حقيقة الالتزام

السليطي

عضو مخضرم
حقيقة الالتزام لمن كان له قلب ... إبراهيم بوصندل



bosandal.jpg



نسمع ونكرر كثيراً ‬عبارات* ''‬ملتزم. ‬الالتزام*.. ‬منذ أن التزمتُ ‬ونحوها،* ‬فما هو الالتزام؟ وما حقيقته؟ وهل ‬يكون الادعاء به تزكية؟ وكيف* ‬يمكن أن نحكم على شخص ما بأنه ملتزم؟
أذكر في* ‬هذا المقام حادثة وقعت لما كنت موظفاً* ‬بأحد البنوك الإسلامية،* ‬وكان لدينا في* ‬الفرع أزمة مواقف سيارات،* ‬فكان البعض* ‬يوقف سياراته في* ‬صف ثان خلف السيارات*.‬
في* ‬أحد الأيام سمعنا صوت بوق سيارة،* ‬وكان أمامي* ‬حينها عميل للبنك* ‬يقترب عمره من الستين*. ‬سألته إن كانت سيارته تقف خلف سيارة أحد؟ فأجابني* ‬وقد تمعر وجهه،* ‬وقال بضيق ودون أن* ‬يلتفت*: ‬لا،* ‬ليست سيارتي*. ‬
بعد أن أنجز معاملته،* ‬وقبل أن* ‬ينصرف قال لي* ‬وعلى وجهه ابتسامة واثقة*: ‬يا ولدي* ‬أنا أمارس السياقة منذ أكثر من ثلاثين سنة،* ‬لم أقف خلالها مرة واحدة بشكل خاطئ،* ‬ولم أتخطى خلالها إشارة حمراء،* ‬ولم أتجاوز الحد المسموح به للسرعة قط*.. ‬وأخذ* ‬يعدد مناقبه ثم ختم قائلاً*: ‬السياقة* ‬يا ولدي* ‬ذوق والتزام*.‬
بعدها بأيام عدة تكررت المشكلة مع عميل عليه علامات الالتزام الظاهرية،* ‬أوقف سيارته خلف السيارات،* ‬وذهب مباشرة إلى حجرة مدير الفرع ولم* ‬يقف في* ‬الطابور*! ‬ولما أرادت سيارة أن تخرج،* ‬صاح متذمراً* ‬وهو* ‬يشرب الشاي*: ‬طيب طيب*.. ‬دعه* ‬ينتظر قليلاً*!! ‬وكنت قد قررت عدم تمرير معاملته قبل* ‬غيره ونظرت إلى آخر الطابور واعتبرته واقفاً* ‬في* ‬الطابور وأصررت على ذلك،* ‬مما أزعج مدير الفرع*.‬
بسرعة شديدة قارنت بين الموقفين وسألت نفسي*: ‬ترى من هو الملتزم فيهما*! ‬
لا أوافق الذين* ‬يستصغرون أي* ‬أمر من أمور الإسلام؛ وأرفض مصطلحات مثل* ''‬شكليات*'' ‬أو* ''‬قشور*''‬،* ‬فعلى المسلم تعظيم كل شعائر الله عز وجل مع مراعاة الأولويات،* ‬ولكني* ‬لا أحصر الالتزام في* ‬العقائد أو المظاهر،* ‬بل أعتقد جازماً* ‬بأن الالتزام هو سلوك ومنهج حياة* ‬يبدأ من الالتزام بالتوحيد والدين والعبادات والمعاملات،* ‬ولكنه لا* ‬يقف عندها،* ‬وإنما* ‬يمتد ليشمل كل مناحي* ‬الحياة*.‬
ويرتكب الناس في* ‬هذا محذورين اثنين،* ‬المحذور الأول هو الإعراض عن السنة والتساهل في* ‬التمسك بها واعتبارها هامشية*. ‬والثاني* ‬هو التمسك بالسنة* ''‬على* ‬غير بصيرة ودون فقه لها واهتداء بهديها في* ‬التطبيق السلوكي*'' (‬راجع كتاب دعوة إلى السنة في* ‬تطبيق السنة لعبدالله الرحيلي*)‬
يقول النبي* ‬صلى الله عليه وسلم*: ''‬من لم* ‬يدع قول الزور والعمل به؛ فليس لله حاجة في* ‬أن* ‬يدع طعامه وشرابه*''. ‬وذلك لأنه لم* ‬ينل ثمرة الصوم وغايته كما قال الله عز وجل*: ''‬لعلكم تتقون*''. ‬إذاً* ‬الجوع والعطش في* ‬الصيام* ''‬التزام*'' ‬ظاهري* ‬وجزئي،* ‬بينما الالتزام الحقيقي* ‬وهو تقوى الله عز وجل والصيام عن كل فعل محرم*.‬
يقول شيخ الدعاة ودرتهم في* ‬زمانه الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى في* ‬كتابه* ''‬الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة*'': ''‬لأن دين الله عز وجل شامل* ‬يشمل مصالح العباد في* ‬المعاش والمعاد،* ‬ويشمل كل ما* ‬يحتاج إليه الناس في* ‬أمر دينهم ودنياهم*''.‬
الالتزام الحقيقي* ‬يبدأ من توحيد الله تعالى،* ‬واتباع النبي* ‬صلى الله عليه وآله وسلم،* ‬وتزكية النفس،* ‬كما أن الخلق الحسن التزام وكذا رعاية الوالدين وتربية الأبناء تربية صحيحة،* ‬وغيرها من أمور الإسلام،* ‬ولا* ‬يقف عندها بل* ‬يمتد إلى حب الوطن،* ‬التقيد بالقوانين،* ‬أداء الواجبات الوظيفية على أكمل وجه،* ‬الاقتصاد في* ‬الطعام واللباس والكهرباء والماء،* ‬مراعاة قوانين وآداب السياقة،* ‬الوقوف في* ‬الطابور،* ‬احترام الآخرين،* ‬ونحو ذلك كله دائر في* ‬فلك الالتزام ومعناه.

...

أقول ..

مقال اعجبني جدا من الاخ الصديق النائب ابراهيم بوصندل وهو يلخص
أصل الالتزام .. بأسلوب جميل ومعبر ومختصر .

نحتاج ان نفهم الالتزام .. ولا يكون الالتزام بالشكل فقط .. وهذة دعوة لتصحيح التزمنا وان يكون الألتزام منهج لحياتنا .
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
السلام عليكم


جزاكم خيرا يا السليطي على نقل هذا المقال , وهو معبر فعلا عن معنى الإستقامة وهو أمر لازم لكل مسلم لقوله تعالى (( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ) ولقوله تعالى (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ))


ولكن الإستقامة تحتاج إلى مكابدة وتعب وصعود حتى يتلمس الإنسان حلاوتها فإذا ذاقها لم يلتفت إلى غيرها من روغان وزوغان من على الطريق المستقيم...


رزقنا الله جميعا الإستقامة في الإعتقاد والقول والفعل...
 
أعلى