الدكتور واطسون
عضو فعال
أما قبل :
يروي لنا الأثر عن حبيبنا خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن اللَّه تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط..
ثم أما بعد ...
كان مجرد طفل صغير لا يجد ملاذاً للمرح إلا شارع فرعي ينحدر من شارع ارتبط اسمه بابسم الملك النجاشي رضي الله عنه ..كان يتساءل على الدوام ويسأل أبوه من هو النجاشي يا أبت وماذا يعني ؟! ليطرق الوالد برأسه برهة ثم ينظر إلى ابنه وابتسامة لم تبلغ محياه إلا بشق الأنفس, وزفرة تكاد من شدة سخونها أن تلهب الأجواء قائلاً ستعلم يا بني عندما تكبر معنى اسم هذا الشارع .
صمت الوالد ليذهب بعدها محاطاً بسحائب من الحزن والأسى مخلفاً وراءه ذهناً طفولي تعصف به التساؤلات .
تمضي السنوات ويكبر ذلك الطفل ابن الشارع ويكبر معه طموح عظيم بأن يغدو طبيباً يستنقذ الأنفس من الموت ليحيي الناس جميعاً أو مهندس يبني وطنه على أساسات الأمل لترقى إلى سماء الازدهار والتطور أو معلماً ينشئ الأجيال التي ستبنى على سواعدهم الأوطان أو أو أو ولكن تلك الأحلام لم تتجاوز أول مطب من مطبات شارع النجاشي ... لوجود مطب أقوى من تلك المطبات جميعاً مطب يسمونه (البدون ) مطب يصنع من صاحبه انساناً غير معترف به في وطنه ويعامل على هذا الأساس ويحرم من جميع مستلزمات الانسان البسيطه كالتعليم والصحة ...وأحياناً تمتهن كرامته من قبل بعض الذين لا يجدون أدنى قيمة للبشرية في قواميسهم الفقيره .
بعد أن أدرك هذه الحقيقه هام الفتى على وجهه حيران أسفاً ولأنه لا يحمل اثبات هوية ولاحتى رخصة قيادة فهو بالتالي لم يتجاوز شارع النجاشي فمصيره تماما كمصير أحلامه .
وبينما هو على تلك الحال وجد كهلاً يقف في أقصى شارع النجاشي تنسج حوله أشعة الشمس الحارقة هالة من نور ظاهرها فيها الرحمة وباطنها العذاب الأليم .
ترجل صاحباً من سيارته وقال بكل أدب واحترام هل تنتظر توصيلة يا عم .
ابتسم الكهل قليلاً ليجيب لا شكراً فأنا مستمتع هنا .
استغرب صاحبنا وقال على هواك ومضى راجعاً من حيث أتى .
مضت الأيام وفي كل يوم يتجول به ذلك الشاب في ذات الشارع يبصر ذلك الكهل ومحياه الذي بدا كلوحة جميلة امتدت لها يد الدهر فلم تبقي منها ولم تذر قيد أنملة إلا وعملت بها أعمالها .
توقف الشاب ذات فضول ليسأل الكهل : يا عم ما قصتك مع هذا المكان .
جلس الكهل على رصيف الشارع بعدما أنهكه الوقوف ليشعل لفافة تبغ عله يستطيع أن ينفس ما بداخله من هموم عن طريق نفث دخانها .
صمت قليلاً قم نظر إلى صاحبنا الشاب قائلاً له هذا الشارع يا بني هو حدودنا ولطالما التزمت بهذا الحد بعدما جردت من انسانيتي والأهم من ذلك وطني بحجة إنني بدون لهذا فأن لا أبارح هذه البقعة أبداً لأنني ألفتها وألفتي ... ألم تتساءل يا بني لماذا سمي هذا الشارع بالنجاشي والمنطقة التي تحيط به تيماء .
النجاشي ذلك الملك العادل الذي أسلم ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أن أسلم نبذه قومه فقتلوه فأصبح غريباً بين قومه فمع أنه لم ير الرسول وأهل دينه الاسلام فإنه منبوذ مخلوع من قبل قومه .
أما مدينة تيماء فقد كانت أخر معقل من معاقل اليهود في الجزيرة العربية والتي أجلاهم عنها الخليفة العادل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ليطردهم خارج الجزيرة بذريعة قتلهم مسلم ودفنه في أرضها .
والأن هل عملت يا بني لم ألفت هذا المكان .
أليس هذا غريباً يا ولدي ..ههههههههه.
صمت الشاب وأدار محرك السيارة ليمضي بعيداً ولكن هذه المرة تجاوز شارع النجاشي ليس رغبة منه في ذلك ولكن لصدى ذكرت تردد أصداؤها في داخله من الماضي البعيد ليدرك سبب حزن والده عندما سأله وهو صغير عن معنى اسم النجاشي.
انتهى ...
أخيراً أعتذر من الأخ Goethe لاستعارتي صور من موضوعه الرائع :
للصوره .. كلام أحياناً ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
يروي لنا الأثر عن حبيبنا خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن اللَّه تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط..
ثم أما بعد ...
كان مجرد طفل صغير لا يجد ملاذاً للمرح إلا شارع فرعي ينحدر من شارع ارتبط اسمه بابسم الملك النجاشي رضي الله عنه ..كان يتساءل على الدوام ويسأل أبوه من هو النجاشي يا أبت وماذا يعني ؟! ليطرق الوالد برأسه برهة ثم ينظر إلى ابنه وابتسامة لم تبلغ محياه إلا بشق الأنفس, وزفرة تكاد من شدة سخونها أن تلهب الأجواء قائلاً ستعلم يا بني عندما تكبر معنى اسم هذا الشارع .
صمت الوالد ليذهب بعدها محاطاً بسحائب من الحزن والأسى مخلفاً وراءه ذهناً طفولي تعصف به التساؤلات .
تمضي السنوات ويكبر ذلك الطفل ابن الشارع ويكبر معه طموح عظيم بأن يغدو طبيباً يستنقذ الأنفس من الموت ليحيي الناس جميعاً أو مهندس يبني وطنه على أساسات الأمل لترقى إلى سماء الازدهار والتطور أو معلماً ينشئ الأجيال التي ستبنى على سواعدهم الأوطان أو أو أو ولكن تلك الأحلام لم تتجاوز أول مطب من مطبات شارع النجاشي ... لوجود مطب أقوى من تلك المطبات جميعاً مطب يسمونه (البدون ) مطب يصنع من صاحبه انساناً غير معترف به في وطنه ويعامل على هذا الأساس ويحرم من جميع مستلزمات الانسان البسيطه كالتعليم والصحة ...وأحياناً تمتهن كرامته من قبل بعض الذين لا يجدون أدنى قيمة للبشرية في قواميسهم الفقيره .
بعد أن أدرك هذه الحقيقه هام الفتى على وجهه حيران أسفاً ولأنه لا يحمل اثبات هوية ولاحتى رخصة قيادة فهو بالتالي لم يتجاوز شارع النجاشي فمصيره تماما كمصير أحلامه .
وبينما هو على تلك الحال وجد كهلاً يقف في أقصى شارع النجاشي تنسج حوله أشعة الشمس الحارقة هالة من نور ظاهرها فيها الرحمة وباطنها العذاب الأليم .
ترجل صاحباً من سيارته وقال بكل أدب واحترام هل تنتظر توصيلة يا عم .
ابتسم الكهل قليلاً ليجيب لا شكراً فأنا مستمتع هنا .
استغرب صاحبنا وقال على هواك ومضى راجعاً من حيث أتى .
مضت الأيام وفي كل يوم يتجول به ذلك الشاب في ذات الشارع يبصر ذلك الكهل ومحياه الذي بدا كلوحة جميلة امتدت لها يد الدهر فلم تبقي منها ولم تذر قيد أنملة إلا وعملت بها أعمالها .
توقف الشاب ذات فضول ليسأل الكهل : يا عم ما قصتك مع هذا المكان .
جلس الكهل على رصيف الشارع بعدما أنهكه الوقوف ليشعل لفافة تبغ عله يستطيع أن ينفس ما بداخله من هموم عن طريق نفث دخانها .
صمت قليلاً قم نظر إلى صاحبنا الشاب قائلاً له هذا الشارع يا بني هو حدودنا ولطالما التزمت بهذا الحد بعدما جردت من انسانيتي والأهم من ذلك وطني بحجة إنني بدون لهذا فأن لا أبارح هذه البقعة أبداً لأنني ألفتها وألفتي ... ألم تتساءل يا بني لماذا سمي هذا الشارع بالنجاشي والمنطقة التي تحيط به تيماء .
النجاشي ذلك الملك العادل الذي أسلم ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أن أسلم نبذه قومه فقتلوه فأصبح غريباً بين قومه فمع أنه لم ير الرسول وأهل دينه الاسلام فإنه منبوذ مخلوع من قبل قومه .
أما مدينة تيماء فقد كانت أخر معقل من معاقل اليهود في الجزيرة العربية والتي أجلاهم عنها الخليفة العادل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ليطردهم خارج الجزيرة بذريعة قتلهم مسلم ودفنه في أرضها .
والأن هل عملت يا بني لم ألفت هذا المكان .
أليس هذا غريباً يا ولدي ..ههههههههه.
صمت الشاب وأدار محرك السيارة ليمضي بعيداً ولكن هذه المرة تجاوز شارع النجاشي ليس رغبة منه في ذلك ولكن لصدى ذكرت تردد أصداؤها في داخله من الماضي البعيد ليدرك سبب حزن والده عندما سأله وهو صغير عن معنى اسم النجاشي.
انتهى ...
أخيراً أعتذر من الأخ Goethe لاستعارتي صور من موضوعه الرائع :
للصوره .. كلام أحياناً ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .