حديث القلم
الحكومة الإلكترونية.... يا مجلس الوزراء
مشروع الحكومة الالكترونية أو ما اصطلح عليه في التعريف الحكومي للمشروع إدخال "تكنولوجيا المعلومات في الأعمال الحكومية" كان مشروعا وطنيا رائدا من الطراز الأول ننظر ونتطلع إلى تحقيقه على ارض الواقع في الكويت منذ سنوات طويلة, وكان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد قد أبدى اهتماما واضحا بمشروع الحكومة الالكترونية منذ البدايات الأولى لفكرة المشروع في عام 1994. ولكن يا للأسف -كحال المشاريع الأخرى المعلقة- الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وحتى السياسية مرضت ثم احتضرت ثم ماتت وتم دفنها في الأدراج وأخيرا قرئت عليها سورة الفاتحة بواسطة الوزير المعني. من هنا يبدو جليا أن مشروع الحكومة الالكترونية هو الآخر يحتضر بعد إن اشتد به المرض وقريبا سيوارى الثرى ولكن هذه المرة لن يجدوا من يقرا سورة الفاتحة حيث لا وزير للتخطيط تم تعيينه في مجلس الوزراء المشكل في يوليو 2006 ليتولى رئاسة الجهاز الفني المركزي للمشروع بحسب المرسوم الأميري. الواقع أن مشروع الحكومة الالكترونية في الكويت برمته يحتاج إلى إعادة نظر واقعية وخطط تنفيذية جديدة بل والى ستراتيجيات واضحة ومرسومة بعناية ودقة لتتواكب وتتماشى مع التطورات العالمية التي شهدتها مشاريع الحكومة الالكترونية أو الحكومات الالكترونية في العالم والتي حققت قفزات كبيرة تكنولوجيا ومعرفيا وإداريا بل ووعيا لدى المجتمعات المدركة لأهمية مثل تلك المشاريع المعرفية.
أما نحن في الكويت وبعد أن ثبت بالدليل القاطع والبرهان الساطع فشل كل وزراء التخطيط الذين تعاقبوا على الوزارة من السير بمشروع الحكومة الالكترونية إلى الطريق الآمن أو لنقل بصراحة إلى تحقيق النجاح في المشروع. وبكل شفافية لقد تعثر المشروع كثيرا وما بقي اليوم ليس سوى القليل من ذرات الهواء.
اغلب دول العالم الغنية والفقيرة والميسورة الحال قطعت شوطا طويلا في تحقيق حلم مشروع الحكومة الالكترونية لشعوبها ويسرت الكثير من المعاملات الحكومية على مواطنيها والقاطنين بها وخففت الأعباء الحكومية وأصلحت كثير من قوانينها الإدارية المتعثرة حتى في جوارنا الجغرافي وتحديدا دول مجلس التعاون تقدموا كثيرا وتأخرنا نحن كثيرا.
في ظني أن الجهاز الفني المركزي لمشروع الحكومة الالكترونية يحتاج إلى صيانة شاملة والى تغيير بعض أعضاء الجهاز الفني كحال الجهات الكثيرة في الدولة التي طالها التغيير- ولكن السؤال المهم من يجرؤ على تعليق الجرس؟ أين وزير التخطيط الهمام الذي تناط به هذه المهمة الصعبة, بل ربما المستحيلة او بالكاد المستعصية على الوزراء السابقين؟ وزيرة التخطيط السابقة معصومة المبارك كانت تحضر اجتماعات الثلاثاء المسائية أسبوعا وتعلق الاجتماع أسبوعا آخر نظرا لانشغال جدولها المزدحم في حضور دعوات التخرج للثانويات وجمعيات النفع العام وتوزيع الدروع والهدايا. ولكن للحقيقة والإنصاف يجب أن لا نلومها لان تخصصها علوم سياسية وليس علوم الحاسب الآلي وجزاها الله خيرا في حضور اجتماعات الثلاثاء المسائية التي تناقش ستراتيجيات وخطط و طرق إعادة الهندسة للإجراءات الإدارية والقانونية والبوابة الالكترونية وطرق التصميم البرمجية وغيرها من الأمور التقنية والفنية لمشروع الحكومة الالكترونية "ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه" كما يقول الحديث الشريف. عموما الوزيرة غادرت إلى وزارة المواصلات والله يعينها هناك على فرز وبلورة وتفعيل الكم الهائل من القرارات المعقدة وفك الطلاسم المتشعبة التي أصدرها الوزير السابق إسماعيل الشطي المنظر الفكري لحدس سابقا خلال فترة زمنية قصيرة قضاها في ردهات وزارة المواصلات والتي كانت لمصلحة فئة من الموظفين على حساب فئات أخرى من الموظفين أصحاب الكفاءات والخبرات. ما يخشاه الكثيرون الآن في وزارة التخطيط أو خارجها أن يمسك بزمام مشروع الحكومة الالكترونية الحيوي والستراتيجي لدولة الكويت شخص لا يعرف عن المشروع برمته شيئا ويقوم بإعادة هيكلة الجهاز على أساس حزبي أو ربما على أساس مصلحي. نحن من دعاة التغيير ولكن ليس على أساس مصلحة الحزب أو المصالح الذاتية أو الشخصانية في التغيير. التغيير الايجابي لصالح الكفاءات التكنوقراط والمهنية الكثيرة في الكويت والتي تستطيع أن تخلق النجاح في هذا المشروع الحضاري لدولة الكويت.
بقي في النهاية أن نوصي أخواننا المواطنين والوافدين أن لا يشعروا بالضيق والإحباط وخيبة الامل نتيجة عدم تعيين وزير للتخطيط ليهتم بالمشروع ونقول لهم تفاءلوا بمستقبل الحكومة الالكترونية في الكويت ولو بالحلم في الليل, فالأحلام الليلية -كما يقول علماء النفس- تساعد على تخفيف الضغوط النفسية وتقليل الهموم والمشكلات خصوصا إذا كان الحلم جميلا وورديا, تفاءلوا واحلموا بتطبيق وتنفيذ مشروع الحكومة الالكترونية في الكويت بعد 50 عاما لعيالكم وأحفادكم ان شاء الله وما ذلك على الله ببعيد ولا عزاء للشعب الكويتي.
* أكاديمي وإعلامي كويتي
dr.khalfan@yahoo.com
الدكتور عبدالواحد محمد الخلفان *
----------------
المصدر: السياسة
رغم أن ما كتبه الدكتور عبدالواحد في بداية المقالة كلام سليم و نتفق معه فيه ... إلا أن تحويره المقال إلى تخوف من إعادة هيكلة الجهاز على أساس حزبي يجعل الشخص يعتقد أن مقاله ما كتب إلا إتقاء ً لشر الوزير الجديد (الشطي) وليس خوفا ً من إنهيار أحد المشاريع (الحلم) في الكويت!
الجهاز الفني بأكمله يجب أن ينسف ... و أن يلغى ... لا أن يعاد تشكيله!
مالم تكن هنالك (هيئة) متخصصة مناط بها تطبيق الحكومة الإلكترونية في البلد ... و لديها من الصلاحيات ما يجعلها قادرة على إجبار الوزرات و الهيئات الحكومية على التعاون معها و (التحول) إلى الشكل الذي تريده هذه الهيئة ... و إلا (لا طبنا و لا غدا الشر)!
بالمناسبة الحكومة الإلكترونية بدأت في الكويت قبل الخليج كله .. و الآن هي - كماهو الحال في أغلب مشاريعنا الأخرى - الدولة الأخيرة في تطبيق الحكومة الإلكترونية للأسف في المنطقة!
الحكومة الإلكترونية.... يا مجلس الوزراء
مشروع الحكومة الالكترونية أو ما اصطلح عليه في التعريف الحكومي للمشروع إدخال "تكنولوجيا المعلومات في الأعمال الحكومية" كان مشروعا وطنيا رائدا من الطراز الأول ننظر ونتطلع إلى تحقيقه على ارض الواقع في الكويت منذ سنوات طويلة, وكان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد قد أبدى اهتماما واضحا بمشروع الحكومة الالكترونية منذ البدايات الأولى لفكرة المشروع في عام 1994. ولكن يا للأسف -كحال المشاريع الأخرى المعلقة- الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وحتى السياسية مرضت ثم احتضرت ثم ماتت وتم دفنها في الأدراج وأخيرا قرئت عليها سورة الفاتحة بواسطة الوزير المعني. من هنا يبدو جليا أن مشروع الحكومة الالكترونية هو الآخر يحتضر بعد إن اشتد به المرض وقريبا سيوارى الثرى ولكن هذه المرة لن يجدوا من يقرا سورة الفاتحة حيث لا وزير للتخطيط تم تعيينه في مجلس الوزراء المشكل في يوليو 2006 ليتولى رئاسة الجهاز الفني المركزي للمشروع بحسب المرسوم الأميري. الواقع أن مشروع الحكومة الالكترونية في الكويت برمته يحتاج إلى إعادة نظر واقعية وخطط تنفيذية جديدة بل والى ستراتيجيات واضحة ومرسومة بعناية ودقة لتتواكب وتتماشى مع التطورات العالمية التي شهدتها مشاريع الحكومة الالكترونية أو الحكومات الالكترونية في العالم والتي حققت قفزات كبيرة تكنولوجيا ومعرفيا وإداريا بل ووعيا لدى المجتمعات المدركة لأهمية مثل تلك المشاريع المعرفية.
أما نحن في الكويت وبعد أن ثبت بالدليل القاطع والبرهان الساطع فشل كل وزراء التخطيط الذين تعاقبوا على الوزارة من السير بمشروع الحكومة الالكترونية إلى الطريق الآمن أو لنقل بصراحة إلى تحقيق النجاح في المشروع. وبكل شفافية لقد تعثر المشروع كثيرا وما بقي اليوم ليس سوى القليل من ذرات الهواء.
اغلب دول العالم الغنية والفقيرة والميسورة الحال قطعت شوطا طويلا في تحقيق حلم مشروع الحكومة الالكترونية لشعوبها ويسرت الكثير من المعاملات الحكومية على مواطنيها والقاطنين بها وخففت الأعباء الحكومية وأصلحت كثير من قوانينها الإدارية المتعثرة حتى في جوارنا الجغرافي وتحديدا دول مجلس التعاون تقدموا كثيرا وتأخرنا نحن كثيرا.
في ظني أن الجهاز الفني المركزي لمشروع الحكومة الالكترونية يحتاج إلى صيانة شاملة والى تغيير بعض أعضاء الجهاز الفني كحال الجهات الكثيرة في الدولة التي طالها التغيير- ولكن السؤال المهم من يجرؤ على تعليق الجرس؟ أين وزير التخطيط الهمام الذي تناط به هذه المهمة الصعبة, بل ربما المستحيلة او بالكاد المستعصية على الوزراء السابقين؟ وزيرة التخطيط السابقة معصومة المبارك كانت تحضر اجتماعات الثلاثاء المسائية أسبوعا وتعلق الاجتماع أسبوعا آخر نظرا لانشغال جدولها المزدحم في حضور دعوات التخرج للثانويات وجمعيات النفع العام وتوزيع الدروع والهدايا. ولكن للحقيقة والإنصاف يجب أن لا نلومها لان تخصصها علوم سياسية وليس علوم الحاسب الآلي وجزاها الله خيرا في حضور اجتماعات الثلاثاء المسائية التي تناقش ستراتيجيات وخطط و طرق إعادة الهندسة للإجراءات الإدارية والقانونية والبوابة الالكترونية وطرق التصميم البرمجية وغيرها من الأمور التقنية والفنية لمشروع الحكومة الالكترونية "ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه" كما يقول الحديث الشريف. عموما الوزيرة غادرت إلى وزارة المواصلات والله يعينها هناك على فرز وبلورة وتفعيل الكم الهائل من القرارات المعقدة وفك الطلاسم المتشعبة التي أصدرها الوزير السابق إسماعيل الشطي المنظر الفكري لحدس سابقا خلال فترة زمنية قصيرة قضاها في ردهات وزارة المواصلات والتي كانت لمصلحة فئة من الموظفين على حساب فئات أخرى من الموظفين أصحاب الكفاءات والخبرات. ما يخشاه الكثيرون الآن في وزارة التخطيط أو خارجها أن يمسك بزمام مشروع الحكومة الالكترونية الحيوي والستراتيجي لدولة الكويت شخص لا يعرف عن المشروع برمته شيئا ويقوم بإعادة هيكلة الجهاز على أساس حزبي أو ربما على أساس مصلحي. نحن من دعاة التغيير ولكن ليس على أساس مصلحة الحزب أو المصالح الذاتية أو الشخصانية في التغيير. التغيير الايجابي لصالح الكفاءات التكنوقراط والمهنية الكثيرة في الكويت والتي تستطيع أن تخلق النجاح في هذا المشروع الحضاري لدولة الكويت.
بقي في النهاية أن نوصي أخواننا المواطنين والوافدين أن لا يشعروا بالضيق والإحباط وخيبة الامل نتيجة عدم تعيين وزير للتخطيط ليهتم بالمشروع ونقول لهم تفاءلوا بمستقبل الحكومة الالكترونية في الكويت ولو بالحلم في الليل, فالأحلام الليلية -كما يقول علماء النفس- تساعد على تخفيف الضغوط النفسية وتقليل الهموم والمشكلات خصوصا إذا كان الحلم جميلا وورديا, تفاءلوا واحلموا بتطبيق وتنفيذ مشروع الحكومة الالكترونية في الكويت بعد 50 عاما لعيالكم وأحفادكم ان شاء الله وما ذلك على الله ببعيد ولا عزاء للشعب الكويتي.
* أكاديمي وإعلامي كويتي
dr.khalfan@yahoo.com
الدكتور عبدالواحد محمد الخلفان *
----------------
المصدر: السياسة
رغم أن ما كتبه الدكتور عبدالواحد في بداية المقالة كلام سليم و نتفق معه فيه ... إلا أن تحويره المقال إلى تخوف من إعادة هيكلة الجهاز على أساس حزبي يجعل الشخص يعتقد أن مقاله ما كتب إلا إتقاء ً لشر الوزير الجديد (الشطي) وليس خوفا ً من إنهيار أحد المشاريع (الحلم) في الكويت!
الجهاز الفني بأكمله يجب أن ينسف ... و أن يلغى ... لا أن يعاد تشكيله!
مالم تكن هنالك (هيئة) متخصصة مناط بها تطبيق الحكومة الإلكترونية في البلد ... و لديها من الصلاحيات ما يجعلها قادرة على إجبار الوزرات و الهيئات الحكومية على التعاون معها و (التحول) إلى الشكل الذي تريده هذه الهيئة ... و إلا (لا طبنا و لا غدا الشر)!
بالمناسبة الحكومة الإلكترونية بدأت في الكويت قبل الخليج كله .. و الآن هي - كماهو الحال في أغلب مشاريعنا الأخرى - الدولة الأخيرة في تطبيق الحكومة الإلكترونية للأسف في المنطقة!