شموع التحرير

البريكي2020

عضو فعال
شموع التحرير


بقلم: أحمد مبارك البريكي
Twitter: @ahmad_alburaiki
Instagram: @ahmad_alburaiki



بالقرب من شاطئ الشويخ الجميل أستقطع وقتا مع «عزيزي» الصغير لأزور دارة شيّدت أركانها أيادٍ كويتية متطوّعة، وبالرغم من بساطة المكان وبعض الملاحظات إلا أنه يظل جهدا مشكورا لشباب أرادوا خدمة بلدهم على طريقتهم الخاصة، «متحف الغزو» الذي تختبئ في مكامنه أشياء حزينة تعيد شريط الذكرى لأحلك أيام الوطن، ومعرض صغير يحكي أهوال وأحوال تلك النكراء، وعن كل مصطلح للخيانة وغياب الضمير لتلك العصابة البعثية التي جثمت على الأرض الطاهرة لتعيث في الطهر عهرا وفجورا، ورأس صنم الجائر «الشنيق» مُلقى في هوّة قعر القصاص، إنها نافذة لعزيز وأقران جيله حتى يدركوا ما معنى خسارة الوطن، وليستعيدوا أحداثا لم يعيشوها من قبل.
ككُل حَول تعبر ذكرى تحرير وطننا الصغير من وطأة الغازي الزهوق، ومع تباعد السنين يعتلي الشحوب والانطفاء تلك المناظر الأليمة التي عاشتها الكويت، وشعبها الذي نام في يوم «آبيّ» على مجدٍ عربي أبيّ، صحا من غفوته ذات صباح ليجده كابوساً مريعا ليس له من منتهى.
خَلَف الجيل الذي عايشَ الغزو جيل جديد لم يدرك جيدا ما معنى فقدان الأرض والأمان والوطن، وله العذر في ذلك بعد أن أغفلت الدولة مسؤولية إذكاء وهج الوطنية والاعتزاز بحرب استعادة الأرض من براثن الطامعين والمتربصين على الخط، للانقضاض على بلد يصارع بكل ما يمتلك ليبقى في إقليمه المُتسم بالصراعات والحروب، ولنا في أخبار الأمم العظيمة التي لم تنفك يوما عن أحزانها وتراثها النضالي الأسوة والاقتداء، فبرغم مئات السنين لم تنسَ أميركا معركتها في دحر الجيش البريطاني من مدينة فيلادلفيا، فحُفظ البيت الأخير الذي غادر منه آخر جنود التاج ليكون مزارا للزائرين يدقّ بالقرب منه ناقوس الحرية، ويشهد على تحرير الأمة التي قامت لتتحوّل من قارة وليدة لقوة عتيدة، واليابان التي أحيَت من أتون حريقها النووي المميت إرثا يتذكره العالم في كل مرة يُذكر فيها مفهوم التسلّح المدمر، هي ذاتها اليابان التي أفاقت من كبوتها لتحلّق في مدى النهضة والتعملق الاقتصادي.
لم يتعرّض أي بلد في محيطنا الإقليمي لكارثة مماثلة كالتي حلّت بنا، فالكويت التي مُحيت بين غمضة عين وانتباهتها من خريطة أطلس العالم، لتستقر تحت نظام عنجهيّ وسلطة متغطرسة لا تعرف للمواثيق عهودا ولا صيانة، ولا يعرف قائدها غير لعنة النار كحلٍ لاسترداد سلائبه، هي بحق ذكرى لا يمكن لشعب نسيانها، ولا يجوز لأي حكومة تناسيها مهما تغيرت الظروف.
 
أعلى