شمري كويتي
عضو مخضرم
صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد
مستقبلا الراحل الكبير العم أحمد زيد السرحان
رحمه الله في أحد لقاءاتهما السابقة
الراحل أحمد زيد السرحان
مع الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله
ومع سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد
ومع رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي
إعداد :
محمد ناصر
الفقيد الكبير أحمد زيد السرحان
بعد مسيرة عطاء طويلة في خدمة الكويت، وفي مختلف المجالات، ودعت الكويت رئيس مجلس الامة الأسبق العم احمد زيد السرحان حيث ووري جثمانه الثرى عصر امس بحضور حاشد، وكان الفقيد قد توفي امس الاول عن عمر يناهز الثانية والتسعين. الراحل من مواليد منطقة القبلة في العام 1920 وكان عضوا في مجلس الامة للفصل التشريعي الاول 1963 ـ 1967 وترأس مجلس الامة في الفصل التشريعي الثاني 1967 ـ 1970. ويعد احد كبار جيل الرواد والمؤسسين والشهود على الديموقراطية والحياة السياسية في الكويت بكل مراحلها.
وأكد رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي ان السرحان من خيرة رجالات الكويت وكرس حياته لخدمة وطنه في المجال السياسي والبرلماني والاجتماعي، اضافة لمساهماته الكبيرة في العمل الوطني وكل ما من شأنه رفعة ونهضة الكويت.
وزير الاعلام ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله قال ان مجلس الوزراء يستذكر بالاعتزاز والتقدير المناقب العالية والمآثر العديدة للفقيد ودوره الوطني المشهود خلال توليه منصب رئيس مجلس الامة ومنصب نائب رئيس مجلس الامة في تحقيق الانجازات وتعزيز الاستقرار في مرحلة مهمة من تاريخ الكويت.
وزير الاعلام ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله قال ان مجلس الوزراء يستذكر بالاعتزاز والتقدير المناقب العالية والمآثر العديدة للفقيد ودوره الوطني المشهود خلال توليه منصب رئيس مجلس الامة ومنصب نائب رئيس مجلس الامة في تحقيق الانجازات وتعزيز الاستقرار في مرحلة مهمة من تاريخ الكويت.
وبهذه المناسبة الحزينة تتقدم «الأنباء» إلى عائلة الفقيد الكبير وعموم الكويتيين بأحر التعازي، داعين الله ان يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم ذويه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
فقدت الكويت أمس الاول رئيس مجلس الأمة الأسبق العم أحمد زيد السرحان أحد رواد الديموقراطية في الكويت، وصاحب السجل الحافل في خدمة الكويت في العمل البرلماني والسياسي والوطني الذي ساهم مساهمة بارزة في إثراء الحياة السياسية بكل ما كان من شأنه رفعة الكويت ونهضتها.
رجل الباع الطويل في الحياة البرلمانية التي دخلها عضوا الى ان اعتلى الرئاسة التي أغناها بخبرته بمعاصرته فترة مهمة من تاريخ الكويت السياسي، ليكون رئيس مجلس أمة من عام 1967 حتى عام 1970.
كان ـ رحمه الله ـ الشاهد الدائم على كل محطات الديموقراطية في الكويت من مجلس 1938 الى مرحلة الاستقلال وبناء الدولة، وصولا الى الاحتلال الصدامي ثم عودة الشرعية ومعها مجلس الأمة الى أن وافته المنية أمس الأول.
نال شرف معاصرة 6 حكام من حكام الكويت وهم: المغفور لهم جميعا بإذن الله الشيخ أحمد الجابر الصباح والشيخ عبدالله السالم الصباح والشيخ صباح السالم الصباح، والشيخ جابر الاحمد الصباح والشيخ سعد العبدالله السالم الصباح وسمو الأمير الحالي الشيخ صباح الاحمد الصباح أطال الله في عمره.
من جيل المؤسسين الذي دخل المعترك السياسي ولم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره بانضمامه لكتلة العمل الوطني في مجلس 1938.
فالفقيد أحمد زيد السرحان من مواليد 1920 في منطقة القبلة، وكان عضوا في مجلس الأمة 1963 ومجلس الأمة 1967، وتقلد منصب نائب رئيس مجلس الأمة للفصل التشريعي الأول 1963 - 1967 وترأس مجلس الأمة في الفصل التشريعي الثاني 1967 - 1970 وهو واحد من سبعة تولوا رئاسة مجلس الأمة وهم: عبدالعزيز الصقر وسعود العبدالرزاق، وخالد صالح الغنيم ومحمد العدساني وأحمد السعدون وجاسم الخرافي.
السياسي المحنك
أحب السياسة منذ شبابه، وقال في أحد لقاءاته عن خوضه غمار السياسة وبداياته فيها، يرحمه الله: كنت ومجموعة من الشباب في مثل سني خلال الثلاثينيات نجتمع في ديوان المرحوم الشيخ يوسف القناعي أحد علماء الكويت البارزين، وقد كانت ترد الى الشيخ يوسف جرائد ومجلات عن طريق البحر من مصر أيام ازدهارها الصحافي والثقافي والفني، فعلى سبيل المثال تأتينا «الرسالة» وهي مجلة رائدة يحررها المرحوم أحمد حسن الزيات، و«المقطم» و«المقتطف» و«السياسة» و«الهلال» وفيها من المقالات والاخبار والتعليقات الصحافية ما يثري العقل وينير لنا الطريق نحو مستقبل أفضل، خاصة فيما يتعلق بنشاط الحزبين الرئيسيين الكبيرين في ذلك الوقت وهما: حزب الوفد برئاسة مصطفى النحاس باشا وحزب الاحرار الدستوريين برئاسة محمد محمود باشا حتى ان المجموعة من شدة تفاعلها مع نشاطات وبرامج هذه الاحزاب انقسمت الى قسمين: قسم يؤيد حزب الوفد وقسم يؤيد حزب الاحرار الدستوريين، وأنا منهم، والسبب في ذلك ان هذا الحزب يتكون من الصفوة، وأقصد الادباء والمفكرين والمهندسين والشعراء، أما حزب الوفد فكان من عامة الشعب، ولو انه يضم بين صفوفه بعض المفكرين، ومن هنا بدأت السياسة تأخذ اهتمامي وحبي.
وتابع رحمه الله قائلا: وكم كانت فرحتي شديدة عندما نالت الكويت استقلالها في عهد المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه، حيث كان الاستقلال فاتحة عهد جديد للكويت التي ما عرفت منذ وجدت الحرية والكرامة، فتم انتخاب أعضاء المجلس التأسيسي عام 1962، وتم الترشيح لأعضاء أول مجلس أمة في الكويت الحرة عام 1963 فتقدمت للترشيح لهذا المجلس عن الدائرة الثامنة ـ حولي ـ وفزت عضوا فيه، وهكذا بدأت حياتي السياسة، ورشحت نفسي في سنة 1965، والحمد لله فزت بالعضوية ودخلت المجلس وانتخبت الثالث في هيئة الرئاسة (الرئيس ـ نائب الرئيس ـ أمين السر) بعد ذلك صار خلاف (معروف) في ذاك الوقت واستقال المغفور له السيد عبدالعزيز الصقر، وجاء نائب الرئيس المغفور له سعود العبدالرزاق وجئت أنا نائبا للرئيس سنة 1965 الى 1967 ثم جاءت الانتخابات الثانية ودخلت معترك العضوية وانتخبت عضوا ثم انتخبني الاخوان رئيسا للمجلس سنة 1967 وكانت سنة سيئة لأنه حدثت وقتها حرب 1967.
خدمة الكويت
تفانى في خدمة الوطن، حيث ذكر في أحد لقاءاته أنه كان يرفض تسلم راتب عضويته في مجلس الأمة، معتبرا أن الجميع أتى للمجلس لخدمة الكويت فقط لا غير، ويستذكر تلك المرحلة قائلا:
عندما كنت نائبا لم يكن لدي أي سكرتير، وعندما أصبحت رئيسا للمجلس بات لدي سكرتير واحد فقط لا غير، ولا أذكر مقدار الراتب، ولا أذكر أنني تسلمته أساسا، النواب الزملاء الذين عهدتهم خلال 10 سنوات من العمل البرلماني لا أذكر أن أحدا منهم تحدث يوما عن راتب أو امتيازات مادية أو معنوية ينبغي لعضو المجلس أن يحصل عليها، إذ لم يطلب النواب أن تكون لديهم مخصصات معينة وسيارات أو غير ذلك، بل ان أحدا منهم لم يفكر بالمطالبة بأن تكون لديه سكرتارية خاصة به، ولهذا لم يكن هنالك لأي عضو سكرتير واحد! أنا عن نفسي كنت أجهز أوراقي وشغلي بنفسي دون مساعدة أحد.
كبار الرجالات
كان رحمه الله من رجالات الكويت الكبار الذين يستقبلهم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد للتشاور في كثير من الأمور، حيث يقول، رحمه الله، في لقاء سابق له: تشرفنا على الدوام باستقبال سمو الأمير حفظه الله ورعاه لنا في مناسبات شتى، منها المشاورات التي يستقبلنا سمو الأمير بسببها وتكون وفقا للدستور الذي نص على تشاور الأمير عند تشكيل الحكومة مع رؤساء المجالس النيابية السابقة، وهو ما يطبقه سموه، فيسألنا المشورة في اختيار رئيس الحكومة دون التشكيل أو الأعضاء طبعا، وتتطرق المشاورات لأمور عديدة أخرى، لكن يؤكد، رحمه الله، على انه من غير اللائق الإعلان والتصريح عما يدور في مثل هذه المناقشات والمشاورات، لأنها أسرار وكلام وأمانة تشرفنا بحملها من خلال استشارة سموه لنا ولا يجوز التطرق لها بتاتا.
نصرة البلد
يفتخر، رحمه الله، بسياسة الكويت الخارجية ويعتبر انها كان لها دور في نصرة الكويت أيام الاحتلال الصدامي الآثم اذ يعتبر ان الكويت كانت في يوم من الأيام هي البلد الوحيد الذي ناصرته كل دول العالم أيام الغزو ووقفوا معه وهذا شيء عندما يتم التفكير فيه نجد انه من رابع المستحيلات ان يصير إجماع دولي على نصرة بلد! هذا شيء كبير وكبير جدا، وقد شاهد العالم أجمع في هيئة الأمم المتحدة كيف ناصروا الكويت ووقفوا بجانبها وكيف وقفوا إجلالا لأمير الكويت في ذلك الوقت المغفور له المرحوم الشيخ جابر الأحمد رحمة الله عليه، فنحن نعرف قيمتنا ونعرف وضعنا ونعرف كيف نتعامل مع الآخرين.
اذ كان يؤكد، رحمه الله، ان ما قام به النظام العراقي من غزو للكويت لم يحدث له في العالم مثيل، وان الكويتيين جميعا لن يغفروا للنظام العراقي فعلته البربرية ولو بعد مئات السنين، نظام طاغ باغ دخل بلادهم خلسة تحت جنح الظلام وقتل وأسر وعذب وشرد أهلها وسرق المال والحلال ودمر البلاد ثم أحرق نفطها، فكان النظام الذي لا يقيم للأعراف والمواثيق وزنا، أما الدول التي أنكرت إحسان الكويت اليها يوم عسرها ولم تتقدم حتى باعتذار لشعب الكويت لوقوفها بجانب الظالم وحتى اليوم فسينقلب عليها اليسر عسرا والتاريخ لا يرحم أبدا.
البنيان المرصوص
تبقى ديموقراطية الكويت عند الراحل الكبير مثلا يقتدى به ونعمة يتمتع بها شعب الكويت الذي يُحسد عليها ويعتبر الدستور كالبنيان المرصوص وكالحائط المتشابك.
وعن فترة رئاسة المجلس يسجل انه تم انجاز عدد من القوانين المهمة منها قانون تنظيم قيد المواليد والوفيات وقانون المحاماة رقم 42 لسنة 1964 ويسجل له كذلك انه واكب أهم وأخطر حدث على المستوى العربي وهو نكسة 1967 ومشاركة الكويت فيها رسميا وشعبيا وماليا، حيث يقيّم في حديث له عام 1985 تلك الفترة الهامة بقوله: تقييمي للعمل البرلماني يمكن ان اختصره في ان العمل الذي قمنا به في الفترة التي توليت فيها رئاسة مجلس الأمة من سنة 1967 لغاية 1970 كانت امتدادا للعمل البرلماني الآخر الذي كان في المجلس الأول مجلس عام 1963.
المواضيع كانت كثيرة، والبنود الموجودة على جدول الأعمال كانت أيضا كثيرة محالة من العهد الذي سبقه، وقد استمررنا في نفس العمل وفي انجاز ما يقدم لنا سواء من الحكومة أو الأعضاء. ولكن الذي حصل في تلك الفترة كان أمرا مهما جدا على مستوى قومي، فقد أعلنت الكويت الأحكام العرفية في عهدي وكان هذا شيئا جديدا على الكويت وكما تعلمون ففي سنة 1967 وتضامنا مع مصر في عهد الراحل المرحوم جمال عبدالناصر قامت الكويت بدورها القومي لهذا جرى إعلان الأحكام العرفية واستمت الى ان انتهت الحرب.
ورغم الإنجازات التي تمت يؤكد، رحمه الله، ان كل عمل أو تكاد الكثير من الأعمال لا تخلو من السلبيات والإيجابيات لا يمكن ان يتم عمل بلا نقص لأن الكمال من الله سبحانه وتعالى وهنالك أعمال فيها سلبيات وهنالك أعمال إيجابية فلا يمكن ان يكتمل عمل مهما كان لأن هذا العمل من عمل مخلوق وعمل المخلوق دائما يتعرض للنقص، فالتجربة مرت بسلام والديموقراطية الآن التي نتمتع بها نحسد عليها وهذه التجربة فعلا أثمرت في تدعيم التجربة الديموقراطية.
لبنات الديموقراطية
يعتبر رحمه الله ان التغيير في الممارسة السياسية بين الأمس واليوم من سنن الحياة حيث يتبدل كل شيء فيقول، رحمه الله: الحياة الديموقراطية في الكويت مرت خلال هذا العمر بمتغيرات كثيرة، فعندما أعود بذاكرتي الآن الى الوراء للستينيات تقريبا أجد ان أيامنا الماضية واقصد الحياة الديموقراطية التي بدأت في العام 1962 كانت حياة مختلفة تماما عن تلك الموجودة الآن، لكن هذه هي سنة الحياة، ومثلما تغير كل شيء حولنا، فإن الحياة السياسية والديموقراطية التي عايشناها مختلفة بتاتا عما أراه اليوم.
ويخلص، رحمه الله، الى ان الاختلاف واضح فيقول: «الاختلاف كبير، فلنأخذ مثلا الناس التي عملت في هذا المجال، من الرواد، اذا ما تحدثنا عن هؤلاء، عن رجالات الكويت الرواد الذين عملوا في هذا المجال ووضعوا أولى لبنات الديموقراطية بعد وضع الدستور وانتقال الكويت من مجرد مجتمع بسيط الى مجتمع له نظام سياسي واضح ومتكامل وسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية هؤلاء الرجال الذين كان لهم دورهم البارز والحيوي في المشاركة بأمور الرقابة وضمان الحريات وفقا للأدوار والمهام المناطة بهم سنجد انهم كانوا كويتيين متجانسين متحابين تقاسموا المسؤولية والحرص على الدولة وكانت لديهم القدرة على موازنة الأمور لما فيه مصلحة الكويت وكنا نلمس فيهم استمرار روح العطاء حتى في أشد حالات التوتر والأزمات.
وتابع رحمه الله قائلا: فقد كان الجميع يشعر بأنه في النهاية ينتمي لأسرة واحدة، الحياة كانت بسيطة وهادئة ومطمئنة فكان من الطبيعي ان يكون الناس كذلك، ففي تلك الأعوام كان كثير من رجالات الدولة العاملين في المجال رجالا لا يتمتعون إلا بتعليم محدود ورغم ذلك كانت نظرتهم الى الأمور صائبة ومحنكة وخبرتهم ورغبتهم في العمل لما فيه صالح البلاد تفوق مستواهم العلمي بكثير.
وبتواضع كبير يتابع قائلا: لقد كنا بدائيين نعم ومحدودي العلم نعم، الا اننا لم نكن محدودي الفكر، واليوم الله كتب لي ان أشاهد ما حدث من تطورات على الساحة التي اعتزلتها باكرا فأرى انه مثلما تغيرت الحياة وتغيرت الأوضاع الاجتماعية وتغيرت طباع وسلوكيات الناس فإنه من الطبيعي ان يشمل هذا التغيير كل المستويات وبالتالي السياسية، إلا أنه يؤكد، رحمه الله، في المقابل ان كلامه لا يعني أبدا الانتقاص من شأن أحد، فلكل مرحلة رجالها وصفاتها وروح الممارسة الديموقراطية الكويتية التي عهدناها سابقا كانت مستمرة دوما في أشد حالات التوتر والأزمات ، ويعتبر رحمه الله ان التأزيم والنواب والمؤزمين مصطلحات جديدة دخلت على قاموس الممارسة النيابية فعلى أيامنا كانت الأمور هادئة والاستجوابات تعد على أصابع اليد الواحدة وفي عهدي وخلال 10 سنوات تقريبا قضيتها في المجلس لا اذكر سوى استجواب واحد حدث إبان الفترة وهو استجواب ضد وزير العدل، أؤكد بأننا مطمئنون تماما الى حكمة ولاة أمورنا ومطمئنون الى قدرتهم على حماية الديرة من أي منعطفات تمر بها ونطلب من الله سبحانه وتعالى ان يحفظهم لأنهم صمام الأمان الوحيد بالنسبة للكويت.
رجل الباع الطويل في الحياة البرلمانية التي دخلها عضوا الى ان اعتلى الرئاسة التي أغناها بخبرته بمعاصرته فترة مهمة من تاريخ الكويت السياسي، ليكون رئيس مجلس أمة من عام 1967 حتى عام 1970.
كان ـ رحمه الله ـ الشاهد الدائم على كل محطات الديموقراطية في الكويت من مجلس 1938 الى مرحلة الاستقلال وبناء الدولة، وصولا الى الاحتلال الصدامي ثم عودة الشرعية ومعها مجلس الأمة الى أن وافته المنية أمس الأول.
نال شرف معاصرة 6 حكام من حكام الكويت وهم: المغفور لهم جميعا بإذن الله الشيخ أحمد الجابر الصباح والشيخ عبدالله السالم الصباح والشيخ صباح السالم الصباح، والشيخ جابر الاحمد الصباح والشيخ سعد العبدالله السالم الصباح وسمو الأمير الحالي الشيخ صباح الاحمد الصباح أطال الله في عمره.
من جيل المؤسسين الذي دخل المعترك السياسي ولم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره بانضمامه لكتلة العمل الوطني في مجلس 1938.
فالفقيد أحمد زيد السرحان من مواليد 1920 في منطقة القبلة، وكان عضوا في مجلس الأمة 1963 ومجلس الأمة 1967، وتقلد منصب نائب رئيس مجلس الأمة للفصل التشريعي الأول 1963 - 1967 وترأس مجلس الأمة في الفصل التشريعي الثاني 1967 - 1970 وهو واحد من سبعة تولوا رئاسة مجلس الأمة وهم: عبدالعزيز الصقر وسعود العبدالرزاق، وخالد صالح الغنيم ومحمد العدساني وأحمد السعدون وجاسم الخرافي.
السياسي المحنك
أحب السياسة منذ شبابه، وقال في أحد لقاءاته عن خوضه غمار السياسة وبداياته فيها، يرحمه الله: كنت ومجموعة من الشباب في مثل سني خلال الثلاثينيات نجتمع في ديوان المرحوم الشيخ يوسف القناعي أحد علماء الكويت البارزين، وقد كانت ترد الى الشيخ يوسف جرائد ومجلات عن طريق البحر من مصر أيام ازدهارها الصحافي والثقافي والفني، فعلى سبيل المثال تأتينا «الرسالة» وهي مجلة رائدة يحررها المرحوم أحمد حسن الزيات، و«المقطم» و«المقتطف» و«السياسة» و«الهلال» وفيها من المقالات والاخبار والتعليقات الصحافية ما يثري العقل وينير لنا الطريق نحو مستقبل أفضل، خاصة فيما يتعلق بنشاط الحزبين الرئيسيين الكبيرين في ذلك الوقت وهما: حزب الوفد برئاسة مصطفى النحاس باشا وحزب الاحرار الدستوريين برئاسة محمد محمود باشا حتى ان المجموعة من شدة تفاعلها مع نشاطات وبرامج هذه الاحزاب انقسمت الى قسمين: قسم يؤيد حزب الوفد وقسم يؤيد حزب الاحرار الدستوريين، وأنا منهم، والسبب في ذلك ان هذا الحزب يتكون من الصفوة، وأقصد الادباء والمفكرين والمهندسين والشعراء، أما حزب الوفد فكان من عامة الشعب، ولو انه يضم بين صفوفه بعض المفكرين، ومن هنا بدأت السياسة تأخذ اهتمامي وحبي.
وتابع رحمه الله قائلا: وكم كانت فرحتي شديدة عندما نالت الكويت استقلالها في عهد المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه، حيث كان الاستقلال فاتحة عهد جديد للكويت التي ما عرفت منذ وجدت الحرية والكرامة، فتم انتخاب أعضاء المجلس التأسيسي عام 1962، وتم الترشيح لأعضاء أول مجلس أمة في الكويت الحرة عام 1963 فتقدمت للترشيح لهذا المجلس عن الدائرة الثامنة ـ حولي ـ وفزت عضوا فيه، وهكذا بدأت حياتي السياسة، ورشحت نفسي في سنة 1965، والحمد لله فزت بالعضوية ودخلت المجلس وانتخبت الثالث في هيئة الرئاسة (الرئيس ـ نائب الرئيس ـ أمين السر) بعد ذلك صار خلاف (معروف) في ذاك الوقت واستقال المغفور له السيد عبدالعزيز الصقر، وجاء نائب الرئيس المغفور له سعود العبدالرزاق وجئت أنا نائبا للرئيس سنة 1965 الى 1967 ثم جاءت الانتخابات الثانية ودخلت معترك العضوية وانتخبت عضوا ثم انتخبني الاخوان رئيسا للمجلس سنة 1967 وكانت سنة سيئة لأنه حدثت وقتها حرب 1967.
خدمة الكويت
تفانى في خدمة الوطن، حيث ذكر في أحد لقاءاته أنه كان يرفض تسلم راتب عضويته في مجلس الأمة، معتبرا أن الجميع أتى للمجلس لخدمة الكويت فقط لا غير، ويستذكر تلك المرحلة قائلا:
عندما كنت نائبا لم يكن لدي أي سكرتير، وعندما أصبحت رئيسا للمجلس بات لدي سكرتير واحد فقط لا غير، ولا أذكر مقدار الراتب، ولا أذكر أنني تسلمته أساسا، النواب الزملاء الذين عهدتهم خلال 10 سنوات من العمل البرلماني لا أذكر أن أحدا منهم تحدث يوما عن راتب أو امتيازات مادية أو معنوية ينبغي لعضو المجلس أن يحصل عليها، إذ لم يطلب النواب أن تكون لديهم مخصصات معينة وسيارات أو غير ذلك، بل ان أحدا منهم لم يفكر بالمطالبة بأن تكون لديه سكرتارية خاصة به، ولهذا لم يكن هنالك لأي عضو سكرتير واحد! أنا عن نفسي كنت أجهز أوراقي وشغلي بنفسي دون مساعدة أحد.
كبار الرجالات
كان رحمه الله من رجالات الكويت الكبار الذين يستقبلهم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد للتشاور في كثير من الأمور، حيث يقول، رحمه الله، في لقاء سابق له: تشرفنا على الدوام باستقبال سمو الأمير حفظه الله ورعاه لنا في مناسبات شتى، منها المشاورات التي يستقبلنا سمو الأمير بسببها وتكون وفقا للدستور الذي نص على تشاور الأمير عند تشكيل الحكومة مع رؤساء المجالس النيابية السابقة، وهو ما يطبقه سموه، فيسألنا المشورة في اختيار رئيس الحكومة دون التشكيل أو الأعضاء طبعا، وتتطرق المشاورات لأمور عديدة أخرى، لكن يؤكد، رحمه الله، على انه من غير اللائق الإعلان والتصريح عما يدور في مثل هذه المناقشات والمشاورات، لأنها أسرار وكلام وأمانة تشرفنا بحملها من خلال استشارة سموه لنا ولا يجوز التطرق لها بتاتا.
نصرة البلد
يفتخر، رحمه الله، بسياسة الكويت الخارجية ويعتبر انها كان لها دور في نصرة الكويت أيام الاحتلال الصدامي الآثم اذ يعتبر ان الكويت كانت في يوم من الأيام هي البلد الوحيد الذي ناصرته كل دول العالم أيام الغزو ووقفوا معه وهذا شيء عندما يتم التفكير فيه نجد انه من رابع المستحيلات ان يصير إجماع دولي على نصرة بلد! هذا شيء كبير وكبير جدا، وقد شاهد العالم أجمع في هيئة الأمم المتحدة كيف ناصروا الكويت ووقفوا بجانبها وكيف وقفوا إجلالا لأمير الكويت في ذلك الوقت المغفور له المرحوم الشيخ جابر الأحمد رحمة الله عليه، فنحن نعرف قيمتنا ونعرف وضعنا ونعرف كيف نتعامل مع الآخرين.
اذ كان يؤكد، رحمه الله، ان ما قام به النظام العراقي من غزو للكويت لم يحدث له في العالم مثيل، وان الكويتيين جميعا لن يغفروا للنظام العراقي فعلته البربرية ولو بعد مئات السنين، نظام طاغ باغ دخل بلادهم خلسة تحت جنح الظلام وقتل وأسر وعذب وشرد أهلها وسرق المال والحلال ودمر البلاد ثم أحرق نفطها، فكان النظام الذي لا يقيم للأعراف والمواثيق وزنا، أما الدول التي أنكرت إحسان الكويت اليها يوم عسرها ولم تتقدم حتى باعتذار لشعب الكويت لوقوفها بجانب الظالم وحتى اليوم فسينقلب عليها اليسر عسرا والتاريخ لا يرحم أبدا.
البنيان المرصوص
تبقى ديموقراطية الكويت عند الراحل الكبير مثلا يقتدى به ونعمة يتمتع بها شعب الكويت الذي يُحسد عليها ويعتبر الدستور كالبنيان المرصوص وكالحائط المتشابك.
وعن فترة رئاسة المجلس يسجل انه تم انجاز عدد من القوانين المهمة منها قانون تنظيم قيد المواليد والوفيات وقانون المحاماة رقم 42 لسنة 1964 ويسجل له كذلك انه واكب أهم وأخطر حدث على المستوى العربي وهو نكسة 1967 ومشاركة الكويت فيها رسميا وشعبيا وماليا، حيث يقيّم في حديث له عام 1985 تلك الفترة الهامة بقوله: تقييمي للعمل البرلماني يمكن ان اختصره في ان العمل الذي قمنا به في الفترة التي توليت فيها رئاسة مجلس الأمة من سنة 1967 لغاية 1970 كانت امتدادا للعمل البرلماني الآخر الذي كان في المجلس الأول مجلس عام 1963.
المواضيع كانت كثيرة، والبنود الموجودة على جدول الأعمال كانت أيضا كثيرة محالة من العهد الذي سبقه، وقد استمررنا في نفس العمل وفي انجاز ما يقدم لنا سواء من الحكومة أو الأعضاء. ولكن الذي حصل في تلك الفترة كان أمرا مهما جدا على مستوى قومي، فقد أعلنت الكويت الأحكام العرفية في عهدي وكان هذا شيئا جديدا على الكويت وكما تعلمون ففي سنة 1967 وتضامنا مع مصر في عهد الراحل المرحوم جمال عبدالناصر قامت الكويت بدورها القومي لهذا جرى إعلان الأحكام العرفية واستمت الى ان انتهت الحرب.
ورغم الإنجازات التي تمت يؤكد، رحمه الله، ان كل عمل أو تكاد الكثير من الأعمال لا تخلو من السلبيات والإيجابيات لا يمكن ان يتم عمل بلا نقص لأن الكمال من الله سبحانه وتعالى وهنالك أعمال فيها سلبيات وهنالك أعمال إيجابية فلا يمكن ان يكتمل عمل مهما كان لأن هذا العمل من عمل مخلوق وعمل المخلوق دائما يتعرض للنقص، فالتجربة مرت بسلام والديموقراطية الآن التي نتمتع بها نحسد عليها وهذه التجربة فعلا أثمرت في تدعيم التجربة الديموقراطية.
لبنات الديموقراطية
يعتبر رحمه الله ان التغيير في الممارسة السياسية بين الأمس واليوم من سنن الحياة حيث يتبدل كل شيء فيقول، رحمه الله: الحياة الديموقراطية في الكويت مرت خلال هذا العمر بمتغيرات كثيرة، فعندما أعود بذاكرتي الآن الى الوراء للستينيات تقريبا أجد ان أيامنا الماضية واقصد الحياة الديموقراطية التي بدأت في العام 1962 كانت حياة مختلفة تماما عن تلك الموجودة الآن، لكن هذه هي سنة الحياة، ومثلما تغير كل شيء حولنا، فإن الحياة السياسية والديموقراطية التي عايشناها مختلفة بتاتا عما أراه اليوم.
ويخلص، رحمه الله، الى ان الاختلاف واضح فيقول: «الاختلاف كبير، فلنأخذ مثلا الناس التي عملت في هذا المجال، من الرواد، اذا ما تحدثنا عن هؤلاء، عن رجالات الكويت الرواد الذين عملوا في هذا المجال ووضعوا أولى لبنات الديموقراطية بعد وضع الدستور وانتقال الكويت من مجرد مجتمع بسيط الى مجتمع له نظام سياسي واضح ومتكامل وسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية هؤلاء الرجال الذين كان لهم دورهم البارز والحيوي في المشاركة بأمور الرقابة وضمان الحريات وفقا للأدوار والمهام المناطة بهم سنجد انهم كانوا كويتيين متجانسين متحابين تقاسموا المسؤولية والحرص على الدولة وكانت لديهم القدرة على موازنة الأمور لما فيه مصلحة الكويت وكنا نلمس فيهم استمرار روح العطاء حتى في أشد حالات التوتر والأزمات.
وتابع رحمه الله قائلا: فقد كان الجميع يشعر بأنه في النهاية ينتمي لأسرة واحدة، الحياة كانت بسيطة وهادئة ومطمئنة فكان من الطبيعي ان يكون الناس كذلك، ففي تلك الأعوام كان كثير من رجالات الدولة العاملين في المجال رجالا لا يتمتعون إلا بتعليم محدود ورغم ذلك كانت نظرتهم الى الأمور صائبة ومحنكة وخبرتهم ورغبتهم في العمل لما فيه صالح البلاد تفوق مستواهم العلمي بكثير.
وبتواضع كبير يتابع قائلا: لقد كنا بدائيين نعم ومحدودي العلم نعم، الا اننا لم نكن محدودي الفكر، واليوم الله كتب لي ان أشاهد ما حدث من تطورات على الساحة التي اعتزلتها باكرا فأرى انه مثلما تغيرت الحياة وتغيرت الأوضاع الاجتماعية وتغيرت طباع وسلوكيات الناس فإنه من الطبيعي ان يشمل هذا التغيير كل المستويات وبالتالي السياسية، إلا أنه يؤكد، رحمه الله، في المقابل ان كلامه لا يعني أبدا الانتقاص من شأن أحد، فلكل مرحلة رجالها وصفاتها وروح الممارسة الديموقراطية الكويتية التي عهدناها سابقا كانت مستمرة دوما في أشد حالات التوتر والأزمات ، ويعتبر رحمه الله ان التأزيم والنواب والمؤزمين مصطلحات جديدة دخلت على قاموس الممارسة النيابية فعلى أيامنا كانت الأمور هادئة والاستجوابات تعد على أصابع اليد الواحدة وفي عهدي وخلال 10 سنوات تقريبا قضيتها في المجلس لا اذكر سوى استجواب واحد حدث إبان الفترة وهو استجواب ضد وزير العدل، أؤكد بأننا مطمئنون تماما الى حكمة ولاة أمورنا ومطمئنون الى قدرتهم على حماية الديرة من أي منعطفات تمر بها ونطلب من الله سبحانه وتعالى ان يحفظهم لأنهم صمام الأمان الوحيد بالنسبة للكويت.
.
الفقيد الكبير رحمه الله يقدم
لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد درعا تذكارية
رحمه الله مع الوفد النيابي الكويتي
خلال المؤتمر البرلماني الدولي في كندا 1965
الراحل أحمد زيد السرحان مع جمال عبدالناصر
المغفور له باذن الله أحمد زيد السرحان
مع العاهل المغربي وعبدالعزيز البابطين
الراحل أحمد زيد السرحان مع المغفور لهم بإذن الله
الشيخ صباح السالم وأمير البحرين الراحل
الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة والشيخ جابر العلي
المصدر
التعليق
رحم الله العم أحمد زيد السرحان المفضلي الشمري
رئيس مجلس الأمة الاسبق
الذي توفي عن عمر يناهز 97 عاما
وهو من المفضل من اليحيا من عبدة من قبيلة شمر
و شيوخ عشيرة اليحيا هم الشريم ( ابن شريم )
خوال خادم الحرمين الشريفين
الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله
وهو من رجال السياسة والاقتصاد في دولة الكويت
لذلك فضلت أن أضع الخبر
في الشبكة السياسية و الاقتصادية
وهو نائب سابق في مجلس الامة الكويتي
و نائب رئيس مجلس الامة الكويتي في الستينات
و رئيس مجلس الامة الكويتي في الستينات
ومن رجال الاعمال المرموقين في دولة الكويت
فهو جمع بين السياسة والاقتصاد رحمه الله
وكان ممن يسـتأنس برأيه حكام الكويت السابقين
اضافة الى سمو أمير البلاد
الذين جرى العرف عندهم
في استقبال رؤساء مجلس الامة السابقين
عند تشكيل الحكومات الجديدة
وبالنسبة لعمر الفقيد رحمه الله
فقد ورد في هذه التغطية الصحفية لجريدة الأنباء
بأن عمره رحمه الله 97 عاما
و رايت في بيان التعزية الصادر في صحف
الوطن و الراي والانباء و القبس والسياسة
بأن عمره رحمه الله 97 عاما
ويظهر لي بأن هذا هو العمر الصحيح
لانه ورد في اعلان من أسرة المتوفى رحمه الله
في خمس صحف وبمساحة نصف صفحة لكل صحيفة
انتهى الجزء الاول من الموضوع
و يتبعه الجزء الثاني