السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
في حقيقة الأمر لم أعرف بالضبط كيف أبدأ بكتابة هذا الموضوع، لا سيما أنني اريد ان احرص على أن لا اثير أحد أو أجرح أحد، و الأهم من ذلك كله لا أريد أن يفهم الآخرون أني أقصد استفزازهم بهذا الموضوع و يشهد الله على ما في قلبي و كفى به شهيدا..
الغالبية العظمى من الأخوة و الأخوات تظن سوءاً بأتباع مدرسة أهل البيت.
الكثير منهم يظن أن الشيعة فرقة ضالة منحرفة لا تستند على دليل و حجة من القرآن و السنة على ما تذهب اليه في عقائدها لا سيما موضع اختلافهم مع الآخرين و هو موضوع ولاية الأمام علي بن أبي طالب.
و واقعاً كثير منهم لا يلام، لأن مصادرهم التى يعتمدون عليها تعرضت لكثير من التلاعب و التحريف في النصوص، و قد تعرضوا للتضليل في ما يخص الشيعة. و تم أخفاء الكثير من الحقائق و الآثار التاريخية المتعلقة بكثير من الأمور المهمة في الاسلام عنهم، و تم حصر الاسلام في نظرهم فقط من خلال المناهج الدراسية في المدرسة أو خطبة الجمعة !
في هذا الموضوع سأذكر مثالاً واحداً على هذا التضليل الذي يمارسه بعض المؤرخين و المفسرين و الكتاب في ما يتناولونه من ذكر لحقائق تاريخية في كتبهم و مؤلفاتهم:
هناك حديث معروف باسم حديث العشيرة أو حديث الدار:
و ملخصه هو عندما نزلت الآية (( و أنذر عشيرتك الأقربين )) على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم،
أمر رسول الله الامام علي عليه السلام بتجهيز طعام و اقامة وليمة ليدعو فيها النبي عشيرته الى هذه الوليمة،
و بالفعل قام النبي بدعوة عشيرته لهذه لوليمة ( و هناك قصة مفصلة .... نترك تفاصيلها من باب الاختصار و نذهب الى موضع الشاهد )
فوقف رسول الله في عشيرته مخاطباً اياهم قائلاً: (( فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم ))
فلم يجبه أحد و أحجم القوم !!
فقام الامام علي بن أبي طالب فقال: (( أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ))
فأخذ رسول الله برقبة الامام علي بن أبي طالب و قال: (( ان هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا)) ،
فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب( قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع ))
و هذه القصة ذكرها الطبري في كتابه (تاريخ الطبري - اضغط هنا )(1)
و لكن للأسف الشديد أن الطبري حين جاء لهذه الآية في تفسيره (جامع البيان للطبري - اضغط هنا) لم يلتزم الأمانة العلمية في نقل الرواية ، فلما أورد الخبر بنفس السند في تفسيره لآية: (و أنذر عشيرتك الأقربين) قال: ((فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و كذا و كذا، ثم قال: أن هذا أخي و كذا و كذا، فأسمعوا له و أطيعوا )) (2)
فحذف الطبري النص الأصلي و استبدله بكلمة (و كذا و كذا .... ) !!!!
و كذلك فعل ابن كثير الدمشقي في كتابه (البداية و النهاية)(3)، و كررها مرة اخرة في كتابه (تفسير أبن كثير) (4)
و أكثر من هذا ما فعله محمد حسين هيكل الكاتب المعروف !!
فحين أصدر الطبعة الأولى (سنة 1353 هــ ) من كتابه ( حياة محمد)، أورد الخبر الآنف الذكر في صفحة 104 من الكتاب، و ذكر هذا النص بهذا اللفظ: (( فأيكم يؤازرني هذا الأمر و أن يكون أخي و وصيي و خليفتي ))،
و لكنه ( و كما قيل، لقاء 500 جنيه) حذفها في الطبعة الثانية (سنة 1354 هــ ) في صفحة 139 من نفس كتابه (حياة محمد) !!
فهل من الأنصاف ان يخون هؤلاء الأمانة العلمية في نقل هذه النصوص التاريخية بهذه الطريقة !!
و هل جهل الكثير من الناس بما عند الشيعة الا بسبب هذا التضليل الاعلامي الممارس ضد أتباع أهل البيت منذ أحداث السقيفة و منع تدوين السنة الى هذا اليوم !!!!
ناهيك عن ما وجدته على بعض المواقع "الاسلامية" في تفسيرها لهذه الآية !! على سبيل المثال لا الحصر أنقل لكم عينة تبين لكم كيف يتم قصقصة الحديث و اضافة الكلمات المغيرة لمعناه ككلمة (.. في أهلي ..) :
حدثنا أسود بن عامر حدثنا شريك عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي رضي الله عنه قال
لما نزلت هذه الآية
((( و أنذر عشيرتك الأقربين ))
قال جمع النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا قال فقال لهم من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي فقال رجل لم يسمه شريك يا رسول الله أنت كنت بحرا من يقوم بهذا قال ثم قال الآخر قال فعرض ذلك على أهل بيته فقال علي رضي الله عنه أنا
(المصدر) (6)
!!!!!!!
و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم
و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.
المصادر و الهوامش:
(1) تاريخ الطبري: 2\319 - 321
(2) جامع البيان للطبري: 11\122 تفسير الآية.
(3) البداية و النهاية: 3\ 50 - 53
(4) تفسير ابن كثير: 3\350 - 353
(5) لقراءة "حديث الدار أو العشيرة" بالتفاصيل يمكن مراجعة كتاب كنز العمال: 13\131 للمتقي الهندي
(6) موقع تابع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية
ملاحظة: لاحظت ان الكتب بالنسخة الالكترونية على الانترنت تختلف ارقام صفحاتها عن الكتاب الأصلي. فأرجو مراعاة ذلك.
في حقيقة الأمر لم أعرف بالضبط كيف أبدأ بكتابة هذا الموضوع، لا سيما أنني اريد ان احرص على أن لا اثير أحد أو أجرح أحد، و الأهم من ذلك كله لا أريد أن يفهم الآخرون أني أقصد استفزازهم بهذا الموضوع و يشهد الله على ما في قلبي و كفى به شهيدا..
الغالبية العظمى من الأخوة و الأخوات تظن سوءاً بأتباع مدرسة أهل البيت.
الكثير منهم يظن أن الشيعة فرقة ضالة منحرفة لا تستند على دليل و حجة من القرآن و السنة على ما تذهب اليه في عقائدها لا سيما موضع اختلافهم مع الآخرين و هو موضوع ولاية الأمام علي بن أبي طالب.
و واقعاً كثير منهم لا يلام، لأن مصادرهم التى يعتمدون عليها تعرضت لكثير من التلاعب و التحريف في النصوص، و قد تعرضوا للتضليل في ما يخص الشيعة. و تم أخفاء الكثير من الحقائق و الآثار التاريخية المتعلقة بكثير من الأمور المهمة في الاسلام عنهم، و تم حصر الاسلام في نظرهم فقط من خلال المناهج الدراسية في المدرسة أو خطبة الجمعة !
في هذا الموضوع سأذكر مثالاً واحداً على هذا التضليل الذي يمارسه بعض المؤرخين و المفسرين و الكتاب في ما يتناولونه من ذكر لحقائق تاريخية في كتبهم و مؤلفاتهم:
هناك حديث معروف باسم حديث العشيرة أو حديث الدار:
و ملخصه هو عندما نزلت الآية (( و أنذر عشيرتك الأقربين )) على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم،
أمر رسول الله الامام علي عليه السلام بتجهيز طعام و اقامة وليمة ليدعو فيها النبي عشيرته الى هذه الوليمة،
و بالفعل قام النبي بدعوة عشيرته لهذه لوليمة ( و هناك قصة مفصلة .... نترك تفاصيلها من باب الاختصار و نذهب الى موضع الشاهد )
فوقف رسول الله في عشيرته مخاطباً اياهم قائلاً: (( فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم ))
فلم يجبه أحد و أحجم القوم !!
فقام الامام علي بن أبي طالب فقال: (( أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ))
فأخذ رسول الله برقبة الامام علي بن أبي طالب و قال: (( ان هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا)) ،
فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب( قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع ))
و هذه القصة ذكرها الطبري في كتابه (تاريخ الطبري - اضغط هنا )(1)
و لكن للأسف الشديد أن الطبري حين جاء لهذه الآية في تفسيره (جامع البيان للطبري - اضغط هنا) لم يلتزم الأمانة العلمية في نقل الرواية ، فلما أورد الخبر بنفس السند في تفسيره لآية: (و أنذر عشيرتك الأقربين) قال: ((فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و كذا و كذا، ثم قال: أن هذا أخي و كذا و كذا، فأسمعوا له و أطيعوا )) (2)
فحذف الطبري النص الأصلي و استبدله بكلمة (و كذا و كذا .... ) !!!!
و كذلك فعل ابن كثير الدمشقي في كتابه (البداية و النهاية)(3)، و كررها مرة اخرة في كتابه (تفسير أبن كثير) (4)
و أكثر من هذا ما فعله محمد حسين هيكل الكاتب المعروف !!
فحين أصدر الطبعة الأولى (سنة 1353 هــ ) من كتابه ( حياة محمد)، أورد الخبر الآنف الذكر في صفحة 104 من الكتاب، و ذكر هذا النص بهذا اللفظ: (( فأيكم يؤازرني هذا الأمر و أن يكون أخي و وصيي و خليفتي ))،
و لكنه ( و كما قيل، لقاء 500 جنيه) حذفها في الطبعة الثانية (سنة 1354 هــ ) في صفحة 139 من نفس كتابه (حياة محمد) !!
فهل من الأنصاف ان يخون هؤلاء الأمانة العلمية في نقل هذه النصوص التاريخية بهذه الطريقة !!
و هل جهل الكثير من الناس بما عند الشيعة الا بسبب هذا التضليل الاعلامي الممارس ضد أتباع أهل البيت منذ أحداث السقيفة و منع تدوين السنة الى هذا اليوم !!!!
ناهيك عن ما وجدته على بعض المواقع "الاسلامية" في تفسيرها لهذه الآية !! على سبيل المثال لا الحصر أنقل لكم عينة تبين لكم كيف يتم قصقصة الحديث و اضافة الكلمات المغيرة لمعناه ككلمة (.. في أهلي ..) :
حدثنا أسود بن عامر حدثنا شريك عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي رضي الله عنه قال
لما نزلت هذه الآية
((( و أنذر عشيرتك الأقربين ))
قال جمع النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا قال فقال لهم من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي فقال رجل لم يسمه شريك يا رسول الله أنت كنت بحرا من يقوم بهذا قال ثم قال الآخر قال فعرض ذلك على أهل بيته فقال علي رضي الله عنه أنا
(المصدر) (6)
!!!!!!!
و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم
و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.
المصادر و الهوامش:
(1) تاريخ الطبري: 2\319 - 321
(2) جامع البيان للطبري: 11\122 تفسير الآية.
(3) البداية و النهاية: 3\ 50 - 53
(4) تفسير ابن كثير: 3\350 - 353
(5) لقراءة "حديث الدار أو العشيرة" بالتفاصيل يمكن مراجعة كتاب كنز العمال: 13\131 للمتقي الهندي
(6) موقع تابع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية
ملاحظة: لاحظت ان الكتب بالنسخة الالكترونية على الانترنت تختلف ارقام صفحاتها عن الكتاب الأصلي. فأرجو مراعاة ذلك.