل هندوآرية من مناطق البنجاب والمناطق القريبة من نهر السند إلى الأرض المسماة اليوم بالهضبة الفارسية.
يَذكر الفرس أنفسهم أن أهم وأكبر هجرة كانت لقبيلة أو مجموعة تسمى "ماد" وذلك في عام 17 قبل الميلاد, أي قبل اكثر من الفي عام فقط. ويزيدون بأن جذور لغتهم الأساسية تعود لتلك المجموعة كما هو عرقهم وتاريخهم وتسمية "الآريين". في حين كان عيلام بن سام وذريته (وإخوته آشور وأرام وغيرهم من أبناء سام, راجع التوراة, الإصحاح العاشر), قد شيدوا حضارة وبنوا عاصمتهم السوس اربعة آلاف عام قبل الميلاد, كما قد شيد أبناء سام حضارات أخرى في العراق والجزيرة العربية والشام. وإذا كانت لنا عودة إلى اللغة "الآرية" التي كان يستخدمها الفرس عند نزوحهم إلى الأرض المسماة اليوم بفارس, نجد أنها تكاد تكون مجهولة للفرس أنفسهم, في حين يخبرنا التاريخ بأن الأخمينيين الفرس اضطروا إلى استخدام لغة آرام بن سام (اللغة الآرامية) بعد احتلالهم للأحواز والعراق. واستخدمت الفارسية الوسطى "البهلوية" نمط الكتابة الآرامية أيضاً بينما إستخدمت الفارسية القديمة الخط المسماري السومري (السامي) ويستخدم الفرس اليوم الخط والأبجدية العربية في الكتابة فعن أي تاريخ وجذور في الخليج العربي يتحدثون?
العقدة مزمنة لدى الساسة الإيرانيين تسمى "العرب" ولا نقول لدى الشعب الفارسي وإن كان الناس على دين ملوكهم. إن خامنئي مثلاً, يدعي إنه من نسل الرسول العربي الكريم - صلى الله عليه وسلم - أي إنه عربي. حارب العربية بشتى الوسائل حتى أكثر من العهد الملكي, وساهم بشكل كبير جداً في نشر اللغة الفارسية, في أفريقيا والشرق الأوسط.
في عهد خامنئي وبعد الحرب مباشرة تشكلت (1990) أكاديمية اللغة والأدب الفارسي وجمع فيها عشرات الأدباء العنصريين والطائفيين الفرس وأثبتت الأيام أن هدفها تفريس غير الفرس لغةً وثقافة ومحاربة جذور اللغة العربية في الفارسية الحديثة. إن أمر هذه الأكاديمية كان سياديا وقوميا بالنسبة الى ساسة إيران بشكل لا يصدق لدرجة أن المرشد هو المشرف الفخري عليها كما إن رئيسها الأعلى هو رئيس الجمهورية, وأختير لها وحتى يومنا هذا غلام علي حداد عادل كرئيس تنفيذي بالاضافة الى رئاسته لمجلس الشورى الإيراني لأعوام طويلة, وهو كذلك عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام, ومن المهم أن نعرف بأن مجتبى بن خامنئي, والمرشح لخلافة والده هو صهر حداد. كانت مهمة التخلص من جذور العربية في الفارسية صعبة وغير عملية فقواعد لغتهم متأثرة بشكل كبير بالصرف والنحو العربي, والشعر الفارسي يستخدم أوزان وبحور القصيدة العربية نفسها لكن العنصرية كانت دافعاً كافياً للسير في هذه الخطة. عين خامنئي حداد مستشاره الأعلى ثم في عهد الثورة الإيرانية وبالتحديد في عام 1999 صدرت نسخة غاية في العنصرية لدستور اللغة الفارسية (دستور زبان فارسي) عن هذه الأكاديمية الرسمية منعت بموجبها علامات الإعراب العربية كالضمة والكسرة من الاستخدام بالفارسية, كما منعت التاء المربوطة, وقد استبدلت كلمات لم يتمكن حتى الملكيون من المساس بها في عهدهم ككلمة "الله" التي استبدلت ب¯"خدا" وتعني "الرب" بالفارسية, وأستبدلت كلمة "الرسول" بكلمة "بيامبر" وحتى البسملة تعرضت لتفريس كامل في إطار محاربة العربية أو قد تكون الحرب ضد شيء آخر. واستبدلت نسخ هذا الدستور المئات من الكلمات العربية سنوياً بكلمات أفغانية (دري) وابتكرت كلمات فارسية مركبة لتحل محل الكلمات العربية. في حين تركت الكلمات ذات الأصل المنغولي والتركي والأنكليزي, وحتى الفرنسي مستخدمة. ومن المهم أن نذكر بأن نسخ هذا الدستور تعرض على خامنئي ليعبر فيها عن رأيه وتقدم له الأكاديمية بشكرها الرسمي على ذلك.