عهد "الآغا"!((محمد عبدالقادر الجاسم))

الجزء الأول
الجزء الثاني
الجزء الثالث
يبدو أن تجربة كتابة "حزاوي" من التاريخ، كما فعلت في مقال الأسبوع الماضي، أعجبت القراء.. وأعدكم بأنني سوف أنقل لكم بعض ما أقرأه بين وقت وآخر. أما مقال اليوم فلن أتمكن، مع الأسف، من كتابته "بلغة التاريخ" نظرا للواقعية شديدة الخطورة لبعض المسائل الواردة فيه.. مسائل تمس أمننا الوطني في شق منها، كما تمس أمننا الإقليمي في شق آخر على صعيد العلاقة مع كل من الشقيقة السعودية وإيران.

وقبل الولوج في مقال اليوم، أود أن "أبشر" الشعب الكويتي بأنه قد صدر يوم الأحد الماضي حكم ابتدائي بإدانتي وبإلزامي بدفع غرامة مالية تبلغ 3000 دينار لصالح الخزينة العامة في القضية التي أقامها ضدي رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد عن مقال "ممول الفتنة وتاجرها". أما دعوى التعويض التي ينوي الشيخ ناصر إقامتها ضدي، فقد أعلن من خلال محاميه أنه سوف يطالبني بمبلغ مليون دينار وأنه ينوي التبرع بالمبلغ لصالح المعاقين في حال حكمت له المحكمة. وهنا أود أن أهمس في إذن الشيخ ناصر وأقول له أنني كنت أتمنى لو أنك ارتقيت بخطابك الذي صرحت به من خلال محاميك، وألا تزج بمعاناة المعاقين في خضم خلاف سياسي.. كما أود أن أقول للشيخ ناصر ما قلته لإبنتي حين سألتني عما عساي أن أفعل لو صدرت أحكام ضدي بمبلغ مليون دينار إذ قلت لها أنني لا أخشى أحكام التعويض ذلك أنني لا أملك المال أصلا، وكل ما على الشيخ ناصر فعله حين "يربح المليون" هو الحجز على "أملاكي" وهي أثاث المنزل، وسيارة "وانيت بو قمارة ونص" موديل 2003، وسيارة لكزس موديل 2004، أو سيارة "السايق" وهي نيسان ألتيما، أو طلب حبسي!

على كل حال، موضوعي اليوم، كما أشرت، مرتبط بالأمن القومي للكويت وبعلاقاتها مع كل من السعودية وإيران.. إذ يبدو أنه في الوقت الذي تمر فيه علاقة الكويت مع إيران في أفضل حالتها، بالنسبة لإيران طبعا، فإن هناك مؤشرات على أن علاقة الكويت بالسعودية تعاني من بعض "المطبات". ويبدو لي أن تلك "المطبات" مرتبطة بالتقرب الكويتي المبالغ فيه نحو إيران تحت وهم أن هذا التقرب ربما يخفف الغضب الإيراني عليها في حال تعرضها لعمل عسكري أمريكي أو إسرائيلي. وقد تكون فكرة محاولة التخفيف من فرص "انتقام إيران"، في حال تعرضها لعمل عسكري، منطقية كخيار "تكتيكي" لا استراتيجي، إلا أن هناك من يظن بأن التقرب الكويتي نحو إيران يأتي كرد فعل على ما يعتبرونه "تدخل سعودي" في الشأن المحلي ومحاولة استقطاب "القبائل". وبالطبع هناك من يشير إلى أن التقرب الكويتي لإيران أتاح الفرصة للمخابرات الإيرانية لتكثيف تدخلها في الشأن المحلي وفي تصاعد النجاح في اختراقها لدوائر مهمة جدا للقرار السياسي السيادي الكويتي. وقد علمت أن وفد الكونغرس الأمريكي الذي زار البلاد قبل فترة طرح خلال زيارته موضوع قيام أحد الأطراف "الكويتية" التي تخدم طهران بالعمل على "إعادة" صياغة العلاقات الكويتية الإيرانية على نحو يخدم مصالح إيران! وليس ببعيد عن هذا سعي هذا "الطرف" إلى جر البلاد نحو الفتن بين السنة والشيعة تارة وبين الحضر والقبائل تارة أخرى من أجل خلق حالة من عدم الاستقرار في الكويت. بل أن هناك من يرى أن إثارة ملف ازدواج الجنسية والتهديد الأخير بسحب الجنسية الكويتية من "المزدوجين" يرتبط بملف العلاقات الخارجية الكويتية السعودية الإيرانية أكثر من ارتباطه بأوضاع محلية. وقد تمعنت في التصريح الأخير لوزير الداخلية الذي هدد فيه بسحب الجنسية الكويتية من "المزدوجين" فوجدت أنه جاء من دون أي مناسبة "محلية" ذات صلة.. ما أريد قوله، وفي حدود ما أستطيع قوله، هو أن موضوع ازدواج الجنسية قد يكون أعمق وأخطر من كونه مخالفة لقانون الجنسية، وقد يكون في تصريح الوزير "رسالة" سياسية "خارجية" تنسجم مع التعيين المفاجئ للشيخ أحمد الحمود مستشارا في الديوان الأميري لشؤون القبائل، لكنها "رسالة" غير موفقة، في تقديري، حتى لو كانت مرتبطة في شأن محلي صرف هو استجواب وزير الإعلام والرغبة في فتح "ثغرة" بين النواب الحضر ونواب القبائل.

إن السعودية، لا إيران، يا سمو الرئيسن هي العمق الاستراتيجي للكويت. وإذا كان هناك من يظن أن "النفوذ" السعودي يشكل مصدر "خطر محلي" على سيادة الكويت، كما يزعمون، فإنه من قبيل الانتحار السياسي أن ترتمي الكويت في أحضان طهران. فمهما اختلفنا مع الأشقاء في السعودية فإن السعودية ليست مصدر خطر على الكويت. وفي تقديري الشخصي أنه لو اقتصر الأمر على تقارب كويتي إيراني في نطاق "تكتيكات" السياسة الخارجية لهانت المسألة.. لكن حين تستغل إيران السذاجة الكويتية المعهودة وتنجح في تكثيف تدخلها في الشأن المحلي وفي تحقيق اختراقات أمنية كما نجح نظام صدام حسين من قبل، فتلك مصيبة كبرى. فكيف لنا أن نتأكد من أن عملاء إيران في البلاد لم ينجحوا في اختراق بعض "الدواوين" الرسمية وزرع أجهزة تنصت فيها مثلا؟ إن المخيف في هذه المسألة هو تنامي نفوذ "الآغا" وعلاقاته بشخصيات مؤثرة مثل (ن) و(أ) و(خ)!

أعود إلى "قضاياي" وأقول أن مقال "كوهين الكويت" كان نقطة تحول مفصلية في التعامل معي.. فقد كتبت أول مقال في هذا الموقع في 3 يونيو 2005 وعلى الرغم من قوة المقالات، لم ترفع ضدي سوى قضيتين.. واحدة من مرشح خسر الانتخابات فاتهمني بأن أحد مقالاتي كان السبب في تلك الخسارة، وأخرى من الشيخ مبارك الفيصل وكيل ديوان سمو ولي العهد، وحصلت على البراءة فيهما.. لكن بعد نشر مقال "كوهين الكويت" في 5 سبتمبر 2009 الذي كشفت فيه عن حجم التغلغل الإيراني في البلاد، انهالت علي القضايا من ناصر المحمد ومحمود حيدر ووزارة الإعلام (قضايا عادية وأمن دولة).. والغريب أن ناصر صباح الأحمد انضم مؤخرا إلى قائمة "الشكّايا"، إذ يبدو أنه "زعل"، كالعادة، لأن ناصر المحمد حصل على حكم ضدي فقرر مقاضاتي كي يسمع هو الآخر كلمات "عفيه عليك.. إيه زين تسوي فيه" فتنتهي "الزعلة"!
ملاحظة: الفيديو أعلاه يأتي في نطاق تجربة وسيلة جديدة للتواصل مع القراء، وفي حال نجاح التجربة سوف استمر فيها بين وقت وآخر مع محاولة تنويع الموضوعات.. وأنا بانتظار تعليقاتكم.

12/3/2010
 
أعلى