هل استأنفت إيران تصدير الثورة؟
طارق الحميد-الشرق الأوسط
الوجود الإيراني في المنطقة كبير، حد أن كل انهماك في تفصيلة من تفصيلاته غرق بحد ذاته. لكن يبدو أن ما نراه اليوم ليس من تبعات الملف النووي الإيراني وحسب، بل شيء أهم وهو: استئناف تصدير الثورة «الإسلامية» التي تعطلت عدة مرات.
تعطل تصدير الثورة قرابة ثمانية أعوام بسبب الحرب مع العراق. وتعطل بسبب احتلال صدام للكويت، والحرب التي خاضتها قوات التحالف لطرده. وكانت مرحلة مهمة التقطت فيها إيران أنفاسها.
ثم بات الوجود الأميركي في المنطقة، هاجسا لإيران مما جعلها تظهر حذرا في اتخاذ خطواتها. حتى جاءت مرحلة «جورباتشوف الإيراني» السيد خاتمي، والتي لم تنجح، وكان أحيانا يبدو الوجه اللطيف للدهاء الإيراني.
أضف لتلك المرحلة انخفاض أسعار البترول، وتركز الحراك الإيراني على دعم حزب الله في جنوب لبنان، إبان الاحتلال الاسرائيلي.
كل ذلك كان في الوقت الذي كانت واشنطن فيه كسمك القرش، تشتم الدم الإيراني، لكنها لم تجد طريقا لتنقضّ على الجسد. مما ساعد طهران على توحيد الصف الداخلي، بعد أن حاول بعض أبناء الثورة الإسلامية أخذ الثورة لمنعطف آخر.
ومضت الأمور حتى جاءت أحداث 11 سبتمبر، ذروة العنف الأصولي السني بقيادة بن لادن، ومعها جاءت الرغبة الأميركية في الانتقام، فاستطاعت إيران ترتيب صفوفها الداخلية، وسيطر المحافظون على مفاصل القرار الداخلي. وعكس ما كان الجميع يتوقع، فقد ساهمت طهران في تسهيل الغزو الأميركي لافغانستان، والعراق، فبتحريكة بيدق على طاولة الشطرنج أزاحت نظامين، أو عدوين.
فتحت إيران الممرات لواشنطن، وكانت دائما ما تملأ الفراغ. فأسعار البترول بارتفاع يخولها شراء البشر والحجر، والسعودية وضعها الخارجي كان صعبا بسبب احداث سبتمبر، ومصر انكفأت داخليا.
ثم جاء اغتيال الحريري، القيادة السنية الكبرى، أو العقبة الأكبر ضد اختطاف لبنان، وخروج سوريا من لبنان، وتحولها من حليف لطهران، الى ورقة باليد بسبب سياسات بشار التي تتميز بارتكاب الأخطاء. فسوريا بشار مثل الطالب غير المستعد للامتحان، حيث دائما ما يرسب بالنموذج الأسهل للاختبارات، أي، «اختر الإجابة المناسبة». وبات هناك فراغ ببيروت، وطهران أفضل من يملأ الفراغ.
كل ذلك كان بمثابة الفرصة لإعادة تنشيط تصدير الثورة الإيرانية التي تعطلت سنوات طويلة. ايران في افغانستان، والعراق، ولبنان، وتملك مفاتيح القضية الفلسطينية، بعد ان تسللت من خلال الجماعات الإسلامية، مثل حماس، ومن قبلها الجهاد الإسلامي، وحتى مصر التي استعصت على طهران، بدأت إيران تتسلل لها من خلال الإخوان المسلمين. وفي سوريا نشطت عمليات التشييع «السياسي»، سوريا التي ما فتئ الإيرانيون يقولون، خلف الأبواب المغلقة، إنها عبء عليهم!
ما تفعله طهران اليوم، هو محاولة اصطياد ملفين بحجر، فإما نجحت بالملف النووي، فتعزز وجودها كقوة نووية ينطوي تحتها العرب والمنطقة كلها. أو أنها تعود من المعركة مسيطرة على مفاصل مؤثرة في الدول العربية المهمة، سياسيا، واقتصاديا، من خلال، الواقع على الأرض، وتحالفها مع بعض الجماعات الإسلامية، ماليا، وهنا تظهر البرغماتية الأصولية.
هنا يبقى السؤال الأهم وهو: هل يتم التصدي لاستئناف تصدير الثورة الإيرانية، بتصدير الدعوة من الجانب السني، ويعيد التاريخ نفسه بكل الأخطاء، وتصبح الدولة هي النقطة الأضعف، أم يتم تمتين الدولة، وترسيخ أهمية المواطنة؟ هذا هو التحدي الحقيقي.
طارق الحميد-الشرق الأوسط
الوجود الإيراني في المنطقة كبير، حد أن كل انهماك في تفصيلة من تفصيلاته غرق بحد ذاته. لكن يبدو أن ما نراه اليوم ليس من تبعات الملف النووي الإيراني وحسب، بل شيء أهم وهو: استئناف تصدير الثورة «الإسلامية» التي تعطلت عدة مرات.
تعطل تصدير الثورة قرابة ثمانية أعوام بسبب الحرب مع العراق. وتعطل بسبب احتلال صدام للكويت، والحرب التي خاضتها قوات التحالف لطرده. وكانت مرحلة مهمة التقطت فيها إيران أنفاسها.
ثم بات الوجود الأميركي في المنطقة، هاجسا لإيران مما جعلها تظهر حذرا في اتخاذ خطواتها. حتى جاءت مرحلة «جورباتشوف الإيراني» السيد خاتمي، والتي لم تنجح، وكان أحيانا يبدو الوجه اللطيف للدهاء الإيراني.
أضف لتلك المرحلة انخفاض أسعار البترول، وتركز الحراك الإيراني على دعم حزب الله في جنوب لبنان، إبان الاحتلال الاسرائيلي.
كل ذلك كان في الوقت الذي كانت واشنطن فيه كسمك القرش، تشتم الدم الإيراني، لكنها لم تجد طريقا لتنقضّ على الجسد. مما ساعد طهران على توحيد الصف الداخلي، بعد أن حاول بعض أبناء الثورة الإسلامية أخذ الثورة لمنعطف آخر.
ومضت الأمور حتى جاءت أحداث 11 سبتمبر، ذروة العنف الأصولي السني بقيادة بن لادن، ومعها جاءت الرغبة الأميركية في الانتقام، فاستطاعت إيران ترتيب صفوفها الداخلية، وسيطر المحافظون على مفاصل القرار الداخلي. وعكس ما كان الجميع يتوقع، فقد ساهمت طهران في تسهيل الغزو الأميركي لافغانستان، والعراق، فبتحريكة بيدق على طاولة الشطرنج أزاحت نظامين، أو عدوين.
فتحت إيران الممرات لواشنطن، وكانت دائما ما تملأ الفراغ. فأسعار البترول بارتفاع يخولها شراء البشر والحجر، والسعودية وضعها الخارجي كان صعبا بسبب احداث سبتمبر، ومصر انكفأت داخليا.
ثم جاء اغتيال الحريري، القيادة السنية الكبرى، أو العقبة الأكبر ضد اختطاف لبنان، وخروج سوريا من لبنان، وتحولها من حليف لطهران، الى ورقة باليد بسبب سياسات بشار التي تتميز بارتكاب الأخطاء. فسوريا بشار مثل الطالب غير المستعد للامتحان، حيث دائما ما يرسب بالنموذج الأسهل للاختبارات، أي، «اختر الإجابة المناسبة». وبات هناك فراغ ببيروت، وطهران أفضل من يملأ الفراغ.
كل ذلك كان بمثابة الفرصة لإعادة تنشيط تصدير الثورة الإيرانية التي تعطلت سنوات طويلة. ايران في افغانستان، والعراق، ولبنان، وتملك مفاتيح القضية الفلسطينية، بعد ان تسللت من خلال الجماعات الإسلامية، مثل حماس، ومن قبلها الجهاد الإسلامي، وحتى مصر التي استعصت على طهران، بدأت إيران تتسلل لها من خلال الإخوان المسلمين. وفي سوريا نشطت عمليات التشييع «السياسي»، سوريا التي ما فتئ الإيرانيون يقولون، خلف الأبواب المغلقة، إنها عبء عليهم!
ما تفعله طهران اليوم، هو محاولة اصطياد ملفين بحجر، فإما نجحت بالملف النووي، فتعزز وجودها كقوة نووية ينطوي تحتها العرب والمنطقة كلها. أو أنها تعود من المعركة مسيطرة على مفاصل مؤثرة في الدول العربية المهمة، سياسيا، واقتصاديا، من خلال، الواقع على الأرض، وتحالفها مع بعض الجماعات الإسلامية، ماليا، وهنا تظهر البرغماتية الأصولية.
هنا يبقى السؤال الأهم وهو: هل يتم التصدي لاستئناف تصدير الثورة الإيرانية، بتصدير الدعوة من الجانب السني، ويعيد التاريخ نفسه بكل الأخطاء، وتصبح الدولة هي النقطة الأضعف، أم يتم تمتين الدولة، وترسيخ أهمية المواطنة؟ هذا هو التحدي الحقيقي.