الكويت الأن

لقيت تفسير الايات لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي وكآنه يتكلم عن حال الكويت الان من فتنه من ظلم و من بحث عن الحقيقه و عن الحق وو ..... ، وحبيت انقله لكم ...

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
بسم الله الرحمن الرحيم
image001.gif

أيها الإخوة الكرام ، لأن الله سبحانه وتعالى قال :
image002.gif

( سورة البقرة ) .
فالذي أغلق سمعه وبصره ، أغلق سمعه عن سماع الحق ، وجعل على بصره غشاوة عن رؤية الحق ، هذا لا سبيل إلى هدايته ، لأنه قرّر أنه لا يؤمن ، وقد قال بعض المفكرين : لم أجد أشد صمماً من الذي يريد ألا يسمع .
image003.gif

( سورة الرعد الآية : 43 ) .
إذاً : الإنسان حينما يبحث عن الحقيقة ، حينما يحاسب نفسه ، حينما يسأل : من أين ، وإلى أين ؟ ولماذا ؟ حينما يبحث عن سر وجوده ، لماذا أنا في الدنيا ؟ ماذا يراد مني ؟ ماذا بعد الموت ؟ ما الذي يرضي الذي خلقني ؟ حينما يبحث الإنسان عن إجابات لأسئلة كبيرة ، هذا أنذره يا محمد ، هذا ينتظر أن يستجيب لك ، أما الذي يبحث عن شهوته فقط ، فهذا جعل على بصره غشاوة ، وجعل في أذنيه وقراً ، والقرآن كما قال الله عز وجل :
image004.gif

( سورة فصلت الآية : 44 ) .
image005.gif

( سورة الإسراء ) .
image006.gif

( سورة الشعراء ) .
إذاً يستحيل أن تعرف الحقيقة وأنت لا تطلبها ، يستحيل أن تضع يدك على الحق وأنت لا تبحث عنه ، وهذا المعنى الدقيق تؤكده آيات كثيرة
image007.gif

( سورة آل عمران الآية : 49 ) .
قد يقول أحدكم : أنا أؤمن بالآيات ، أما إذا كنتُ مؤمناً من قبل أنتفع بهذه الآيات ، ما معنى هذا الكلام ؟ معنى هذا الكلام أنه ما لم تتخذ قراراً بمحض اختيارك في البحث عن الحقيقة فلن تنتفع بالحقيقة ، فلذلك أنا أشبه الإنسان الذي لا يفهم الحقيقة بآلة تصوير غالية جداً ، التقطتَ بها أجمل المناظر ، ولكن هذه الآلة ليس فيها ( فيلمًا ) يستقبل هذه الصور .
بعض المسلمين يريد أن يقول : إن هؤلاء الذين اخترعوا هذه المنجزات حتماً هم في الجنة ، من جعلك وصياً على البشر ؟ هو أراد الثروة فقط ، أراد الشهوة فقط ، أراد التفوق في الدنيا فقط ، لماذا تحمله ما لا يطلب ؟ لماذا تقحمه فيما لا يريد ، لست وصياً على أحد ، تقييم العباد من شأن خالق العباد ، استرح وأرح ، نحن نحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر ، لذلك يقول الله عز وجل : ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ ﴾ ، أي بالقرآن ، ﴿ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ﴾ ، قال بعض أصحاب النبي رضوان الله تعالى عليهم : " أوتينا الإيمان قبل القرآن " ، يعني بحثنا عن الحقيقة فوصلنا إليها ، من هذا يتضح أن الله عز وجل حينما قال :
image008.gif

( سورة العنكبوت ) .
أنت حينما تسأل : يا رب ، أين الحق ؟ يتولى الله أن يهديك إليه ، هذا الطلب العميق ، هذا الطلب تنطوي عليه ، الله عز وجل تولى هدايتك ، قال تعالى :
image009.gif

( سورة الليل ) .
الله عز وجل تولى هداية كل باحث عن الحقيقة ، فلذلك مما يطمئن الإنسان قوله تعالى :
image010.gif

( سورة الأنفال الآية : 23 ) .
لا تقلق على البشر ، لو أن إنساناً في أطراف الدنيا طلب الحقيقة لساقه الله إليها ، أو لساقها إليه ، هذه حقيقة مقطوع بها ، لأن الله تولى هداية الخلق ، هو خلقهم ليسعدهم ، خلقهم ليهديهم إليه ، خلقهم ليدفعهم إلى بابه ، خلقهم ليكونوا سعداء في الدنيا والآخرة ، قال تعالى :
image011.gif

( سورة هود الآية : 119 ) .
لا تصغوا إلى من يقول : الله عز وجل خلقنا ليعذبنا ، هذا كلام الشيطان ، هذا كلام مرفوض ، الله عز وجل خلقنا ليسعدنا ، خلقنا ليهدينا إليه .
" إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلي صاعد ، أتحبب إليهم بنعمي ، وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي ، وهم أفقر شيء إلي ، من أقبل علي منهم تلقيته من بعيد ، ومن أعرض علي منهم ناديته من قريب ، أهل ذكري أهل مودتي ، أهل شكري أهل زيادتي ، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا فأنا حبيبهم ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب ، الحسنة عندي بعشرة أمثالها ، وأزيد ، والسيئة بمثلها وأعفو ، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها " .
[ورد في الأثر]

إذاً أيها الإخوة ، ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ﴾ ، هؤلاء يصغون إليك ، هؤلاء يرجى أن يستجيبوا ، هؤلاء يرجى لهم أن ينجو من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ ﴾ ، هذا هو التوحيد ، هم يعلمون علم اليقين أن الله وحده هو الذي يحفظهم ، وأنه مهما كنت قوياً ، ومهما كنت غنياً فلا ينفعك غناك ، ولا قوتك عند الله عز وجل ، لا ينفعك إلا استقامتك ، واتباعك للحق ، لذلك الله عز وجل وحده لا منجى منه إلا إليه .
نعوذ برضاك من سخطك ، لا منجى منه إلا إليه ، ﴿ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ ﴾ ، يتولى أمرهم ، ﴿ وَلَا شَفِيعٌ ﴾ ، يشفع لهم ، لذلك يوم القيامة يأتي الناس فرادى ، أما في الدنيا فيتواطئون ، ويتآمرون ، ويدعمون بعضهم على باطل .
ذكرت اليوم أن بيتين من الشعر يفسران تناقضات العالم اليوم :
قتلُ امرئ في غابة جـريمة لا تغتفر
وقـتلُ شعب مسلم مـسألة فيها نظر
الناس يتواطئون مع القوي ، يخافون بطشه ، أو يرجون ما عنده ، فيضعون تحت أقدامهم قناعاتهم ، لكن يوم القيامة يأتي الناس فرادى ، كل إنسان سوف يأتي ربه فردا ، لا معين ، ولا نصير ، ولا ولي ، وقد ورد في بعض الآثار " أنه قد تقع عين الأم على ولدها يوم القيامة ، تقول : يا نبي ، قد جعلت لك بطني وعاءً ، وصدري سقاءً ، وحجري غطاءً ، فهل من حسنة يعود خيرها علي اليوم ؟ يقول : ليتني أستطيع ذلك يا أماه ، إنما أشكو مما أنت منه تشكين " .
لذلك : ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ﴾ ، هذه النفس اللوامة ، هذه النفس التي تقلق لذنب ألمت به ، هذه النفس التي تحاسب ذاتها ، هذا الذي يتحرك حركة عشوائية ، هو دابة عند الله عز وجل ، أما المؤمن فوقّاف عند كتاب الله ، النفس اللوامة تحاسب نفسها حساباً عسيراً ، ومن حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيرا ، ومن حاسب نفسه في الدنيا حساباً يسيراً كان حسابه يوم القيامة عسيرا ، لذلك رأس الحكمة مخافة الله ، كلما ازددت علماً بالله ازددت خوفاً منه ، لأنك تعرف عن عدالته شيئاً كثيراً ، تعرف أنه الحق ، وأنه العدل ، وأن الناس يوم القيامة تسوى حساباتهم ، يؤخذ للمظلوم إلى الظالم ، ولو يعلم الظالم في الدنيا كم سيأخذ المظلوم من الله لظن أن يظلمه .
مرةً قال أحدهم لشخص : لقد اغتبتني ، قال : ومن أنت حتى أغتابك ؟ من أنت ؟ لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت أبي وأمي ، لأنهم أولى بحسناتي منك .
والظالم لو علم يوم القيامة ما سيأخذ هذا المظلوم من الله لظن أنه سيظلمه في الدنيا .
image012.gif

( سورة الحجر ) .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ )) .
[مسلم]

لو أن شاة قرناء نطحت شاة جلحاء بلا قرون لأُخِذ حقها يوم القيامة ، لو أن إنسانًا اصطاد عصفوراً ـ دققوا ـ لغير مأكلة ، للتسلية ، لأن هوايته الصيد ، أتى يوم القيامة له دوي تحت العرش ، يقول : يا رب ، سله لمَ قتلني ؟
والله أيها الإخوة ، لو يعلم الناس ماذا ينتظرهم من حساب دقيق لعدوا للمليار قبل أن يظلموا مخلوقاً ، شعوب تُقتل بأكملها ، في آخر الزمان ظلم لا يعلمه إلا الله ، أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( تُمْلَأُ الْأَرْضُ جَوْرًا وَظُلْمًا ، فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا )) .
أيها الإخوة ، هذا الذي يخاف أن يُحشر إلى الله فيسأل ، هذا مظنة خير ، يا محمد ، توجّه لهذا الإنسان ، وقد قال الله عز وجل :

image013.gif

( سورة الأعلى ) .

لقد أسمعت لو ناديت حيـاً ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارًا نفخت بها أضاءت و لكنك تنفخ في رمـادِ
المؤمن يرى أن الأمر بيد الله وحده ، وأن الناس كل الناس لو أثنوا عليك ، ولم تكن عند الله مرضياً فلا قيمة لثنائهم ، ولو أن الناس جميعاً غضبوا عليك ، ولم تكن عند الله مغضوباً لما أثّروا عليك إطلاقاً ، العبرة أن تكون عند الله مرضياً .

image014.gif

( سورة القمر ) .
أيها الإخوة ، الآن في هذه الآية التالية :
image015.gif

( سورة الأنعام ) .

زعماء قريش ، سادة قريش ، عليةُ القوم في قريش ، لما رأوا أن الذين حول النبي فقراء ، من دهماء الناس ، ومن سُوقتهم ، من المستضعفين ، وهناك مصطلح جاهلي ، من الصعاليك ، يعني الإنسان الفقير ، إنسانًا في الدرجة الدنيا في المجتمع ، لا يأبه له ، لا يفتقد إذا غاب ، ولا يعرف إذا حضر ، أشعث أغبر ذو طمرين ، مدفوع بالأبواب ، لما رأى سادة قريش ، وزعماء قريش ، وكبراء قريش ، الأقوياء ، الأغنياء ، الذين أتاهم الله مالاً وجاهاً وشأناً ، وقوةً ، رأوا ضعافاً حول النبي من أراذل القوم ، أي من فقرائهم .

image016.gif

( سورة هود الآية : 27 ) .

فأبوا أن يجلسوا في مجلس النبي ، وقالوا : يا محمد ، إن أردت أن نأتيك فينبغي أن تطرد هؤلاء ، لأننا لا نجتمع وإياهم في مكان واحد ، أو لأن اجتماعنا بهم يزري بنا ، ويذهب هيبتنا ، نحن في مستوى رفيع ، وهم في مستوى وضيع ، فيا محمد ، إن أردت أن نأتيك فاطرد هؤلاء ، ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ﴾ ، فلما أبى النبي ذلك هؤلاء أرادوا وجه الله عز وجل ، أعطوه حلاً وسطاً ، إن أردت أن نأتيك إليك فاجعل لنا وقتاً ولهم وقتًا ، إن خرجنا من عندك فاسمح لهم بالدخول إليك ، النبي عليه الصلاة والسلام لشدة حرصه على هداية الخلق ، ولأنه تصور وهو الذي أحب الخلق جميعاً أن هؤلاء الكبار إذا أسلموا كل أتباعهم سيُسلمون ، فكأنه مال إلى أن يقبل حلهم الوسط ، أن يكون لهؤلاء الكبراء مجلس ، ولهؤلاء الضعفاء والفقراء مجلس آخر ، لكن جاء العتاب الإلهي ، لكن يجب أن نعلم علم اليقين أن عتاب الله عز وجل نوعان ، عتاب لك ، وعتاب عليك ، ما معنى عتاب لك ؟
لو أن أباً رأى ابنه يدرس ، ويدرس ، ويدرس حتى وصل في الدراسة إلى درجة لم أنه ينَمْ ، يعتب عليه ، يقول له : يا بني ، ينبغي أن تنام قليلاً ، ينبغي أن تتلطف بجسمك ، هو مطيتك ، هو يعتب عليه ، أم يعتب له ؟ يعتب له ، وثمة فرق كبير ، أما لو رآه لا يدرس إطلاقاً ، يضيع وقته ، يمشي في الطرقات ، يهمل واجباته المدرسية ، يعتب عليه ، فإذا عتب الله على النبي صلى الله عليه وسلم فهو يعتب له ، فلشدة حرص النبي على هداية قومه ، لحرصه الكبير على أن يأخذ بيدهم إلى الله ، لطمع النبي أن هؤلاء الكبار إذا أسلموا لَحِقهم في الإسلام أتباعهم ، من هنا بدا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل العرض الثاني ، ولكن الله عتب له ، وقال : يا محمد ـ ـ دعك منهم ، لا خير فيهم ، اشتغل لهؤلاء الفقراء ، لهؤلاء الذين يريدون وجه الله عز وجل .
لذلك نحن في الدنيا إخواننا الكرام من حركة الحياة ظهرت قيم اصطلح الناس عليها في الدنيا ، الغني يُعظم ، ولو ارتكب أخطاء كبيرة ، والقوي يُعظم ، والذكي يُعظم ، والوسيم يُعظم ، والصحيح يُعظم ، الذكاء ، والوسامة ، والصحة ، والقوة ، والغنى ، هذه قيم البشر اصطلح الناس على أن يقيّموا بعضهم بها ، ولكن القرآن الكريم لم يعتمد هذه القيم ، اعتمد قيماً أخرى ، قال تعالى :
image017.gif

( سورة المجادلة الآية : 11 ) .
قال تعالى :
image018.gif

( سورة النساء ) .
قال تعالى :
image019.gif

( سورة الأنعام الآية : 132 ) .
قيمتان لا ثالث لهما ، قيمة العلم وقيمة العمل ، هذه القيم التي اعتمدها القرآن الكريم في الترجيح بين الخلق ، لذلك ينبغي أن نقول : لا يمكن أن تنهض أمة إلا إذا اعتمدت قيم القرآن ، أما قيم الحسب والنسب ، وقيم المال والغنى ، وقيم القوة والبطش ، فهذه قيم لم يعتمدها القرآن ، ولم يقبلها ، ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ ، يريدون وجه الله ، يريدون ذاته ، إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي ، يريدون ما عنده من نعيم مقيم ، يريدون رضوانه ، يريدون قربه ، يريدون أن يرضى عنهم ، هؤلاء لو كانوا بالمقياس الأرضي في الدرجة الدنيا من السلم الاجتماعي هم عند الله في أعلى مكان ، وفي أعلى مرتبة لذلك : ابتغوا الرفعة عند الله .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ ، لَا يُؤْبَهُ لَهُ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ )) .
[الترمذي]


واللهِ مرة كنت في مؤتمر في المغرب ، وفي هذا المؤتمر بفندق من أرقى الفنادق هناك ، استمعت صباحاً إلى صلاة جهرية ، إلى صلاة فجر من مستخدم في الفندق ، وقد آتاه الله صوتاً شجياً ، صلى الفجر بصوت مرتفع ، واستمعت إليه ، جاءني خاطر ، قلت : لعل هذا الإنسان الذي لا يأبه له في هذا الفندق الذي فيه كبراء القوم أن تكون قلامة ظفره عند الله تعدل ألف رجل من كبراء الدنيا .
إخواننا الكرام ، مقاييس الدنيا لا يعبأ الله بها ، لذلك آتى قارون المال ، وهو لا يحب ، وآتى فرعون الملك ، وهو لا يحبه ، فما الذي آتى الأنبياء ؟ آتاهم العلم والحكمة .
image020.gif

( سورة القصص ) .
لذلك يقول الله عز وجل :
image021.gif

( سورة الزمر الآية : 9 ) .
والله عز وجل يقول :
image022.gif

( سورة السجدة ) .
و يقول الله عز وجل :
image023.gif

( سورة القلم ) .
ويقول :
image024.gif

( سورة القصص ) .
image025.gif

( سورة الجاثية الآية : 21 ) .
 
أنا أتمنى أن هذا المؤمن المطيع لله أن تكون معنوياته في أعلى درجة ، هو عبد لله صالح .


image026.gif

( سورة آل عمران ) .


ينبغي ألا نعجب لا بأموالهم ولا بأولادهم ، هؤلاء الذين شردوا عن الله عز وجل وتغطرسوا ، واستعلوا ، واستكبروا ، ونظروا بازدراء إلى المؤمن ، ينبغي ألا نعبأ لا بقوتهم ولا بجبروتهم ، ولا بأموالهم ، ولا بما عندهم من إنجازات حضارية ، ينبغي أن نعلم علم اليقين أن هذه الدنيا مزرعة الآخرة ، فمن عرف ربه ، واستقام على منهجه ، وسعى إلى مرضاته فهو الفائز ، قال تعالى :



image027.gif
( سورة الأحزاب ) .
image028.gif
( سورة آل عمران )
إذاً يا محمد ، أنت اجتهدت لحرصك على هداية الخلق ، اجتهدت أن هؤلاء الكبراء لعلهم يسلمون ، لعلهم يؤمنون ، لأنهم كبراء لعل من حولهم يقلدونهم ، ولكن لا تعبأ بهم ، احرص على هؤلاء الضعاف ، احرص على هؤلاء الفقراء ، هم يبتغون وجه الله عز وجل .
أحياناً الغني إن أراد أن يستمع إلى الحق يضيف إلى متعه متعة روحية ، هو لا يغيّر ، ولا يبدّل ، ولا يدع المعاصي والآثام ، لكن يريد أن يضيف إلى أمجاده أنه في عقد القران لابنته دعا فلانًا ، وألقى كلمة ، قد يكون ماله حرامًا ، وقد تكون علاقاته ليست كما ينبغي ، الإنسان ما لم يستجب لله عز وجل ولرسوله فلا شأن لهذا الإنسان ، ولو كان غنياً أو قوياً .
مرة أقيم عرس في فندق كبير ، وكلف بضع عشرات من الملايين ، وقد وزع الخمر ، وجيء بالراقصات ، إلى ما لا نهاية من المعاصي والآثام ، وعلى بطاقة الدعوة " الطيبون للطيبات " !! .
﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ ، إن عليك إلا البلاغ ، أنت لست مكلفاً أن تحاسبهم ، لأن هناك من يقول : إن هؤلاء الضعاف مظلومون ، لجؤوا إليك كي تحل مشكلتهم ، من يعلم ذلك ؟ قد يأتي إنسان إلى مسجد ، قد يقول إنسان خصم له : ما جاء إلا لينتفع ، من قال لك ذلك ؟ أنت شققت على صدره ؟ تعلم الغيب ؟ تعلم ما أخفاه الله عن كل الخلق ؟ لا تكن وصياً على الخلق ، دع تقييم الناس لله وحده ، لا تحاسب عنهم ، ولا يحاسبون عنك ، لا تحاسب عنهم ، لأن الله أمرك أن تقييم الناس بالظاهر ، والله يتولى السرائر .
أيها الإخوة ، ﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ .


image029.gif

( سورة الأنعام ) .

الله عز وجل منح الإنسان صحة ، وابتلى إنسان بالمرض ، الصحيح يفتن بصحته ، والمريض يفتن بمرضه ، الصحيح يفتن بصحته ، فيشكر الله على نعمة الصحة ، والمريض يفتن بمرضه ، فيصبر ، ابتلى إنسان بالغنى ، وإنساناً بالفقر ، كلمة فتنة ليست مذمومة لذاتها ، بل مذمومة لنتائجها ، فتنة أي امتحان ، قال تعالى يخاطب سيدنا موسى :

image030.gif


( سورة طه الآية : 40 ) .

امتحنت فنجحت ، فالإنسان ممتحن في شيئين ، ممتحن فيما أوتي ، ممتحن فيما زُوِيَ عنه ، إن كان غنياً فهو ممتحن بالغنى ، وإن كان فقيراً فهو ممتحن بالفقر ، وإن كان قوياً فهو ممتحن بالقوة ، وإن كان ضعيفاً فهو ممتحن بالضعف ، فأنت ممتحن فيما زُوِيَ عنك ، وممتحن فيما أوتيتَ ، ممتحن مرتين ، فلذلك الغني قد ينجح في الامتحان ، وقد لا ينجح ، والفقير قد ينجح ، وقد لا ينجح ، فالعبرة ليست في الامتحان ، بل في النتيجة ، ربما نجح الفقير في امتحان الفقر ، ولم ينجح الغني في امتحان الغنى ، فاستحق الفقير جنة عرضها السماوات والأرض ، واستحق الغني الذي لم ينجح في امتحان الغنى عذاباً أليماً إلى أبد الآبدين ، فالعبرة ليست في نوع الفتنة ، بل في نتيجة الفتنة النجاح ، ﴿ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ .
إذاً نحن ممتحنون فيما زُوِيَ عنا ، وفيما منحنا إياه ، من هنا من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : (( اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ ، وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ )) .

والحمد لله رب العالمين




وذكر إنما الذكرى تنفع المؤمنون
 
ابكيتينى والله .......

قال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
 
أعلى