محمد الوشيحي
كاتب و سياسي كويتي
أسعد الله مسائكم...
مقالة جديدة للشبكة.
عفواً... "عفوك" مرفوض
أوه ماي قود، يالله دخيلك شنو هذا؟ زحمة أخبار سعيدة، وكل خبر يقول الزين عندي... يااااه ما أجمل هذه الأيام... ويااااه... ما أسهل تلاشي الفقاعات عندما تنفخ عليها الشعوب الغاضبة "هوووف".
من كان يصدّق أن مبارك، بجلالة أمنه، الذي كان يضع الإعلام والدستور في جيبه إلى جانب مجلسي الشعب والشورى وجمعيات النفع العام، والذي كان يربّي في حديقته الخلفية آلاف المرتزقة والطفيليين والزواحف ومثيري الفتن من نواب وكتاب ومذيعين ورجال دين البلاط، أو رجال دين لعق البلاط، ووسائل إعلام وتجار ووو، إشي بكارفتة وإشي بجلابية وعمامة وإشي كاجيوال، مبارك الذي قرّب الموالين وقهرَ خصومه الأكفاء وامتلك البلد، مبارك الذي كان يلعب بورقة الطائفية، فيضرب هذا بذاك، ويفتن بين هذه الفئة وتلك، مبارك الذي والذي والذي، من كان يصدق أو يتخيل أنه سيفرّ لينفد بجلده ويترك طفيلياته وزواحفه بين مخالب الشعب الغاضب، لتواجه مصيرها الذي يشبه لون قلوبها، على أن تطارده هو لاحقاً.
وخلوني أنظّر شوية وأقول إن الأنظمة الديكتاتورية كلها تتشكل على هيئة هرم مقلوب، رأسه إلى الأسفل وقاعدته إلى الأعلى، ويستند على طابوقة واحدة، هي الزعيم، فإذا تفتتت هذه الطابوقة أو ركلتها الشعوب فتزحزحت عن مكانها، هوى الهرم كله تباعاً وتساقطت أحجاره، في حين "يسقط" الرئيس الأميركي أو الأوروبي فلا يفر ولا تتساقط الأحجار.
وأرى أن جمال مبارك أحد أهم أسباب سقوط "نظام" والده، وكم من أنظمة فاسدة سقطت بسبب طغيان أحد أركانها وفساده. والطغاة العرب صور طبق الأصل من بعضهم البعض، قال طلقها وخذ اختها قال الله يلعن الثنتين... وشعب مصر "الجديد" الثائر، سيكون عوناً لأي شعب عربي يثور على الفساد والقمع والفتنة.
على أية حال، مبروك لمصر وللعرب، وخلونا نشوف أمورنا في الكويت... وأكثر ما أضحكني هو أنه في الوقت الذي يخطط فيه شبان الكويت الأحرار، وبصورة علنية لا سردابية، للتحضير لتجمعات تسقط الحكومة بقضها وقضيضها ونهجها ونهيجها في 8 مارس المقبل، تستفز الحكومة الناس فتتقدم بطلب تفسير بعض مواد الدستور، وهو ما أعتبره – أنا - هدية لنا من الحكومة جاءت في وقتها! شكراً حكومتنا الرشيدة، ما أرشدك وأجملك، فقد نبهتينا إلى أن مطالبنا، التي منها استقلال القضاء، يجب أن تمتد لتصل إلى "تعديل الدستور إلى المزيد والمزيد من الحقوق والحريات".
وبمناسبة الحريات، بخصوص "عفو" سمو الرئيس عني - وأنا لا أملك إلا الحديث عن نفسي فقط – هو غير مقبول، إذ لا يملك أحد "صلاحية العفو" إلا صاحب السمو أمير البلاد، ولا يجوز أن يضع أحد نفسه في موضع لا يستحقه إلا والد الجميع سمو الأمير، فيحصّن ذاته عن النقد، ويدّعي أنه عفا عن هذا أو ذاك. وبغض النظر عن مسار قضيتي، التي أضمن حصولي فيها على البراءة (والشكر هنا لفريق الدفاع المتطوع المكون من الأساتذة محمد الجاسم وعبد الله الأحمد ود. عبيد الوسمي، الذي أبارك له ولنا خروجه من السجن، وهادي العجمي وأساتذة القانون المصريين المتطوعين من مصر وآخرين)، أقول بغض النظر عن هذا، إن كان الرئيس يسمي تنازله عن القضية "عفواً" فأنا أشكره وأرفض "عفوه"، فهو يتعامل مع معارضة لا مع مماليك، بل وأتمنى عليه أن يترك القضية تواصل نموّها وتسير في مسارها كي نرى ماذا سيفعل القضاء المصري إزاءها، وهي القضية التي لم أجد تعبيراً عنها أفضل مما قاله أحد الزملاء في مصر: "إيه ده؟ فيه إيه؟ أمّال بتقولوا احنا بتوع الحرية ازاي؟ يا عم انتو بتوع الأتوبيس، بلا حرية بلا ترللي، ما يقرأ الرئيس بتاعكو اللي بنكتبه هنا عن رئيس حكومتنا وعن الرئيس زات نفسو... عموماً يا مرحب بيكو في أروقة قضائنا... تعالوا عندنا عشان نشوف مين الأكثر حرية صحافية"! والطريف أن كلامه هذا كان قبل الثورة، فتخيل الوضع هذه الأيام.
وأعتقد أن سمو الرئيس، على افتراض أنه صاحب قرار العفو، أراد من "حكاية العفو"، التي طبّل لها أنصاره، من أمثال سلوى الجسار وعدنان المطوع وسعدون حماد وطاق طرباق، أن يظهر بمظهر المتسامح، ويُظهر معارضي أدائه بمظهر الزعران، أو المراهقين العاقين بأمهم (الحكومة) التي تكنس الشوارع وتغسل البيوت لتصرف عليهم فيقابلونها بالجفاء والنكران. قليلو الأدب... لا معلش، أو بالأحرى من غير معلش، فساد الحكومة يقطع الخميرة من البيت، وفشل رئيسها يقطع الخميرة من الشرق الأوسط بأكمله، وسنظل نعارض الحكومة ورئيسها إلى أن تُلقي رحلها في الرف الذي يعلو رف "أم قشعم"، غير محسوف عليها.
وتذكروا أن تغيير الحكومة لا يتطلب أكثر من "هوووف" متواصلة تنفثها صدور ثابتة لا ترتجف.
مقالة جديدة للشبكة.
عفواً... "عفوك" مرفوض
أوه ماي قود، يالله دخيلك شنو هذا؟ زحمة أخبار سعيدة، وكل خبر يقول الزين عندي... يااااه ما أجمل هذه الأيام... ويااااه... ما أسهل تلاشي الفقاعات عندما تنفخ عليها الشعوب الغاضبة "هوووف".
من كان يصدّق أن مبارك، بجلالة أمنه، الذي كان يضع الإعلام والدستور في جيبه إلى جانب مجلسي الشعب والشورى وجمعيات النفع العام، والذي كان يربّي في حديقته الخلفية آلاف المرتزقة والطفيليين والزواحف ومثيري الفتن من نواب وكتاب ومذيعين ورجال دين البلاط، أو رجال دين لعق البلاط، ووسائل إعلام وتجار ووو، إشي بكارفتة وإشي بجلابية وعمامة وإشي كاجيوال، مبارك الذي قرّب الموالين وقهرَ خصومه الأكفاء وامتلك البلد، مبارك الذي كان يلعب بورقة الطائفية، فيضرب هذا بذاك، ويفتن بين هذه الفئة وتلك، مبارك الذي والذي والذي، من كان يصدق أو يتخيل أنه سيفرّ لينفد بجلده ويترك طفيلياته وزواحفه بين مخالب الشعب الغاضب، لتواجه مصيرها الذي يشبه لون قلوبها، على أن تطارده هو لاحقاً.
وخلوني أنظّر شوية وأقول إن الأنظمة الديكتاتورية كلها تتشكل على هيئة هرم مقلوب، رأسه إلى الأسفل وقاعدته إلى الأعلى، ويستند على طابوقة واحدة، هي الزعيم، فإذا تفتتت هذه الطابوقة أو ركلتها الشعوب فتزحزحت عن مكانها، هوى الهرم كله تباعاً وتساقطت أحجاره، في حين "يسقط" الرئيس الأميركي أو الأوروبي فلا يفر ولا تتساقط الأحجار.
وأرى أن جمال مبارك أحد أهم أسباب سقوط "نظام" والده، وكم من أنظمة فاسدة سقطت بسبب طغيان أحد أركانها وفساده. والطغاة العرب صور طبق الأصل من بعضهم البعض، قال طلقها وخذ اختها قال الله يلعن الثنتين... وشعب مصر "الجديد" الثائر، سيكون عوناً لأي شعب عربي يثور على الفساد والقمع والفتنة.
على أية حال، مبروك لمصر وللعرب، وخلونا نشوف أمورنا في الكويت... وأكثر ما أضحكني هو أنه في الوقت الذي يخطط فيه شبان الكويت الأحرار، وبصورة علنية لا سردابية، للتحضير لتجمعات تسقط الحكومة بقضها وقضيضها ونهجها ونهيجها في 8 مارس المقبل، تستفز الحكومة الناس فتتقدم بطلب تفسير بعض مواد الدستور، وهو ما أعتبره – أنا - هدية لنا من الحكومة جاءت في وقتها! شكراً حكومتنا الرشيدة، ما أرشدك وأجملك، فقد نبهتينا إلى أن مطالبنا، التي منها استقلال القضاء، يجب أن تمتد لتصل إلى "تعديل الدستور إلى المزيد والمزيد من الحقوق والحريات".
وبمناسبة الحريات، بخصوص "عفو" سمو الرئيس عني - وأنا لا أملك إلا الحديث عن نفسي فقط – هو غير مقبول، إذ لا يملك أحد "صلاحية العفو" إلا صاحب السمو أمير البلاد، ولا يجوز أن يضع أحد نفسه في موضع لا يستحقه إلا والد الجميع سمو الأمير، فيحصّن ذاته عن النقد، ويدّعي أنه عفا عن هذا أو ذاك. وبغض النظر عن مسار قضيتي، التي أضمن حصولي فيها على البراءة (والشكر هنا لفريق الدفاع المتطوع المكون من الأساتذة محمد الجاسم وعبد الله الأحمد ود. عبيد الوسمي، الذي أبارك له ولنا خروجه من السجن، وهادي العجمي وأساتذة القانون المصريين المتطوعين من مصر وآخرين)، أقول بغض النظر عن هذا، إن كان الرئيس يسمي تنازله عن القضية "عفواً" فأنا أشكره وأرفض "عفوه"، فهو يتعامل مع معارضة لا مع مماليك، بل وأتمنى عليه أن يترك القضية تواصل نموّها وتسير في مسارها كي نرى ماذا سيفعل القضاء المصري إزاءها، وهي القضية التي لم أجد تعبيراً عنها أفضل مما قاله أحد الزملاء في مصر: "إيه ده؟ فيه إيه؟ أمّال بتقولوا احنا بتوع الحرية ازاي؟ يا عم انتو بتوع الأتوبيس، بلا حرية بلا ترللي، ما يقرأ الرئيس بتاعكو اللي بنكتبه هنا عن رئيس حكومتنا وعن الرئيس زات نفسو... عموماً يا مرحب بيكو في أروقة قضائنا... تعالوا عندنا عشان نشوف مين الأكثر حرية صحافية"! والطريف أن كلامه هذا كان قبل الثورة، فتخيل الوضع هذه الأيام.
وأعتقد أن سمو الرئيس، على افتراض أنه صاحب قرار العفو، أراد من "حكاية العفو"، التي طبّل لها أنصاره، من أمثال سلوى الجسار وعدنان المطوع وسعدون حماد وطاق طرباق، أن يظهر بمظهر المتسامح، ويُظهر معارضي أدائه بمظهر الزعران، أو المراهقين العاقين بأمهم (الحكومة) التي تكنس الشوارع وتغسل البيوت لتصرف عليهم فيقابلونها بالجفاء والنكران. قليلو الأدب... لا معلش، أو بالأحرى من غير معلش، فساد الحكومة يقطع الخميرة من البيت، وفشل رئيسها يقطع الخميرة من الشرق الأوسط بأكمله، وسنظل نعارض الحكومة ورئيسها إلى أن تُلقي رحلها في الرف الذي يعلو رف "أم قشعم"، غير محسوف عليها.
وتذكروا أن تغيير الحكومة لا يتطلب أكثر من "هوووف" متواصلة تنفثها صدور ثابتة لا ترتجف.