الحارث بن همام
عضو فعال
أتاني هواها
ماذا لو وُلدت نصرانياً؟ أو يهودياً؟ أو مجوسياً؟ ما نسبة احتمال تحولي إلى الإسلام؟
لا شك أن ولادتنا على الإسلام هي أعظم نعمة منّ الله بها علينا.. هذه النعمة باختصار تنجيك من النار وتدخلك الجنة.. ونحن اليوم مسلمون لمجرد أننا وُلدنا على الإسلام وتربينا على الإيمان به والتسليم له. وكذلك النصارى واليهود والمجوس وغيرهم.. فقد اعتنق كل منهم عقيدته لأنها أول عقيدة تلقاها وأول دين سبق إلى عقله. ولا أشك أن إيمان المجوس بنارهم لا يقل عن إيماننا بالله.. فكلانا لا نقبل نقاشاً في ذلك.
ليس الدين فقط.. بل حتى المذاهب و الأيديولوجيات والأفكار والقناعات التي نحملها والمبادئ التي نؤمن بها والآراء التي نعتبر بعضها من المُسلّمات التي لا تقبل نقاشاً.. في غالبها ترسّخت في أذهاننا لأنها أول أفكار سبقت إلى عقولنا.. لذلك تجد أغلب من يحمل التوجه السلفي مثلاً, سلفي لأن الفكر السلفي هو أول فكر تبناه ونشأ عليه, أو أول من تعرف عليهم في المسجد هم من السلف, كذلك من حمل الفكر الليبرالي, قد تبناها لأنه ربما نشأ في بيت ليبرالي, أو أن أول صحبة له كانوا ليبراليين, أو أنه درس في مدرسة أجنبية.. كذلك السنة والشيعة وباقي المذاهب والتوجهات والأيديولوجيات المنظمة والمستقلة.. لم يجتهد معظم أصحابها كثيراً في معاينة توجهاتهم ومقارنتها مع غيرها قبل اختيارها.
إن الفكرة الأسبق إلى العقل, هي التي يكون لها الحظ الأكبر في البقاء فيه.. إذ أنها حين وصلت إلى العقل كان العقل خالياً حينها من أي فكرة سابقة مخالفة لهذه الفكرة, لذلك لا يقاوم العقل في تبنيها وسرعان ما تجد لها مكان فيه.. وبعد ذلك يصعب دخول فكرة أخرى مخالفة إذ أن المكان ليس شاغراً.. كما هو الحب تماماً كما وصفه مجنون ليلى حين قال:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى *** فصادف قلباً خالياً فتمكنا
إن عقل الإنسان وعاء فارغ, إن ملأته ماءً, لا يمكنك أن تملأه بعد ذلك عصيراً أو حليباً.. إلا إذا أفرغت الماء أولاً.. ولكن امتلاء الماء في البداية كان عملية سهلة إذ أن الوعاء كان فارغاً حينها.
يعز علي كثيراً أن أشكك بأفكاري وقناعاتي التي أظن أنها مُسلّم بها, لاسيما عقيدتي التي أُمرت يكون إيماني بها عميقاً في قلبي.. لكنني ربما نسيت أنني أُمرت أن أتفكر بها عقلياً قبل ذلك أيضاً.. فإن الإسلام دين عقلاني ومنطقي والحكمة فيه ظاهرة.. والدعوة إلى الإسلام في القرآن الكريم أغلبها دعوة لاستخدام العقل للوصول إليه, إذ أن الإيمان القلبي يكون لاحقاً لمرحلة اليقين العقلي: أفلا تعقلون, آيات لأولي الألباب....
من منا يملك الشجاعة أن يجلس جلسة صريحة مع نفسه, يُفرّغ فيها كل أفكاره ومعتقداته المترسّبة في رأسه ويضعها على طاولة النقد, ويعيد النظر بها بكل تجرد وموضوعية.. ثم يعيد إلى رأسه ما كان صالحاً من الأفكار ويرمي ما كان فاسداً.. أو ربما يطور ويعالج ما يحتاج إلى تقويم بسيط ثم يعيده إلى رأسه أيضاً.. هذه العملية تسمي المراجعة الفكرية.
ليست دعوة للشك, إنما دعوة للتيقن.. فإذا كنت أزعم أن معتقداتي صحيحة, فإن مراجتعها والتحقق منها إما أن يكشف لي خطأها فاصححها أو أتراجع عنها, أو يثبت لي صحتها فأزداد يقيناً بها.. وفي كلا الحالتين أنا الفائز.
قد كان النبي صلى الله عليه وسلم مُستعداً للتراجع عن الدين لو ثبت له عدم صحته, ويبدو ذلك مستغرباً على من لم يعي الخطاب القرآني الذي أثبت حوارات النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار, فعندما ادعى الكفار أن لله ولد -سبحانه- كان الجواب "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" فإذا تبين صحة ادعاكم فالنتيجة هي "قل إن كان للرحمن ولدٌ فأنا أول العابدين".. ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لولا يقينه بالله وبما أُنزل عليه, فهو يقول ذلك من منطلق القوة, والقوي لا يخشى من ذلك.
وقد يقول قائل: نخشى على الناس إن فكروا في معتقداتهم أن ينحرفوا فيكفروا!
نقول: أن الإسلام لم يأتي بما لا تعيه العقول البشرية,ولَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْيا العُقولُ بِهِ *** حِرْصاً علينا فلمْ نرتبْ ولَمْ نَهَمِ ,فحكم الشريعة كلها ظاهرة ما عدا العبادات.. فمن رأى قصوراُ في عقله فليلزم إيمان العجائز, فعملية المراجعة الفكرية هي لأصحاب العقول الكبيرة.. ليستيقن الذي أوتوا الكتاب ويزداد الذيتبن أمنوا إيماناً.. فمن منا لديه الاستعداد لذلك؟
يعز علي كثيراً أن أشكك بأفكاري وقناعاتي التي أظن أنها مُسلّم بها, لاسيما عقيدتي التي أُمرت يكون إيماني بها عميقاً في قلبي.. لكنني ربما نسيت أنني أُمرت أن أتفكر بها عقلياً قبل ذلك أيضاً.. فإن الإسلام دين عقلاني ومنطقي والحكمة فيه ظاهرة.. والدعوة إلى الإسلام في القرآن الكريم أغلبها دعوة لاستخدام العقل للوصول إليه, إذ أن الإيمان القلبي يكون لاحقاً لمرحلة اليقين العقلي: أفلا تعقلون, آيات لأولي الألباب....
من منا يملك الشجاعة أن يجلس جلسة صريحة مع نفسه, يُفرّغ فيها كل أفكاره ومعتقداته المترسّبة في رأسه ويضعها على طاولة النقد, ويعيد النظر بها بكل تجرد وموضوعية.. ثم يعيد إلى رأسه ما كان صالحاً من الأفكار ويرمي ما كان فاسداً.. أو ربما يطور ويعالج ما يحتاج إلى تقويم بسيط ثم يعيده إلى رأسه أيضاً.. هذه العملية تسمي المراجعة الفكرية.
ليست دعوة للشك, إنما دعوة للتيقن.. فإذا كنت أزعم أن معتقداتي صحيحة, فإن مراجتعها والتحقق منها إما أن يكشف لي خطأها فاصححها أو أتراجع عنها, أو يثبت لي صحتها فأزداد يقيناً بها.. وفي كلا الحالتين أنا الفائز.
قد كان النبي صلى الله عليه وسلم مُستعداً للتراجع عن الدين لو ثبت له عدم صحته, ويبدو ذلك مستغرباً على من لم يعي الخطاب القرآني الذي أثبت حوارات النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار, فعندما ادعى الكفار أن لله ولد -سبحانه- كان الجواب "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" فإذا تبين صحة ادعاكم فالنتيجة هي "قل إن كان للرحمن ولدٌ فأنا أول العابدين".. ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لولا يقينه بالله وبما أُنزل عليه, فهو يقول ذلك من منطلق القوة, والقوي لا يخشى من ذلك.
وقد يقول قائل: نخشى على الناس إن فكروا في معتقداتهم أن ينحرفوا فيكفروا!
نقول: أن الإسلام لم يأتي بما لا تعيه العقول البشرية,ولَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْيا العُقولُ بِهِ *** حِرْصاً علينا فلمْ نرتبْ ولَمْ نَهَمِ ,فحكم الشريعة كلها ظاهرة ما عدا العبادات.. فمن رأى قصوراُ في عقله فليلزم إيمان العجائز, فعملية المراجعة الفكرية هي لأصحاب العقول الكبيرة.. ليستيقن الذي أوتوا الكتاب ويزداد الذيتبن أمنوا إيماناً.. فمن منا لديه الاستعداد لذلك؟