سوريا الشام والأمل القادم

كويتي 996

عضو مميز
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ..

تتسارع الأحداث اليوم في سوريا الشام وتمضي على عين الله رويداً رويداً لترسم شيئاً من معالم الطريق لهذه الأمة الغراء، وتَهديها بخطى سننية كونية سبل التمكين القادم، فالأمة اليوم تسير نحو العسكرة الكاملة، حيث تتهيأ خطوة خطوة بدماء أبنائها لما هو قادم من ملاحم الروم وغيرها من أمم الكفر.

وحيث أن حديثي الساعة عن سوريا الشام وأهلها الأبرار فمن الضروري بمكان بيان الحكم الشرعي أو التوصيف الشرعي لما يحدث اليوم فوق تلك الروابي المباركة من أرض الشام الكبرى معقل أهل التوحيد والطائفة المنصورة في آخر الزمان، وموطن الإيمان إذا وقعت الفتن، وخيرة الله من أرضه التي يجتبي إليها من يشاء من عباده.

فما هو التوصيف الشرعي لهذه البلاد وأهلها اليوم.؟

إن توصيفها الشرعي الذي لا يجادل فيه مسلمان عاقلان أنها دار حرب تغلبت فيها الطائفة النصيرية العلوية الكافرة باتفاق المسلمين كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية[1] على أهلها المسلمين من أهل السنة، فاستباحوا بيضتهم، ودنسوا مقدساتهم، وقتلوا خيارهم، فلم يسلم من رصاص كفرهم لا طفل رضيع، ولا شيخ كبير، ولا امرأة ضعيفة، فوجب بذلك اليوم على المسلمين منابذتهم ومصاولتهم بالسيف والسنان وكل من لا يتصدى لإجرامهم اليوم من غير أهل الأعذار فهو آثم عاص لله مسؤولٌ غداً بين يديه عن هذه الدماء الزكية التي تراق، وعن هذه الأعراض التي تنتهك، والمقدسات التي تدنس فلا عذر لمسلم قادر على نصرتهم اليوم أمام الله غداً، وهذا باتفاق أئمة الدين المتقدمين والمتأخرين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين واجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه.[2]

هذا هو التوصيف الشرعي لهذه البلاد، وهذا ما يجب فِعله على المسلمين من أهلها خاصة ومن غير أهلها من المسلمين عامة، وليس لأحد من غير أولي الأعذار عذر أمام الله غداً بين يديه.

إن الواجب المتحتم اليوم على علماء أهل السنة وعقلائهم في الشام وغيرها وغيرهم أن يعلموا حقيقة الصراع القائم بين الكفر النصيري العلوي وبين الإيمان والتوحيد الممثل بأهل السنة، ويُبيِّنوا للناس حكم الله في هذا النظام الحاكم والطائفة التي تشكل أركانه، ويوصفوه وصفاً شرعياً دقيقاً لا مجال فيه للتورية أو التمييع، فالمعركة هي بين الإسلام والكفر، بين طائفة تسلطت على أرض الشام المباركة وأهلها فسامت الناس الذلة والمهانة وجعلت من بلاد الطهر والعفاف مرتعاً للفساد والإفساد، وبين أمة نفضت غبار الذل والمهانة وخرجت للشوارع بأجسادها العارية ترقب الفجر لتتحرر من هذا الكابوس النصيري ولو كلفها أرواح أهل السنة قاطبة.

سوريا الشام بين سلمية الثورة وعسكرتها:

إن الناظر اليوم في ما وصلت إليه الأحداث يدرك كل الإدراك أن الطائفة النصيرية المسماة بالعلوية الحاكمة لسوريا الشام ماضية في مخططها دون تردد للحفاظ على سلطانهم المنتزع من أهل السنة، ولو أدى إلى ذبح أهل السنة قاطبة، فهذه الطائفة التي كانت إلى عهد قريب خدماً في بيوت أهل السنة، لا يمكن لعاقل أن يتصور أن تضع السيف من يدها وتنزل عند رغبة أهل السنة ليجردوها من سلطة الحكم والمال، إن من يظن ذلك لهو واهمٌ لا يعيش واقع الناس، ولا يعلم حقيقة الملك والسلطة والمال ولم يسبر حقائق سنن الله في خلقه.

إن عصابات النصيرية العلوية تقاتل اليوم عن وجودها في الحياة وكيانها ومصيرها وعقيدتها الباطلة، ولا يمكن أن يتصور عاقل أن تتنازل عن كل الذي ذكرنا بسلمية لا تسمن ولا تغني من جوع أمام جموع آلة الحرب النصيرية المسكوت عنها أممياً.

يجب أن يعلم أصحاب ودعاة الحلول السلمية أن ما يسمى بسلمية الثورة قد تنفع وتؤتي أكلها في النهاية مع نظام جمهوري غير قبلي أو مع عائلة مدنية حاكمة، أما أن يكون خصمها نظام وحكم طائفي يملك القوة والسلطة والمال، فهذه السلمية الثورية لا تعني لأصحابها سوى الإبادة أو الركوع والخنوع والعودة إلى سني الذلة والمهانة وهذا في ظني اليوم غدا مستحيلا في سوريا الشام.

لقد فات زمان ما يسمى بسلمية الثورات العربية، وأقبل زمان القتل والقتال فمثل هذه الأنظمة الطائفية لا تفهم غير لغة الدماء، لقد عاشت ونمت جذورها وتشربت بدماء أهل السنة وما دماء عشرات الآلاف من بواسل أهل حماة عنا ببعيد، إن الزمان قد دار دورته وحان لأهل السنة أن يأخذوا بثأرهم، وكأني بعلوج النصيرية بجبال العلويين والقرداحة واللاذقية متجندلة بدمائها، مقطعة أوصالها، فليس يحكم بين أهل السنة وبينهم سوى السيف والسيف وحده.

فيا أهل السنة الأماجد: إن كل يوم يمضي عليكم دون أن تمتشقوا أسلحتكم وتعلوا صهوات جيادكم يعني مزيداً من الدماء الطاهرة تراق بأيدي أبناء النصيرية.

ولست أشك للحظة أن الثورة تسير نحو العسكرة سواء رضي الثوار السلميين أم أبوا فهذا قدر هذه البلاد التي تُعدُّ لما هو قادم من ملاحم، إن الأمة يجب أن تتعسكر، وتمسح عار الخنوع بدماء أبنائها البررة، لقد طال الزمان على الأمة ونسيت رسالتها الحقيقية في هذه الدنيا، هذه الرسالة الربانية التي أنيطت بتبليغها الأمم، إن قديم مجدها لن يعود حتى تصبح بحق أمة السيف والقلم، وهذا لن يتأتى إلا بالجهاد وإراقة الدماء على عتبات طريق هذا الدين.

يجب أن تعلم أمة الإسلام عامة وأهلنا في سوريا الشام خاصة أن فاتورة المجد جداً غالية، وأن ثمن الحرية والانعتاق من ذل العبودية للنصيرية العلوية جد عظيم، فلا بد من التضحية، ولا بد من البذل وأنتم أهله وزيادة.

الثورة السورية والغرب النصراني:

لقد راهن الغرب النصراني طوال الأشهر الماضية على النظام النصيري في قمع الثوار وإخماد الثورة، حيث لا بديل يخدم مصالحهم في المنطقة ويحافظ على أمن ما يسمى بإسرائيل مثل الطائفة النصيرية بزعامة آل الأسد، وأمام فشله في قمع الثورة رغم دمويته، وازدياد عدد المنشقين عن الجيش ولحاقهم بالثورة والثوار، والاتجاه نحو العمل الثوري المسلح، أيقن الغرب النصراني أن لا محيص عن سقوط النظام الأسدي وإن طال زمن ذلك أو قرب، فكان لا بد له من ركوب الموجة موجة التغيير الثوري، ومسايرة الواقع القادم والاستفادة منه، وتطويعه بما يحقق له أقصى ما يمكن تحقيقه من مصالح في ظل هذا القادم الجديد الذي بدأ يفرض نفسه بحركة الشعوب الثورية نفسها.

والغرب يعلم أكثر من غيره عمق الأزمة السورية وحساسيتها والمخاطر التي يترتب عليها أي تدخل أطلسي، ويدرك جيداً ما ستؤول إليه المنطقة لو سقط النظام ودبت الفوضى في طول البلاد وعرضها، فهذه سوريا قلب منطقة الصراع الحضاري العالمي وليس كغيرها من الدول التي ضربها زلزال التغيير الإلهي على أهميتها، ومع هذا فالغرب مجبور ومطالب بالتدخل ووقف النزيف الدموي، وهذا التدخل يجب أن يكون بأقل الخسائر الممكنة ويحقق الهدف المرجو منه.

وعلى ضوء هذا الذي ذكرت فالذي أعتقده في قادم الأيام - والله أعلم - أن الغرب النصراني سيسعى عملياً لإسقاط حكام دمشق، وسيعتمد كثيراً على ما أسميه السقوط الذاتي للدولة، وسيعمل على تسريع ذلك بطرق مختلفة أهمها الخنق الاقتصادي، ومع الوقت سيبدأ باتخاذ إجراءات أكثر جرأة بعد أن يكون النظام النصيري قد استنزف وأُنهك اقتصادياً وشارف على السقوط، وسيكون رأس حربته في ذلك على الأغلب تركيا الباحثة عن المجد القديم، ويمكن استشراف طبيعة التدخلات الغربية والسيناريوهات المتوقعة له كالتالي:


أولاً: خنق النظام الحاكم اقتصادياً عن طريق العقوبات الاقتصادية، مما يؤدي إلى حصول الشقاق بين السلطة والمال عماد الحكم في سوريا اليوم، واستنزافه وإضعافه بشكل لا يقوى فيه مع الوقت على الحركة والقتال والسيطرة، وبالتالي موته موتاً بطيئاً مع طول الإنهاك الاقتصادي.

ثانياً: دعم المجلس الوطني السوري وأداته العسكرية الجيش السوري الحر بالمال والسلاح، وخلق قاعدة آمنة له يتحرك من خلالها ليكون البديل المستقبلي للنظام النصيري في سوريا الشام.

ثالثاً: فرض مناطق آمنة أي حضر جوي في شمال سوريا على الخصوص يمنع فيها تحليق الطيران السوري لخلق أجواء آمنة للمواطنين السوريين وللجيش السوري الحر ليسهل عليه الحركة وليكون في منأى عن الهجمات الجوية، وبالتالي حصول نوع من التكافؤ العسكري النسبي بين الثوار والجيش النظامي.

رابعاً: تشجيع الغرب النصراني القيادات العسكرية السورية على الانشقاق وخاصة كبار الضباط من أهل السنة، وحثهم على القيام بانقلاب عسكري يمنع البلاد من الانجرار نحو الفوضى، وبالتالي حفظ مصالح الغرب النصراني في المنطقة وبقاء الغاصب اليهودي لفلسطين في مأمن من الغضب الجهادي القادم.

خامساً: تدخل عسكري تركي محدود وخاصة لحماية المناطق الشمالية من البلاد وخلق منطقة آمنة للثوار وللمواطنين تكون قاعدة لتحرير سوريا من عصابات النصيرية.

الحرب الطائفية حقيقة واقعة:

كثيرة هي تلك المؤشرات التي تدل على قرب دخول البلاد السورية في حرب طائفية معلنة تعصف بها، وذلك متوقف على مدى الانشقاقات في الجيش السوري وانضمامهم لأهل السنة، وتسلح أهل السنة بطريقة أو بأخرى، ومع أن الحاصل اليوم في سوريا أقرب ما يكون الى الحرب الطائفية الغير معلنة، فما تفعله العصابات النصيرية في أهل السنة ما هو إلا شكلٌ من أشكال الحرب الطائفية الخفية ، فالبلاد في الحقيقة واقعة تحت هذا المسمى "الحرب الطائفية" ولكن تماسك النظام الحاكم ما زال يخفي حقيقة هذه الحرب الطائفية، ولست أشك للحظة – والله أعلم - أن البلاد ستدخل هذه المرحلة عاجلاً أم آجلاً، وسيكون ناتج ذلك خيراً لأهل السنة بإذن الله، فالتهيؤ والاستعداد لما هو قادم من حروب طائفية قد تعصف في البلاد بشكل دموي واجبٌ على أهل السنة اليوم، وهذا الاحتراب الداخلي بين الكفر والإيمان هو امتداد طبيعي لسقوط النظام النصيري المتسلط، فإن أزلام النصيرية لم يسلموا البلاد طواعية لأهل السنة بل في حال سقوطهم ستلجأ عصاباتهم المسلحة للجبال العلوية والمدن التي يشكلون فيها الأغلبية، لتبدأ حرب استئصالهم بعد ذلك بعون الله.

سوريا الشام والأمل القادم:

لا يخفى على كل مهتم بأمر الإسلام والمسلمين المكانة التي تمثلها الشام الكبرى لأهل الإسلام، فتاريخ هذه البلاد وما تخلله من أحداث عِظام شاهدٌ على عِظَم مكانتها، وعلى ما تمثله من أهمية في ميزان الصراع الحضاري بين الأمم، فقد كان لها الأثر الواضح البيِّن على مسيرة هذا الدين على مرِّ العصور، وكانت المقبرة الكبرى لجيوش الأمم الغازية بلاد المسلمين، وهي كذلك مقبرة آخر الزمان لجيوش الكفر، حيث ملاحم الأمة في آخر زمانها كما هو معلوم من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.

إن الأحداث اليوم تتابع لتشكل بمجموعها ما أسميه عسكرة الأمة وتجييشها، بحيث يأخذ الإنسان العربي المسلم مكانه الطبيعي بين الأمم ويصبح السلاح جزءا لا يتجزأ من حياته كما كان أول مرة، وإن سوريا الشام اليوم تسير نحو الذي ذكرت كأختها ليبيا الغرب أعزها الله بالإسلام، وإن آلام المخاض العسير الذي يكابد مشاقه أهل السنة اليوم في سوريا لهو بداية النهاية لسنوات الذلة والخنوع وتجريد المسلم من عزته ورجولته وفطرته المتمثلة بنزعه سلاحه، وإن قادم الأيام بعون الله سيحمل معه ذاك المولود الجديد الممتشق سلاحه، حيث الأمة وقد تعسكرت وتهيأت لما هو قادم من ملاحم، وإن هذه العسكرة الشعبية لن تقتصر على البعض دون الآخر بل ستضرب بعون الله بلاد العرب عامة.

إن أعظم ثمرة يقدمها العالم اليوم للثورة السورية هو تباطؤه في مد يد العون لأهلها، فهو بتباطئه هذا يعسكر الأمة بطريقة ذاتية، ويجيشها إجباراً، ويدفعها دفعاً للفزعة لسلاحها للدفاع عن العرض والنفس، فليس للثوار بعد الله سوى ذلك، وهذا ما نعول عليه وتعول عليه الأمة بعد الله، لقد طال الأمد على الأمة ولا بد من زلزال يهز أركانها ويحي ما أمات الطاغوت من سالف مجدها، وليس هناك من محي لها ومنقذ سوى الجهاد والجهاد وحده بمكارهه.


والحمد لله رب العالمين

كتبه
أبو عبيدة / عبد الله خالد العدم
2محرم 1433

التعليق :

بارك الله في الشيخ ابو عبيده وقد صدق يجب على اهل الشام عسكرة ثورتهم والفزعه للسلاح فهو المنجى بعد الله وبه العز والمنعه اسال الله ان ينصر اخواننا في الشام على عدوهم
 
أعلى