المهندس جاسم الشمري
عضو مميز
لم يكد العراقيون يفيقون من هول مجزرة كنيسة الكرادة، ولم يفرغوا بعد من دفن ضحايا وحشية وهمجية القوات الأمريكية والعراقية التي (قتلت) الرهائن بدلا من تحريرهم، حتى باغتتهم موجة تفجيرات دامية جديدة حصدت أكثر من 400 نفس بين قتيل وجريح..! وبدأ العراقيون مرة أخرى يتساءلون بمرارة: من يقف خلف استهداف الأسواق والمدنيين ولماذا؟
ولكي تعرف من يقف خلف أي أعمال دامية كهذه عليك أن تبحث عن أمرين:
1. من هو المستفيد الأكبر منها؟
2. ومن هو القادر على تنفيذها بهذه الدقة والتزامن؟
إن الوساطة التي عرضتها المملكة العربية السعودية على (الفرقاء) السياسيين في العراق لمساعدتهم في تشكيل الحكومة – واستثناء إيران من هذه الدعوة – كان يعني طعنة نجلاء في قلب مملكة بني فارس التي أمسكت بمفاتيح صنع القرار في العراق منذ وقوعه تحت الاحتلال، وكان يعني تقويض كل ما بنته جمهورية الشر خلال 7 سنوات من أجل الهيمنة الكلية على جميع مفاصل الحياة في العراق المنكوب، وكان يعني عودة إيران الى مربع الصفر إذا ما نجحت الوساطة السعودية في تشكيل الحكومة العراقية..!
إذا كان لابد من رسالة واضحة شديدة اللهجة لا لبس فيها.. وكان لابد أن تقول ايران الى جميع الأطراف التي تنوي تجاهلها في العراق وخارجه أن مفاتيح الأمن والسلام بيدها وحدها لا شريك لها.. كان يجب أن تكون هذه الرسالة واضحة ومفهومة تماما أن إيران قادرة على تدمير العراقي ولو كان في كنيسته، وقادرة على تفجير 22 سيارة مفخخة في آن واحد في على طول بغداد وعرضها، وقادرة على ملء الشوارع العراقية بالأشلاء والدماء.. وبسرعة فائقة.. وبدقة عالية.. فهل وصلت الرسالة الآن؟
واذا كانت الأذرع الايرانية قادرة على الوصول الى أي مكان في العراق فأي مكان ستختار؟؟ دون شك تلك الأهداف التي ستضرب 10 عصافير بحجر واحد.. فاستهداف كنيسة سوف يؤجج العالم الغربي ضد المتوحشين (السنة)، وسيمنح كل تعاطف لضحاياهم من النصارى.. واستهداف الأحياء الشيعية سوق يؤجج الشارع الشيعي ضد المتوحشين (السنة)، ويقربهم نحو الخيارات الايرانية، واستهداف الجميع سوف يوصل الرسالة واضحة تقطر دما الى القيادة الأمريكية ودول الجوار العربي أنه لايمكن تحقيق الأمن في العراق دون أن تكون كلمة بني فارس هي العليا، وكلمة العرب هي السفلى..!
ثم من هو القادر على تنفيذ مذبحة الثلاثاء الأسود في بغداد بهذا الكم والتخطيط والتزامن؟ ومن يستطيع اختراق عشرات الحواجز الأمنية والكونكريتية بأطنان المتفجرات أو بالمسلحين سواء في كرادة المجلس الأدنى أو شعلة وثورة التيار الصدري أو كاظمية حزب الدعوة؟ ومن يقوم بالتخطيط والتنسيق والتدريب والاشراف والتنفيذ دون أن تفشل اي سيارة مفخخة من الوصول الى هدفها أو تتأخر في انفجارها؟؟ إنها قطعا جهات تعمل وتنسق مع الأجهزة الأمنية العراقية المخترقة طولا وعرضا من عناصر جارة الشر وتعمل وفق أجندتها الخبيثة والماكرة..! إنها جهات قادرة على إيصال المتفجرات والمسلحين داخل سيارات تابعة للأجهزة الأمنية، أو في عجلات مسئولين متنفذين في الدولة لايخضعون للتفتيش.. أو أن تفخيخ السيارت يتم داخل تلك المناطق نفسها بعد أن تأتي الأوامر بذلك..!
إن أعظم وأبلغ جواب يمكن لنا أن نقدمه بوجه هذه الممارسات الاجرامية الدامية هي وحدة الصف العراقي، وتكاتف ابناء شعبنا كما خرجوا اليوم صفا واحدا مسلمين ومسيحيين لتشييع ضحايا كنيسة سيدة النجاة، إنها العمل الدؤوب على تفويت الفرصة على كل مراهن على شق الصف العراقي وكل متصيد في مياه الطائفية العكرة.. فالأعظمية اليوم تبكي لشهداء الكاظمية، والعامرية تشارك حي الجهاد عزاءها، والغزالية لبست السواد مع حي الشعلة.. والموصل تظاهرت مع بغداد.. فالعراق كله اليوم مستهدف، والدم العراقي حيثما أريق بكى العراق كله دما.. تقبل الله شهداء العراق في واسع رحمته، وأدخلهم فسيح جناته.. وإنا لله وإنا اليه راجعون