إيلاف
http://www.elaph.com/Web/news/2011/8/679732.html
أبها: يبدو أن قضية الأهلة ورؤيتها في السعودية لن تلغيها حتى المناظير الفلكية والأجهزة التكنولوجية الحديثة، ما دامت هنالك عين مجردة تقليدية لا تزال هي أساس العمل على الرؤية من عدمها، إضافة إلى مدينة "سدير" منطلق رحلات الإتمام والتبشير بالعيد ورمضان.
عودة إلى تسلسلات الصراع بين التقنية والتقليدية، فما بين تنبؤات المراصد الفلكية والعين المجردة المفترشة لرمال الصحراء خارج المدن، كانت هي القضية التي تعدّ الأولى منذ اعتماد رؤية الأهلة بالمراصد والأدوات الحديثة في العام 2008، قبل أن تكون صراعًا في تحديد الأهلة عبر الأعين المجردة لا المدرعة.
السعوديون أشعلوا قنوات الإعلام الجديد، بل حتى المجالس التي فرغت من صلاة العيد لتناقش هل اليوم (الثلاثاء) هو أول يوم للعيد؟ أم إنه متمم للثلاثين من شهر رمضان؟.
الصراع اشتعل من الفلكيين ليلة العيد، حيث أكدوا استحالة رؤية المراصد الفلكية للهلال "القضية"، متسائلين عن قدرة العين المجردة على ملاحظة ذلك، وهي التي أعلنت عن دخول العيد وتوقف رمضان عند عتبة التاسع والعشرين.
الإعلان الرسمي الملكي السعودي جاء متوافقًا مع صيغة تقويم "أم القرى"، الذي تعتمده السعودية وقطاعاتها في تحديد ظروف الزمن والوقت. وهو الأمر الذي رآه العديد من الفلكيين الموجودين منذ وقت مبكر من مساء ليلة الوداع الأخيرة لرمضان السعودي أنه كان لصيقًا للتقويم، في وقت تعتمد "الشريعة الإسلامية" الهلال كتوقيت لدخول الأشهر والأيام، التي تتجلى أهميته حصرًا خلال مواسم دخول العيدين الإسلاميين ورمضان وموسم الحج.
في موسم الهجرة نحو التقنيات الحديثة، لا يزال السعوديون ذوو السمة الدينية المحافظة، بين مصدق ومكذب حيال الجدل بين العلم والتقليدية، باحثين عن رأي رسمي من مجلس القضاء الأعلى أو جهات عليا في الدولة، ليشتت كل أشكال الجدل في تعيين هلال آخر رأي رسمي يلغي كل التساؤلات بشأن قضية يجهل فيها المجتمع مرجعية المسؤولية له.
"الهلال" المبشّر، وفق آراء ذوي الفلك كان عصيًا على أولي الأعين المجردة وغيرها من المستعينين بقوة التقنيات رؤيته، حيث أوضحوا أن كل وسائلهم خلال رحلة ترائيهم للهلال من مناطق عدة في السعودية؛ لم تشفع للوصول إلى رؤية له، خصوصًا وأن السماء كانت مهيأة للرؤية من دون معكرات لصفوه.
لكن ووفقًا لرأي علي الزهراني، الذي كان ضمن كوكبة الفلكيين المرابطين على "شفا" جبال الهدا في مدينة الطائف (غرب السعودية) قال في حديث لـ"إيلاف" إن الجميع خلال رحلتهم في مساء التاسع والعشرين من آب/أغسطس فقد الأمل في الرؤية عبر أجهزته الحديثة، "نظرًا إلى غروب القمر قبل غروب الشمس بأكثر من ثلاث دقائق".
وأضاف الزهراني أن الفريق الفلكي في الطائف تفاجأ خلال رحلة عودته، بما يعلنه الديوان الملكي أن يوم الثلاثين من آب/أغسطس هو الأول من أيام عيد الفطر، وهو ما جعل فريقه الفلكي يشكك في قدرة فريق "سدير" الصحراوية وشهدائها الثلاثة المعتمدة شهادتهم، معللاً ذلك بـ"غروب القمر قبل غروب الشمس في المنطقة الوسطى من المملكة بأكثر من ستة دقائق".
وصادق الزهراني على ما أشيع حول أن كوكب "زحل" كان في وضع يسمح للعديد من سكان المملكة رؤيته، خصوصًا قبيل غروب الشمس في مساء التاسع والعشرين.
البعض من السعوديين "السنّة"، جالت لديهم كثيرًا تمنيات مرافقة السعوديين "الشيعة"، الذين سيحتفلون اليوم الأربعاء بأول أيام عيدهم بعدما أتموا الثلاثين من شهر رمضان في عادة دينية لهم.
قضية "الهلال" الذي يعدّ العلامة الشرعية لاعتماد دخول الشهر في الأحداث الإسلامية، جاء في هذا العام حاملاً "سيناريو" آخر في قضية انتقاص شهر رمضان واستعجال دخول العيد، حيث سيحمل يوم الأحد المقبل الخامس من أيلول/سبتمبر إعلان عودة موظفي الدولة من إجازاتهم، في أثناء سريان روح من التفاؤل بينهم بتمديد تعارف عليه السعوديين كثيرًا، خصوصًا حين تناقص أيام أعيادهم عن المعتاد.
بلبلة الرؤية والاعتماد للمناسبات الدينية، خصوصًا في السعودية، تتبعها معها دول عدة في محيطها الخليجي والعربي كذلك، رغم انفصال مرجعيتها الشرعية تبعًا للمذهب داخل كل دولة على حدة، وتظل الرؤية السعودية للأهلة هي الأساس في تحديد غالبية الفعاليات الدينية، خصوصًا في موسم الحج.
السعودية سبق لها في العام 1996 التراجع عن إعلانها عن شهر ذي الحجة، وهو الشهر الذي يحوي عيد الأضحى وموسم الحج، حيث أعلنت في البداية أن الخميس الثامن عشر نيسان/ أبريل 1996 هو أول أيام شهر ذي الحجة، وفي اليوم التالي أدركت الخطأ، وأعلنت أن الجمعة التاسع عشر من أبريل هو أول أيام شهر ذي الحجة.