دولة الكويت تمنع أشد زنادقة العصر من دخول البلاد
المقالة
أحمد البغدادي
أوتاد
- حجة عدم القدرة على توفير الحماية للدكتور نصر حامد أبو زيد لا يقبلها المنطق
ماذا أقول لك عن الوضع التافه والسخيف الذي واجهته يوم وصولك الى الكويت, وكلك أمل برؤية كويت الديمقراطية, فقد قمنا بما لم يجرؤ احد على فعله, دعوتك لإنارة العقل العربي في الكويت. فماذا وجدنا كلنا? خيبة كبيرة بهذا النظام الذي طأطأ رأسه وخضع حكومته لإرضاء حفنة من الملتحين لا يملكون من قوة سوى قدرتهم على تهديد كرسي رئيس مجلس الوزراء داخل مجلس الأمة.
وإزاء هذا الوضع قرر رئيس مجلس الوزراء استرضائهم بمنعك من الدخول, لأنهم يعلمون أنهم أعجز من أن يواجهوا الكلمة بالكلمة والفكر بالفكر, لأن لا فكر لديهم. أليسوا خريجو كلية الشريعة? يعني ما لديهم والعلم والصفر سواء. إذن لم يتبق لديهم سوى الأسلوب المفضل لديهم: الإرهاب. وليس أسهل من إرهاب حكومة ضعيفة وعاجزة مثل الحكومة الكويتية.
والله الذي لا إله غيره لا نملك سوى الاعتذار منك عما حدث في المطار. لقد أثبتت هذه الحادثة صدق الحديث النبوي: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا أوعد أخلف".
وهو ما ينطبق على حكومتنا الكويتية. لقد قالت لنا أن لا شيء يمنع دخولك الكويت من قيود أمنية, وأتمناها على السماح لك بالدخول وأخلفت معنا وعدها. فهنيئا للكويتيين بهذه الحكومة. من جانب آخر تبين لك كذب مقولة الديمقراطية في الكويت.
فمن أجل عيون من يسمون أنفسهم زورا وبهتانا بالإسلاميين, باعت الحكومة الكويتية سمعة الكويت الدولية في مجال الحكم الديمقراطي.
والحكومة الكويتية لعلمك أخي العزيز لا تهمها سمعة الكويت الدولية من أجل أن يبقى مجلس الوزراء في منصبه.
وتذكر دائما أخي الكريم أنني وضعت في السجن من أجل كلمة, مثل أي مجرم سارق أو قاتل أو هاتك عرض. فماذا تتوقع من حكومة يصدر عنها مثل هذا الظلم.
أعتذر إليك أخي الدكتور نصر عن خداعنا إياك بإعطائك صورة كاذبة عن الكويت بأنها دولة ديمقراطية, ونحن نعلم أن الحقيقة خلاف ذلك, لكننا بعد حصولنا على "الفيزا" وموافقة الجهات الرسمية على السماح لك بالقدوم, تفاءلنا خيرا, لكنه كان وهما كاذبا, ضحكت به علينا حكومتنا يوم سمحت بقدومك. لكن الآن وبعد أن حصل لك ما حصل ارجو أن تكون أيضا قد عرفت حقيقة الأوضاع عندنا. فنحن أيضا نعاني من منع الكتب الفكرية الرصينة ومن الكتابات النقدية من دون أن نتعرض للجرجرة للنيابة العامة وأروقة المحاكم. لكنك في بلاد الحرية والحافظة لكرامة الإنسان وحرياته الفكرية والمدنية, هولندا تملك أوراقا لا نملكها, ألا وهي فضح وضع الحريات المزري في الكويت. نطلب منك أن تعرض الصورة الحقيقة لما يحدث في الكويت. وتأكد أننا كليبراليين سنجمع كل ما نستطيع من توقيعات لتأييد كلامك. فلقد طفح الكيل بنا من إرهاب الجماعات الدينية, وضعف حكومتنا التي لا تمانع ببيع الحريات الفكرية من أجل المصالح السياسية مع الجماعات الدينية.
كان صديقنا العزيز طالب المولي من مركز "تنوير" لا يريد سوى رؤيتك قبل تسفيرك كأنك أحد المهربين أو اللصوص الذين انتهت مدة سجنهم. ولم نحصل حتى على هذا الحق الإنساني البسيط. لقد كانت حكومتنا متسلطة إلى درجة لا تطاق التي أحرقت الكتب الديمقراطية. ولكن في نهاية الأمر قضت الدول الديمقراطية على نظام هتلر النازي. والعالم لن يستريح حتى يقضي على الجماعات الدينية خصوصا الجماعة السلفية العدو الأول للفكر الحر والحريات المدنية وحقوق الإنسان.
لعل الأخ عبد اللطيف الدعيج هو من وضع يده على الجرح في مقالته "حسافة فيك الأمل يا شيخ", من أنه قد تبين لنواب الأمة الوطنيين, أن الشيخ ناصر "ما فيه طب".
ومن الواضح أن السيد رئيس الوزراء لا تهمه سوى مصلحته الخاصة في علاقته بالبرلمان, ولسان حاله يقول, وبعدي الطوفان.
أخي الدكتور نصر حامد أبو زيد, هذه حالنا لا تخفى عليك. نعيش في ظل إرهاب الجماعات الدينية التي تتحكم بالكويت, حتى جعلت من الكويت بلدا ينعق فيه البوم. في بلدنا لا يخجل ملتح من الحديث عن الدين ويرغي ويزبد بشأن وجودك في الكويت, وشركته تبيع بلا حياء الخمور ولحم الخنزير في لبنان, كما أنها تعرض شجرة الميلاد في محاله في الكويت, ويزعم أن لا يد له في ذلك. من الناحية الأخلاقية أنت اكثر شرفا وأخلاقا من نائب يقبض شيكا بخمسين ألف دينار ويصمت, ثم حين ينفضح الأمر يعترف بتسلمه الشيك أخي الدكتور نصر أنت أشرف من الذين وصلوا إلى البرلمان عن طريق الرشوة وشراء الأصوات, أو من الذين وضعوا مصلحة القبيلة فوق مصلحة الوطن.
نأتي الآن للأكذوبة السمجة بادعاء القوى الأمنية الكويتية عدم توفير الحماية الشخصية لك من الاغتيال! كيف لدولة تحمي خمس رؤساء دول على مدار الساعة, تصبح فجأة عاجزة عن توفير حماية لرجل? ولعلمك لم نكن بحاجة إلى حمايتك غير المجدية, فإن في مركز الحوار رجال قادرون على حماية الدكتور من دون الحاجة إليكم حتى في الكذب.
لقد حصل سمو رئيس مجلس الوزراء على الثقة, وكان من الأفضل منحها لبعض النواب الذين تبين أنهم متحكمون بالكويت ولكن وكما قال الأخ الفاضل المحامي علي البغلي في الندوة الجماهيرية التي استمعنا فيها للمحاضرة الصوتية للدكتور نصر حامد أبو زيد من القاهرة, لقد استمعنا للمحاضرة رغم أنوف الحكومة والجماعات الدينية.
* كاتب كويتي
اللهم ان تاب من هذا الكلام
حول نصرة
أشد زنادقة العصر من دخول البلاد
فتب عليه وتجاوز عنه
وان لم يتب عنه
اللهم فأره من اليقين بوعيدك
ما تبرد به قلوب المؤمنين
ولا تشفع فيه نبيك وقد استهزء به