لا أدرى لماذا هذه المشاركة لا أراها كاملا ولهذا اضعها مرة اخرى
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم وابتع سنتهم إلى يوم الدين...
ألاحظ دائما في هذا الموضوع بالذات محاولة التهرب من دراسة قصة موسى عليه السلام , ورغم أن محمد حسين قد اجاب باقتضاب عن جزء منها وايضا الموسوي على عجالة إلا أن المسألة لم توف حقها لا سيما وان موسى عليه السلام قد طلب الرؤيا من ربه في الدنيا قبل الاخرة...
وسوف أضع اليوم إن شاء الله تعالى الرد على جميع الشبهات المثارة حول هذا الموضوع بحيث تكون المسألة واضحة كل الوضوح , ولا يكون سؤال بو محمد المجاب عنه مرات ومرات مجرد زيادة في المشاركات بغير فائدة حقيقة...
أولا لا يختلف اثنان أن أعلم الناس بالله تعالى هم الأنبياء وأفضل الأنبياء هم أولي العزم ومنهم موسى عليه السلام , ولذلك نفهم من قصة موسى عليه السلام وطلبه للرؤيا في القرآن الآتي:
1- أن موسى عليه السلام علم بجواز رؤية الله تعالى وأنه يرى , وكان هذا معقولا في عقله وليس مستحيلا كما يدعي البعض , فهذا عقل قد ميزه الله تعالى وفضله وعلمه واصطفاه واختاره من بين الناس جميعا ليحمله أمانة الرسالة بل وكلمه تعالى كما هو معلوم ومعروف , فمعرفة موسى عليه السلام بربه جوزت له في عقله أن يطلب رؤية رب العالمين ولذلك فإن من يتعوذون من رؤية رب العالمين يفعلون ذلك من أدب بارد كيف لا وقد طلبها نبي الله وكليمه موسى عليه السلام وقد أمر الله تعالى نبيه بالتآسي بسيرة هؤلاء الأنبياء ولا سيما أولى العزم على وجه الخصوص فقال تعالى (( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ )).
2- لم يعاتبه رب العالمين على هذا الطلب وهذا الرجاء كما عاتب رب العالمين نوح عليه السلام في طلبه ( إن ابني من أهلي وان وعدك الحق ) فعاتبه رب العالمين على هذا بقوله ( إنه ليس من أهلك ) فكان هذا تصحيحا , ولكن رب العالمين سبحانه ما عاتب موسى على هذا الطلب مما يعلم أنه غير ممنوع عقلا ولا طبعا أن يطلب الإنسان أن يرى ربه الذي عبده ولكنه سبحانه قال له ( لن تراني ) ولم يقل له ( لا أرى ) بل أنت يا موسى لن تراني وهذا يفيد أن موسى لا يقدر على هذه الرؤية في هذه الحالة , ومن هنا علم أن هذا الدليل على أن الله يرى ولكن في الآخرة دون الدنيا.
3- استدل البعض بأن كلمة ( لن تراني ) تفيد الإطلاق بمعنى أنه لا يمكن لأحد أن يراني في الدنيا والآخرى بدعوى أن ( لن ) تفيد التابيد وهذا ليس على اطلاقه , ف ( لن ) لا تفيد التأبيد إلا إذا دلت قرينة على ذلك والقرآن الكريم بيننا وبين من يخالفونا وهو صريح في هذه المسألة فعلى سبيل المثال قال تعالى عن اليهود أنهم لن يتمنوا الموت ( ولن يتمنوه أبدا ) فعلى قول من قال بالتأبيد فإنهم لا يمكن أن يتمنوا الموت في الدنيا ولا الآخرة ولكن الله سبحانه يخبرنا في كتابه أنهم يتمنونه يوم القيامة قال تعالى ( ونادوا يا مالك ليقضي علينا ربك ) فقد تمنوا أن يهلكهم الله تعالى بالموت ليريحهم من عذاب النار وهذا دليل على أن لن لا تفيد التأبيد في الآخرة أيضا...
4- قوله تعالى ( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) هذه الاية لتدل على جواز رؤية رب العالمين فضلا عن الأدلة السابقة , لأنه سبحانه علق الجواز على ثبوت الجبل وما علق على الممكن كان ممكنا , ولهذا تجد قوله تعالى ( فسوف تراني ) ولم يقل سبحانه وتعالى ( لا يمكن أن تراني ) أو ( لا أرى ولو استقر الجبل )...
مما سبق يفهم أن رؤية الله تعالى معقولة عقلا ومثبتة شرعا...
ثانيا قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) , وهذه الاية لا تنفي رؤية رب العالمين وإنما تنفي إدراكنا له سبحانه و وهناك فرق بين الرؤية والإدراك فالإدراك زائد عن الرؤية وفيه إحاطة بالمرئي فالله تعالى يرى ولكنه لا يدرك بالأبصار , والأمثلة على ذلك كثيرة , فالإنسان قد يرى السماء ولكنه لا يدركها برؤيته ولا يصح لقائل أن يستدل بعدم ادراكي واحاطتي بالسماء على عدم رؤيتي لها ولعلنا نزيد في بيان هذه المسألة بالإستدلال من القرآن الكريم , قال تعالى ( فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين ) , والسؤال هنا ما هو الذي نفاه موسى عليه السلام بقوله كلا ؟؟؟
هل نفى رؤية فرعون وجنوده لهم ؟؟؟ بالطبع لا لأن الرؤية ثابتة بقوله ( فلما تراءا )
فالذي نفاه موسى هو الإدراك وهو ظنه أصحابه بقولهم ( إنا لمدركون ) , ومن هنا يعلم أن الرؤيا غير الإدراك ونفي الإدراك لا يستلزم نفي الرؤية , والله تعالى يرى ولكنه لا يدرك كما قال سبحانه ( لا تدركه الأبصار )سبحانه وتعالى جل شأنه.
بل في الحقيقة في هذه الآية هو إثبات للرؤية , لأنه كما ثبت أن الإدراك رؤية وزيادة ولا يكون إلا بعد رؤية , فنفي الإدراك بالرؤيا إثبات للرؤيا دون الإدراك , فلو كان الله سبحانه لا يرى لكان نفي الرؤية بيانا واضحا في نفي الإدراك لأنه بنفيها ينتفي الإدراك ولا عكس , مثال ذلك لو قال إنسان في مجتمع صحيح ان هذه المرأة لم تلد فهذا يفيد أنها تزوجت ولم تلد ولا يفيد أنها لم تتزوج اصلا لأن الولد يكون من زواج , وهكذا يكون المعنى فإن نفي الإدراك الذي هو زيادة إثبات للرؤيا ...
ثالثا قوله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) وهذه آية صريحة وواضحة في المسألة ولكن بعض الناس قد اخرجوها عن معناها إلى معنى باطني وهذا خطأ , فالنظر هنا قد تعدى ب ( إلى ) وهذا يفيد النظر الحقيقي بالإضافة أن أن قوله تعالى ( وجوه ) لقرينة تدل على أن المراد النظر الحقيقي بالأبصار إلى الله سبحانه.
وهذا من القرآن الكريم والسنة داعمة لهذه المسألة وهي ثابتة بحمد الله تعالى ...
فمن هنا يقطع لف ودوران بو محمد المعتاد منه بغير فائدة , فأرجو أن يلتمس ردا علميا صحيحا ويرحم نفسه من هذا الأسلوب المبتذل.
والله أعلى واعلم والحمد لله رب العالمين