يوميات قبل نهاية العالم ...!

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم الرابع عشر .. الجزء الاول

تذكرت اليوم حكاية الزميل الذي جاءنا نقلا من مدينة اخرى ، رجل خمسيني

او ربما اصغر ، قصير القامة ، ابتسامة دائمة تغطي وجهه تحاول ان تخفي

الحزن المستقر في العينين .. ونبرة الصوت .. رجل هاديء الطباع ، يتحدث

همسا ، يتقرب من الاخرين ولا يتوانى عن اداء ما يكلف به ..

امر غريب لاحظته منذ اليوم الاول، انه يحمل حقيبة دبلوماسية سوداء اللون

قديمة ، يحملها دائما ، حتى في تنقلاته بين الغرف ، او بين منضدة واخرى

وكأنها التصقت بيده اليسرى ، او ربما هي كذلك .. يوما ، طلبه رئيس

المؤسسة في مكتبه ، ذهب مسرعا ونسي حقيبته وعندما عاد كان مضطربا

وقلقا ، يتمتم : لاول مرة منذ سنوات اترك حقيبتي لدقائق .. انها تقاسمني

حتى فراشي وسفرة طعامي ، وحين سألته عن سر حقيبته القديمة ، عاد

الى طبيعته الهادئة ، وبصوت هامس قال :


_ السر داخل الحقيبة .. انها تضم احلامي وذكريات حب قديمة ورائحة مدينة

امضيت فيها طفولتي ونسيت ملامحها ..

حقيبة احلام ..! في هذا الزمن الخرافة..!

ذكريات حب في زمن اللاحب ... رحت احسده ، كيف لا ، وهو يملك حقيبة

احلام ، وانا لست قادرة على الحلم خوفا من احدهم يقف عند عتبة داري،

منذ سنوات، ينفذ مهمة لم يعجز عنها لسنوات ، ايضا : ان يفتح عيني

ويجردني من حلم حاولت ان الملمه في الليلة السابقة... احسد الرجل ،

الذي يحمل احلاما وذكريات حب ورائحة مدينة .. وانا ، انتظرت ان يحبني رجل

مثل قيس لكن دون ان يجن ، وجن الرجال دون حب في المدينة ، اية

مدينة ..؟ وانا التائهة حتى عن حدود نفسي ....!!


سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم الرابع عشر .. الجزء الاخير



رحت اتقرب من الرجل الخمسيني لهدف واحد : لن اتمكن من فتح حقيبته

دون ان يشعر واخذ منها حلما او بعض حلم لاخبئه في درج مكتبي انتصر به

على ذلك الرجل الواقف عند عتبة داري .. شعر الخمسيني بمحاولاتي

التقرب منه وبدا فرحا.. ربما اضاف الى حقيبته حلما جديدا .. وعلى الرغم

من فرحه كانت يده اليسرى لا تغادر الحقيبة .. يخاف ان

يكتشف الاخرون سر حقيبته .. لا يريدهم ان يعرفوا من يكون .. يتحدث

همسا ويفرح ليداري حزنه العميق ، اراقب الحقيبة .. ان اصابع يده اليسرى

اكثر ضعفا من اصابع يده اليمنى .. ان حقيبته ثقيلة ..!


بعد اسابيع بدأ الرجل يشيخ بسرعة ، اصبح يعجز عن اداء واجباته ، ويقف

لحظات حين يسير ، واصفر وجهه ، وكأنه يخاف احدا ما او امرا ما .. واخبره

الطبيب بأن قلبه لن يحتمل اي جهد .. قلت مع نفسي :


_ الى اين يذهب الرجل بحقيبته مخافة مصادرتها ، لقد تنقل كثيرا ، وصرت

الان ابحث له عن مدينة لم يصل اليها زمني ..

زمن الخرافة .. يسقط الخمسيني ، لونه مزرق .. لم يكن بحاجة لمساعدتي

بعد سقوطه ، فهدوء قسماته وذهاب الحزن من عينيه تأكيدات موت .. حزنت

للحظات ، وما ان رأيت الحقيبة تفارق يده اليسرى .. قلت لنفسي حان

الوقت كي اخذها .. هاهي الاحلام وذكريات حب ورائحة مدينة تصبح ملكا

لي .. اهيء درج مكتبي .. افتح الحقيبة .. ولا شيء سوى الفراغ..!!!

انه زمن الخرافة ..!!


سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم الخامس عشر ..

قالت المرأة :

_ حكايتي معك ، لم تبدأ بعد كي تقول لي انتهينا .. ! الم تقل لي يوما

ايتها الجميلة ..؟ ترى هل هرب الجمال مني ..واصبحت ايلة الى

الزوال.. ؟

يصمت .. صمته يعلن انتهاء الرحلة . والمحطات الكثيرة التي توقف

فيها يوما توشك على نهايتها .. منذ زمن قرر ان يعيش بلا قلب .. لكنه

لم يستطع ان يمنع الحب من غزوه والاستفراد به ..


* قلتها لك مرارا .. انا لست انا .. رحيل لا يستطيع المكوث في مكان ..

تتناوبه الامكنة كلما هم بالاستقرار .. لاتحاولي معي ، فقبلك كثيرون

حاولوا ولم يجدهم نفعا..! الحب ضعف وانا لا اريد ان اكون ضعيفا

فتنهشني الضباع ..!


تفيق على صوته مبتعدا ..



* اياك ان تتبعيني ..!



لاتنفك تتساءل : اتراه مازال حيا .. ترى هل عاد يوما ومعه قلب

ينبض .. ! تشعر بدفء يعلو وجهها ، دموع ابدا لا تتوقف .. تقودها

الخطى الى شجرة الصفصاف القابعة في ركن الشارع الذي التقته فيه

اول مرة..


يجلس القرفصاء وبيده حجارة مسننة .. يكتب احرفا وكلمات في

اسفل جذع الصفصاف .. ثم يعود ويمسك باوراق الشجر يعدها حسب

الحروف ويضعها في كيس من النايلون .. ثم يغادر المكان .. فتنها من

النظرة الاولى .. واستثار فضولها فحاولت ان تقترب منه ، لكنه كان

قد رحل .. حاولت قراءة الكلمات لم تفهم لها معنى كلمات متفرقة ..

الجنون .. الوهم ..حب مسحوق بالفقر .. رحيل .. ومحطات ..!!!


في اليوم الثاني عادت الى نفس المكان لكنه لم يكن موجودا ..

سوى وريقات الشجر تتساقط على الارض .. اسبوع .. شهر .. عام

يمر وهي تنتظر شيء ما في داخلها اعطاها القدرة على الصبر..

والانتظار..


تدخل الشارع تذهب الى الشجرة تنظر لاشيء جديد سوى كلمة

واحدة ..انتهينا ..!!

حين التقته بعد عام كان ضعيفا مصفرا متألما .. غزا الشيب شعره

الاسود والهالات السوداء ، كانت ترسم تحت عينيه خطوطا تعلن

انتصار الزمن .. يجلس ذات الجلسة ويكتب ذات الكلمات .. اقتربت

منه .. حاولت ان تتكلم .. لم تسعفها الكلمات .. احس بوجودها وقال:


*انت كائن جميل . انت وهم كنت انتظر ان المسه يوما .. اخاف ان

يكون حقيقة ... لا تقتربي اكثر فانا ممسوس بالرحيل.. فجأة

اختفى ..وكأنما سلبته الريح العاتية جسده فلم يتبق منه غير بضعة

كلمات على الشجرة :


* هاهو الوهم يقترب مني ... انا مسوس بالرحيل .. والصمت ..!


وتمر الاعوام وفي كل مرة تجده مختلفا .. يكاد وجوده ككائن حي

يضمر .. ينتهي ..

اخيرا وصلت الى الشجرة .. لم تجدها هناك .. فقد قرر مسؤول الحي

ازالتها لانها تعيق الطريق ..!


في صباح اليوم التالي وصلتها رسالة وكيس من النايلون ملفوف

بقطعة قماش معطرة .. تفتح الرسالة.. تقرأ انتهينا .. ارتحت الان ..

تركت الوهم وامسكت بالحقيقة ... الموت .. احتفظي بوهمي لديك ..

وحاولي البحث عن شجرة الصفصاف التي اقتلعت من جذورها لتردي

اليها الامانة ..!



سلام
 
اليوم ال15

حكايتي معك ، لم تبدأ بعد كي تقول لي انتهينا .. ! الم تقل لي يوما

ايتها الجميلة ..


اعترف اني سابقا دائما كنت اتحدث معها يمكن جنون العقل اواكتمالة
وكانت تعاتبني وتقول الحقيقة التي احاول ان اخفيها عني وعن الناس!!!!


واعترف انك كنتي صادقة تشاهدين وتلمسين الحقيقة



انت كائن جميل . انت وهم كنت انتظر ان المسه يوما .. اخاف ان

يكون حقيقة ... لا تقتربي اكثر فانا ممسوس بالرحيل.. فجأة

اختفى ..وكأنما سلبته الريح العاتية جسده فلم يتبق منه غير بضعة


هل ترك اثر فى حياتك
ام حياتك مجرد اثر في غيابة


تفتح الرسالة.. تقرأ انتهينا .. ارتحت الان ..

تركت الوهم وامسكت بالحقيقة ... الموت .. احتفظي بوهمي لديك


احس بخوف شديد وارتجف

هل افرح لنهاية الوهم
ام ابكي

شكرا ازدهار
حروفك مميزة
واغمض عيوني واحاول ان الحق بالوهم الذي يعيش معي
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
الاخ الكريم الاصبع السادس

مداخلة ممتعة وخيال خصب ..

اشعر انه عندما يكتمل العقل يصبح بينه وبين الجنون شعرة ...!!

لعل وهمي لا يختلف عن وهمك كثيرا لكنه يبقى مجرد وهم..

لو دققت في وجودنا لوجدته وجودا يشوبه الوهم نهايته هي الحقيقة الوحيدة..

وتبقى النقطة الفاصلة .. الموت .. كأس نشربه جميعا شئنا ام ابينا..

مداخلة غاية في الرقي

شكرا لك اخي الكريم

تحياتي

سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم السادس عشر .... الجزء الاول

..لا ادري ماذا افعل معك .. كيف اتعامل مع تغيراتك غير المفهومة .. يمنعني

خوفي من قول الحقيقة لك .. اخافك .. تشكل في روحي رعب الرحيل ..

احاول ان اتلمسك .. احاول ان اقترب اكثر .. تمنحني الامان ، وفجأة تنقلب

وتتغير.. ملامحك تصيبني بالذعر .. تبقى كلماتك تشد اذني .. توجع خاطري ..

اتحسر عليك .. بي رغبة عارمة ان اقول احبك..

حين التقيت بك اول مرة كنت شفيفا .. رقيقا .. رجلا اشعر بالدف والحنان

لمجرد سماع صوته .. كنت تغالب رغبة موشومة بالرحيل الى لامكان .. لم

تحدد لي يوما وجهتك .. لم تخبرني ابدا عمن تكون .. حتى اسمك اظنه ليس

اسمك ..تفاجئني بهمسة حنان كلمة تقلب موازيني كلها .. تغير ملامح

وجهي .. تملأني دفئا غريب .. اصبح مشعة اكثر..

اقف قرب الاكاديمية * المكان الوحيد الذي كنت اراك فيه انت لا غيرك بوجه

واحد لا بعدة وجوه .. تمزح وتلقي بالقفشات .. اترقبك من بعيد اخاف ان

رأيتني تتغير.. وحين تدخل الدرس .. انتظرك في المقهى القريب الذي كنت

توافيني فيه بعد تنهي يومك الدراسي ..

اجلس قي الركن الذي اعتدنا الجلوس فيه .. يأتي النادل ..


+ قهوة .. سيدتي بلا سكر اليس كذلك .. يأتيني بطلبي لانه تعودني وصار

يحفظ ملامحي جيدا.. اخرج علبة سجائري ادخن بشراهة عجيبة .. في زمن

الانتظار الذي اقبع فيه ..


* ايتها المجنونة الصغيرة مالك والتدخين..!


افزع انه صوتك .. نبضات قلبي تتزايد اشعر اني اطير في الحلم بجناحين ..

افقد القدرة على الكلام ..

_ .......


* الم نتفق ان لا تأتي الى هنا قد يراك بعض الاصدقاء .. ماذا اقول لهم من

انت ..؟

نعم من انا .. انه لا يعرف من انا ..ترى هل نسيت هويتي ..؟ الم اعد

اعرفني ..! يجيئني همسه مجددا..


* جميلتي اخاف عليك من العيون .. ان تخترق حبنا وعشقنا اللامتناهي ..لا

تأتي الى هنا مرة اخرى ..دعينا نغير المكان .. فهذا افضل..

نعم هو محق .. يجب ان لا يرانا احد .. فكيف سيعرفني بهم من اكون.. ؟

تصرخ في بواطن روحي طفلة تقبع في الزوايا :


_ قل لهم اني حبيبتك ..قل لهم اني ملهمتك ايها الفنان ..


* نعم .. ولكن..!


ولكن ماذا ..؟

هكذا كان يتلون يتغير يتبدل واصدق انه يحبني...

اعوام تلتها اعوام .. لم اعرف عنه اكثر من هذا .. كنت اكتفي بصوته

الدافيء .. وحنان روحه المتدفق ..


* لدي امر اخبرك به .. بعد اليوم لن نلتقي .. لاني مهاجر الى

البعيد ..دعيني احتضن يديك احتفظ بملمسهما في غربتي .. انه عرض

للدراسة لا يقاوم ..


_ هل سترحل وهل ستتركني هنا ..؟


* لعلي راحل الى البعيد لكني سأحملك في قلبي اشعاعا ينير لي الظلام

عندما يوشك ان يجتاحني..فقط لي رجاء..!


_ اللهفة تسبقني .. لاتأتي الى هنا لاجلي .. اتركي هذا المكان ابتعدي عنه

انه مكان مشبوه .. لا اريد لاحد ان يتعرض اليك ..

نعم انه يخاف علي وعلى مشاعري .. اوافقه واوكد له اني لن آتي الى هنا

عندما يسافر .. يمسك يدي .. يحتضنها ..اشعر بالدفء يتخلل كل مسام

جسدي وروحي .. واغيب في ملكوت حب دافيء عميق ... لا اشعر بأحد ولا

ارى احدا .. لقطة الكاميرة تقف عندما يحتضن يدي ..!!



* اكاديمية الفنون الجميلة في الوزيرية على جانب الرصافة من بغداد .


سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم السادس عشر.. الجزء الاخير

على مدى اربعة اعوام كنت انتظره يوميا في ذلك المقهى القريب من

الاكاديمية .. وفي كل مرة كنت احلم ان يحدثني عن العمر القادم .. عن

البيت .. والاطفال .. لكنه كان يمنحني دفئا وهمسا ينسيني الحلم فلا

اتذكره الا بعد ان نغادر كلانا كل الى طريقه .. ولم اكتشف ان طرقنا

متقاطعة الا بعد ان ودعني وسافر قائلا :

* حين اعود سيكون معي بيتنا الصغير .. ملكنا وحدنا ..

ورحت احلم ... ونفذت وعدي على مدى ثلاثة شهور لم ادخل المقهى الذي

كان مرتع الحب ومرابع نموه ..

اليوم احسست ان بي رغبة قوية للذهاب هناك . اشتقت للمكان .. ولهمس

صوته .. ودفء ملمس يديه ... اشتقت للقهوة المرة التي يؤتيني بها النادل

قبل ان اطلبها انا .. لقد وعدته بعدم الذهاب .. ولكني اشتقت لمكاني معه

لملتقى الايام الماضية سأذهب فمن سيخبره بذهابي الى المقهى لا

يعرفني احد من رفاقه ..

اخترت ثوبا كان يحبه .. ورحت اتجمل كأني سألقاه .. وضعت العطر الذي

يشبه همسه الرقيق .. وخرجت الى الشارع ..

لم انتبه الى ان الوقت كان الموعد الذي يغادر فيه الاكاديمية ويأتيني

مسرعا .. ركبت الحافلة وفي ذهني ارسم خيالات من الماضي الجميل

واتذكر .._ وهل نسيت يوما ..!

عندما وصلت الى الاكاديمية شعرت بانقباض ورعب .. لا اعرف لهما سببا ..

وعزوت ذلك الى اني اخلفت وعدي وهممت بالرجوع .. لكن قدمي ساقتني

دون ان اشعر الى المقهى .. وعند الباب تسمرت قدماي كانا يجلسان في

ركننا المنزوي .. ذات الجلسة ..وتلك الهمسات اعرفها .. انه هو ..! يالهي

اعتقد اني سأفقد الوعي .. احاول ان اتماسك .. ابتعد قليلا عن الباب دموع

ساخنة تحرق وجهي واسير على غير هدى .. اشعر بيد تمسك كتفي .. انه النادل .. فقد رآني اذا ..!


· سيدتي كنت انوي اخبارك منذ سنوات لكني لم اجرؤ..

_ ....................

· لست الاولى ولن تكون تلك السيدة التي تجلس هناك في زاوية المقهى الاخيرة..

_...........

فقط كانت دموعي تنهمر بغزارة .. تبكي زمنا مضى كذبا .. تبكي دفئا وهمسا

بات وقعه غريب على اذني .. صوت يصرخ ..سيدتي انتبهي .. الحافلة كانت

اسرع من الصوت ..

لم يتبق سوى سؤال يمزق السكون .. لماذا انا ..؟


سلام
 
ازدهار العزيزة

صباح الخير

0
0
0
0
0
النص يستحق القرأة اكثر من مرة( وهذا مافعلته)
ابدي اعجابي بالنص
0
0
0

ولي عوده ان شاءالله
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم السابع عشر..

تهتز عربات القطار المليئة بالركاب .. لاتدري سر الازدخام هذه المرة .. وقد

اعتادت ان تقضي الوقت منفردة في احدى غرفات العربة .. لاول مرة تقرر ان

تخرج الى الناس تسمع حكاياتهم ..تتناغم مع ضوضائهم اللامنتهية .. شيء

ما جعلها تشعر بالخوف ربما هوذلك الشاب الذي ما انفك يطالعها بعينين

حمراوين من شدة السهر ربما ..او لعله كان يتعاطى شيئا مسكرا .. للحظة

شعرت بالهلع .. وخافت من تلك المطاردة الصامتة .. وراحت تتخيل .. المكان

وقد خلا الا منهما ...هاهو يقبل نحوها .. تخاف .. تتراجع يمسك بها وبعنف

يحاول ان .... ! تفيق مرعوبة على صوت بائع السميط .. اه .. كان حلما اذا ياله

من كابوس مرعب ..!

تخرج الى الممر تحاول ان تستنشق بعض هواء نقي .. تفتح النافذة .. هواء

خريفي عذب .. يخبرها مفتش القطار ان فتح النافذة ممنوع .. : اغلقي

النافذة لو سمحت فقد تتسببين في كارثة..! تهلع .. ماذا اية كارثة .. انها فقط

محاولة لاستنشاق الهواء ..!


* سيدتي حدث منذ وقت قصير امر غاية في الوحشية..!


ينتابها فضول اعمى .. تريد ان تعرف الحكاية ..


_ هل تستطيع ان تخبرني ما الامر .. ماذا حدث ... وعن اي كارثة تتحدث ..!


* عندما انهي جولتي ساعود واخبرك الحكاية اما الان فارجوك اغلقي النافذة

وعودي الى عربتك .. اخاف عليك من ذئاب القطار..

ذئاب القطار .. ومن هم ذئاب القطار .. لاحت امامها صورة الشاب الذي ما

انفكت عيناه الحمراوين تطاردها .. شعرت بالخوف .. وهمست لنفسها ..

سأحاول ان انام لعل الوقت يصبح اقصر.. كم هو طويل ليل الوحدة هذا ..

استسلمت لنوم عميق .. وخيالات مختلفة تتداعى امامها .. طفلتها

الصغيرة ..

* سأبقى عند جدتي وسأنتظرك ماما لا تتأخري .. ولاتنسي ذكرى ميلادي ..

اريد عروسة بثوب ابيض .. تقبلها وتبتعد .. يتناهى صوت يهمس بحب اليها ..

لا تتأخري حبيبتي سنكون جميعا بانتظارك .. الحفلة تبدأ في الثامنة لا

تنسي حبيبتي....!! خيالات تتداعى .. عينان حمروان تنظران اليها

بشراسة .. انه هو الشاب نفسه يحاول الامساك بها ترتعب تصرخ .. تخرج من

فمها صرخة صامتة .. تصحو من نومها مذعورة يا الهي ما هذا .. تنظر نحو

الشباك تحتاج الى هواء نقي لكن المفتش منعها من فتح النافذة .. كم هو

الوقت طويل ..

* سيدتي ها انذا انهيت جولتي متعب العمل في وقت المواسم

والازدحامات ..

انها تعرف هذا الصوت نعم هو المفتش .. تشعر بهدوء واطمئنان .. شيء من

الامان يتسلل اليها ..

_ وعدتني ان تحكي لي قصة النافذة ..!

* اه .. نعم .. لقد حدثت قبل عام تقريبا .. كانت هناك فتاة تجلس وحيدة ..

مرتبكة لعلها تخاف من مطاردة احدهم انت تعلمين ان القطار يحمل مختلف

الاجناس البشرية..

توميء برأسها موافقة.. ويكمل الرجل :


* فجأة فتحت النافذة وهي تصرخ ابعدوها عني عيناه حمراوان تكاد

تخترقني .. في تلك اللحظة لم نفهم ما تريد .. كنت احاول فقط ان امنعها من

الخروج عبر النافذة حاولت تهدئتها لكنها قفزت فجأة .. نعم كان القطار

مسرعا .. ومنذ تلك الحادثة منعنا فتح النوافذ اثناء سير القطار بسرعته

القصوى..

سرحت ماذا يعني عيناه حمراوان .. لم تكد تسمع هذه الجملة حتى اصابها

رعب رهيب.. استأذنها الرجل .. تركها تحاور مئات التساؤلات في ذهنها..

شعرت انها ستختنق ان لم تفتح النافذة .. ثم ان الحادثة وقعت منذ عام ..

لن يضر ان تفتحها قليلا ..

راحت تستنشق الهواء العذب مرة اخرى .. لم يبق على الوصول سوى

ساعتين .. تفاجئها يدين قويتين تمسك بها ..تجفل ..تحاول الصراخ صوتها

يختفي مع صوت عجلات القطار ..انه هو ..


_ يا الهي .. ماذا تريد لماذا تمسك بي هكذا من انت دعني وشأني ...تصرخ

لا احد يسمع استغاثتها .. تشعر انها تخرج عبر النافذة .. تتوسل .. ترجو ..

تتعلق بأمل ان يتركها .. ولكن..!

صدى صوتها وحده يضج في الاجواء .. !!!!

يصرخ المفتش : يا الهي منعتها .. يالتعاسة النساء ... كانت تبدو لي غاية

في العقل والرقة مسكينة انتحرت..


يصل القطار اخر محطاته ... ينزل الركاب .. رجل وطفلة صغيرة بانتظار امرأة

وعدت ان تصل في الموعد لكتها لم تأت...!



سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم الثامن عشر ..


*قال لها وهو يقبل وجنتيها المتوردتين :


تذكري .. حين تغيب الشمس .. ان تشعلي البخور في ارجاء المكان .. لعلي

اعود .. وان تأخرت في العودة ..اغلقي النوافذ جيدا .. واسدلي الستائر

بدقة .. كي لا يتعرض اليك الهواء بسوء..

تمسح دمعتين هطلتا مجبرتين وقالت:


_اقسم لي انك ستعود .. وانك لن تتركني اعبث وحدي ..!


بابتسامة رائقة قبلها وغادر المكان..


منذ ذلك الحين وهي تشعل البخور كل مساء وتنتظر .. لكنه لا يأتي ..

فللغياب اعذار وحجج ..!



في حجرتها القديمة جهاز تسجيل قديم من عمر الزمن الماضي ورثته عن

جدتها التي قالت لها يوما :

*بنيتي الاغنيات فيه مسجلة بصوت كنت اهواه ومازلت حافظي عليه

واحفظيه ان تعبث به الايدي الماكرة .. تبتسم بجذالة وجمال .. تحتفظ

بالجهاز الذي بقي صامتا منذ ان غادرته الجدة الى عالمها اللامنتناهي ..!!


:_قلت لك مرارا ان الحب ليس مجرد كلمات تبذلها امامي .. ليس مجرد

حكايات تبدأ منتصف الليل وتنتهي عند الفجر .. الحب يعني ان تحتوي كل

جنوني وشجوني و ضياعي .. لكنك لم تفهم .. رحلت دون ان تودعني .. كنت

غاضبا وتصورت اني لا احبك ..!!


كان مقررا له ان يعود في الليلة القابلة لحديثهما لكنه ما كاد يصل حتى

سمع دويا صاعقا ولم ير سوى روحه المعلقة في السماء .. وصعب عليه انها

لم تبك يوما لانها بانتظار ان يعود..!


بعد رحيل الجدة قررت ان تفتح الجهاز .. وانتظرت ان تستمع الى اغنياتها

المحببة .. لكن صوتها خرج من الجهاز مودعا فهي لا تستطيع البقاء في

عالمها اللامنتهي بلا صوت ... لذا بقي الجهاز صامتا ابدا..!!


:_ مازلت انتظرك على الرغم من عدم فهمك لدوافعي .. لعل هناك بقية من

زمن تسمح لي بايصال حبي الجنوني اليك دون ان تمسه بعبث ...!!



سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم التاسع عشر .. الجزء الاول

الايام العصيبة ثقيلة ومترعة بالملل .. هوس الانتظار وشقاؤه جعلا مني كائنا

بلا جدوى ...ممنوع ان تأكل الحلوى .. ! لابد لك من اكل الحلوى .. !! الحركة

تنعش جسدك حاولي ان تكوني اكثر مرونة ..!! قلبك لا يحتمل اي مجهود

احذري من الحركة ..!! كائن غريب ينهش احشائي من الداخل .. يتغذى على

روحي ودمي .. اشعر به ملتصقا بجدار اوردتي .. احيانا اشتاق لاراه ..!! انه

جسم طفيلي اياك والعبث معه .. لا تحاولوا اخذ عينة منه فهو يتكاثر ببطء

طالما ابتعدتم عنه ..!! لا استطيع فعل شيء .. جربت كل ما اعرف وما تعلمته

في كلية الطب .. يا الهي هناك امل دائما هناك امل عليك ان تجري تلك

العملية الجراحية والا سيحدث ما لا يحمد عقباه ..


* كم هي نسبة نجاح العملية ..؟


_ فقط 1 % ..؟


* ماذا انها نسبة كالصفر المئوي لا تشجع لا تعطي اي امل ..!!


اقول:

سأجري العملية ال 1 % خير من لا شيء خير من عدم المحاولة ..


_ سيدتي .. انت امرأة شجاعة..

اقول:

بل انا اخاف .. فابنتي ستبقى وحيدة ...!!

يستعد الجميع لاجراء العملية ...!!

انا .. اردد الاغنيات وكأن جسدا غيري سيعمل فيه المشرط .. ابتسم القي

القفشات ..تبدأ الاجراءات .. حقنة وبعدها كمية كبيرة من المخدر .. تستغرق

العملية سبع ساعات .. اشعر بشيء يمزق صدري يمزق احشائي يقطعها

اصرخ من الالم ولكن الوجوه تتكدر حدث خطب ما .. لا تخافوا انا لست خائفة

انا اتألم فقط ..


* اغلق الجرح انتهت العملية ..!


_ سيدي الطبيب هل نجحت العملية..؟ هل امي بخير..


* امرأة شجاعة كانت تقاوم بضراوة ..


_ هل ستكون بخير..هل استأصلتم ذلك الكائن الخبيث الذي يعيث بجسدها

فسادا ..


* نعم .. ولكن ..!

_ ولكن ماذا ايها الطبيب ...؟


* نأمل ان لا يعود مجددا .. ستكون الايام المقبلة حرجة جدا.. لا تقلق هي

بخير امرأة شجاعة جدا..


اقول : اذا انا الان بخير .. وما تأتي به الايام مازال بعيدا ...!



سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم التاسع عشر .. الجزء الثاني

اشعر اني ولدت من جديد .. لا اثر لالم .. لا اثر لمرض .. الحياة مشرقة

وشمس لا تغيب .. احاول ان اترك السرير .. تعيقني اشياء لا اعرف ماهي

تنبض بين احشائي تمنعني من الحركة.. تؤلمني كثيرا لكنه الم استطيع

احتماله .. الم ينته الالم بعد..!!!


* امي .. حاولي ان تتحركي ببطء كي لا تفسدي عمل الطبيب ..!! جراح

ماهر..


اقول ::


اجل قطعني نصفين واعادني مرة اخرى ..ابتسامة تلوح في وجهي المتعب ..


* نحمد الله على كل حال ..


اقول :


ومن غير الله يقف معنا يا بني ..


مرت اربعة شهور ولا احلى .. اليوم نحتفل بميلاد صغيرتي .. اشعر بتعب ..

لن اخبرهم سيقلقون .. يمتلأ البيت بالاقرباء والاصدقاء .. ابحث في الوجه

عن ابتسامة خجولة اعرفها .. لم تكن هنا لكنها كانت معي كل يوم تزورني

في المستشفى .. ااااااااه الم شديد .. قلبي ينبض بعنف طرقات تكاد تخرج

من صدري .. بدأ العرق يتصبب مني .. المح شبحا عند الباب اذهب

لافتح ...!!!

لا اذكر شيئا مما حدث .. اغماءة بسيطة لا تقلقوا ولكن علينا اجراء فحوصات

جديدة ..

ماذا يعني ..؟ لماذا لااذكر شيئا اتذكر اني كنت عند الباب ..

متى جئت غرفتي ولماذا انا على سريري ...؟

اللعنة هي نفس الاعراض .. !!

انه هو الكائن اللعين افاق من غفوته مجددا .. الم يفصلوه عني ...؟


اقول :

ايها الطبيب الم تخرجه بيدك من احشائي فكيف عاد اذا .. انه يؤلمني بشدة

يمزقني .. يا الهي ..


* غدا نعود الى المستشفى لنتأكد كوني واثقة اننا نفعل ما نقدر عليه ..!

اقول :


اثق تماما انه قدري وانها ارادة الله .. ولن تستطيعوا ان تفعلوا الا ما يشاء الله

اثق تماما .. اتق تماما ..!!

كل زاوية او ركن في هذه المستشفى اعرفه .. احفظه عن ظهر قلب ..


_ امي .. انه يقول .. ان المرض قد عاد عنيفا جدا هذه المرة ..!

دموع ولدي السخية توجعني ..ابتسم وسط الدموع وأسأل هل من الممكن

اجراء تداخل جراحي اخر .. ؟

_ نعم وليست هناك نسبة للنجاح ..

اقول:

مادامت العملية ممكنة ..اذا هناك امل ..! سأجريها الان وليس غدا..!!


الطبيب يقف مشدوها .. محتارا


* سيدتي قد لا تنجح العملية ..قد تموتين .. قد ..!

اقول :


لنقم بها فهما خياران لا ثالث لهما .. حياة او موت .. هل لديك ثالث ..

يسكت الطبيب .. وتبدأ مرحلة اخرى .. عملية جراحية اخرى .. سيفصلني

قسمين .. لكنه سيعيدني كما كنت .. ان الكائن اللئيم لا يخرج وحده بل

يأخذ قطعا مني معه .. لا بأس .. سأعيش .. من اجلها ..!



سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم التاسع عشر ... الجزء الاخير

ويستمر المسلسل ..التعذيب .. واستئصال الاعضاء ..ولا جدوى .. اشعر بأني

اذوي مثل شمعة .. احارب عدوا خفيا يسكن في احشائي ..كائن لااعرف من

اين اتى واستقر هنا داخلي .. لم يعد لدي ما استطيع به المتابعة .. وهل

تجدي ..! لافائدة ترتجى ..!! ولكن لا يأس مع الحياة ...

فجأة يأتي الحل من السماء ..


* امي يقول الطبيب ان هناك اجراء وحيد .. عملية استئصال وزرع .. اخر

تداخل جراحي .. ! ستتحسن حالتك امي .. ستكونين بخير..

اقول :

انا بخير لا داعي للقلق .. !

الطبيب:


_ ليس هناك امكانية لاجراء العملية هنا .. هي فقط في الغرب الامريكي .. !


ماذا تقول .. ؟ كيف لنا ان نصل هناك ..!!! يستطرد مضيفا:


_ الامل ضعيف في تقبل انسجة الجسم لزرع جديد ..كما انها مكلفة للغاية..


اسقط في يدي .. ماذا افعل ..؟

اجمع اوراقي تقاريري كلها .. الجأ الى المنظمات الانسانية .. البلد في حالة

انهيار تام .. وانا ابحث عن امل وسط الركام .. وتمر الايام الالم يزداد وحشية ..

ولا رد .. تنتكس حالتي الصحية .. افقد مقاومتي للحصار ..وافقد القدرة على

الاستمرار ..

بارقة امل تلمع في الاجواء .. واخيرا هناك من قرر احتوائي لاجراء اخر تداخل

جراحي بنسبة 5 بالمائة..!

حين تأتي الموافقة .. يعلن الطبيب عدم امكانية اجراء اي تداخل

جراحي ..القلب ضعيف لا يحتمل ..الكائن الخبيث لم يعد ساكنا في مكانه

لقد امتد الى اماكن اخرى.. ..

اذا لافائدة .. ماذا ننتظر .. والالم العضال لا ينتهي .. انها مشيئة الله.. قدر الله

وماشاء فعل ..

هنا تنتهي حكاية اليوم التاسع عشر .. ولكن مازال في الايام بقية...قد

تأتي ..!!!!



سلام
 
الاستاذة ازدهار

اسف ع التأخير


السموحه



اليوم ال17

موت بكل اشكاله


اليوم ال18

حدوته خاصهتحكي عن قلب ومشاعر و0000
وحكاية قلب انكسر او( مكسور) بــــــ الانتظار


اليوم الـــ 19

تتكلم عن حالة عايشتها سواء كانت حقيقة او من نسج الخيال
مغامرة الحياة والموت
ترى ابنتها دائما وحياتها معها وبعدها

هل هناك حياه بعد الموت تنظر حبيبتها بقلبها وعقلها
واشلون تقدر تشق طريقها بعدها

يقين يقابله حنين لها بالعوده اليها من الموت
نص شخصي جدا جدا
يجعل الدموع ....

آآآه

غربة الروح فى الحياة
ورغبة العيش من اجل
طفله!!!

النص يجعلني
اعترف
الحياة تختلف عن الواقع اللي
نعيشه


ازعاج بــ
هالجملة
رغم وضوحهاااا

هنا تنتهي حكاية اليوم التاسع عشر .. ولكن مازال في الايام بقية...قد


تأتي ..!!!!

 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
الاخ الكريم الاصبع السادس

شكرا لمرورك الطيب ومتابعتك المتصلة منذ اليوم الاول

واظن ان اليوميات هنا ستتوقف ..

ولا حاجة لاستنزاف ما تبقى في الروح من رغبة في الكتابة

مشاعر كافكا التي تلبست النصوص خلقت جوا من الكأبة والحزن

فوق ما تحتمل الروح .. عذرا لك وشكرا لمحاولاتك التخفيف

ورسم اللوحة بمنظار ملون بالالوان الفاتحة

تحياتي لك

سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم العشرون... الجزء الاول

تعجبني رؤية العصافير .. بل تدهشني تلك الكائنات الرمادية الصغيرة .. الرقيقة والهشة .. بكل

تفاصيلها .. استطيع ان اؤكد وبكل رصانة .. .. انها السبب الوحيد الذي يبعث في داخلي شعورا

بالتفاؤل ازاء هذه الحياة الخشنة .. اتساءل احيانا : هل غير هذه العصافير في هذه البقعة من الرعب

والموت والدمار تستطيع من خلالها ان تنفذ الى براءة طالما انكرتها.. وحنان طالما افتقدته ..

قد يكون ذلك الشعور اوضح ما ورثته من طفولتي المنسية التي اضعتها تماما بين تراكمات الزمن

الرديء .. حين توصلت الى شعور بعيد كل البعد من ان السماء التي ليس فيها عصافير ليس فيها

ملائكة ..

افقت على هالة من النجوم المضيئة والطائرة هنا وهناك .. ازاء عيني ، وحول مخيلة متعبة .. وفي كل

زاوية وسماء .. نجوم رمادية رائعة في نهار مكتظ .. يا لذلك المشهد الرائع .. كأنني بحاجة الى ان

اعيش هذا العالم ولو للحظات تتلبسني تلك الروح الشاعرة الهائمة .. فمثل هذه اللحظات تستطيع ان

تبدل مسيرة حياة بكاملها .. حكمة الهية ولا ريب ..!!


سلام
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
اليوم العشرون .. الجزء الاخير

قلت اني احب العصافير .. هي عالم اخر من العوالم التي تحيا معنا .. يقولون

انها خالدة لانها شربت من ماء الحياة فهي لا تموت الا بالقتل ..هكذا يقال

والعهدة على من قال .. فاجأني اليوم سرب من العصافير وهو يحوم حول

نخلة في حديقتي .. ومع مراقبتي الشديدة لم افهم سر صياحها

المتواصل .. فجأة سقط من العش عصفور مازال الزغب يغطيه .. كان خائفا

مرعوبا .. فهمت الان .. انهم يطالبونه بالطيران وهو مازال خائفا حد الهلع ..

اعجبتني الفكرة .. لسنا وحدنا بني الانسان من نخاف من المجازفة او

المغامرة .. قررت ان اعيده الى العش ..لكني لم استطع فالنخلة طويلة

والعش بعيد .. ماذا افعل ...؟

العصافير حولي تزداد صياحا شعرته نواحا .. قلت :


_ اريد معاونتكم كي اعيده الى العش .. !!


الصياح يتكاثر والعصفور الصغير يبدو مستسلما للقدر ..

قررت ان آتي بالسلم واحاول اعادته الى العش ..

بجهد خرافي اعدته لعشه .. لكن العصافير لم تهدأ وملامح الخوف مازالت

تكبر وتكبر حتى بدا لي العصفور الصغير شيخا عجوزا .. جئت له بالماء والحب

وسط ضوضاء العصافير الرمادية .. لم يشرب بل كان ينظر الي بنظرات فيها

عتب .. !!

اصوات تناديني .. اترك العصفور مكانه واذهب .. العصافير تزداد نواحا وصراخا ..

يا الهي ماذا حدث ..؟ لماذا يتساقط زغب العصفور الصغير .. لعله يكبر الان ..!!

عدت لارى ماذا يحصل ..!

مفاجأة مذهلة .. ثعبان داخل النخلة انهى وجبته توا .. واكل العصفور

الصغير ..!!! الغريب في الامر ان العصافير سكتت ولم يعد هناك صوت ..

واخذت تغادر المكان ..

شعرت اني في قمة الغباء ..اذ لم افهم ان الحاحهم عليه بالطيران كان

محاولة لانقاذه من الثعبان .. وان صراخهم المتواصل كان علي انا كي لا

اعيده الى العش ..! شعرت بالم يجتاحني .. فانا اتباهى بكوني اعقل

المخلوقات على وجه البسيطة ولم افهم معاناة كائن بسيط جميل .. ومع

هذا يملأني الزهو والفخر انني انسان .. !!


سلام
 
أعلى