ياأهل السنة احذروا هذه القصة

بسم الله الرحمن الرحيم
ان ثعلبة هذا كان من أنصار النبي صلى الله عليه وسلم فجاء يوم وقال يارسول الله ادع الله ان يرزقني مالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك ياثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لاتطيقه ثم أتاه بعد ذلك مرة أخرى فقال يارسول الله ادع الله ان يرزقني مالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ياثعلبة أما لك برسول الله أسوة حسنة والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معي ذهبا وفضة لسارت ثم أتاه مرة ثالثة فقال يارسول الله ادع الله ان يرزقني مالا والذي بعثك بالحق نبيا لان رزقني الله مالا لأعطين كل ذي حق حقه وعاهد الله تعالى على ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارزق ثعلبة مالا قال فاتخذ ثعلبة غنما فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ونزل واديا من أوديتها وهي تنمو كما ينمو الدود وكان ثعلبة لكثرة ملازمته المسجد يقال له حمام المسجد فلما كثر الغنم وتنحى صار يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر ويصلي باقي الصلوات في غنمه فكثرت ونمت حتى بعد عن المدينة فصار لا يشهد الا الجمعة ثم كثرت ونمت فتباعد أيضا عن المدينة حتى صار لا يشهد جمعة ولا جماعة فكان اذا كان يوم الجمعة خرج يتلقى الناس ويسألهم عن الأخبار فذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال مافعل ثعلبة قال يارسول الله اتخذ غنما مايسعها واد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ياويح ثعلبة فانزل الله تعالى آية الصدقة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين رجل من بني سليم ورجل من جهينة وكتب لهما أنصاب الصدقة وكيف يأخذانها وقال لهما مرا بثعلبة بن حاطب وبرجل آخر من بني سليم فخذا صدقاتهما فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة واقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ماهذه الا جزية او هذه أخت الجزية انطلقا حتى تفرغا ثم عودا الي فانطلقا وسمع بهما السلمى فنظر الى خيار إبله فعزله للصدقة ثم استقبلهما بها فلما رأياه قالا ماهذا قال خذاه فان نفسي به طيبة فمرا على الناس وأخذا الصدقات ثم رجعا الى ثعلبة فقال اروني كتابكما فقراه ثم قال ماهذه الا جزية او أخت الجزية اذهبا حتى أرى رأيا فذهبا من عنده واقبلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآهما قال قبل ان يتكلما ياويح ثعلبة فانزل الله تعالى ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم الى يوم يلقونه بما اخلفوا الله ماوعدوه وبما كانوا يكذبون الم يعلموا ان الله يعلم سرهم ونجواهم وان الله علام الغيوب ) وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال ويحك ياثعلبة قد انزل الله فيك كذا وكذا فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ان يقبل صدقته فقال ان الله تعالى منعني ان اقبل منك صدقة فجعل ثعلبة يحثوا التراب على رأسه ووجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني فلما أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يقبل صدقته رجع الى منزله وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئ ثم أتى الى أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين استخلف فقال قد علمت منزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي من الأنصار فاقبل صدقتي فقال أبو بكر رضي الله عنه لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فلا اقبلها انا فقبض أبو بكر رضي الله عنه ولم يقبلها فلما ولي عمر رضي الله عنه أتاه فقال ياامير المؤمنين اقبل صدقتي فلم يقبلها منه وقال لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر رضي الله عنه فانا لااقبلها وقبض عمر رضي الله عنه ولم يقبلها ثم ولي عثمان بن عفان رضي الله عنه فسأله ان يقبل صدقته فقال له لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما فانا لااقبلها ثم هلك ثعلبة في خلافة عثمان

سؤال:



هل قصة ثعلبة ونزول قوله تعالى : ( ومنهم من عاهد الله ... الآيات ) صحيحة ؟ علماً بأنهم كانوا يسمونه حمامة المسجد .


الجواب:

الحمد لله


"ما ورد في سبب نزول قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ) التوبة/74 ،


أنه ثعلبة بن حاطب – لا يصح سنده ،



وثعلبة بن حاطب أنصاري معدود في البدريين ، استشهد يوم أحد ، كما حقق ذلك جماعة من أهل العلم ،


منهم الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى .وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .


الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/49) .




وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :


"قوله تعالى : (ومنهم من عاهد الله ....) الآيات نزلت في بيان حال بعض المنافقين .


وأما ما اشتهر من أنها نزلت في ثعلبة بن حاطب في قصة طويلة ذكرها كثير من المفسرين وروجها كثير من الوعاظ فضعيف لا صحة له ،


وهي مخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة من أن الله يقبل توبة التائب من أي ذنب كان
(منقول)
 
التعديل الأخير:
بيان بطلان القصة متناً
بقلم »</U> الشيخ سليم بن عيد الهلالي


إن مما يؤكد فساد القصة وبطلانها: ما فيها من اختلاف ونكارة، وإليك التفصيل:
1- عدم مطابقة الآيات للقصة: فالآيات ذات دلالة واضحة على أن الذي عاهد الله كان منافقاً معلوم النفاق؛ يتضح ذلك لمن تدبر سياق الآيات:

[التوبة:73-77].
قال ابن جرير (10/12) في تفسير الآيات: «يقول تعالى ذكره: ومن هؤلاء المنافقين -الذين وصفت لك يا محمد! صفتهم- من عاهد الله . . .».
والقصة تؤكد أن ثعلبة –رضي الله عنه- كان محافظاً على الصلوات الخمس حيث يـنادى بهن؛ حتى أن القصاص والعامة نعتوه بـ«حمامة المسجد»، وهذا لا شك من صفات المؤمنين، وليس من صفات المنافقين: الذين قال الله عنهم:

[التوبة:54].
والقصة لذلك تؤكد أن ثعلبة كان مؤمناً، وإنما فتنه المال:
قال القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (8/210)
-بعد أن نقل قول الضحاك: إن الآية نزلت في رجال من المنافقين: نبتل بن الحارث، وجُـدِّ بن قيس، ومـعتّب بن
قشير-: «وهذا أشبه بنزول الآية فيهم؛ إلا أن قوله:

يدل على أن الذي عاهد الله لم يكن منافقاً من قبل، إلا أن يكون المعنى: زادهم نفاقاً ثبتوا عليه إلى الممات، وهو قوله –تعالى-:

على ما يأتي».
قلت: والصواب ما ذكره أخيراً؛ فإن الله أعقبهم نفاقاً لا توبة منه، وهي زيادة على أصل النفاق، ودليل ذلك: أن الذي عاهد الله مات منافقاً

[التوبة:77]، وهذا يدل على أن الذي عاهد الله كان منافقاً، وهذا الذي رجحه القرطبي (8/212): «وفي هذا دليل على أنه مات منافقاً، وهو يبعد أن يكون المنزل فيه ثعلبة...».
2- والآيات تدل دلالة واضحة أن الله طبع على قلب هذا المنافق فاحتجر التوبة عنه واحتجبها، فأدركته سوء الخاتمة، وهذا يعني: أنه لن يخطر بباله أن يتوب، يقول ابن جرير الطبري (11/577):«فأعقبهم الله نفاقاً في قلوبهم؛ ببخلهم بحق الله... إلى يوم يلقونه . . . وحرمهم التوبة منه، ولأنه جل ثناؤه اشترط في نفاقهم الذي أعقبهموه إلى يوم يلقونه، وذلك يوم مماتهم وخروجهم من الدنيا».
والقصة تفيد أن ثعلبة عندما علم ما أنزل الله رجع وتاب وأناب، وفكر وتذكر، وهذا لا شك دليل أنه من المؤمنين، وأن الذي مسه إنما هو طائف من الشيطان، فلما ذكر انتفع بالذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين؛ بنص القرآن:

[الأعراف:201].
3- تناقض القصة: فهي تنص على أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما تقاعد ثعلبة عن الجمعة والجماعة سأل سؤال الذي يجهل حال ثعلبة: «ما فعل ثعلبة؟»، فأخبره الصحابة، ثم تُخبر أنه صلى الله عليه وسلم أخبر الرجلين اللذين أرسلهما لجمع الصدقات بما فعل ثعلبة قبل أن يخبراه، وهذا تناقض عجيب؛ ففي المرة الأولى التي يظهر فيها حال ثعلبة للعيان، والكبير والصغير، والأعمى والبصير- إذ انقطع عن المسجد- لا يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم حاله، وفي المرة الثانية التي تخفى على جميع البشر يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم ويخبر بغيب قبل أن يعلمه! وهذا ما نزهه الله عنه:
[الأعراف:188].
4- مخالفة القصة للقرآن الكريم:
أ- من أصول الشريعة التي قررها الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: أن التائب لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم تاب؛ تاب الله عليه، قال جل شأنه:

[النساء:17-18].
وقد أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل شيء عُصِيَ به فهو جهالة؛ عمداً كان أو غيره، وكل ذنب أصابه عبد، فهو بجهالة([1])، وهو ما أقره شيخ المفسرين الطبري –رحمه الله- (6/203): «وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية: قول من قال: تأويلها: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء، وعملهم السوء هو الجهالة التي جهلوها، عامدين كانوا للإثم أو جاهلين بما أعد الله لأهلها».
وكل من تاب قبل الموت؛ فقد تاب من قريب، قال الطبري (6/515): «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: تأويله: ثم يتوبون قبل مماتهم، في الحال التي يفهمون فيها أمر الله –تبارك وتعالى- ونهيه قبل أن يُغْلَبوا على أنفسهم وعقولهم...».
قلت: ودليل ذلك: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله-تعالى- يقبل توبة العبد ما لم يغرغر»([2])، وهو بيان لقوله –تعالى-:

[النساء:18]؛ فالآية استثنت هذه الحالة فقط، وأنها لا تقبل فيها التوبة، وهذا دليل خطاب يدل على أن غير هذه الحالة تقبل فيها التوبة؛ وهو ما قبل الموت.
القصة تؤكد: أن ثعلبة تاب توبة نصوحًا، فجاء يعرض صدقته على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأكد توبته مراراً؛ فجاء أبا بكر وعمر وعثمان –رضي الله عنهم-، لكنهم رفضوا قبول توبته، وأخبروه أن الله لم يقبل توبته، وهذا خلاف ما تقدم من النصوص القاطعة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، والتي تقرر:

[الشورى:25].
ب- فإن قيل: إن ثعلبة منافق.
قلت: حتى المنافقين، فقد فتح الله لهم باب التوبة على مصراعيه، قال الشاكر العليم:

[النساء:145-147].
وقال الغفور الرحيم مخبراً عن المنافقين:

[التوبة:74].
وقال التواب الرحيم:

[التوبة:101-104].
ت- وقد رغب الله -تعالى- عباده في التوبة:

[النور: 31]، وحذرهم من أن يقنطوا من رحمته التي وسعت كل شيء:

[الزمر:53].
وقال -تعالى- على لسان إبراهيم -عليه السلام-:

[الحجر:56].
والقصة تنمي في قلوب العصاة الذين جهلوا فاقترفوا بعض الذنوب واجترحوا السيئات صفة القنوط واليأس من رحمة الله، تلك الصفة التي لا يحبها الله ورسوله الذي بشر الناس أنهم لو أتوا بقراب الأرض خطايا، واستغفروا الله؛ لغفر لهم، ولو لم يخطئوا؛ لاستبدلهم الله بأناس يخطئون، فيستغفرون فيغفر لهم.
قال صلى الله عليه وسلم: «قال الله –تعالى-: يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان([3]) السماء، ثم استغفرتني؛ غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم! إنك لو أتيتني بقراب([4]) الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً؛ لأتيتك بقرابها مغفرة»([5]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله –تعالى- فيغفر لهم»([6]).
5- مخالفتها للأحاديث الثابتة الواردة في مانع زكاة الإبل والماشية:
جاءت الأحاديث الصحيحة صريحة في أن صاحب الإبل والماشية إذا منع زكاتها؛ أخذت الزكاة منه قهراً، وأخذ شطر ماله عقوبة على منع الزكاة:
عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده؛ قال: سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: «في كل إبل سائمة([7]) في كل أربعين: ابنة لبون، لا تفرق إبل عن حسابها، من أعطاها مؤتجراً؛ فله أجرها، ومن منعها؛ فإنا آخذوها منه وشطر([8]) إبله –وفي رواية: ماله-، عزمة([9]) من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد منها شيء»([10]).
بينما القصة تؤكد أن ثعلبة منع زكاة إبله وماشيته ووصفها بأنها جزية، ولم يحرك الرسول صلى الله عليه وسلم ساكناً؛ أي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك تنفيذ الأحكام المفروضة، وتهاون في إمضاء حكم الله على مانع الزكاة! وكذلك الخلفاء الثلاثة تهاونوا وتقاعسوا عن ذلك، بل إن حق الله في مال ثعلبة جاءهم، فرفضوه(!)
وهذا دليل على فساد القصة من أصلها؛ كيف وقد جرد الصحابة –رضي الله عنهم- السيوف، وجيشوا الجيوش على مانعي الزكاة الذين رفضوا إعطاءها بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم؟
عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب؛ قال عمر: يا أبا بكر! كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله؛ عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله».
قال أبو بكر: والله، لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً([11]) –وفي رواية: عقالاً- كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لقاتلتهم على منعها، قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الذي قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق([12]).
وهذا إجماع من الصحابة –رضي الله عنهم- على هذا الأمر، فكيف يمتنع الخلفاء الثلاثة عن أخذ صدقة ثعلبة بن حاطب؟!
فإن قيل: إن ثعلبة من أهل بدر؛ فيسامح كما حدث مع حاطب بن أبي بلتعة؛ كما سيأتي قريباً .
قلت: إن محل العفو عن البدري في الأمور التي لا حد فيها؛ فهذا مسطح بن أثاثة –رضي الله عنه- أقيم عليه الحد بقذف عائشة –رضي الله عنها-، ولم يسامح، وهو من أهل بدر، وما فعله ثعلبة- كما تزعم هذه القصة المخترعة - فيه حد، فقد تقدم –آنفاً- أن أبا بكر الصديق –رضي الله عنه- استحل دم مانعي الزكاة.
6- ثعلبة بن حاطب من العصبة المؤمنة التي شهدت بدراً.
قال الحافظ في «الإصابة» (1/698): «ثعلبة بن حاطب... ذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق في البدريين، وكذا ذكره ابن الكلبي».
وقال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1/200): «شهد بدراً وأُحُدًا».
وقال ابن الأثير في «أسد الغابة» (1/283): «شهد بدراً؛ قاله محمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة».
ولقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد -إن شاء الله- ممن شهد بدراً والحديبية»([13])، وأخبر صلى الله عليه وسلم عن الله؛ كما في حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد
-وكلنا فارس-، قال: «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ([14])؛ فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين»، فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: الكتاب، فقالت: ما معنا كتاب، فأنخناها، فالتمسنا فلم نر كتاباً، فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتخرجن الكتاب؛ أو لنجردنك، فلما رأت الجد؛ أهوت إلى حجزتها -وهي محتجزة بكساء- فأخرجته.
فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: يا رسول الله! قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما حملك على ما صنعت؟»، قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمناً بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق، ولا تقولوا له إلا خيراً»، فقال عمر: إنه خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه، فقال: «أليس من أهل بدر؟»، فقال: «لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: افعلوا ما شئتم؛ فقد وجبت لكم الجنة -أو فقد غفرت لكم-»؛ فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم([15]).
وأقول للذين يدندنون حول قصة ثعلبة دون إدراك معانيها الخاطئة: أليس ثعلبة من أهل بدر؟ فمن يكون بهذه المنزلة كيف يعقبه الله نفاقاً إلى يوم يلقونه؛ أي: يختم له بالنفاق ثم يوجب له الجنة؟!
قال القرطبي (8/212): «وقيل:

؛ أي: يلقون الله، وفي هذا دليل على أنه مات منافقاً، وهو يبعد أن يكون المنزل فيه ثعلبة أو حاطب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: «وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم»، وثعلبة وحاطب ممن حضر بدراً وشهدها».
6- قال ابن الكلبي([16]): «.... وقتل يوم أحد»، فإذا كان ما قاله ابن الكلبي صحيحاً؛ فهو ينقض ما جاء في القصة أن ثعلبة بن حاطب هلك في خلافة عثمان. وإنما أوردته هنا لمناقشة الحافظ ابن حجر –رحمه الله- الذي ذهب في «الإصابة» (1/198) إلى القول: إن هناك رجلاً غير ثعلبة بن حاطب البدري، وهو ثعلبة بن أبي حاطب: «وقد تأكدت المغايرة بينهما بقول الكلبي: إن البدري استشهد يوم أحد
-ويقوي ذلك- أيضاً- أن ابن مردويه روى في «تفسيره» من طريق عطية عن ابن عباس في الآية المذكورة؛ قال: وذلك أن رجلاً يقال له: ثعلبة بن أبي حاطب من الأنصار أتى مجلساً فأشهدهم، فقال: لئن آتاني الله من فضله الآية، فذكر القصة بطولها، فقال: إنه ثعلبة بن أبي حاطب، والبدري اتفقوا على أنه ثعلبة بن حاطب ... فالظاهر أنه غيره».
أ- لا يجوز الجزم بما قاله ابن الكلبي، وإذا صح؛ فإنما ينتقض القصة ويبين فسادها، ولا يدل على وجود شخصية أخرى، والصواب في هذا المقام: ما ذكره ابن الأثير –رحمه الله- (1/285) تعليقاً على كلمة ابن الكلبي: «فإذا كان هذا الذي في هذه الترجمة؛ فإما يكون ابن الكلبي قد وهم في مثله، أو تكون القصة غير صحيحة، أو يكون غيره. وهو هو لا شك فيه...».
فقد نفى أن يكون غيره؛ فإما يكون ابن الكلبي قد وهم –وقد عرفت شأنه-، أو تكون القصة غير صحيحة من أصلها؛ وهو الصواب.
ب- أما الرواية من طريق عطية عن ابن عباس التي عضد بها الحافظ توجيهه؛ فهي رواية ساقطة لا يفرح بها، وقد سبق بيان حالها في الرواية الثانية، فلا يجوز الاحتجاج بها، ولقد ذهب الحافظ في «الفتح» (3/266) إلى رد الاحتجاج بقصة ثعلبة، فكيف يحتج بها هنا؟ فقال: «وقوى بعضهم ما ذهب إليه ابن الأثير بما وقع في قصة ثعلبة بن حاطب المطولة… والجزية إنما وجبت في التاسعة؛ فتكون الزكاة وجبت في التاسعة؛ لكنه حديث ضعيف لا يحتج به».
فإذا كان الحافظ -رحمه الله- لا يجيز للقائلين بأن الزكاة فرضت في السنة التاسعة الاحتجاج بقصة ثعلبة؛ فكيف يحتج بها لإثبات شخصية خيالية لا أصل لها؟!
والعجيب أن الحافظ –رحمه الله- يحاول التوفيق بين القصة وكون ثعلبة بن حاطب من أهل بدر، فيخترع شخصية أخرى لينسب القصة له، وهو الذي صرح بأن هذه القصة غير صحيحة من أصلها في ثلاثة من كتبه؛ كما سيأتي إن شاء الله-؛ ولكن لكل حصان كبوة، ولكل عالم هفوة.

(منقول)
 
أعلى