لقد صدقت الدكتور أسيل العوضي عندما قالت أن منظر الدكتور ( عبيد الوسمي ) وهو يسحب لا يمكن نسيانه ، فقد امتهنوا بفعلتهم تلك كرامة كل إنسان يعيش على هذه الأرض ، والذي جاء الدستور ليحافظ عليها ، ويؤكد على أهميتها في أكثر من مادة مو مواده .
لا أعلم كيف انتقل ضباط القوات الخاصة من موقع مكافحة الشغب ، ليمارسوا الشغب مع أستاذ القانون ( عبيد الوسمي ) وبكل وحشية ، قولوا لي بربكم كيف جاءتهم الجرأة لجرِّه من بين الجموع داخل بيت النائب الدكتور جمعان الحربش من رجله ، وضربه بالهراوات دون هواده ، وركله على ظهره ورأسه بكل قسوة وكأنه إرهابي هارب من قبضة العدالة ، وحمله بعد ذلك في منظر تقشعر منه الأبدان ، منظر لم نعتده في الكويت ، كويت الحرية والكرامة .
لقد أسِف حضرة صاحب السمو أمير البلاد على تلك الأحداث المؤلمة في الأربعاء الأسود ، وإننا والله لنأسف كأسَفِه ، ويزداد أسفنا أن بعض النواب ( العقلاء ) والكتاب والصحفيين والإعلاميين والمدونين قد جندوا أقلامهم للتشفي من الدكتور ( عبيد الوسمي ) ، وأنه أخطأ بالتعدي على مسند الإمارة ، ويستحق ما حصل له ، وكأنهم يشجعون على تخطي القانون ، والعودة إلى شريعة الغاب .
إننا نحترم القضاء وإجراءاته ، ولكلٍّ الحقُّ في اللجوء إليه عندما يشعر بتعدي الآخرين عليه أياًّ كان موقعه ، ولكننا لا نحترم من يقوم بإصدار الأحكام جزافا وينفذها دون أن يكون جزءً من السلطة القضائية ، وأنا على يقين بأن الدكتور ( عبيد الوسمي ) قادر على الدفاع عن نفسه ، كيف لا وهو أستاذ المرافعات بكلية الحقوق .
ما حصل في الأربعاء الأسود باختصار ودون إطالة ودون تزوير هو امتهان وإهدار لكرامة المواطنين ، ودَوْسٌ ببطن الدستور ، وإن كان ثَمَّة مخالفين للقانون ، فليس من حق قوات الشغب أن تعاقبهم بالضرب والسحل والهراوات ، فأين دور السلطة القضائية إذاً ؟! وأين مبدأ فصل السلطات الوارد في الدستور ، والذي نتغنى به ليل نهار ؟!
الغريب في الأمر أن مجلس الوزراء استنكر في صدر بيان سابق له ما حصل للجويهل قبل أيام من أحداث الأربعاء الأسود ، وهو إلى هذه اللحظة لم يعلق على ما حصل من امتهان لكراماتنا ، ولذا فإني أعتذر من الشاعر السوري أديب إسحاق لأقتبس بيت الشعر المشهور مع شيء من التعديل ، ملخصا وبأسف ما وصلنا إليه في الكويت :
ضرب امرءٍ في ( ندوةٍ ) جريمةٌ لا تغتفرْ
وسحلُ شعبٍ أعْزلٍ مسألةٌ فيها نظرْ