مقدمه .. :
أقسم بالله العظيم أنني أكتب هذه الشهادة ولم أقرأ كتاب ناصر الدويلة حتى الان ولا أعلم إن كان قد ذكر هذه الوقائع فيه من عدمه كما أقسم بالله العلي القدير أنني لم التقي ناصر الدويله منذ أن تركت الجيش والتحقت بعملي بوزارة الداخليه حتى هذه اللحظه وانه لا يعلم أنني لم أنسى له هذا الجميل ولا يعلم أيضا بأنني سأسجل له هذه الشهادة .
شهادتي :
قبل الغزو كنت اعمل في سلك الشرطة وقد قدمت نفسي مع بداية فتح باب الالتحاق والتحقت بالجيش ملبيا لنداء الواجب وساعيا للمشاركة في تحرير وطني من سيطرة الغزاة .. والحمد لله تحقق ما سعيت اليه وكان لي هذا الشرف وكنت وزملائي مع طلائع القوات التي كان لها شرف المشاركة في حرب التحرير .. ولم أكن أعرف ناصر الدويلة قبل الغزو حيث كانت بداية معرفتي به حين استقبلنا بعد أن تم نقلنا من قاعدة الملك خالد الى منطقة الجبو لنلتحق في صفوف لواء الشهيد المدرع ، وقد عرّفنا بنفسه حينها قائلا أخوكم .. ناصر الدويله مساعد آمر كتيبة الدبابات السابعة بلواء الشهيد المدرع ... والقى علينا خطبة حماسية حركت الدماء في عروقنا ورفعت معنوياتنا اختتمها بالقسم حيث أقسم أنه لو انسحبت جميع القوات لن يتردد في دخول الحرب بنا لوحدنا ،مما أدى الى ارتفاع الصيحات والاهازيج الحماسية ..
وأنا هنا شاهد عيان أذكر ما واجهت ورأيت انصافا لهذا الفارس ففي بداية التحاقنا معه تعرف علينا وحين علم بوجود أفراد من الشرطة والحرس الوطني أبلغنا بعقد دورات تدريبه وأشرف عليها وخصص لها بعض اصحاب الخبرة .. فقد استفاد من اصحاب الخبرة بيننا لتدريب من يجهل أساليب القتال واستعمال ومواجهة الاسلحة الثقيلة .. وقد استفدنا كثيرا من هذه الدورات وخرج من بيننا ( الشرطة والحرس الوطني ) سائق الدبابة ورامي الآر بي جي وسائق المدرعة وجندي المشاة والفضل يعود لله ثم لهذا الفارس .. تجدر الاشارة هنا أنني ( لا أعلم إن كان يتلقى أوامر من القيادة أو يتصرف ارتجاليا ) . فقد كنا نراه ونحتك به كثيرا لدرجة أنني شخصيا أعرف أن آمر الكتبة هو المقدم أحمد الوزان لكنني لم احتك به نهائيا فناصر الدويلة شعلة نشاط لا يغيب عن أبسط الأمور ولا نجد الحاجة بوجوده لمن هو أعلى منه منصبا فهو كفيل بإيجاد الحلول لما يواجهنا من عقبات حتى في الرياضة الصباحية كان يتقدمنا ويهرول أمام الصفوف ويطلق الاهازيج بصوته الجهوري واذكر له من بين الصيحات التي يرددها ونرددها من بعده في رياضة الصباح أثناء الهروله هذه الابيات ..
يابلاد الخير يابلادي .. يابلادي يا كويتيه
أفديك نفسي وأولادي .. يا أرضي يا عربيه
أفديك نفسي وأولادي .. يا أرضي يا عربيه
بعد هذه المقدمة أذكر هذا الموقف الشهم والبطولي لهذا الفارس معي شخصيا
بعد حرب التحرير ، وبعد أن من الله علينا بالنصر والنجاة من غدر العدو الغادر ، وبعد أن استقرت الأمور وهدأت الأوضاع ، حصلت على إجازة وأردت الذهاب لرؤية أهلي وأولادي في المملكة العربية السعودية ولكن لعنة البدون لا حقتني فقد صدر قرار لا نعلم مصدره بمنع الدخول والخروج من الكويت بسيارات مدنية الا بجواز سفر ، وبطبيعة الحال فالبدون لا يحمل جواز سفر فقد كانت الجوازات قبل الغزو بعهدة الوزارة تمنح للعسكري في الاجازات السنوية فقط .. ومن هنا واجهت مشكلة عدم القدرة على الذهاب للاطمئنان على أولادي وللعودة بهم إلى أرض الوطن .. فذهبت لناصر الدويلة بحكم احتكاكنا معه كما اسلفت في المقدمة وتواضعه وكسره للحاجز بين الآمر والمأمور حيث كان يصغي باهتمام ويعطي المتحدث الفرصة الكافية ليقول ما لديه وكان يمازح الجميع ويتعامل مع الجميع باحترام .. ذهبت اليه في قيادة الكتيبة وقد نظمت بعض الابيات الشعرية وللأمانة لا أذكر القصيدة كاملة لأني سلمتها له في حينها واذكر منها بعض الابيات وهي كما يلي ..
يابو علي ماني من اهل القصيدي .. لاشك مير الفكر بالهم محتار
من بعد شرطي جيت لوا الشهيدي ... جندي مقاتل والشهاده لي شعار
جيت لهدف هو منيتي يوم عيدي .. تحرير دار العز من رجس الاشرار
واليوم شفني يالدويله وحيدي ... كني على جمر(ن) تلاهبّه النار
جسمي هنا والفكر روّح بعيدي ... وعيالنا من دونهم حالت اسوار
واشوف حقي ضاع بين العبيدي ... واصبحت انا للدار خاين وغدار
من بعد شرطي جيت لوا الشهيدي ... جندي مقاتل والشهاده لي شعار
جيت لهدف هو منيتي يوم عيدي .. تحرير دار العز من رجس الاشرار
واليوم شفني يالدويله وحيدي ... كني على جمر(ن) تلاهبّه النار
جسمي هنا والفكر روّح بعيدي ... وعيالنا من دونهم حالت اسوار
واشوف حقي ضاع بين العبيدي ... واصبحت انا للدار خاين وغدار
هذا ما اذكره من القصيدة وهي أطول من ذلك وقد كتبتها في حينها على عجالة وفي ظروف نفسية محبطة الشاهد هنا أن أبو علي انتخا وقال لي لا تشيل هم يالعنزي أنت دخلت هنا تحت قيادتي وأنا مسئول عن تلبية مطالبك وإحقاق حقك ، وأقسم لي بأنه سيوصلني لأولادي حتى لو اضطر لتحريك رتل عسكري فقط ليعبرني نقطة الجوازات ويعود .. وقد برّ بقسمه حيث أرسلني مع سيارة عسكرية كخطوة أولى وقال ان لم يسمحوا للسيارة ساحرك رتل عسكري من أجلك .. وجزاه الله عني خير الجزاء فلم يعترضنا أحد وسمحوا لنا بالعبور لأننا بسيارة عسكرية ضمن قوات التحالف .. ومن حينها إلى حين دخول العائلات والبدون يستغلون السيارات العسكرية لعبور الجوازات .. مع العلم أن هذا الوضع لم يستمر طويلا حيث كانت القرارات سريعة الصدور والاستثناءات أكثر .. كانت هذه الفزعة الرجولية والبطولية منه مع العلم أنني لم أكن من المقربين له ولم أكن أعمل معه في قيادة الكتيبة بل كنت بعيدا ضمن إحدى السرايا التابعة لها .. ويشهد الله انه لم يكن يعرف اسمي وكان يخاطبني بقبيلتي فتارة يقول يالعنزي وتارة أخرى بابن وايل .
هذه شهادة حق لهذا الرجل واعترافا له بالجميل من شخص عاشره وعمل تحت قيادته في حرب التحرير ، وأنا على يقين أنه لو يلتقي بي الآن لن يعرفني ، فالسنون قد فعلت ما فعلت بذلك الشاب اليافع بعد أن توسط به العمر .. وقد يكون نسى هذه الحادثة ..
والله على ما أقول شهيد ..
ملاحظة ..
أتمنى أن لا تفهم هذه الشهادة كانتقاص لدور منهم أعلى منه رتبة ومنصبا فكما أسلفت فأنا لا أعلم بخفايا الأمور وإنما اشهد بما واجهت ولم اكن احبذ الكتابة في هذا المجال لكنني وجدت لزاما علي أن أكتب هذه الشهادة وفي هذا التوقيت بالذات فالرجل يواجه موجة من التكذيب والتشكيك وهو صاحب فضل علي لا ينكره أو يكتمه إلا جاحد ..
مع التقدير ،،