الرحيق المختوم
عضو ذهبي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أما بعد:
إنّ البدع والأهواء أمراض معدية, وآفات مهلكة, لا زالت تقوّض أركان السنّة الغراء, وتحدث شرخاً في دين الأمّة الإسلامية, بل تفرّق وحدتها, وتشتّت اجتماعها, وتهدم بنيانها.
ولذا جاء النهي والشديد, والتحذير والوعيد, من ركوب صهوة البدع والضلالات لما لها من عظيم الأثر, وجسيم الخطر, على الفرد الأمة.
ومن تلكم البدع التي ضربت بأطنابها وألقت بضلالها على الأمة الإسلامية منذ قرون خلت, ولا تزال تواصل زحفها في المجتمعات الإسلامية بل والغربية, بدعة التصوّف التي كان ابتداؤها غلو في الزهد والتعبّد, ثم ارتقى الحال بأصحابها فخلطوا دينهم بلبس الرقاع واعتقاد الحلول وغير ذلك من الضلالة.
وما حلّ التصوّف بمجتمع ما إلا وحلّ الهلاك والبوار والكساد والفساد, إلى غير ذلك من المفاسد المردية, والآفات المهلكة.
ولأجل هذا وددت أن أضع بين يدي القارئ خلاصة ما عليه هذه الفرقة من ضلال وبدع وشطحات, ليهلك من هلك عن بيّنة ويحي من حيّ عن بيّنة.
وقسّمت الموضوع إلى سبعة مطالب, وهي:
المطلب الأوّل: تعريف الصوفية, ونشأتها, وأطوارها, وأشهر فرقها.
المطلب الثاني: أصول الصوفيّة.
المطلب الثالث: أهداف الصوفية.
المطلب الرابع: وسائل الصّوفية.
المطلب الخامس: آثار الصوفية.
المطلب السادس: موقف الصوفية من مسار منهج الدعوة القويم.
المطلب الأوّل: تعريف الصوفية, ونشأتها, وأطوارها, وأشهر فرقها.
المطلب الثاني: أصول الصوفيّة.
المطلب الثالث: أهداف الصوفية.
المطلب الرابع: وسائل الصّوفية.
المطلب الخامس: آثار الصوفية.
المطلب السادس: موقف الصوفية من مسار منهج الدعوة القويم.
المطلب الأوّل: تعريف الصوفية, ونشأتها, وأطوارها, وأشهر فرقها.
أوّلاً: تباينت آراء أعلام الصوفية, وغيرهم, في تحديد مفهوم للصوفية, ولاشتقاقها(1).
- عرّفها سمنون -وهو من أعلام الصوفية- فقال: "التصوّف أن لا تملك شيئاً, ولا يملكك شيء"(2).
- وعرّفها -غير الصوفيّة- كابن الجوزي فقال: "التصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي, ثم ترخَّص المنتسبون إليها بالسماع والرقص, فمال إليهم طلاب الآخرة من العوام لما يظهرونه من التزهّد, ومال إليهم طلاب الدنيا لما يرون عندهم من الراحة واللعب"(3).
أوّلاً: تباينت آراء أعلام الصوفية, وغيرهم, في تحديد مفهوم للصوفية, ولاشتقاقها(1).
- عرّفها سمنون -وهو من أعلام الصوفية- فقال: "التصوّف أن لا تملك شيئاً, ولا يملكك شيء"(2).
- وعرّفها -غير الصوفيّة- كابن الجوزي فقال: "التصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي, ثم ترخَّص المنتسبون إليها بالسماع والرقص, فمال إليهم طلاب الآخرة من العوام لما يظهرونه من التزهّد, ومال إليهم طلاب الدنيا لما يرون عندهم من الراحة واللعب"(3).
ثانياً: نشأة الصوفية وتطورهم.
اختلف أهل العلم في تاريخ نشأة الصوفية وظهورها إلى قولين هما:
اختلف أهل العلم في تاريخ نشأة الصوفية وظهورها إلى قولين هما:
القول الأول: أن أصل نشأتهم كانت في الجاهلية قبل الإسلام، وإلى هذا ذهب أبو السراج الطوسي من المتصوفة(4)، وابن جرير الطبري(5) وابن الجوزي(6)، رحمهما الله تعالى.
القول الثاني: أن أصل نشأتهم ظهر في عصر الإسلام، ولكن أصحاب هذا القول اختلفوا في فترة ظهورهم، هل كان في القرن الأول؟ أم في القرن الثاني؟ على رأيين هما:
الرأي الأول:أن أصل نشأة الصوفية ظهر في القرن الأول من الهجرة النبوية، وهذا رأي أبي سراج الطوسي في رواية له، وسفيان الثوري في رواية(7).
الرأي الثاني: أن أصل نشأة الصوفية ظهر في القرن الثاني من الهجرة النبوية، وهذا رأي القشيري من المتصوفة(8) وابن الجوزي، وابن خلدون(9)، وشيخ الإسلام ابن تيمية(10).
ولعل الراجح في أصل نشأة التصوّف أنّه كان في القرن الثاني من الهجرة النبوية، ومما يدل على ذلك قول ابن خلدون: "إن نشأة التصوف كانت في القرن الثاني عندما أقبل الناس على الدنيا وانصرف أناس للزهد والعبادة فسموا بالصوفية"(11).
القول الثاني: أن أصل نشأتهم ظهر في عصر الإسلام، ولكن أصحاب هذا القول اختلفوا في فترة ظهورهم، هل كان في القرن الأول؟ أم في القرن الثاني؟ على رأيين هما:
الرأي الأول:أن أصل نشأة الصوفية ظهر في القرن الأول من الهجرة النبوية، وهذا رأي أبي سراج الطوسي في رواية له، وسفيان الثوري في رواية(7).
الرأي الثاني: أن أصل نشأة الصوفية ظهر في القرن الثاني من الهجرة النبوية، وهذا رأي القشيري من المتصوفة(8) وابن الجوزي، وابن خلدون(9)، وشيخ الإسلام ابن تيمية(10).
ولعل الراجح في أصل نشأة التصوّف أنّه كان في القرن الثاني من الهجرة النبوية، ومما يدل على ذلك قول ابن خلدون: "إن نشأة التصوف كانت في القرن الثاني عندما أقبل الناس على الدنيا وانصرف أناس للزهد والعبادة فسموا بالصوفية"(11).
ثالثاً: أطوار التصوف: مرّ التصوّف بثلاثة مراحل هي:
المرحلة الأولى: وتشمل القرنين الأول والثاني من الهجرة النبوية:وهذه الفترة الزمنية شهدت ظهور عباد وزهاد ونساك، السمة البارزة فيهم التمسك بالمنهج الرباني والسير على منهج المصطفى صلى الله عليه و سلم، ما عدا بعض المغالاة والتشدد في أمور العبادة (12).
المرحلة الثانية: وتشمل القرن الثالث والرابع والخامس من الهجرة:
وتميزّت هذه المرحلة بخلط الزهد بعبارات الباطنية، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري، ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات: الفناء، والكشف، ووحدة الوجود، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم (13).
المرحلة الثالثة: وتشمل القرن السادس والسابع وما بعدها: ونجد أن التصوف في هذه المرحلة قد نحى فيها منحاً خطيراً وذلك عندما مزج أفكاره بالفكر الفلسفي، وعمد أصحابه إلى مزج أذواقهم الصوفية بأنظارهم العقلية، مستخدمين في التعبير عنها، مصطلحات فلسفية(14).
المرحلة الأولى: وتشمل القرنين الأول والثاني من الهجرة النبوية:وهذه الفترة الزمنية شهدت ظهور عباد وزهاد ونساك، السمة البارزة فيهم التمسك بالمنهج الرباني والسير على منهج المصطفى صلى الله عليه و سلم، ما عدا بعض المغالاة والتشدد في أمور العبادة (12).
المرحلة الثانية: وتشمل القرن الثالث والرابع والخامس من الهجرة:
وتميزّت هذه المرحلة بخلط الزهد بعبارات الباطنية، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري، ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات: الفناء، والكشف، ووحدة الوجود، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم (13).
المرحلة الثالثة: وتشمل القرن السادس والسابع وما بعدها: ونجد أن التصوف في هذه المرحلة قد نحى فيها منحاً خطيراً وذلك عندما مزج أفكاره بالفكر الفلسفي، وعمد أصحابه إلى مزج أذواقهم الصوفية بأنظارهم العقلية، مستخدمين في التعبير عنها، مصطلحات فلسفية(14).
· الفرق بين الزهد, والتصوّف:
يخلط البعض بين الزهد المشروع, والتصوّف المذموم, والحقيقة أنّ التصوّف أمر زائد وطارئ على الزهد, له كيانه وهيئته, نظامه وأصوله, قواعده وأسسه, كتبه ومؤلفاته, رسائله ومصنفاته, كما أنّ له رجالاً وسدنة وزعماء وأعياناً.
فالزهد عبارة عن ترجيح الآخرة على الدنيا, والتصوّف اسم لترك الدنيا تماماً.
والزهد هو تجنّب الحرام, والاقتصاد في الحلال, والتمتع بنعم الله بالكفاف, وإشراك الآخرين في آلاء الله ونعمه وخدمة الأهل والأخوان والخلان.
والتصوّف تحريم الحلال, وترك الطيبات, والتهرّب من الزواج ومعاشرة الأهل والإخوان, وتعذيب النفس بالجوع والتعري والسهر.
والزهد منهج وسلوك مبني على الكتاب و السنة, وليس التصوف كذلك.
ثمّ إنّ الذين اكتفوا بحسن الخلق, والزهد في الدنيا, والتأدب بآداب الشرع لُقِّبوا بالنسّاك, والقرّاء, والزهّاد, والعبّاد, والذين أقبلوا على دراسة النفوس, وآفاتها, وما يرد على القلب من خواطر, وحرصوا على الصيغة المذهبية, لُقِّبُوا بالصوفية"(15).
يخلط البعض بين الزهد المشروع, والتصوّف المذموم, والحقيقة أنّ التصوّف أمر زائد وطارئ على الزهد, له كيانه وهيئته, نظامه وأصوله, قواعده وأسسه, كتبه ومؤلفاته, رسائله ومصنفاته, كما أنّ له رجالاً وسدنة وزعماء وأعياناً.
فالزهد عبارة عن ترجيح الآخرة على الدنيا, والتصوّف اسم لترك الدنيا تماماً.
والزهد هو تجنّب الحرام, والاقتصاد في الحلال, والتمتع بنعم الله بالكفاف, وإشراك الآخرين في آلاء الله ونعمه وخدمة الأهل والأخوان والخلان.
والتصوّف تحريم الحلال, وترك الطيبات, والتهرّب من الزواج ومعاشرة الأهل والإخوان, وتعذيب النفس بالجوع والتعري والسهر.
والزهد منهج وسلوك مبني على الكتاب و السنة, وليس التصوف كذلك.
ثمّ إنّ الذين اكتفوا بحسن الخلق, والزهد في الدنيا, والتأدب بآداب الشرع لُقِّبوا بالنسّاك, والقرّاء, والزهّاد, والعبّاد, والذين أقبلوا على دراسة النفوس, وآفاتها, وما يرد على القلب من خواطر, وحرصوا على الصيغة المذهبية, لُقِّبُوا بالصوفية"(15).
تنبيه مهم:
إنّ ديدن أهل البدع والأهواء في كلّ زمان هو إلباس الحقّ بالباطل, إمعاناً في الإضلال والتحريف, ولقد حذا الصوفية حذو أسلافهم فنسبوا كثيراً من ضلالاتهم وخرافاتهم وبدعهم إلى أعلام السلف رحمهم الله, من أجل ترويج هذه البدع, والتلبيس على الخلق.
ولذلك يقول الإمام الذهبي رحمه الله: "
إنّ ديدن أهل البدع والأهواء في كلّ زمان هو إلباس الحقّ بالباطل, إمعاناً في الإضلال والتحريف, ولقد حذا الصوفية حذو أسلافهم فنسبوا كثيراً من ضلالاتهم وخرافاتهم وبدعهم إلى أعلام السلف رحمهم الله, من أجل ترويج هذه البدع, والتلبيس على الخلق.
ولذلك يقول الإمام الذهبي رحمه الله: "
رابعاً: أشهر فرق الصوفية.
الطرق الصوفية كثيرة جداً يصعب حصرها، إذ كل من عنّ له أن يبتدع طريقاً فعل وسماها باسمه أو اسم قبيلته أو عشيرته، وهذا مشاهد في أفريقيا وغيرها، إذ بين كل فترة وأخرى تخرج طريقة جديدة تحمل اسماً جديداً ولها أوضاع معينة وأوراد مقررة، لذا سأقتصر على ذكر بعض منها وهي(16):
وقد قسّم شيخ الإسلام الصوفية إلى ثلاثة أقسام هم(17):
1- صوفية الحقائق: ويمثّل التصوف في بدء أمره حينما كان بمعنى الزهد والاجتهاد في العبادة.
2- صوفية الأرزاق: وأما صوفية الأرزاق فهم الذين وقفت عليهم الوقوف.
3-صوفية الرسم: فهمهم المقتصرون على النسبة، فهمُّم في اللباس والآداب الوصفية.
ومن أشهر فرق الصوفية:
الطرق الصوفية كثيرة جداً يصعب حصرها، إذ كل من عنّ له أن يبتدع طريقاً فعل وسماها باسمه أو اسم قبيلته أو عشيرته، وهذا مشاهد في أفريقيا وغيرها، إذ بين كل فترة وأخرى تخرج طريقة جديدة تحمل اسماً جديداً ولها أوضاع معينة وأوراد مقررة، لذا سأقتصر على ذكر بعض منها وهي(16):
وقد قسّم شيخ الإسلام الصوفية إلى ثلاثة أقسام هم(17):
1- صوفية الحقائق: ويمثّل التصوف في بدء أمره حينما كان بمعنى الزهد والاجتهاد في العبادة.
2- صوفية الأرزاق: وأما صوفية الأرزاق فهم الذين وقفت عليهم الوقوف.
3-صوفية الرسم: فهمهم المقتصرون على النسبة، فهمُّم في اللباس والآداب الوصفية.
ومن أشهر فرق الصوفية:
القادرية: وتنتسب إلى عبد القادر الجيلاني.
الرفاعية: تنتسب إلى أحمد الرفاعي.
النقشبندية: أسسها بهاء الدين محمد النجاري المعروف بشاه نقشبد (791هـ).
البرهامية: أسسها إبراهيم الدسوقي.
التجانية: نسبة إلى أحمد التجاني.
الشاذلية: نسبة إلى أبي الحسن الشاذلي.
الأحمدية: أسسها أحمد البدوي.
الختمية:أسسها محمد عثمان الميرغني.
يتبع...
الرفاعية: تنتسب إلى أحمد الرفاعي.
النقشبندية: أسسها بهاء الدين محمد النجاري المعروف بشاه نقشبد (791هـ).
البرهامية: أسسها إبراهيم الدسوقي.
التجانية: نسبة إلى أحمد التجاني.
الشاذلية: نسبة إلى أبي الحسن الشاذلي.
الأحمدية: أسسها أحمد البدوي.
الختمية:أسسها محمد عثمان الميرغني.
يتبع...