الرجوع إلى الله والتوبة النصوح
اعجبتني هذه الفقرة واقتبستها
الرجوع إلى الله والتوبة النصوح:
حين تبدأ الأزمات على المؤمنين ألا ينهاروا ويستسلموا ، ومن ثم عليهم أن يبحثوا في أنفسهم،
في أخطائهم ، في معاصيهم ، في ذنوبهم ،
فالله يقول ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾
[20]
إن الظلم هو من واقع أيدي الجماعة المؤمنة فعليها أن تبدأ بالبحث عن معاصيها ومراجعة ذاتها وتصحيح المسيرة
﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾[21]
وعليه ،
إن الخطوة التالية بعد عملية التوازن أن يتم الرجوع فيها لله ، بكل صدق وإخلاص ، وحين تتحقق التوبة والرجوع إلى الله تبدأ الأزمة بالانقشاع .
وفي هذا المعرض يقول عز وجل واصفا حال الثلاثة الذين تخلفوا في معركة تبوك عن رسول الله
﴿وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [22] ،
لقد مر هؤلاء بأزمة حقيقية ، حتى وصف القرآن بأروع ما قيل في وصف حالة الأزمة والابتلاء
﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ ﴾
ليس هناك أصعب وأقسى من أن يضيق الإنسان بنفسه فهي أصعب مستويات الأزمة ،
وقد جاء القرآن مربيا ومعلما المؤمنين ، كيف يتعاملون في هذه الحالات ، ﴿ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ﴾
لا فرار من الذنوب إلا لله ، لا ملجأ من الله إلا إليه ، حين يتحقق هذا الشرط والتوبة النصوح والرجوع لله يتحقق زوال الأزمات.
وهنا لفتة جميلة ، كلمة ) ثم)
وهي تفيد التراخي والترتيب حيث أشار القرآن أن القبول لم يأت مباشرة وسريعا بل مرت فترة ليدفع المؤمنين ثمن فعلتهم وقصورهم
، وهذه من رحمات الله عز وجل ، فهذه الابتلاءات
هي كفارة وعذاب سريع بالدنيا ليخرج من هذه الدنيا كما ولدته أمه ، طاهرا صافيا نقيا خالصا مخلصا ،
وهذا ما يجعل المؤمن يرى بالابتلاء الوجه الآخر
من رحمات الله عز وجل بالمؤمنين وبالجماعة المؤمنة
التي تدفع الثمن في هذه الدنيا بدل دفعها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .