زمن القهر العربي = ناصر المطيري

زمن القهر العربي
2

ناصر المطيري naserkmt@hotmail.com
ناصر%20المطيري_thumbNew.jpg

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاتزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لايضرهم من يخذلهم حتى يأتي أمر الله».
===================

شعور مؤلم جدا ويجلب الحسرة من الأعماق أن ترى الحق رأي العين ولا تستطيع أن تنطق به ولا أن تنصره.. والأصعب أن تتكسر الأقلام على أعتاب سطور الحقيقة الدامغة، وتمتلئ أفواه الحق بالماء فتبلع غصة الضيم ولاتقوى على القول الصريح.. هذا هو القهر الذي يعمي القلوب ويواري الضمائر ثرى الصمت والخوف.
إنه زمن القهر العربي، زمن توارت فيه الشجاعة وساد الجبن ونكس العدل رأسه وتعالت صيحات النفاق وغنت شياطينه على أنغام الطبقية والمحسوبية.
انقلبت مفاهيم وتغيرت قيم وتحولت أفكار والتبس الحق بالباطل فوقعت الأمة في عثرة مهلكة، ويقول المولى جل وعلا: «يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون».. كيف أصبح من يمارس الصمت وينزوي في عتمة الظلم ويمتهن التلون في حياته كيف أصبح إنسانا حكيما متعقلا ووطنيا حتى ولو كان في حقيقة الأمر أجوف كبرميل، بل هو «عتل زنيم» تافه القول سيئ السيرة والفعل، بينما التهور والطيش والخيانة باتت صفات تلتصق بكل انسان رصيده الشجاعة الأدبية والكلمة الحرة وحب الوطن والتجرد من الأهواء والمصالح.. هكذا انقلبت المفاهيم والقيم في زمن القهر العربي..
حتى الدين الإسلامي اعتقلوه في هذا الزمن الرديء فسخروا أحكامه مع اتجاهات السلطة واشتروا بآياته ثمنا قليلا ومنحوا الحكام فتاوى معلبة لقهر الشعوب، فباسم القرآن حبكت أعظم خديعة في تاريخ السياسة فرفع على رؤوس الرماح حق يراد به باطل ليعتلي معاوية عرش الخلافة.
كل المظالم وقعت باسم الشعب وعلى الشعب، وأيضا باسم الحرية ألغيت كل حرية تحت شعار لا حرية لأعداء الشعب، نعم تحت الشعارات تغتال الحقائق فيكسب القاموس كلمة ويخسر الواقع حقيقة.
الهدف الذي سعت إليه أنظمة القمع على مر الزمن العربي هو أن تتحول الشعوب إلى قطيع من الرعايا مسلوبي الإرادة محبوسين في سجون الخوف والإرهاب المستتر «المخابرات»..
قد ينجحون في تكميم الأفواه وقيد الأيادي وحد حركة الناس ونشاطهم ولكنهم سيعجزون عن توقيف مسيرة الروح والفكر المتقد في النفوس الحرة الأبية، وكلما زادت حرارة الطغيان السلطوي التهبت فكرة الحرية وتحولت إلى زلزال هادر يستعين أهلها بقوة الله القادر القاهر.. «بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق».
في زمن القهر العربي يستبدل الناس التصريح بالتلميح والتعميم بالتخصيص.. وذلك لضرورات الأمن وسلامة العيش!!
 
أعلى