حتى لا نكون كالإسفنجة!


من المعلوم أن الثقافات تختلف من مجتمع لأخر,و إن أهم ما يميزهذه الثقافات هو تنازعها وتصارعها على البقاء والإنتشار ,وإن مما يُسهم في إنتشار ثقافة مجتمع ما , هو جهل المجتمعات الأخرى بها من حيث سبب النشأة وأيضا النتائج والعواقب لها ومن ثم تشربها في أوساط تلك المجتمعات, وهذا ما يسمى بالتقليد الأعمى .
تقول إحدى الفتيات:في أحد الأيام اتصلتُ على والدتي والتي كانت عند خالتي وقلت لها: إن فلانة أختي قد هربت من البيت, فما كان من أمي إلا أن سقطت, وأخذت خالتي الهاتف و في محاولة مني لإستدراك الأمر وإخبارها بأنني كنت أكذب وأن هذه كذبة أبريل إلا أنني لم أفلح فقد تركوا الهاتف وانشغلوا بوالدتي المغمى عليها.
لن أتطرق إلى حكم الكذب في الشرع وعواقبه أو نظرة الناس للكاذب ودوافع الكذب و الطبيعة النفسية للكاذب واستمراءه عليه بدون خجل أو حياء.
فالكذب بطبيعة الحال ممقوت لدى الأمم كلها, وحتى قبل الإسلام ولما جاء الإسلام أكد على تحريمه وزاد من التحذير منه وتبيين عواقبه. ولا شك أن الناس يبحثون عن من يثقون بهم ولا تتولد هذه الثقة إلا من خلال الصدق سواء في الأقوال أو الأفعال لذا نحتاج إلى سنين حتى نوجد بصيصاً من الثقة في نفوس الأخرين في حين أن هذه الثقة قد تزول عند الكثيرين بمجرد كذبة واحدة ولو كانت من قريب.
ولكن بالنظر إلى الغرب وتخصيصهم لهذا الشهر بالكذب ما يدعو إلى التعجب, في البداية أنا لا أنزه الغرب عن الكذب ولكن قد يكون لديهم شغف للكذب لأنهم يعيشون - معظم السنة - بصدق مع أنفسهم ومجتمعاتهم ومؤسساتهم وأهدافهم وخططهم, لذا من الطبيعي أن نراهم يتفننون في أنواع الكذب في هذا الشهر بل وتجدهم في شوق إليه ( حبيب جاء على فاقة ).
ومع هذا فإنهم وإن أبدعوا في هذا الشهر فإنهم لن يبلغوا نصيف إبداعنا من الكذب لا من حيث الكم ولا من حيث الكيف ... فمن حيث الكم فإن ديننا الحنيف قد استثنى ثلاث حالات من الكذب بالنص الصريح ولكننا لم نكتفي بها , بل ضاعفناها أضعافا مضاعفة , وأما من حيث الكيف فحدث ولا حرج سواء بالأقوال أو الأفعال و بداية بمؤسساتنا ومنظماتنا وهيئاتنا وانتهاء بأصغر فرد في مجتمعنا إلا من رحم ربي . ولعلنا نرجع إلى الوراء قليلا ونتذكر ما حدث في السعودية على وجه الخصوص في أبريل 2009 عندما اشتهرت تلك الكذبة والتي روج لها الإعلام بشكل كبير عن وجود مادة الزئبق الأحمر في ماكنات الخياطة من نوع سنجر ( أبو أسد ) القديمة, حتى أصبح الجميع يبحثون عنها في كل مكان ووصلت أسعارها في بعض المناطق الى مئة ألف ريال ... فهذا مثال لكذبة أبريل والتي راح ضحيتها الكثير , وفي نفس الوقت غني بسببها الكثيرون.
إن في تخصيص هذه السلوكيات بأيام وشهور دعوة إلى تخصيص المزيد منها فقريباً سيظهر يوم الغش ويوم الكسل ويوم النوم وشهر الزعل والبصل ( على أنقاض شهر العسل ) وهكذا دواليك.
مالم يكن هناك مبادرات حكومية ومؤسساتية للتحذير والتصدي لمثل هذه الثقافات الدخيلة والمقيتة وإلا فمجتمعاتنا في تقبلها كالإسفنجة في تشربها لكل ما يسكب عليها.


سؤال!
هل هناك جهة مسؤولة عن التصدي لمثل هذه الظواهر والسلوكيات والتي تمس الأفراد وليس الجهات؟!

طارق البوعينين
TARIQ1712@HOTMAIL.COM
 

( القلب الكبير )

المعرف السابق:النوخذة بوعبدالله
سؤال!
هل هناك جهة مسؤولة عن التصدي لمثل هذه الظواهر والسلوكيات والتي تمس الأفراد وليس الجهات؟!

طارق البوعينين
TARIQ1712@HOTMAIL.COM
أرحب بك اخي الكريم مرة اخرى بيننا
جزاك الله خير اخي الكريم على هذا المقال الرائع


الجواب على السؤال :
نعم يوجد جهة مسؤولة عن التصدى لمثل هذه الظواهر و السلوكيات
و هناك عدة جهات و ليس جهة و احدة فقط منهاعلى سبيل المثال لا الحصر :
( 1 ) الخوف من الله تعالى
( 2 ) الوازع الايماني
( 3 ) الثقة بالنفس
متى ما استشعرنا هذه الامور في نفوسنا
اندرست و غابت هذه الامور و اضمحلت في مجتمعنا
الذي يفترض ان يكون قدوة الشعوب و المجتمعات الاخرى يحتذي به
لكن بكل اسف
نحن نتيجة لعدم الثقة بالنفس
اصبحنا تابعين و نقلد كل ما هو سيئ
و الله المستعان

 
أعلى