المشهد الثامن ( الشرطة في خدمة الشعب )
المشهد الثامن ( الشرطة في خدمة الشعب )
كان هذا الشعار القديم الذي يعرفه الناس , ولكنه تغير في السنوات الأخيرة إلى ( الشرطة والشعب في خدمة القانون ) أو شعار مثل ذلك , ولكنه تغير وعاد إلى أصله مرة ثانية في هذه الأيام ...
عن نفسي لم أتعرض للشرطة المصرية ولم تتعرض لي في حياتي كلها إلا التعامل البسيط المحترم , فبعيدا عن السنوات الثلاث السابقة والتي رأيت الإنحدار الكبير في التعاملات العامة أيضا لم تتعرض لي الشرطة بسوء , وذلك أن الشرطة المصرية كانت قديما تضرب بشدة كل التيارات الإسلامية وأنا بحكم سني لم ألحق هذا , وإنما كبرت ووجدت عندهم نضجا خاصة في التعامل مع الملتزمين في المناطق الراقية في مصر , فهم لهم نظرة مختلفة وهذا في حد ذاته ظلما ولكنه كان الحال , فإذا رأوا ملتحيا وغنيا ويركب سيارة غالية كانوا يهابونه ولا يتعرضون له بشيء , فلم يتعرضوا لي في حياتي كلها إلا مرة سألوني عن سفري وإيابي ومكان عملي , وفي الحقيقة كانوا في غاية الإحترام على الرغم من الظلم الذي شعرت به لما أوقفوني من دون المسافرين لللحية , فأخبرتهم أني يمكن أن أعمل اتصالات وأني أسافر إلى كل الدنيا ولا أحد يقول لي لماذا لك لحية أو ما شابه ذلك إلا إنهم سألوني أسئلة في دقائق معدودة ثم أخبروني بأنه لا مشكلة ...
وبالطبع كأي مصري كنت أعرف عن خبايا ما يحدث في النظام البوليسي وخاصة جهاز أمن الدولة والذي كان مسلطا على رقاب العباد في مصر , بل في الحقيقة كان مسلطا على رقاب ضباط الشرطة أنفسهم , ولا أنكر أن منهم ضباطا يصومون الأثنين والخميس , ويصلون النوافل ويحمون البلاد من شر الدخلاء الطامعين أو الفاسدين , ولكن كان منهم من غير مبادئ البتة , يتحرك ويعذب ويضرب من يشتبه في كونه قد يعرض النظام للخطر , فكان هؤلاء أهل نقمة مصر بل وضباط البوليس في مصر في الغالب الأعم منهم.
كان وزير الداخلية في مصر يعين من هذا الجهاز القوي المنفصل تقريبا عن الشرطة المصرية , فكان وزير الداخلية يؤخذ من مدير أمن الدولة وكان هذا أمرا معروفا طبيعيا , ولهذا كانت تعيش البلاد تحت حكم الطوارئ , وأُخذ من ميزانية التعليم في مصر حوالي نسبة ٤٠ ٪ لتوضع في أيدي هؤلاء ليقوموا بعملهم , وكان الضباط الشرفاء لا يعرفون أين يتجهون إذا رأوا فسادا لأن اليد العليا كانت لهم , أموالهم ومرتباتهم لا تدخل الحسابات الحكومية - كما علمت - ولهم بدلات كبيرة أو تعتبر كبيرة بالنسبة للدخل العام في مصر , وكان لهم يد قوية في أي مكان ينزلون فيه , وكل هذا تغير الآن....
لما عين الرئيس مبارك وزير الداخلية الجديد من خارج جهاز أمن الدولة علمت أن الأمر بدأ في الإصلاح ولو مؤقتا , وعلمت أنهم يعلمون ما يثير حنق الناس ويكبتهم من معاملة بعض أمن الدولة , لأن رجل البوليس في مصر طوال عمره رجلا محترما يبحث عن المجرمين , ويحميهم من شرور المفسدين ولكن الصورة تغيرت في السنوات الأخيرة إلى رجل متسلط عليهم إما بالإهانة أو بالمال , وهذا أيضا ليس على العموم وإنما هو الظاهر أمام الناس , فانقلب الأمر وبدأ الأمر يعود إلى أصله بوجود الوزير الجديد , وأصبح حبيب العادلي الوزير السابق تحت الحساب والتضيق وبدأت محكمة أمن الدولة بالتحقيق معه , فقلت سبحان الله وزير الداخلية يمنع من السفر ويحقق معه من قبل جهاز أمن الدولة المصرية , والإخوان المسلمين يجلسون في إجتماعات الحكومة وعلى كراسي الوزراء , يتناقشون مع نائب الرئيس المصري عمر سليمان ...
فكيف سقط الشخص العالي وإرتفع الشخص المنبوذ !!
.