حق الإضراب عن العمل

عرفت الكويت أول إضراب عن العمل في العام 1937 عندما أضرب سائقو سيارات الأجرة عن العمل احتجاجاً على قرار السلطات بمنعهم من اصطحاب الركاب في نزهات خارج سور مدينة الكويت، وقد اُعتقل بسبب ذلك الإضراب الشخصية الوطنية الشهيرة محمد البراك، الذي اُتهِم بالتحريض حيث جرى تعريضه إلى التعذيب الشديد والإهانة البالغة، واعتقل معه لمدد قصيرة مجموعة من سائقي سيارات الأجرة بينهم: عبداللّه بن أحمد العصفور، الذي تعرض للضرب، وكذلك علي الصايغ، ومحمد الطواري، ومصطفى عيدان، وعيسى عبداللّه العبدالجيل، والسيد عبدالوهاب السيد عبداللطيف... وبعد إعلان الإضراب تراجعت السلطات عن قرارها السابق بمنع اصطحاب الركاب في النزهات خارج السور، وبذلك رضخت لمطالب المضربين.
وفي نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن العشرين اندلعت في الكويت سلسلة من الإضرابات العمالية الواسعة في شركة النفط، وذلك في غياب التنظيم النقابي والقوانين المنظمة لعلاقات العمل، إلى أن صدر في العام 1962 الدستور، وبعده في العام 1964 صدر القانون رقم 38 في شأن العمل بالقطاع الأهلي، الذي أقر حق تأسيس النقابات العمالية، ولكن مع الأسف كله فإنّ الدستور وقانون العمل لم ينصا على حق الإضراب عن العمل!
وها نحن اليوم بعد مرور نحو سبعين عاماً على ذلك الإضراب الأول عن العمل في الكويت لا نزال نفتقد مثل هذا الإقرار القانوني بحق الإضراب عن العمل وتنظيم إجراءات اللجوء إليه في قوانين العمل الثلاثة للقطاع الأهلي والقطاع النفطي وقانون الخدمة المدنية، التي لم تقر هذا الحق المشروع، وذلك على الرغم من أنّ المعاهدات والاتفاقيات الدولية، التي صادقت عليها الكويت تقر هذا الحق، بل أنّ الحق في الإضراب عن العمل معترف به في عدد من قوانين العمل في بلدان مجلس التعاون الخليجي، حيث أقره ونظمه قانون النقابات العمالية في البحرين رقم 33 الصادر في العام 2002، وكذلك قانون العمل في دولة قطر رقم 14 الصادر في العام 2004.
إنّ الإضراب عن العمل حقّ معترف به انتزعته الطبقة العاملة، وهو وسيلة مشروعة لتحقيق المطالب وللدفاع عن المكاسب العمالية تقرها القوانين وتنظمها في معظم بلدان العالم، بينما تفتقد الكويت مثل هذا الأمر في قوانين العمل السارية فيها، حيث حان الوقت لسد هذه الثغرة في تشريعاتنا!
وهنا علينا أن نلاحظ أنّ الإضراب عن العمل لا يتم بصورة مفاجئة من دون سابق إنذار، بل لا بد من الإخطار المسبق عنه... كما أنّ النقابات العمالية لا تلجأ إلى الإضراب عن العمل إلا كسلاح أخير بعدما تستنفد الوسائل الأخرى لتحقيق المطالب كالتفاوض، والتوفيق، والتحكيم بين النقابات العمالية وأرباب العمل.
ومن جانب آخر فإنّ الإضراب عن العمل ليس بالضرورة أن يكون إضراباً شاملاً وعاماً ومفتوحاً إلى أن يتم نيل كافة المطالب، وإنما هناك أشكال متنوعة ومتدرجة من الإضرابات عن العمل مثل الإضراب الرمزي لعدة ساعات، وإضراب التباطؤ عن العمل بتخفيض وتيرته، والإضراب التحذيري، خصوصاً في المرافق ذات الطبيعة الخاصة والحساسة المتصلة بحياة الناس وبالخدمات الضرورية.
وبالتأكيد فقد حان الوقت لإصدار تشريع جديد يقر حق العاملين في الإضراب عن العمل، وفي الوقت نفسه ينظم الإجراءات والتدابير السابقة للإضراب والمرافقة له والمترتبة عليه، فهذا أمر متبع في مختلف بلدان العالم، والكويت ليست استثناءً .

بقلم أحمد الديين

http://www.alabraj.org/MakalDetails.aspx?MakalID=736&MakalType=2

----------------

التعليق : الأستاذ أحمد الديين كتب هذا المقال قبل أربع سنوات تقريباً وكأنه ينظر إلى المستقبل القريب ، حقيقة لم أعلم أن الإضرابات العمالية لها تاريخ في الكويت .

هذه دعوة مني لكل من لديه معرفة بقوانين الإضرابات و الإعتصامات فغالبية موظفي الدولة لا يعرفون الفرق بين الإضراب و الإعتصام ولا يعرفون ما لهم وما عليهم عند عمل الإضرابات أو الإعتصامات .
 
أعلى