و رحل الدكتور أحمد الربعي ..
رجلٌ ملئ محيطه ضجيجا .. و أنعش واقعه بأسئلته و طرحه المثير ..
كان قويا في طرحه .. عنيدا فيما يراه حقا .. يحسب له خصمه ألف حساب ..
و مع ذلك فهو يملك إحساسا مرهفا .. و قلبا طيبا .. و مشاعر جياشة ..
ذكاؤه حاد .. و طرحه جاد .. و أسلوبه أخّاذ
حاورته أكثر من مرة .. اختلفت معه خلافا في الجذور ..و مع ذلك ظللت مشدودا إلى سماع رأيه ..
قبل أقل من سنة قرأت له عبارات .. كان تأثيرها عليّ قويا .. و اليوم أجد تأثيرها أقوى و أقوى ..
كيف لا و الشاعر يقول :ـ
لقد كانت في حياتك لي عظاتٌ *** و أنت اليوم أوعظ منك حيا
ّفمن تلك العبارات أنه قال :ـ
أشعر ان عمري قصير كعمر الزهور
و قال :ـ
يموت الناس رغم ارادتهم، وباستثناء الموت والعشق، نحن نفرح ونحزن بمحض ارادتنا!
و أيضا يقول :ـ
الموت يأتي ضاربا كالبرق، ولا نملك سوى التسليم
وأبدع حين قال :ـ
وبين صرخة الولادة الاولى مرورا بهذيان العشق الاول والاخير، وانتهاء بشهقة الموت الاخيرة، تظل المحطات تعمل بكفاءة عالية والركاب ينزلون ويصعدون بنظام كوني بديع، وستظل المحطات مكتظة بكثير من الغرباء
و كأنه قد نعى نفسه قبل أن ننعاه حين قال :
قال ما قال واختفى كالطيف! لكن حضوره ظل يملأ المكان والزمان! رائحة اسئلته القلقة تحرك الساكن من الرياح! وجهه النحيل الحزين يختصر حكاية شعورنا وكأننا ريشة في مهب الريح!
ذهب وترك وراءه أسئلة معلقة كثيرة!
لا أدري يأبا قتيبة هل كنت تنعي نفسك .. أم تنعي كل من كان مثلك ..
لا يهم .. المهم أنك كما قلت
رحمك الله يا أبا قتيبة و غفر لك
بوسند