عزيزتي اهديك مقال الدكتور احمد البغدادي عن التعليم الجامعي وتطرقه لجامعة الكويت واسباب تدني مستواها .. ويهمنا رأيه ....
أسباب تدهور التعليم الجامعي
التعليم الجامعي في العالم العربي في حال مؤسف وفقاً للتقارير الدولية, ومن ثم فهذا المقال لا يختص بجامعة الكويت التي بدأت بداية جيدة عند تأسيسها بما ضمته من كبار الأساتذة واحترام الأصول الأكاديمية عند تعيين المسؤولين, في حين تعيش اليوم سوءا يشيع الألم في خريجيها الأوائل والأساتذة الجادين والمؤمنين بأهمية التعليم الجامعي, ولتكن الأمور واضحة جدا ومن دون أي لبس لقد بدأ الانهيار لحظة تكويت المناصب في الجامعة, حيث تم تجاهل الأصول الأكاديمية من أجل التكويت, فكانت الكارثة. وما سيرد في هذا المقال ليس لغواً متهافتا, بل حصيلة تجربة تقارب الربع قرن من العمل في هذا المجال: التدريس الجامعي, بل إن ما سيرد هنا يعرفه ويتحسسه الكثير من أهل الكويت وأبنائه من الدارسين في هذه الجامعة التي أتمنى لو لم تصل بها الأمور إلى هذه الحال. والقصد أن الهدف ليس التشفي أو الاستهزاء, بل الدعوة للإصلاح والارتقاء بها أكاديميا, وأنا خارج منها بالتقاعد. إضافة إلى أن ما سيرد في المقال حقائق يعترف بها الآخرون, وإن سراً فيما بين أنفسهم, خوفاً على مصالحهم الخاصة. وأكرر القول ان جامعة الكويت ليست حالة خاصة, بل إن الوضع أكثر سوءا في كثير من الجامعات العربية الأخرى. والسلبيات التي تعشش في الجامعة هي التالي:
1- الضغوط السياسية والاجتماعية لتعيين معيدي البعثات والدكاترة في الجامعة.
2- عدم الحزم في تطبيق اللوائح.
3-استهتار الأساتذة بالبحث العلمي حتى أدى ذلك إلى تواجد الكثير من الأساتذة في درجة مدرس مدة عشرين عاما أو أكثر.
4- استغلال المنصب الأكاديمي في قضايا أكاديمية مثل الترقيات وتعيين الأساتذة.
5- تنامي الروح الطائفية والقبلية والعلاقات الشخصية في وضع الدرجات للطلبة والتعيين سواء في سلك التدريس أم المناصب الأكاديمية.
6-ضعف العمل الأكاديمي فيما يخص التأليف والترجمة والنشر. بحيث أن معظم الكتب المستخدمة إما قديمة في معلوماتها ومنهجيتها, أو كتب مستوردة من الغرب كما هو حال العلوم والهندسة والعلوم الإدارية.
7- عدم وجود الرغبة لدى الطالب بالبحث العلمي حيث تستشري ظاهرة شراء الأبحاث من المراكز التجارية.
8- انعدام حرية التفكير والنقد بسبب تنامي ظاهرة التدين الخارجي في المجتمع.
9- عدم حرص الحكومة بشكل جدي على مراقبة المخالفات الأكاديمية والتصرف بحزم تجاهها إن لم تكن الحكومة طرفا في هذه المخالفات.
10- النزاعات الشخصية بين أعضاء الهيئة التدريسية لمختلف الأسباب, وعدم حرص الإدارة الجامعية على إحقاق الحق عند النظر فيها أو العمل على تجاهلها وهو الأسلوب المفضل لديها.
11- غياب الوازع الأخلاقي حيث استشراء الواسطة عند وضع الدرجات والتقارير الطبية الكاذبة للمتغيبين, والضغوط الاجتماعية.وهذه الظاهرة في الجامعة ليست سوى امتداد لغياب الوازع الأخلاقي في المجتمع والدولة بشكل عام.
12- اتباع الحكومة سياسة إغراق الجامعة بالطلبة غير الأكفاء علميا خاصة مع »خرير« الدرجات في المرحلة الثانوية ما أثر على الوضع الأكاديمي بسبب كثرة الطلبة في قاعة المحاضرات.
13- قيام الكثير من الدكاترة بتدريس مقررات علمية ليست من اختصاصهم الأكاديمي من باب الفهلوة.
14- وجود أساتذة لا يعرف تخصصهم الأكاديمي.
لهذه الأسباب سالفة الذكر أصبحت الجامعة للأسف في مستوى ثانوية عامة عليا, وأصبحت الشهادة وليس العلم هو الهدف في مجتمع يقيم الإنسان وفق شهادته.
وإذا ما سأل سائل ما الحل? أجيب بكل بساطة: لا حل, لأن الفساد الأخلاقي العام في المجتمع والدولة قد عشش وفرخ. وقبل أيام كنت في المقبرة لتعزية أخ كريم ورأيت الكويتيين وهم يتجاوزون الدور بأسلوب مقرف بكل معنى الكلمة. وإذا كان هذا هو أسلوب الكبار وفي هذا المكان الخاص فكيف الحال في الأماكن الأخرى, ومن بينها الجامعة? ومع ذلك تظل النفس متعلقة بالأمل, وإن كان كاذبا. الجامعة مثل مجلس الأمة بحاجة إلى لجنة قيم من أهل الكويت, وافهموا كلامي, من أهل الكويت ممن لا علاقة لهم بالجامعة, تتحدد مهمتها في إحياء القيم ومحاسبة كل مخالف سواء كان أستاذا أم إداريا على مستوى القيم ومن ثم تطبيق اللوائح بكل حزم. من دون هذه اللجنة الشعبية قل على التعليم والمجتمع السلام. أما كيف يجب أن تعمل هذه اللجنة? فهو موضوعنا القادم.
المصدر : السياسة .
----------------------------------------------------------
اعتقد بأنه قد شخص العله والداء ... فأين الدواء ؟