"كفاح" الشيوخ!
يقع مكتبي في منطقة "شرق"، وهو يطل على البحر. ومنه أستطيع رؤية موقع منزلنا القديم الذي ولدت فيه. ليست لي ذكريات في "شرق"، فقد انتقلنا إلى منزل آخر بعيد ولادتي، لكن لهجتي، كما يقال لي، هي لهجة "أهل شرق"! مؤخرا زارني في مكتبي دبلوماسي أجنبي، وقد أعجبه المنظر، فشرعت أشرح له بعض ما تيسر لي من معلومات عن تقسيمات الكويت القديمة، وعن وجود بعض الاختلاف في لهجة سكان "شرق" ولهجة سكان "جبلة" وعن التقسيم الطبقي للكويت القديمة.. والآن يبدو أنني مطالب باستعادة تراث "أهل شرق" واستنهاض همم أفراد "طبقتي" كي نستعد لمواجهة "التحديات" الكويتية في القرن الحالي!!
نبرة كريهة، حتى وإن كانت منخفضة إلى حد ما، إلا أنها ظهرت.. إنها العنصرية البغيضة التي دفعت البعض منا إلى تحديد موقفه السياسي بل وحتى الموقف الدستوري من "تدوير" الوزير السابق بدر الحميضي. كان هناك من يقول "المعتوق كيفهم وياه بس الحميضي لا ما يجوز هذا ولد عايلة"، بل وأكثر من ذلك فقد سعى البعض إلى تقديم عريضة للسلطات العليا تنادي بوجوب إبقاء الحميضي في منصبه لأسباب "عائلية"، بمعنى أنهم لا يقبلون خروجه من الوزارة نتيجة استجواب، فهو "ولد عايلة"!
إن النبرة العنصرية التي ظهرت بمناسبة استجواب و"تدوير" واستقالة بدر الحميضي مرشحة للظهور مجددا حين يتم استجواب وزير التربية والتعليم العالي نورية الصبيح .. وهنا أود أن أنبه الأخت نورية إلى خطورة هذه النبرة وخطورة الاحتماء بها أو حتى جعلها الأساس الذي تبنى عليه القرارات أو المواقف. فالعمل العام، ومنه العمل الوزاري، مسؤولية. وحين يتم تعيين أحد "أبناء العوايل" في المنصب الوزاري فإن هذا التعيين لا يعني تقاسم إدارة الدولة بين الشيوخ و"العوايل" إطلاقا. وعلى من يحمل فكرا عنصريا أن "يقعد في بيته" كما فعل شيوخ من قبل لم يتمكنوا من تحمل فكرة المساءلة السياسية، وقد أراحوا واستراحوا بابتعادهم عن المناصب العامة والاكتفاء بشيختهم. إن نظامنا الدستوري لا يفرق بين شيخ وآخر أو عائلة وأخرى!
إن مسلم محمد البراك مواطن كويتي وعضو في مجلس الأمة، وكذلك الدكتور ضيف الله بورمية. وهما متساويان في الحقوق والواجبات مع بقية أعضاء مجلس الأمة كالأخ محمد الصقر والأخ أحمد لاري. ومهما اختلفنا مع أي نائب في توجهاته السياسية أو أسلوبه في العمل السياسي، فإن هذا الاختلاف لا يجوز أن ينطلق من قاعدة عنصرية.. نعم إن حق مسلم البراك في استجوب أي وزير، لا يختلف عن حق مرزوق الغانم، فليتوقف دعاة العنصرية عن غيهم، فالكويت "موناقصة" مشاكل!
على كل حال، يصادف يوم غد الأحد 11 نوفمبر الذكرى 45 لصدور الدستور، أي الذكرى 45 أيضا لبدأ الصراع بين مشروع الحكم ومشروع الدولة. ومع الأسف فقد أنهك هذا الصراع البلاد واستنزف طاقاتها وأطاح بفرص التنمية.
تصوروا.. لقد مضى على صراع الشيوخ مع الدستور 45 عاما، وهم لم يستسلموا بعد حتى يومنا هذا. 45 عاما والكثير من ساستنا لا يفهم معنى الدستور ولا يدرك جوهره.. 45 عاما ونحن نناقش أيهما أفضل مجلس شورى معين أم مجلس أمة منتخب.. 45 عاما مضت وبعضنا يتربص ببعضنا الآخر.. 45 عاما مضت وهم يتمنون التخلص من الدستور ونحن نستنفر قوانا للدفاع عن هذا الدستور.. 45 عاما مضت في صراع سياسي لا فائدة منه إطلاقا.
ماهي الفائدة التي عادت على الأسرة الحاكمة من هذا الصراع؟ ماذا جنت الكويت من هذا الصراع؟ الأسرة الحاكمة فقدت الكثير من شعبيتها.. والكويت خسرت الكثير من مكانتها وثروتها وطاقتها؟
شيوخنا الأعزاء.. 45 عاما ولم تتمكنوا من التخلص من الدستور، فهل ما زلتم مصرين على مواصلة "الكفاح"؟ ماذا لو فكرتم اليوم بإنهاء صراعكم مع الدستور والالتفات صوب تنمية بلدكم وتطويرها والمحافظة على حكمكم واسترداد ما فقدتموه من شعبية، أليس هذا الأمر أجدى!!
"فكروا فيها" وكل عام وأنتم بخير.
10/11/2007
ياسلام عليك ,وفعلا لقد ملت الكويت من هذا الصراع ومن اثاره التي ما زلنا نعاني منها تكفون بس والله الدستور ما يخوف ولا ينزل من قدركم انتم من يحكم هذه الارض والشعب ارتضى هذا الحكم ,ففكروا فيها ,وشكرا للمحامي محمد الجاسم !!
يقع مكتبي في منطقة "شرق"، وهو يطل على البحر. ومنه أستطيع رؤية موقع منزلنا القديم الذي ولدت فيه. ليست لي ذكريات في "شرق"، فقد انتقلنا إلى منزل آخر بعيد ولادتي، لكن لهجتي، كما يقال لي، هي لهجة "أهل شرق"! مؤخرا زارني في مكتبي دبلوماسي أجنبي، وقد أعجبه المنظر، فشرعت أشرح له بعض ما تيسر لي من معلومات عن تقسيمات الكويت القديمة، وعن وجود بعض الاختلاف في لهجة سكان "شرق" ولهجة سكان "جبلة" وعن التقسيم الطبقي للكويت القديمة.. والآن يبدو أنني مطالب باستعادة تراث "أهل شرق" واستنهاض همم أفراد "طبقتي" كي نستعد لمواجهة "التحديات" الكويتية في القرن الحالي!!
نبرة كريهة، حتى وإن كانت منخفضة إلى حد ما، إلا أنها ظهرت.. إنها العنصرية البغيضة التي دفعت البعض منا إلى تحديد موقفه السياسي بل وحتى الموقف الدستوري من "تدوير" الوزير السابق بدر الحميضي. كان هناك من يقول "المعتوق كيفهم وياه بس الحميضي لا ما يجوز هذا ولد عايلة"، بل وأكثر من ذلك فقد سعى البعض إلى تقديم عريضة للسلطات العليا تنادي بوجوب إبقاء الحميضي في منصبه لأسباب "عائلية"، بمعنى أنهم لا يقبلون خروجه من الوزارة نتيجة استجواب، فهو "ولد عايلة"!
إن النبرة العنصرية التي ظهرت بمناسبة استجواب و"تدوير" واستقالة بدر الحميضي مرشحة للظهور مجددا حين يتم استجواب وزير التربية والتعليم العالي نورية الصبيح .. وهنا أود أن أنبه الأخت نورية إلى خطورة هذه النبرة وخطورة الاحتماء بها أو حتى جعلها الأساس الذي تبنى عليه القرارات أو المواقف. فالعمل العام، ومنه العمل الوزاري، مسؤولية. وحين يتم تعيين أحد "أبناء العوايل" في المنصب الوزاري فإن هذا التعيين لا يعني تقاسم إدارة الدولة بين الشيوخ و"العوايل" إطلاقا. وعلى من يحمل فكرا عنصريا أن "يقعد في بيته" كما فعل شيوخ من قبل لم يتمكنوا من تحمل فكرة المساءلة السياسية، وقد أراحوا واستراحوا بابتعادهم عن المناصب العامة والاكتفاء بشيختهم. إن نظامنا الدستوري لا يفرق بين شيخ وآخر أو عائلة وأخرى!
إن مسلم محمد البراك مواطن كويتي وعضو في مجلس الأمة، وكذلك الدكتور ضيف الله بورمية. وهما متساويان في الحقوق والواجبات مع بقية أعضاء مجلس الأمة كالأخ محمد الصقر والأخ أحمد لاري. ومهما اختلفنا مع أي نائب في توجهاته السياسية أو أسلوبه في العمل السياسي، فإن هذا الاختلاف لا يجوز أن ينطلق من قاعدة عنصرية.. نعم إن حق مسلم البراك في استجوب أي وزير، لا يختلف عن حق مرزوق الغانم، فليتوقف دعاة العنصرية عن غيهم، فالكويت "موناقصة" مشاكل!
على كل حال، يصادف يوم غد الأحد 11 نوفمبر الذكرى 45 لصدور الدستور، أي الذكرى 45 أيضا لبدأ الصراع بين مشروع الحكم ومشروع الدولة. ومع الأسف فقد أنهك هذا الصراع البلاد واستنزف طاقاتها وأطاح بفرص التنمية.
تصوروا.. لقد مضى على صراع الشيوخ مع الدستور 45 عاما، وهم لم يستسلموا بعد حتى يومنا هذا. 45 عاما والكثير من ساستنا لا يفهم معنى الدستور ولا يدرك جوهره.. 45 عاما ونحن نناقش أيهما أفضل مجلس شورى معين أم مجلس أمة منتخب.. 45 عاما مضت وبعضنا يتربص ببعضنا الآخر.. 45 عاما مضت وهم يتمنون التخلص من الدستور ونحن نستنفر قوانا للدفاع عن هذا الدستور.. 45 عاما مضت في صراع سياسي لا فائدة منه إطلاقا.
ماهي الفائدة التي عادت على الأسرة الحاكمة من هذا الصراع؟ ماذا جنت الكويت من هذا الصراع؟ الأسرة الحاكمة فقدت الكثير من شعبيتها.. والكويت خسرت الكثير من مكانتها وثروتها وطاقتها؟
شيوخنا الأعزاء.. 45 عاما ولم تتمكنوا من التخلص من الدستور، فهل ما زلتم مصرين على مواصلة "الكفاح"؟ ماذا لو فكرتم اليوم بإنهاء صراعكم مع الدستور والالتفات صوب تنمية بلدكم وتطويرها والمحافظة على حكمكم واسترداد ما فقدتموه من شعبية، أليس هذا الأمر أجدى!!
"فكروا فيها" وكل عام وأنتم بخير.
10/11/2007
ياسلام عليك ,وفعلا لقد ملت الكويت من هذا الصراع ومن اثاره التي ما زلنا نعاني منها تكفون بس والله الدستور ما يخوف ولا ينزل من قدركم انتم من يحكم هذه الارض والشعب ارتضى هذا الحكم ,ففكروا فيها ,وشكرا للمحامي محمد الجاسم !!