الفكر الوهابي يتحول الى مذهب سنيّ ( خامس )!
محمد بن عبد الوهاب ( 1115 هـ - 1206 هـ ) رجل دين سعودي يتبع المذهب الفقهي الحنبلي , له فكر اجتهادي يقوم في الأساس – بغض النظر عن الممارسة المنهجية التي عليها بعض التحفظات - على الدعوة لنبذ الشوائب السلوكية التي يأتيها بعض المتدينين بالشريعة الاسلامية ؛ وقد تحالف محمد بن عبد الوهاب مع محمد آل سعود حاكم الدرعية , وتعاهدا على اقامة دولة دينية تعتمد الشريعة الاسلامية منهاجاً تعاملياً ( دستور بمصطلحات اليوم ) ونبذ ومحاربة كل دخيلة وبدعة مهما كانت في الصغر متناهية ؛ لكن كيف ؟ أي ماهو الإسلوب والطريقة والممارسة الوهابية / السعودية المنتهجة آنذاك ؟ لا شك أن في هذه المنهجية أقوالٌ متعارضة كثيرة , بعضها يشير الى أن الممارسة الوهابية الدعوية كانت ذات طابع قسوَي تعتمد الشدة والتطرف وتكفير الغير, وبعضها ( الأقوال ) تنحو الى وصف السلوكية الدعوية الوهابية باللطف والإعتدال والحوار الهادئ (!) .. ومن أهم البدع المراد – وهابياً - اجتثاثها ومنع تواجدها فوق المسطح الجغرافي وبين المجتمع السعودي هي (( تأليه )) رجال الدين في حياتهم , وجعل قبورهم مزارات بعد مماتهم . ومع مرور الزمن وتعاقب السنين أخذ الفكر الوهابي يتحول الى مذهب سني ( خامس ) يُضاف الى المذاهب السنية الأربعة المعروفة ( الشافعي , المالكي , الحنبلي والحنفي ) وربما ينسفها ويحل محلها , حيث بدأ يظهر وينتشر على المستوى السعودي دعاةٌ وأتباعٌ ومقلدون متعصبون لهذا المذهب الخامس السني الجديد , لا سيما بعد أن شُكِّلت وبرزت للوجود في السعودية مؤسسة دينية سميت بـ(هيئة كبار العُلماء ) قبل ما يقارب أربعة عقود من الزمن ( المرسوم الملكي رقم أ/137 8/7/1391هـ ) الأمر الذي عزَّز ورسخ الوضع الفقهي المذهبي الجديد , ليكون في التبعية التقليدية تحت العباءة السنية كالمذهب الجعفري الإثني عشري عند الطائفة الشيعية , أي تنزيه رجال الدين وتزكيتهم وتبريئتهم من الخطأ والسهو والزلل !
وحتى يتجذر هذا المذهب المطوَّر والمحوَّل من الفكر الوهابي ويترسخ في الأعماق الذهنية ويُدَعَّم رسوخه بالممارسات السلوكية والتصرفات المنهجية تم توظيف مختلف الوسائل الإعلامية الموالية والممجدة للمؤسسة الدينية , والحلقات الدعوية المكثفة جهداً وانتشاراً من خلال المساجد ومنابر الخطابة , لتكون رافداً داعماً لتثبيت المذهب الجديد عن طريق إعتماد غسل العقول الغضة والأخرى ذات الإدراك المتدني لصيرورة هذا الفكر الوهابي الى مذهب يُعتقد به ويُتَبَع , ويُكفّر ويُفسَّق مَنْ يشير اليه وأتباعه بالنقد , ولو تلميحاً من بعيد , فأتباع هذا المذهب الجديد رفعوا ذواتهم تزكيةً الى مستوى الأنبياء , واجتهاداتهم تنزيهاً الى مستى الوحى الذي يُوحى , وأعلنوا الحرب الإعلامية والدعوية والأنشطة التأليبية والتنعيتية الكفرية على مَنْ يعتبرهم من ضمن صفوف البشر , وأنهم ليسوا بأكثر من مجتهدين في محراب الدين , يصيبون ويخطئون ؛ ومَنْ لا يقر لهم ( الوهابيين ) بالتنزيه يصدرون بحقه صكاً يُخرجه من دائرة المتدينين , ويصنّفه بالمحارب للشريعة الاسلامية , وأنه منكرٌ للأحكام الشرعية الإلهية , ومَنْ يستغرب – مجرد استغراب - المنحى الصارخ التحولي المتمثل في المنهجية الفكرية الأحادية لأصحاب المذهب الجديد ( الوهابي الكهنوسني ) يستحق أن يوقع عليه حد الحرابة ؛ فهذا المذهب ( الكهنوسني ) في تعارض تام مع ما هي عليه جميع المذاهب السنية الأربعة التي أجمعت على تبديع بل تشريك تأليه رجال الدين وتخطئة تزكيتهم والتسليم المطلق بما يقولون وبفعلون , أي كما هو التقليد التطبيقي للمذهب الشيعي الأثني عشري , وهو منهج طالما استنكره واستهجنه وبدّعه تابعوالمذاهب السنية الأربعة المعروفة ( المالكي , الشافعي , الحنبلي و الحنفي ) التي تدعو – جميعها – بإخلاص العبادة لله جل في علاه ؛ الله الواحد الصمد الذي ليس بينه وبين عباده وسيط مهما كان هذا الوسيط , نبي أو عالم ديني { وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أُجيبُ دعوةَ الداعِ اذا دعان فلْيستجيبوا لي ولْيؤمنوا بي لعلّهم يرشدون }
وهكذا كان وتحول فكر محمد بن عبد الوهاب الى مذهب سني خامس له أتباع يفوقون أتباع المذهب الشيعي تعصباً له وإنقياداً أعمى لفقهائه المماثلين لـ( السادة ) عند الشيعة , ولا اختلاف إلا في التسمية فـ( سادة السنة ) ينعتون بـ( كبار العُلماء ) و ( عُلماء الشيعة ) ينعتون بـ( السادة ) وبذلك تتساوى المنهجية والتبعية الفقهية بين السنة والشيعة القذة بالقذة ولا يختلف بعضهم عن بعض إلا في المسميات وحسب!