نظرة على القوى المحافظة الجديدة؛ عبداللطيف الدعيج

الحاسم

عضو بلاتيني
مقال مميز لعبداللطيف الدعيج وتوصيف ممتاز للـ"معارضة" الجديدة، وفيها تفسير ولو ضمني لاختلاف عدد كبير من الناس لنوعية هذه "المعارضة" وفكرها، عبداللطيف حتى لو أختلفت معه بالفكر، فيبقى قيمة بالصحافة الكويتية ولديه فهم معقول لمايحدث في الكويــت بسبب معايشته لفترة الستينات والسبعينات وحرمانه من حق الكتابة لاحقاً. المهم بالموضوع هو تسائله عن توجه هذه "المعارضة" مستقبلاً.

أضيف، أخيراً، على كلام الدعيج أن المعارضة الجديدة تتشابه مع المعارضة الاسلامية في اختزال معاركها السياسية بجانبي الخير أو الشر ـ بلا نقاط فاصلة أو رمادية بينهم. لكن المعارضة الجديدة تفوقت على الاسلامية في غوغائية هذه الفصل.




المقال:
قبل شهور كتبت عن المعارضة الجديدة، ووعدت بأن اتناول نشأتها وخواصها في القريب، وها أنا الان أحاول القاء الضوء على نشأتها وربما بعض خواصها أيضا.

محاربة المعارضة التقليدية
واللافت للنظر في المعارضة الجديدة انها انبثقت من رحم السلطة، رغم عدم وجود ارتباط «عضوي» بينهما، لكن يمكن الجزم بانها انبثقت او بالأحرى مرقت منها وعنها.
لهذا اهم خواص المعارضة الجديدة انها معنية بـ«تحطيم» او ما يروج له على انه تعرية وتخوين للمعارضة التقليدية. قتالها وميدان صراعها الاساسي حتى الان هو محاربة المعارضة التقليدية وتشويه مواقفها والطعن في شخوصها وتحميل المعارضة التقليدية هوية اي مخطئ او من لديه هفوة.
والواقع ان هذه، حسب علمي، سمة جديدة وظاهرة ربما نادرة في العمل السياسي، حيث تنشغل المعارضة باقصاء المعارضين التقليديين وتخوينهم بدلا من خلافتهم او التطور من ضمن ثناياهم.

لا برنامج
الخاصية الغريبة او الجديدة في هذه المعارضة هي افتقادها لأي برنامج سياسي وعدم ارتكازها على مبادئ واولويات جذرية تسعى من خلالها الى التغيير، ايا كان، جزئيا او جذريا. بوضوح اكثر، ما نلاحظه من طروحات هذه المعارضة هي انها موجهة للافراد بوصفهم كذلك وحسب. ضد وزير المالية ــ في الغالب ــ او ضد وزير الداخلية او اي عضو في الوزارة، ولكن ليس ضد الحكومة، وليس ضد الاطراف الاجتماعية المسيطرة، ناهيك عن النظام العام. ليست ضد طبقة او ضد نظام سياسي، فهي، على الاقل، حسب ما تدعي، على انسجام والوضع القائم، ولديها رغبة في الواقع محمومة في الحفاظ عليه.

معارضة المعارضة
بل يمكن هنا ايضا اضافة هذه على انها خاصية جديدة للمعارضة الجديدة. فطبع المعارضة هو «التغيير»، العام او الجزئي. معارضتنا هنا همّها الاساسي الحفاظ على الاوضاع، والقتال بالذات لاستمرار الانفاق العام والاحتفاظ بمسار ما اصطلح على تسميته بالدولة الريعية. وليس في اشارتنا هذه اي تعارض، فنحن نبهنا الى ان همها الاساسي هو معارضة المعارضة التقليدية وليس السلطة. بمعنى انه لولا الجانب او الشق السياسي او بالاحرى الاحتقان والتأزيم اللذان تتولاهما هذه المعارضة لأمكن تصنيفها على انها «موالية» للوضع الحالي اكثر منها معارضة له. ولأصبحت في الواقع ضمن تيار المحافظين اكثر منها ضمن تيار التغيير او التثوير.
ترتكز المعارضة الجديدة على ما يسمى بسكان المناطق الخارجية او ابناء القبائل، وانا افضل التسمية المباشرة والحقيقية «البدو» باعتبار البداوة ثقافة موجودة فينا جميعا، ولكن بدرجات متفاوتة، منا من تخلص منها كليا ومنا من يتعايش معها، بينما هناك فئة كبيرة لا تزال تقع تحت سيطرة البداوة وهي التي ترتكز عليها او تتكون منها غالبية المعارضة الجديدة. ليست معارضة ابناء مناطق خارجية، فالمناطق قد تداخلت، والسكان اختلطوا كما هو واضح، وليست معارضة ابناء القبائل كما يحلو للبعض وصفهم، فالناس كلهم او العالم بأكمله نتاج قبائل. وفي الكويت الاغلبية تنتمي الى قبائل عربية، من الاسرة الحاكمة الى «الدماء الزرقاء» الذين تجتهد في تخوينهم وتخطئتهم المعارضة الجديدة. اذا هي معارضة تنتمي وترتكز على «الثقافة البدوية».
البدو هم سكان الكويت اصلا. وانصح بالرجوع الى مقال كتبته في جريدة السياسة في 1974/10/21 ومنشور في كتاب «معارك قلم» بعنوان «من هم سكان الكويت؟» تولت جريدة الان الالكترونية اعادة نشره (من دون اذن) قبل اسابيع. هذا المقال يمكن ان يكون الجزء الاول او البداية لمقال اليوم، لهذا اعتقد انه من الضروري الرجوع اليه. البدو هم سكان الكويت، فالقبائل العتبية او التي عتبت الى الكويت وقبلها بعض الاسر اغلبهم من قبيلة العوازم استوطنوا الكويت. ونزح اليها تباعا باقي السكان من على ضفتي الخليج والعراق. لكن يشكل ابناء الجزيرة العربية الاغلبية السكانية للكويت. في صراعها مع قوى التغيير الاجتماعي والسياسي التي تكونت من تجار الكويت في الغالب وبدعمهم في كل الاحيان لجأت السلطة الى تغيير التركيبة السكانية لدولة الكويت بعد الزخم «المبالغ فيه» الذي بدت فيه المعارضة التقليدية في منتصف الستينات. اعتقد ان السلطة بالغت في تقدير قوة المعارضة، في الوقت نفسه الذي اخطأت فيه بفهم مقاصدها ومدى معارضتها. لهذا لجأت الى تزوير انتخابات مجلس الامة الثاني في عام 1967. وللتخلص من فضيحة التزوير او استثنائها في الانتخابات المقبلة لجأت السلطة الى تجنيس البدو، وذلك بهدف استخدام ولائهم لمعادلة تمرد المعارضة الحضرية. وجرى ذلك اما مباشرة وإما من خلال تفويض زعماء العشائر واقطابهم في عملية التجنيس. وبالفعل اظهر هؤلاء الولاء المطلوب والموعود للسلطة. ولم لا؟ وقد «تفضلت» عليهم اقطابها بالجنسية وما تبعها من امتيازات كانت عظيمة وغير عادية في ذلك الوقت لسكان الجزيرة العربية الفقراء. في ذلك الوقت لم يكن سكان المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج بمستوى الغنى الكويتي، فأسعار النفط لم ترتفع الا في السبعينات بعد مبادرة شاه ايران وحرب اكتوبر ثم التأميم او المشاركة التي تولتها بعض الدول. كما ان الامارات العربية لم تمتلك ثروتها او تعممها بعد، فقد كان الشيخ شخبوط رحمه الله حابسا لكل الثروة. المهم ان «المتجنسين» شعروا بالامتنان وبادلوا «المُجن.س» الود والولاء لقاء التجنيس، ومن هؤلاء تكونت القوى الموالية للسلطة في المجالس النيابية التي تلت المجلس المزور.

حقوق من دون واجبات
لكن دوام الحال من المحال كما يقال، فالذين تجنسوا في الستينات والسبعينات اصبح لهم ابناء واحفاد. هؤلاء الابناء والاحفاد ولدوا في الكويت، وتربوا على انهم كويتيون - وهم كذلك - ويتطلعون الى ان تكون لهم الحقوق ذاتها التي يتمتع بها من سبقهم في الاستيطان أو التجنيس. ذكرت الحقوق ولم اذكر الواجبات، لان هذه مع الاسف حرصت السلطة على طمسها من ثقافة المواطنة التي كان من المفروض ان يستشعرها الكويتيون، كل من المستوطنين أو المجنسين أو ابنائهم واحفادهم على حد سواء.. لكن هذا مع الاسف لم يحدث، فقد حرصت السلطة ثم التحالف البدوي الديني على تنمية الاحساس بالحقوق بينما تم ترك امر الواجبات الانتاجية للوافدين والدفاعية للبدون.

بدونة كاملة
عملية التجنيس بهدف كسب الولاء الانتخابي كان من اهم اساسياتها الاحتفاظ بـ «بداوة» المجنسين وفي «تربيتهم» على ان يبقوا بدوا. لهذا لم تكتف السلطة بمحاصرة بداوة المجنسين وتقليص فرص «التحضر» امامهم، بل لجأت في جريمة كبرى الى «بدونة» الكويت بأكملها دولة ومجتمعا ومواطنين. وكان زخم البدونة عظيما، خصوصا بعد التحالف الثلاثي - السلطوي البدوي الديني - لهذا ساير حتى المستوطنون الاوائل الوضع وعادوا ثقافيا واجتماعيا وحتى سياسيا الى «بداوتهم». وبالطبع عملية البدونة كانت سهلة أو هي لم تجد معارضة من السكان باعتبار انهم كانوا كذلك، أي بدوا في الأصل.. ولهذا لم يمانعوا كتيار في العودة الى اصولهم.
اليوم أصبحت عملية «البدونة» السياسية والاجتماعية للمجتمع مكلفة على صعيدين. اجتماعيا لم تعد الدولة، بعد تنامي السكان وتعاظم استهلاكهم، قادرة على تلبية طلبات الثقافة البدوية القائمة اساسا على «رفض» العمل، والاعتماد على الهبات والعطايا الريعية للدولة أو الاختباء خلف البطالة المقنعة. سياسيا، لم يعُد المجنسون أو بالاحرى «الممتنون من التجنيس» الكتلة الكبرى والوحيدة بين البدو كما كانوا في البداية. اليوم في الواقع لم يعد هناك مجنسون بل ابناؤهم واحفادهم من الكويتيين الذين لم يرثوا بحكم التجاهل والاقصاء الحكومي لهم امتنان آبائهم وعرفانهم. هؤلاء يشعرون بانهم كويتيون رغم ضغط وسطوة الانتماء القبلي الذي رعته وحرصت على استدامته السلطة.

مشاعر زائفة
من هنا انبثقت المعارضة الجديدة من مشاعر في الواقع اغلبها زائف ونتيجة ظروف استثنائية اكثر منه اضطهادا مقصودا أو اقصاء متعمدا. فتوزيع الثروة بعد تدفق النفط اعتمد على التثمين، والبدو، سواء المتجنسون حديثا او المقيمون منذ سنين، لم يملكوا البيوت، لهذا لم «يرشهم» النفط مثلما رش سكان المدينة في الخمسينات والستينات. ادى هذا الى اعتماد اغلب المجنسين والمقيمين منهم على عملهم. وبما ان «العمل» في حد ذاته مستنكف في الثقافة البدوية، وبحكم ان اغلبهم كان امّيا، «لاحظ شيخنا الزميل محمد مساعد في اواخر الستينات ان الامية في ازدياد رغم الجهود الحكومية لمحو الامية.. السبب بالطبع عملية التجنيس التي اضافت مزيدا من الاميين الى السكان». بحكم هذا فانهم ايضا حرموا من مزايا الرواتب العالية، حيث عمل أغلبهم في الوظائف التي اختلقت في حرس السواحل والهجانة وحرس الحدود، والاوفر حظا عملوا حرسا في مدارس التربية. هذا، مع الحرص الحكومي على الاحتفاظ بالبدو «بدوا» ادى، مع الاسف، الى نوع من العزلة بين السكان، وخلق ما اصطلح على تسميته في البداية مناطق داخلية ومناطق خارجية. واليوم نتيجة المزايدات السياسية وتصيد البعض لاخطاء الحكومة او المعارضة اصبح الانقسام بين ما يسمى ابناء القبائل والكويتيين!.. وكأن ابناء القبائل ليسوا كويتيين. او بين ابناء القبائل وذوي الدماء الزرقاء، وكأن ما يسمى بالدماء الزرقاء ليسوا اشرافا ومنتسبي القبائل ذاتها التي ينتمي اليها البدو.

هذه هي المعارضة الجديدة وهذه هي أصولها ونشأتها. اما مسارها فانه غير واضح تماما حتى الآن. وهو، مع الاسف، بيد من يتصيد في الماء العكر ومن يحاول ان يوجه التمرد البدوي الجديد نحو خدمة اجندته ومصالحه الخاصة. وفي هذا الخضم يدفع البعض بالصراع الطائفي الى مداه مستخدما المتمردين الجدد ومحرضا على ان الحكومة تخلت عنهم بعد ان تحالفت مع «الايرانيين»!.

والآن مع الفقرة التي كتبتها في المقال المشار اليه.. اي قبل اربعين عاما مع التقريب، فهي كانت ختام مقال العقود الاربعة الماضية، وهي تصلح تماما ختاما لمقال اليوم...

«الفقرة» .. والآن، ما الهدف من كتابة هذا المقال المطول وبهذا الشكل المفصل؟ ونجيب: إن الهدف هو قطع الطريق على محاولات البعض إثارة العصبية القبلية في حمية من فرضت عليهم ظروف الحياة الجديدة تناسيها، واتهام القوى الوطنية بانها صاحبة هذه الدعوة وهذا الاتجاه، بينما واقع الحال وتاريخ الكويت يشهدان بأن أقسام سكانه الثلاثه، التي عددناها، عاشت ردحاً من الزمن ــ وستعيش ــ متوافقة ومترابطة ليس فقط لأن أحداً لم يكن من مصلحته إثارة النعرات المتعددة بينها، بل لأن هذه النعرات لم يكن بالإمكان أن تثار بسبب أن أصل الأغلبية كان الصحراء، وأن الاختلاف في التكوين الثقافي والنفسي لم يكن وارداً بينهم، وأخيراً يستطيع الجميع أن يحرث في البحر، ولكن أحداً لن يتوقع له أن يجني ثمراً.
 

قلم رصاص

عضو ذهبي
بغض النظر عن كلام الدعيج عن
التجنيس و مبالغته فيه و الخلط بينه و بين توطين البادية
و اخراج اوراق الثبوتية .. الذي حصل في كل دول الخليج في الستينات
و السبعينات .....

نقول ..
أن هذا المجتمع فيه كثير من البلاوي
و أن الحضر في الفترة الأخيرة صاروا أكثر بداوة من البدو ...
( و أنا هنا اتكلم عن السياسة و ليس عن اللهجة و اللباس و أكل الهمبورغر )
و صار فيه تبادل أدوار بينهم و بين البدو .........

الولاء المطلق و غير المشروط للأسر الحاكمة كان دائماً
من طبيعة البدو .. ليس بسبب شعور البدو بالامتنان كما يعتقد الدعيج
و لكن لأن الاسر الحاكمة هي أنظمة حكم قبلية أساساً ... و متوافقة
في الطبيعة مع النظام الاجتماعي للبدو ...........
لذلك البدوي أكثر تقبل لفكرة الولاء غير المشروط للاسر الحاكمة بشكل عام
لأسباب تتعلق بثقافته أكثر من تعلقها بأي شيء آخر ..
و عندما يكون الشخص موالي حتى النخاع تكون مطالبه أقل من الشخص صاحب الولاء المشروط ...
لذلك كان البدو اكثر الناس موالاة للأسرة الحاكمة و أقلهم حظاً في بقية الأمور .........
و هذا الوضع ليس في الكويت وحدها و لكن في كل دول الخليج ...... و هذا هو
سبب دعم الاسر الحاكمة في الخليج للقبلية
و محاولة ترسيخها عبر رعايتها لمزاين الأبل
و مسابقات الشعر ووو .......

ما نشهده اليوم في الكويت .. هو شيء غريب
ابناء حاضرة يدعون الولاء المطلق للاسرة الحاكمة ( النظام القبلي ) ......
و صراع بين الحكومة ( يد النظام القبلي ) و ابناء القبائل !!!!
متضادين متحالفين و متشابهين
متحاربين ........ !!!!!!!!!

ما يحصل اليوم في الكويت هي ظاهرة غريبة
تستحق الدراسة .......
 

علاء الدين

عضو فعال
ما نشهده اليوم في الكويت .. هو شيء غريب
ابناء حاضرة يدعون الولاء المطلق للاسرة الحاكمة ( النظام القبلي ) ......
و صراع بين الحكومة ( يد النظام القبلي ) و ابناء القبائل !!!!
متضادين متحالفين و متشابهين
متحاربين ........ !!!!!!!!!

ما يحصل اليوم في الكويت هي ظاهرة غريبة
تستحق الدراسة .......

احترامي لقلمك

:وردة::وردة::وردة::وردة:
 
أعلى