غضضتم الطرف عن معاناة آلاف الأسر المهددة في استقرارها وتجاهلتم المليارات التي أهدرتموها
لا يا "غرفة"... الكويتيون كلهم يستحقون الرفاه الاجتماعي
لم تكد فرحة مئات آلاف الكويتيين تكتمل بالانباء السارة عن حل قضية القروض حتى خرجت عليهم غرفة التجارة والصناعة, وكعادتها, ببيان يحمل ترجمة للاهداف الحقيقية التي تحركها, أو بالاحرى للتيار المهيمن عليها وتسبب منذ عقود بالعديد من المشكلات الاقتصادية للبلاد, بل أنه شجع على الانفاق العبثي خدمة لمصالحه الخاصة, ولا سيما في المشاريع الكبرى التي بعضها ليس له أهمية إنمائية للبلاد.
أكثر من ذلك, استخدمت غرفة التجارة والصناعة في الماضي, ولا تزال, سيفها السياسي في ضرب كل من يحاول الخروج على قواعد وضعتها لما تعتقده هي الاساس الصحيح للاقتصاد الكويتي, عبر ربطه بفئة من المواطنين دون غيرها, وهو ما أكدته في بيانها الاخير بقولها" لكي يبقى دعم المال العام لمستحقيه دون غيرهم, ولكي لا يؤدي التوسع في مفهوم الرفاه الاجتماعي وفي تكاليف الدعم الحكومي الى مزيد من الخلل الاقتصادي والتواكل الاجتماعي, والى تكرار الاعتداء على المال العام ومستقبل الاجيال".
لا يمكن لذهنية الاحتكار والتمييز الطبقي ان تساهم في بناء دولة واقتصاد رشيد لأن من يعتقد أنه وحده يستحق المال العام هو منفصل عن الشعب, ويتعاطى بمنهج تمييز بشع, وتاليا لن يتوانى عن استدراج نصف الكويتيين الى استعداء النصف الاخر, لأنه يعتبر ان نحو عشرة في المئة لهم حق الهيمنة على 85 في المئة من الثروة الوطنية, بينما تبقى لتسعين في المئة نسبة ضئيلة جدا من تلك الثروة, وهذا الوضع لا يقيم تنمية, ولا يخدم الحركة الاقتصادية في البلاد لأنه يضيق مساحة المشاركة الاستثمارية ويقصرها على فئة محددة.
ومن يعتقد ذلك لن يرى في" إسقاط القروض إلا بدعة غير مسبوقة تندرج في سياق نهج الهدر الانفاقي الذي أفرطت السلطتان التشريعية والتنفيذية في تطبيقاته لتلبية الرغبات الاستهلاكية الأنية والمسرفة", لأنه يجعل من نفسه سلطة وصاية على المال العام يحدد أبواب إنفاقه, ومن يجب ان يستفيد منه.
لكن قبل أي أمر آخر من حق أي مواطن ان يسأل الغرفة: من الذي شجع على انتشار تلك الحمى الاستهلاكية بين المواطنين, وتفنن وأبدع في اجتراح المغريات لحض الناس على الاقتراض الاستهلاكي, وجعل الفوائد على ذلك تصل في بعض الاحيان الى ما يفوق الاربعين في المئة? أليس في كل قوانين العالم يعتبر المحرض على الفعل جزءا منه, ويتحمل المسؤولية تماما كما يتحملها الفاعل, أم ان الغرفة تريد من الجميع النظر بعين واحدة والتغاضي عن الاخطاء التي ارتكبتها هي أو البنوك?
لقد غضت غرفة التجارة والصناعة الطرف عن الجوانب الامنية والاجتماعية والسياسية لظاهرة القروض وما ترتب عليها من مشكلات في ذلك, وملاحقات قضائية وزج الناس في السجون حتى بات الالاف من الكويتيين يقضون ايام الجمعة والسبت في المخافر, ومئات الأسر تدمرت, وفقد كثير من المواطنين منازلهم ومصادر دخلهم, بل ان ذلك ادى ايضاً الى زيادة معدل الجريمة على اختلاف أنواعها, وكل هذا تناسته الغرفة التي حصرت الأمر في جانب اقتصادي حسب ما تراه, وليس كما هو في الواقع, وهي في ذلك لم تخالف ما درجت عليه منذ 20 عاما في اقتراحاتها ومعالجتها للقضايا الاقتصادية والسياسية التي كانت تنتهي دائما الى زيادة المشكلات لأنها تقوم على رؤى غير سديدة, وآخر الامثلة على ذلك ما قدمته من معالجات لتبعات الازمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي في العام 2008 حين طالبت الدولة بشراء الشركات المتعثرة وتسديد مديونياتها على حساب الاقتصاد الوطني ككل, فهل كانت حينذاك ترشد الانفاق وتحافظ على المال العام, علما ان المبلغ الذي كانت ستدفعه الدولة أكثر بنحو خمسة أضعاف مجموع قروض المواطنين التي بات العمل على إسقاطها اليوم يرعب الغرفة?
المؤسف ان يعتقد بعض التجار ورجال الاعمال أنهم قادرون على فرض وصايتهم على الدولة ككل, وممارسة الضغط والتهويل على المؤسسات الدستورية والمراجع المعنية في اي وقت, واذا خالفهم أحد في ذلك ونبههم الى مخاطر ما يمارسونه أطلقوا عليه سهام التخوين واتهامه بالعبث بالثروة الوطنية, ومارسوا ضده الشيطنة, فيما أساس الاقتصاد المتين الحوار وتحفيز المواطنين على المبادرة الفردية وتخفيف الاعباء عنهم حتى يساهموا فعليا في تنشيط الاقتصاد, وليس كما تعتقد غرفة التجارة والصناعة في ما يتعلق بمعالجة واحدة من أكثر القضايا الوطنية أهمية.
الهدر الذي تتحدث عنه غرفة التجارة والصناعة في بيانها ليس في معالجة ظاهرة باتت بحجم الكارثة الوطنية تسببت بها أخطاء البنك المركزي والبنوك التجارية وعدم وجود سياسة ائتمان حصيفة, إنما هو في هدر مليارات الدنانير على مشاريع ما يرصد لها يفوق ناتجها بعشرات المرات, ويتقاسمها بعض رجال الاعمال.
مرة أخرى ترتكب الغرفة خطأ بحق الغالبية الساحقة من الشعب الكويتي, ولا تنظر الى الامر إلا من زاوية مصالحها هي غير عابئة بمعاناة المواطنين الذين دفعوا الى الاستدانة بسبب غياب الدولة عن تأمين خدمات هم بأمس الحاجة اليها, وجهدت غرفة التجارة والصناعة وبعض رجال الاعمال والتجار عبر تيارات سياسية وكتل نيابية مرتبطة بها لمنع تطويرها, حتى ينتهي بها المطاف الى الخصخصة وامتصاص المزيد من دم الناس.
أحمد الجارالله
http://al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/235818/reftab/36/Default.aspx
-----
قد يقول قائل ان مسألة معالجة القروض ليس فيها عداله و مساواه و هذا صحيح , لكن ماذا عن المديونيات الصعبه و توزيع الشاليهات و المرازع و القسائم الصناعيه ؟!
لا يا "غرفة"... الكويتيون كلهم يستحقون الرفاه الاجتماعي
لم تكد فرحة مئات آلاف الكويتيين تكتمل بالانباء السارة عن حل قضية القروض حتى خرجت عليهم غرفة التجارة والصناعة, وكعادتها, ببيان يحمل ترجمة للاهداف الحقيقية التي تحركها, أو بالاحرى للتيار المهيمن عليها وتسبب منذ عقود بالعديد من المشكلات الاقتصادية للبلاد, بل أنه شجع على الانفاق العبثي خدمة لمصالحه الخاصة, ولا سيما في المشاريع الكبرى التي بعضها ليس له أهمية إنمائية للبلاد.
أكثر من ذلك, استخدمت غرفة التجارة والصناعة في الماضي, ولا تزال, سيفها السياسي في ضرب كل من يحاول الخروج على قواعد وضعتها لما تعتقده هي الاساس الصحيح للاقتصاد الكويتي, عبر ربطه بفئة من المواطنين دون غيرها, وهو ما أكدته في بيانها الاخير بقولها" لكي يبقى دعم المال العام لمستحقيه دون غيرهم, ولكي لا يؤدي التوسع في مفهوم الرفاه الاجتماعي وفي تكاليف الدعم الحكومي الى مزيد من الخلل الاقتصادي والتواكل الاجتماعي, والى تكرار الاعتداء على المال العام ومستقبل الاجيال".
لا يمكن لذهنية الاحتكار والتمييز الطبقي ان تساهم في بناء دولة واقتصاد رشيد لأن من يعتقد أنه وحده يستحق المال العام هو منفصل عن الشعب, ويتعاطى بمنهج تمييز بشع, وتاليا لن يتوانى عن استدراج نصف الكويتيين الى استعداء النصف الاخر, لأنه يعتبر ان نحو عشرة في المئة لهم حق الهيمنة على 85 في المئة من الثروة الوطنية, بينما تبقى لتسعين في المئة نسبة ضئيلة جدا من تلك الثروة, وهذا الوضع لا يقيم تنمية, ولا يخدم الحركة الاقتصادية في البلاد لأنه يضيق مساحة المشاركة الاستثمارية ويقصرها على فئة محددة.
ومن يعتقد ذلك لن يرى في" إسقاط القروض إلا بدعة غير مسبوقة تندرج في سياق نهج الهدر الانفاقي الذي أفرطت السلطتان التشريعية والتنفيذية في تطبيقاته لتلبية الرغبات الاستهلاكية الأنية والمسرفة", لأنه يجعل من نفسه سلطة وصاية على المال العام يحدد أبواب إنفاقه, ومن يجب ان يستفيد منه.
لكن قبل أي أمر آخر من حق أي مواطن ان يسأل الغرفة: من الذي شجع على انتشار تلك الحمى الاستهلاكية بين المواطنين, وتفنن وأبدع في اجتراح المغريات لحض الناس على الاقتراض الاستهلاكي, وجعل الفوائد على ذلك تصل في بعض الاحيان الى ما يفوق الاربعين في المئة? أليس في كل قوانين العالم يعتبر المحرض على الفعل جزءا منه, ويتحمل المسؤولية تماما كما يتحملها الفاعل, أم ان الغرفة تريد من الجميع النظر بعين واحدة والتغاضي عن الاخطاء التي ارتكبتها هي أو البنوك?
لقد غضت غرفة التجارة والصناعة الطرف عن الجوانب الامنية والاجتماعية والسياسية لظاهرة القروض وما ترتب عليها من مشكلات في ذلك, وملاحقات قضائية وزج الناس في السجون حتى بات الالاف من الكويتيين يقضون ايام الجمعة والسبت في المخافر, ومئات الأسر تدمرت, وفقد كثير من المواطنين منازلهم ومصادر دخلهم, بل ان ذلك ادى ايضاً الى زيادة معدل الجريمة على اختلاف أنواعها, وكل هذا تناسته الغرفة التي حصرت الأمر في جانب اقتصادي حسب ما تراه, وليس كما هو في الواقع, وهي في ذلك لم تخالف ما درجت عليه منذ 20 عاما في اقتراحاتها ومعالجتها للقضايا الاقتصادية والسياسية التي كانت تنتهي دائما الى زيادة المشكلات لأنها تقوم على رؤى غير سديدة, وآخر الامثلة على ذلك ما قدمته من معالجات لتبعات الازمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي في العام 2008 حين طالبت الدولة بشراء الشركات المتعثرة وتسديد مديونياتها على حساب الاقتصاد الوطني ككل, فهل كانت حينذاك ترشد الانفاق وتحافظ على المال العام, علما ان المبلغ الذي كانت ستدفعه الدولة أكثر بنحو خمسة أضعاف مجموع قروض المواطنين التي بات العمل على إسقاطها اليوم يرعب الغرفة?
المؤسف ان يعتقد بعض التجار ورجال الاعمال أنهم قادرون على فرض وصايتهم على الدولة ككل, وممارسة الضغط والتهويل على المؤسسات الدستورية والمراجع المعنية في اي وقت, واذا خالفهم أحد في ذلك ونبههم الى مخاطر ما يمارسونه أطلقوا عليه سهام التخوين واتهامه بالعبث بالثروة الوطنية, ومارسوا ضده الشيطنة, فيما أساس الاقتصاد المتين الحوار وتحفيز المواطنين على المبادرة الفردية وتخفيف الاعباء عنهم حتى يساهموا فعليا في تنشيط الاقتصاد, وليس كما تعتقد غرفة التجارة والصناعة في ما يتعلق بمعالجة واحدة من أكثر القضايا الوطنية أهمية.
الهدر الذي تتحدث عنه غرفة التجارة والصناعة في بيانها ليس في معالجة ظاهرة باتت بحجم الكارثة الوطنية تسببت بها أخطاء البنك المركزي والبنوك التجارية وعدم وجود سياسة ائتمان حصيفة, إنما هو في هدر مليارات الدنانير على مشاريع ما يرصد لها يفوق ناتجها بعشرات المرات, ويتقاسمها بعض رجال الاعمال.
مرة أخرى ترتكب الغرفة خطأ بحق الغالبية الساحقة من الشعب الكويتي, ولا تنظر الى الامر إلا من زاوية مصالحها هي غير عابئة بمعاناة المواطنين الذين دفعوا الى الاستدانة بسبب غياب الدولة عن تأمين خدمات هم بأمس الحاجة اليها, وجهدت غرفة التجارة والصناعة وبعض رجال الاعمال والتجار عبر تيارات سياسية وكتل نيابية مرتبطة بها لمنع تطويرها, حتى ينتهي بها المطاف الى الخصخصة وامتصاص المزيد من دم الناس.
أحمد الجارالله
http://al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/235818/reftab/36/Default.aspx
-----
قد يقول قائل ان مسألة معالجة القروض ليس فيها عداله و مساواه و هذا صحيح , لكن ماذا عن المديونيات الصعبه و توزيع الشاليهات و المرازع و القسائم الصناعيه ؟!