شبابناوالتدخين.. ادمان الموت البطيئ..

اللةبالخير

عضو فعال
قرأت هذا المقال اليوم في جريدة القبس حول مظار التدخين ورأيت نقلة للمنتدى لكي تتم الفائدة للجميع ، كفاكم الله شر هذه العادة السيئة.شبابنا والتدخين..

إدمان الموت البطيء 11/12/2007 هنري زغيب (بيروت)
هزتني آخر الاحصاءات التي نشرتها في نهاية الأسبوع الماضي الجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية، والهيئة الوطنية لمرض الانسداد الرئوي، وعنهما صدر بيان (اشتراكا مع وزارة الصحة في لبنان) يشير الى أن 90 في المائة من حالات مرض الانسداد الرئوي المزمن تعود الى التدخين في سن الشباب، ولو ان المصاب توقف عن التدخين منذ سنوات طويلة، ذلك أن أثر التدخين، طاعون التدخين، سرطان التدخين، خبيث الى حد أن كارثته على الصحة لا تظهر في سرعة، بل ينام الخطر القاتل، الموت البطيء، ينام طويلا في شعاب الرئتين الدقيقة الصغيرة، ويروح يقضم يوما بعد يوم في الرئتين حتى ينخرهما كالسوس القاتل، وعندها لا يعود ينفع أي دواء، ولا أي علاج مهما استدركه المريض أو استدركته المستشفيات. فالزمن لا يرجع الى الوراء، والصحة المنهارة لا ترجع الى الوراء، والموت لا يرحم.
وفي ذاك البيان الطبي الرهيب أن هذا المرض (الانسداد الرئوي البطيء) يصيب المدخنين تدريجيا ولا يشعرون بالانسداد التدريجي بل يحسون بأنهم في عافية كاملة ولا يضرهم التدخين، حتى اذا بدأ الانهيار، يروح يسرع يوما بعد يوم صوب الموت الآتي، ويصبح المصاب مصعوقا بالسعال وضيق النفس والعجز عن المشي ولو خطوات قليلة من دون الجلوس أو التوقف لأخذ نفس عميق.. لن يعود عميقا، لأن الهواء لا يعود يدخل الى كامل رئتيه اذ تكونان امتلأتا بقطران قاتل يسد مجاري الهواء والتنفس في الرئتين، ولن يعود ينفع المريض استدراك ولا استلحاق لأن الرئتين تكونان اهترأتا نهائيا حين تبدأ عوارض المرض بالظهور، فتتقلص المجاري الهوائية تباعا، وتؤدي الى الموت بالاختناق وعدم القدرة على التنفس، و.. 'لات ساعة مندم'!
ويشير البيان الى أن الانسداد الرئوي، حسب احصاءات منظمة الصحة العالمية، يحتل المرتبة الرابعة بين حالات المرض التي تسبب الوفاة في العالم، ناتجة عن التدخين وانسداد المجاري الهوائية ما يجعل التنفس عملية صعبة. وغالبا ما تبدأ عوارض هذا المرض الطاعوني السرطاني المرعب القاتل، في الظهور بعد سن الأربعين، ولو ان الشخص أقلع عن التدخين منذ نهاية سن الشباب، هذه السن التي أظهرتها الاحصاءات في منظمة الصحة العالمية بأن 40 في المائة من المراهقين هم من المدخنين.
وكم ينعصر قلبي وأنا أسير في حرم جامعي فأرى الطلاب يحملون جهاز الهاتف الخليوي في يد، وفي اليد الأخرى علبة السجائر، لا كتاب في يدهم ولا دفتر، بل سيجارة في فمهم، أو أصابعهم تؤلف رسائل خليوية، أو آذانهم لصيقة بالهاتف الخليوي، وأفواههم تلغط بالتهاتف، أو تنشر في الجو دخان سجائرهم، وكذا تفعل مناخيرهم المملوءة بالنيكوتين المقرف.
و.. من هذه الاحصاءات في البيان اللبناني، الى شباب الكويت، وتوسعا الى شباب العرب جميعا، هم الذين يعتبرون السيجارة مظهرا أساسيا من مظاهر رجولتهم، والصبايا يعتبرن التدخين مظهرا أساسيا من مظاهر اثبات حضورهن في المجتمع.
قلبي عليهم، شباب اليوم والصبايا، يتمتعون (!؟) بنفخ دخان سجائرهم من أفواههم ومناخيرهم، ولا يدركون أن هذا الطالع من الأفواه والمناخير بقيت منه في رئاتهم جرثومة خبيثة تنام طويلا طويلا، سنوات قد تنام، وهي تنخر تدريجيا في فتحات رئاتهم الدقيقة والشعيرات الرقيقة، حتى اذا اكتمل النخر الخبيث يكونون بلغوا الأربعين أو أكثر، فيروحون يمضون أيامهم بين طبيب ومستشفى، ولياليهم بين سعال وتمزق في الصدر لا تعود تنفع فيه قيامة ولا ندامة.
يا شباب اليوم، فكروا في غدكم قبل أن تشرق شمسه، وتكونون أنتم الى غروب.
 
أعلى