آمال_ محمد الوشيحي ...

آمال:
فهد العنزي ومحمد قبازرد
محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com

محمد%20الوشيحي_thumb.jpg


إذا سقطت الحصانة عن الدكتور فيصل المسلم، بمعنى، إذا سقطت الحصانة عن النائب وهو يتحدث تحت القبة، فليس أمام 'نوابنا' إلا الاستقالة، والبدء بالتحشيد، ورصّ صفوف الشعب المهلهلة، لتعديل الأوضاع المنقلبة... وآخ ما أكبر الخطأ الذي انطلق منذ سكوتنا وقبولنا بإحالة التقرير إلى اللجنة التشريعية لمناقشته، في مخالفة 'مصلّعة' لمواد الدستور.
إذا تم ذلك فاستقيلوا يا 'نوابنا'... وخير الكلام ما قل ودل، وحيّ على الفلاح.
***
صلوا على شفيعكم الهاشمي، واقرأوا المعوذتين، و'من شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد'. ولو أنني كنت مدافعاً ضد الكويت، وأقبل عليّ فهد العنزي من هناك، يجري بأقصى سرعة محركاته النفاثة، وشعره الثائر 'معلّق في السحاب'، كذيل حصان فارس منتقم، لـ'رقعت بالصوت الحياني'، وللطمت لطماً مبيناً.
هذا اللاعب من فصيلة النيازك، وطريقته في المرور من بين مدافعي الخصم تذكّرك بالطّيف الذي يمر لمحة، فلا تكاد تتبيّنه الأبصار، والهجمة التي يقودها 'الوايلي' فهد يصاحبها برق يلمع ورعد 'يحنّ' ويزمجر، فلا يجد مدافعو الخصم من حيلة إلا أن يضعوا أصابعهم في آذانهم خوفاً على طبلاتها من 'حنّة' رعده، ويغمضوا أعينهم خوفاً من أن يخطف نورها برقه. ويجب على 'الفيفا' إلزام الفرق الأخرى بإحضار أطباء العيون والأنف والأذن والحنجرة، والتأكد من وجود سيارات الإسعاف قبل المباراة.
لاعب مثل هذا نعمة وهبها الله للكويت، تستحق الشكر، ويستحق من اهتم بها ورعاها الثناء، وشكراً كبيرة لجريدة 'الراي' التي نشرت قصة منزل والده، وشكراً أكبر منها لمعالي النائب الأول وزير الدفاع الذي أمر بالإبقاء على منزل والد فهد. والمثل يقول 'إذا توضيت صلّ'، وعسى الحكومة أن ترعى 'نعمة الله' فتقوم بتجنيس فهد فوراً وقبل أن يفوز به جيراننا، وما أكثر أفواه الأسود الجائعة والمفتوحة لالتهام هذه النعمة.
حماك الله يا فهد، أنت وبدر المطوع، وحارسنا الجسور نواف الخالدي، وبقية الفرسان، لتعيدوا للكويت أمجادها الرياضية الضائعة منذ زمن.
***
يبدو أن العام هذا، أدرك أنه أحزننا بما يكفي، فأهدانا – من باب تخفيف الأحزان – النجم فهد العنزي، ثم 'أردف' هديته لنا بهدية أخرى لا تقل عنها روعة. الهدية الثانية اسمها 'محمد قبازرد'، وهو شاعر فصيح تجرحت أصابعه وهو ينحت في مناجم الذهب، وينتقي أغلى الجواهر وأجملها كي يصوغ لنا عقوداً تغري الأعناق وتزيّنها.
لقبازرد قصيدة فاتنة تسير بين صفين من نظيراتها بإكليلها الأبيض، فينحنين لها ويرمين الورود أمامها، صاغها في رثاء نجمنا الراحل الخالد 'غانم الصالح'.
اسمعوها على هذا الرابط، وادعوا لـ'غانم' بالرحمة، ولقبازرد بمزيد من المناجم والعقود.
http://www.youtube.com/watch?v=6-idsbHv5HI&playnext=1&list=PL985EAC417B3289E3&index=7
***
أستأذن القراء وإدارة التحرير بالغياب عن هذه الصفحة مدة أسبوع.

.. .







 

حلوة الكويت

عضو مخضرم
آمال:

صبايانا وصباياهم
محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com
محمد%20الوشيحي_thumb.jpg


الله على الطقس هذه الأيام، رائع، مثير، لذيذ، يقدّر الحياة الزوجية. شكراً للحكومة، ولا يهون مجلس الأمة.
ووالله لو كانت هذه النسمة التي تداعبني الآن امرأة لكانت الأجمل بين النساء، والأبسق قواماً، والأكثر فتنة. ولو كانت صبية لأجلستها على حجري، وللثمت شفاهها، ولأشعلت لها الشموع، ولنقّلت خدها بين صدري وزندي ومواضع أخرى، ولغنّيت لها وهي تتفقد شفاهها بعد هدوء الزلزال ونقل المصابين: 'أحرَقَت جمرة شفاهك شفّتي'.
والحديث عن جمال الطقس يجرني بيدي إلى الحديث عن جمال النساء، وسأترك قلمي يتحدث نيابة عني، ويلقي أمتعة قلبي أمامكم على الأرض، فإن أغاظكم فاشتموه، تبّاً له، وإن راقكم فادعوا لصاحبه يرحمني ويرحمكم الله...
الجمال لملمَ أوراقه، ولوّح بيده مودعاً نساء الكويت وصباياها، إلا من رحم ربي. وشبّان الكويت أجمل بكثير من شاباتها. لذلك نشاهد هذه المبالغة في ماكياج صبايانا، وترعبنا رؤوسهن الممطوطة، ولا الصواريخ البالستية، في حين تتسابق صبايا الخليج 'الهواويات' على شبان الكويت... كما ينقل لي الرواة الثقات، الذين أثق بهم كما أثق بنفسي.
والصبية الكويتية لا تفتقد الذوق في الماكياج فقط، بل في الغزل أيضاً... ويتغزل أحدنا بالصبية الكويتية: 'كم التاريخ اليوم؟ ورودك تفتحت. هل داهمنا الربيع على غفلة منا؟'، فتقمعه وهي تطرقع علكتها وتغمز بعينها وتهز رأسها كالهنود: 'يا سلام. كم واحدة غيري قلت لها هذا الكلام؟ أجبني بصراحة، فأنا أعلم أنك محاطٌ بالنساء'، فينقلب مزاجه، فإن قال لها 'كثيرات'، أصبحت كلماته 'ساكند هاند' مستعملة تفتقد لذة الجديد والخصوصية، وإن قال 'لا أحد' لم تصدقه، لكنه على أي حال يرد عليها وهو يتلفت بحثاً عن كأس ماء تنقذه من حالة القرف: 'حتى لو كنتُ محاطاً بالنساء... أنت واحدة منهن، أنت أجملهن... إلا إذا كنتِ (معلّم كاشي) دون أن أعرف'، ويواصل قصفه الانتقامي: 'الصينيون كسروا سوقكم، يومية معلم الكاشي منهم أربعة دنانير. يا بلاش'... يقول لها ذلك ويغادر ويتركها تحك رأسها وتحسب تكلفة الأسمنت الذي ملأه.
والوضع في البحرين يُبكي، إن على مستوى الشابات أو الشبّان، والجمال عندما مر على صحراء العرب، سلك الطريق الآخر، فلم يمر على البحرين. والوضع في قطر كارثي، وماكياج بناتنا يُعتبر في الحد الأدنى مقارنة بماكياج بنات قطر، وأجزم أن شركات الماكياج تحسب لقطر ألف حساب، وشبان قطر يُرعبون الثعابين فتصرخ 'يمّه'، وترفع التماسيح يديها: 'الحمد لله الذي فضّلنا على كثير من خلقه'. أما صبايا الإمارات وفتيانها فيسمعون عن الذوق لكن لم يسبق لهم مصافحته ولا السلام عليه، خذ مصاريف وماركات باذخة وسيارات فارهة، وخذ مقابلها 'كندورة' صفراء ولا بقرة اليهود، منفوخة كالخيمة، وفساتين تلمع في عز الظهر، ورولز رايس.
وحدها السعودية، تحديداً منطقة 'نجد'، سبقت الجميع وغرفَت من بئر الجمال ما يكفيها ويزيد. ووصلَ أهل شمال المملكة متأخرين فإذا البئر جافة، وتاه أهل الجنوب عن موقع البئر فكادوا يموتون لشدة الدمامة والقبح، أما أهل الغربية فشربوا من آبار مختلفة، فأثمرت بساتينهم يوماً 'خوخ' ويوماً 'حنظل'، في حين شرب أهل الشرقية من بئر البحرين وقطر والكويت، مياهاً ملوثة.
وإن خرجنا من صحراء العرب، وضربنا في عرض الوطن العربي، فلا جمال يفوق صبايا أهل سورية، سقاها الغيم، لولا فظاظة لهجتهن وغلظة تصرفاتهن.








تحت ضغط احد الاعضاء وتحديه لي بالرد على هالموضوع...
اولا اقول صدق اجمل نساء الكون السوريات يخرب بيتهم:باكي:...:eek: الحمدالله فيني منهم:D...
اما بالنسبة لجمال الكويتيات اقول له...
..
http://www.youtube.com/watch?v=eDOHHhvCc9M&feature=related
ملاحظة....زعلانه عليك:eek:


 
آمال:
مشياً على الأقدار
محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com



حكايتي مع قلمٍ غير عاقل...


أصبحنا متهمين مقدماً إلى أن تتدبر الحكومة تهمة تليق بكل منا على حدة... نتجول مشياً على الأقدار في اتجاه الغد، والغد يقف هناك ويداه خلف ظهره، يخبئ في إحداهما عصا مزينة بمسامير، وفي الأخرى وردة يحرسها سبعون شوكة مما تعدون.
وقلمي أتعبني... أنا أريد أن أصبح واحداً من العقلاء، أو أن ابتعد عن قافلة 'المجانين' على الأقل، وهو يضع سبابته وإبهامه على شواربه ويهمهم 'يا عيب الشوم'، ثم يرمي بذاكرتي في حضني بقسوة، ويتمنن عليّ: 'تذكّر يا محمد، كم كنت أدفعك إلى رصيف السياسة فترفض في أحيان كثيرة، وتجرني من يدي إلى 'البست'، أو المسرح، لنرقص وأنت تلصق فمك في أذني وترفع صوتك ليخترق ضجيج الموسيقى وصخب الراقصين، وتشير بأصبعك (انظر إلى عينيها 'الغيفاريتين' الثائرتين، لا ينقصهما إلا قبعة 'تشي'، تمعّن بركانَ شفاهها وحممه المكتنزة)، وأنا أنصت إليك بكل ما أوتيت من مجاملة... تذكّر يا محمد كم مرة طلبت مني أن أصدم صبية بكتفي كي أوقع حقيبة يدها فتسارع أنت وترفع حقيبتها متظاهراً (بالجنتلة)... تذكّر يا محمد كم قهقهنا، أنت وأنا، على رصيف المقالات، في الساعة الأخيرة من الليل، أنا أتحدث عن مآثر السرير ومحاسن اللحاف، وأنت تقسم أن تعصر الليل حتى آخر نجمة'، يصمت قليلاً ثم يندفع متحدثاً بصوت خفيض ليحرّك فيّ نخوتي 'الكويت هناك، انظر إليها، انقطع صوتها ولم تعد تقوى على البكاء بعد أن استنزفت رصيدها كله على فقدان ابنتها 'الحرية'... انظر إليها وهي تشمّ رائحة ثياب ابنتها المغدورة وتتلمس ألعابها، انظر إليها وهي تتكئ على الحائط جاحظة العينين فاقدة الإحساس والعقل، لا تعرف أحداً من المحيطين بها، انظر إلى الكويت التي لا تريد منك ولا من غيرك، إلا أن ترشدوها إلى مكان قبر ابنتها 'الحرية' كي تبكي عليها عن قرب، وعن لمس، وعن حضن، وأنت تريد أن تمسح آخر قطرة من إنسانيتك لتصبح (عاقلاً)'.
طمأنتهُ: 'سأحتاط، لا تخف عليّ، سأفعل كما يفعل زميلي الكبير عبداللطيف الدعيج، وأتظاهر أنني ضد ضرب الناس بالهراوات، فأقذف الحكومة بحصاة صغيرة، أحرص على ألا تصيبها، قبل أن ألتفت إلى المعارضة وأدهن فوهة بندقيتي وأصوبها عليهم... ها هو محسوب على من يرفض استعمال العصا، رغم كل حروفه ونقاطه وفواصله الحكومية، ها هو أبو راكان يسامر العقلاء ويتناول معهم الفراولة، رغم أنه ليس من عشاق 'التنمية'، ولا يعاني ألماً في محفظته، لكن يبدو لي أن ما يؤلمه هو 'عرقٌ' قصير لا يصل إلى المناطق كلها.
التفتّ إلى القلم لأستشف ردة فعله، فإذا هو يتبسم شماتة، ويهز رأسه: 'ألم تكتب في الدعيج معلقة يوماً ما؟ ألم تحفر الخنادق لتدافع عنه في الدواوين؟'.
نفثت دخان سيجارتي إلى الأعلى لعله يجيب عن أسئلته المكدسة، لكن خصمي / قلمي أصر على سماعها، كعادته، لتذكيري بها كعادته يوماً ما. فانتزعت كلماتي بأظافر القرف: 'شوف، نحن في زمن جويهلي، ما نجلبه من السوق على أنه برتقال، يتضح لنا على المائدة أنه حنظل، والعكس بالعكس، ولا أحتاج إلى تذكيرك أنني لست طبيب أشعة يكشف عن العروق ويميّز فصائل الدم. ثم يا سيدي، كم من أشياء سقطت من يدي ومن عيني... لم أعد أكترث بالخسائر، ولا بسقوط التماثيل العملاقة... وأظن أن تمثال أبي راكان لا يكترث بعيني'.
أتعبني هذا القلم، قاتله الله، كلما سلكت طريقاً سدّه... أتعبني وهو يتقمّص شخصية خادم المتنبي الذي ذكّره ببيت شعره الخالد (الخيل والليل والقوات الخاصة وجريدة الوطن...) فانثنى عائداً فقُتِل... تبّاً للأقلام والخدّام، وعاش
أبو راكان.​
 
آمال:

عبيد وخالد وخالد

محمد الوشيحي

محمد%20الوشيحي_thumb.jpg



قصة حقيقية...


هنا كان يجلس ثلاثة من الطلبة الكويتيين، هنا كانت تفوح رؤوسهم حماسة وتشتعل قلوبهم وطنية.

هنا في عام 1999 كانوا يجتمعون في هذا المقهى الذي يتوسط 'جورج تاون'، قلب العاصمة الأميركية 'دي سي'، في شارع 'ام ستريت'، وعلى مقربة من المكان الذي تم فيه تصوير فيلم الرعب الأميركي الأشهر 'ذي اكسورست' عام 1973، الذي يتحدث عن 'جنّي' يأتي من صحراء الشرق الأوسط ليسكن جسد فتاة من أهل هذه المنطقة الأميركية، ويقال إنه أثناء التصوير وبعده حدثت مصائب غريبة أطلق عليها الناس وصف 'لعنة جورج تاون'... هنا كان الثلاثة يتسامرون ويتناقشون عن الشأن الكويتي، وعن أوضاع أهلهم وديرتهم.

الأول هو الدكتور عبيد الوسمي، الخبير الدستوري، والثاني خالد الطاحوس، عضو مجلس الأمة، والثالث خالد الفضالة، أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي السابق... عبيد، الأكبر سناً، كان يدرس الدكتوراه، وكان حديثه منصبّاً على أهمية تطبيق القوانين واحترام الدساتير، وكان يشدد على أنه لو تم تطبيق مواد الدستور الكويتي لكنّا وكانت الكويت، وخالد الطاحوس كان يتحدث عن حرية الرأي والتعبير وحقوق العمال والبسطاء، وخالد الفضالة، الأصغر سناً، كان يتحدث عن حقوق الإنسان وعن أهمية الوحدة الوطنية وعن وجوب حماية المال العام والدفاع عنه.
الطريف أن كلّاً منهم كان ينتمي إلى قائمة طلابية مختلفة، في انتخابات طلبة الجامعة، فالوسمي كان عضواً في قائمة 'المستقلة'، والطاحوس كان عضواً في 'المعتدلة'، والفضالة كان عضواً في 'الوحدة الطلابية'، إلا أنهم الثلاثة كانوا يحرصون على الخروج سوياً، يسعون في طرقات أميركا ومناكبها.
والطريف أيضاً، أن كلّاً منهم نجح في انتخابات الجامعة، واحداً بعد الآخر، وهو أمر نادر الحدوث، إذ اعتاد الطلبة أن تسيطر قائمة ما على الانتخابات لسنوات، ثم تتفوق عليها قائمة أخرى تستمر لسنوات، لكنّ 'الثلاثة' كسروا القاعدة... فعبيد نجح عام 98، ونجح الطاحوس عام 99، ونجح الفضالة عام 2002 في الانتخابات الجامعية. أما الأطرف، فهو أنهم، الثلاثة، بعد تخرجهم، ورغم اختلاف توجهاتهم، لا يؤمنون بهذه الحكومة.
كانت أجسادهم في أميركا، على بعد تسع أمانيّ وسبعة أحلام من الكويت، حيث قلوبهم. كان الواحد منهم، وهو هناك، يتظاهر بحاجته لتعديل قميصه وشدّه إلى الأسفل، كي ينهض من كرسيه ويمد رقبته إلى الكويت فيسرق نظرة يطمئن بها على أوضاعها.
جمع الثلاثة رصيداً من العلم، ليصرفوه في الكويت وعلى الكويت... تخرّجوا وعادوا إلى حيث حطت عصافير أحلامهم، لكنهم نسوا، يا للأسف، أثناء رحلة العودة أن يرموا أمانيّهم وأحلامهم من نوافذ الطائرة، أثناء عبورها فوق المحيطات لتلتهمها الأسماك... لم يدركوا وقتذاك أنهم سيصطدمون بجزاري الأماني وسفّاحي الطموحات... لم يعرفوا أن الشهادات والعلم والوطنية والحماسة والنبوغ وطموح الشباب كلها ستتكسر على حدود 'الفاكس الطائفي' الذي كلما استعرت طائفيته انحنت الحكومة له ولصاحبه... لم يتخيلوا أن الجاهل الذي يشتم أعراض الناس ستعتبره الحكومة 'شخصية مهمة في الرأي العام'، وستتعامل معه - الحكومة - كما يتعامل الحلّاق مع 'المعرس'، فتتكفل بتفريكه وتدليكه... لم يتوقعوا أن قنوات العهر الدرامي التي تحولت إلى قنوات عهر سياسي تخصصت في بث الأكاذيب والافتراءات، ستتعهد الحكومة 'بتقشير' الموز قبل أن تمدّه إليها... لم يتصوروا أن 'الرِّمّة ذا العِمَّة' سيكون 'سيد' الأحداث.
لم يتخيلوا كل ذلك ولم يتوقعوه، فتم سجنهم، هم الثلاثة، تباعاً، الواحد تلو الآخر، كما حدث في انتخاباتهم الجامعية... فهل تلبّسهم 'جنّي' الشرق الأوسط وأصابتهم لعنة جورج تاون؟ أم هي لعنة حب الكويت؟
***
أستاذنا محمد عبدالقادر الجاسم لم تغب عنا، وأنت الحاضر الغائب، لكنه الغبار الذي أعمى أعيننا فطلبنا ماءً لتنظيفها فأعطونا مزيداً من الغبار... كم اشتقناك واشتقنا قلمك يا رجل.
أبا عمر، سيصلك فارسنا الدكتور عبيد الوسمي لمؤانستك، تدبّرا أمرَكما إلى أن يصل بقية 'الربع'... عن أوضاعنا تسألان؟ نطمئنكما، انقلبت الحياة ملهىً لا يحتمل ضجيجه إلا الراقصات وأزواجهن والطبالون وبقية أعضاء الفرقة، ونهض الجمهور يرقص فامتلأ المسرح بـ'النقوط'.
***
رحم الله الإنسان وائل جاسم الصقر، هادئ الطباع خفيض الصوت بطيء الحديث نظيف السريرة، وألهم ناشر هذه الجريدة وآل الصقر الكرام وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان.

....




i.gif
 

آمال:
حزّوا رقبة أمه

صباح الخير أبا عمر، أستاذ محمد عبدالقادر الجاسم... صباح الخير دكتور عبيد الوسمي... هي غمّة ستجرفها سحابة تلقي بها هناك.


***

شيخ الدين المصري محمود عامر تحمّس قليلاً فأفتى: 'يجب أن تُقطع رقبة المعارض المصري محمد البرادعي – الذي ينوي الترشح لمنصب الرئيس - لأنه دعا إلى العصيان المدني'، فانتشرت فتواه كالنار في المخازن قبل الجرد، كحال كل الفتاوى الشاذة، وتداول الناس اسمه وفتواه، وخرج من ظلمات الصفوف الخلفية إلى واجهات الإعلام، فتحمّس أكثر فأفتى: 'والشيخ القرضاوي أيضاً يجب أن تُحصَد رقبته لأنه يدعو إلى العصيان المدني'.
ولو تُرك أخونا محمود عامر يسير في طريقه دون أن يعترضه أحد فلن أستبعد أن يطلق فتوى نووية: 'أعضاء حزب الوفد يجب أن تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وأعضاء الحزب الناصري يجب أن يُرجموا رجم الزانية...'، وستتوالد فتاواه كالقطط، وبالتأكيد ستدور كلها حول القطْع و'الحصْد' والتنكيل والتعزير والرجم، ولن تجد فيها فتوى عن وجوب رعاية النشء أو الأيتام ولا تشجيع البحوث الطبية والعلمية ولا مساعدة الشباب على الزواج، ولن يحض على توفير فرص عمل للشبان الخريجين، ولا ولم ولن، فكل هذا لا يجذب الأضواء، ولا حتى 'لمبة مئة شمعة'.
ولو رزق الله أميركا بـ'محمود عامر أميركي' لكانت رقبة أخينا باراك أوباما ملقاة في سلة قمامة البيت الأبيض، ولو رُزقت فرنسا بمثله لكان رأس ساركوزي معلقاً على قوس النصر في شارع الشانزليزيه، وستمتلئ أوروبا بالرؤوس المعلقة، فالمعارضة هناك لا تدعو إلى العصيان المدني فقط، بل إلى محاسبة الرئيس وجرجرته في المحاكم، كما هي حال جاك شيراك وتوني بلير... ولسوء حظهم أنهم يعيشون في دول علمانية عليهم لعنات الله.
والقطع والتنكيل والتعزير وبقية 'الشلة'، تزاحم كريات الدم الحمراء في عروق العرب، لا علاقة لها بالدين إطلاقاً، إلا أن بعض المشايخ ألبس هذه الغرائز الرومانسية عمامة ووضع في يدها 'مسباح'.
وقد ذُهلَ الضباط المصريون الذين شاركوا في حرب اليمن - واليمن منبع العرب كما تعلمون – في ستينيات القرن الماضي، من طريقة تفاهم اليمنيين بعضهم مع بعض، إذ كان القتل هو الخيار الأول، ثم يأتي التفاهم بعد ذلك. وفي إحدى الليالي، ضاق المكان بمجموعة من السياسيين اليمنيين، كلهم من فريق واحد، فطلب رئيس الاجتماع من ثلاثة من المجتمعين أن يخرجوا كي يتمكن من بدء الاجتماع، فشعر أحد المطرودين بالإهانة فأطلق شتيمة أثناء خروجه، فصرخ رئيس المجموعة: 'حزّوا رقبة أمه'، وبالفعل أمسكوا به وحزّوا رقبته، فثار شقيقه، فتوجّه إلى بيت 'رئيس المجموعة' في منتصف الليل، وسحبه من فراشه، وحز رقبته، وترك رأسه مرمياً في 'الحوش' أمام الزوجة والأطفال، فقامت قيامتهم، وراحوا يتبادلون الحز، كما يتبادل اللاعبون أعلام منتخباتهم، وكلهم أعضاء فريق واحد، والسبب ضيق المكان، أو عدم توافر كراسي بالعدد الكافي.
وفي الكويت، ظهر علينا الشيخ – المصري أيضاً – عبدالرحمن عبدالخالق يطالب بعدم استجواب سمو رئيس الوزراء، بحسب ما تأمر به الشريعة، كما يرى هو! ومعنى هذا أن دستور الكويت مخالف للشريعة الإسلامية لأنه يسمح بمساءلة الرئيس، وكان الأولى أن يطالب 'عالمنا' المفضال بإلغاء الدستور من الأساس، وحز رقبة كل من يدعو إلى المحافظة عليه. ولو كانت الظروف تسمح لكانت فتواه 'أجمل' من هذه وأكثر رومانسية، لكن الجود من الموجود، واسمحوا لنا على القصور... ما يجي منك قصور يا بو عبدالخالق.

....




i.gif
 
آمال:
خذا وانتظرا
محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com
محمد%20الوشيحي_thumb.jpg


صباحاتكما عسل أيها العملاقان، أستاذ محمد عبدالقادر الجاسم ودكتور عبيد الوسمي، كلٌّ في محبسه. افتحا أيديكما لتتلقفا الأخبار... لكن قبل ذاك سأروي لكما حديثاً مختصراً دار بيني وبين أحد الأصدقاء عندما سألني مستنكراً: 'هل تعلم ما هي قيمة صفقة (الهراوات والمطاعات) التي تنوي الحكومة شراءها؟'، فأجبته: 'لا، لكنني أعرف ما هي قيمة المواطن عبيد الوسمي الذي تعرض للضرب بها، وأعرف قيمة نواب الأمة الذين مرت على ظهورهم هذه الهراوات'.
عن الأخبار تسألان؟ لا جديد يستحق الحبر، إلا أن بعض النواب سقط من على صهوة كرامته فداستهُ أقدام الناس، وهو مَن كنا نراه فارساً.
عن الجديد تستفسران؟ لا شيء يستحق الالتفات إلا أن البعض يتساءل عن معنى مصطلح 'الإعلام الفاسد'، وأستأذنكما للإجابة عن هذا السؤال: 'الإعلام الفاسد أيها السائل اللزج، ربما هو الذي يدعمه ثريّ فاسد، أو ربما هو الإعلام الذي يدعمه المسؤول 'النيروني' الذي لا يهمه سوى البقاء على قيد المنصب ولو احترقت روما، أو ربما هو إعلام تدعمه الرياح الشرقية التي ماتزال خفيفة السرعة، لكنها بالتأكيد ستتحول إلى عاصفة جارفة قريباً، أو ربما هو الإعلام الذي جمع كل هذه 'الربماءات'... الإعلام الفاسد هو الذي يتكتم على حالة الزميل 'محمد السندان' الصحية، وهو الإعلام الذي يقلب الحقائق على بطونها، فيصوّر الخرائب بساتين، والبساتين خرائب، ويُظهر نواب الأمة وأبناء الوطن المحترقين عشقاً 'مؤزمين ومشعلي حرائق'.
لا جديد إلا أن النائب الفذ مسلم البراك مندهش من كل هذه الكاميرات التلفزيونية والمايكروفونات التي توضع أمامه في كل ندوة ولا تنقل ما يقوله هو والمجتمعون... هو لا يعلم أن الكاميرات تلك إنما جاءت لتكون 'شاهد إثبات' عليه إذا خرجت منه كلمة يمكن 'تكييفها' كقضية أمن دولة، كما هي الموضة الآن. هو لا يعلم أن الكاميرات تلك 'تركّزت' أمامه ليستمع أصحاب القناة لما يقال ويعرفوا عدد الحضور (يهمهم كثيراً عدد الحضور)، هو لا يعرف أن الكاميرات جاءت لتسجل كل ما يقال في الندوة، لتتم بعد ذلك 'منتجته'، ويتم قطع هذه الجملة ولصق تلك بتلك، قبل أن يعرضوها على الناس مشوّهة الوجه مبتورة الأصابع. البراك لا يعرف أننا تجاوزنا مرحلة 'الإعلام الفاسد' إلى 'الإعلام المفسد'.
لا جديد يستحق النهوض من الفراش وارتداء النظارة الطبية، إلا أن من كان يُتقن الكذب ويجيد الخداع، تخلى عن 'الإتقان والإجادة'، وبات يقدم لنا الأكاذيب مكشوفة ضخمة يمشي على زنودها التيس، دون حتى أن يكلف نفسه تغليفها، ولو بغلاف رخيص من الصناعة الصينية، أو بكيس جمعية.
لا جديد... إلا أن الكويت تعيش في آخر لحظات الليل الطويل، لم يتبقّ على 'الشروق' إلا قليل. تفاءلا، وشاركانا في نظم قصيدة ترحيب بالشمس التي تأخرت على غير عادتها... والغايب عذره معه.
هذه هي آخر تفتيحاتنا من الأخبار، خذاها وانتظرا كراتين الأخبار التي سنعرضها قريباً... دمتما عاشقين.

....





i.gif
 

hweatiQ8

عضو ذهبي
مقال رائع

من شخص أروع


محمد الوشيحي سير ونحن من خلف حروفك العذبه السجيـه

هل تعلم أنني لا اعرف معنى كلمة سجيه ولكن الذي أعلمه أنها جميله فقط



والشكر موصول للاخ الكويت تجمعنا :على نقله الجميل
 
آمال:
دولة الكويت البدوية
محمد الوشيحي



محمد%20الوشيحي_thumb.jpg


يروى أن شاباً مناضلاً لاتينياً قال له جلادوه وهم يقودونه إلى حبل المشنقة: 'ماذا تريد أن تقول قبل شنقك؟'، فأجابهم وابتسامة الواثق تحتل مساحات وجهه: 'لم أخضع للذل طوال حياتي، وأنتم أكثر من يعلم ذلك، واليوم سأُشنق وأموت فترتفع قدماي فوق رؤوسكم'.
***
الحكومة اليوم لا تميز بين رائحة الورود ورائحة البلاستيك المحترق، ولا تتلذذ بالأطعمة، فالخائف تختلّ حواسه. وهي اليوم في وحل، وكلما تحركت غاصت قدماها فيه أكثر، ووسائلها الإعلامية تتصرف بعصبية، فتارة تلجأ إلى التزوير، وتارة إلى التبرير، وتارة ثالثة تعمد إلى التغرير. ويوم أمس وصلني إيميل يعرض الصور المنشورة في جريدة الشاب العصامي حول مسرحية 'بو جعل'، وكيف تم 'تركيب' الصور و'تزويرها'.
وأحد نواب الحكومة 'العقلاء'، يعتقد، بكل ما أوتي من 'ترقيع'، أن من حق الحكومة أن 'تُرضي' النواب ليصوّتوا لصالحها، لكنه لم يشرح لنا كيف يمكن أن ترضيهم، هل تدسّ في جيب الواحد منهم 'كاكاو' كما نفعل مع أطفالنا الغاضبين لنرضيهم، مثلاً؟ وبماذا أرضته هو؟ وهل يمكن أن نفسر مواقف العدوة والحويلة ومزيد ودليهي (هؤلاء الأربعة يقاومون الغرق في طوفان ناخبيهم الغاضبين، وسيصوتون بالامتناع، باستثناء دليهي الذي سيؤيد، والامتناع يعادل التصويت بمنح الثقة. طبعاً ما لم تتغير المواقف، فالأيام في شهرها التاسع) أنه تم إرضاؤهم؟ وليته شرح لنا كيف يمكن لأحد المتخاصمين إرضاء القضاة/النواب؟
ولم أضحك كما ضحكت على الحكومة وهي تريد إعادتنا إلى 'حياة البداوة'، بعد أن تمدّنّا، على عكس حكومات كوكب الأرض كلها، إذ استضافت إحدى أدواتها الفضائية مجموعة من شيوخ القبائل، وهي تعلم أن مسمياتهم باتت 'شرفية' - مع التقدير لشخوصهم والاحترام لمكاناتهم الاجتماعية - بدلاً من محاربة التعنصر القبلي، وهي التي ضربت الفرعيات بيد من حقد وعصا من سفه، سابقاً، واليوم تعزز القبلية وتتكفل بخيامها!
وسيدنا يوسف عليه السلام، أجمل رجال الأرض منذ بدء الخليقة إلى يوم يبعثون، وأشهر بدويٍّ عرفه التاريخ، شكر ربه وهو يخاطب أخوته: 'وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ'.
والبداوة فيها من الشرف ما فيها، لكنها لا تبني الدول ولا توفّر لها الأسمنت، ولا تعترف بقوانين البلدية. وأهم ما في البداوة الترحال خلف الكلأ ومطاردة البرق، ويبدو أن حكومتنا، التي تظهر لسانها للقرن الواحد والعشرين، ستأمرنا قريباً بنقل خيامنا على ظهور الإبل كي تقودنا إلى عين ماء نتقاتل عليها مع الآخرين.
***
نصيحة: إذا كنت جائعاً وتبحث عن 'طعام صحي'، فعليك بتناول 'مدونة ولادة'، فهي غنية بالفيتامينات وألذ من الفواكه وأطعم من الحلويات. ولو مَنعت 'ولادة' الدخول إلى مدونتها إلا 'باشتراك شهري' كما تفعل الفضائيات الرياضية لكنتُ أنا أحد أوائل المشتركين في باقتها... 'ولادة شكراً' فقد أثبتِّ لنا، بالدليل الجميل، أن هناك من يستطيع ضمّ الوطن واللغة الراقية والشعر العميق والصياغة الممتعة والصدق والنقاء وحب الحياة على صدره، دون أن يقع شيءٌ منها.
لا تطوفكم 'مدونة ولادة' لا أبا لكمُ، لكن احذروا السمنة...
http://walladah.blogspot.com/

....







i.gif
 


محمد الوشيحي .. عندما تجالسنا غادة عبدالرازق

أسبوع 'بالكثير' هو أقصى مدة متصلة أستطيع تحمّلها في الكتابة في الشأن السياسي، يبدأ بعدها قلمي يحكّ رأسه متبرّماً متململاً، فأضطر إلى الهمس في أذنه 'غيّر هدومكبنطلع نتصرمح'.
وفي الكويت، ستجد 'قلم الدستور' أستاذنا العظيم أحمد الديين لا يكح ولا يمح من الكتابة في السياسة الجادة، ومثله 'شغيغي' الزميل سعود العصفور، الذي يحمل فصيلةالدم السياسي نفسها. ولو جلست الممثلة التي تملأ أنوثتها الجهات الأربع وتفيض منهاكميات لا بأس بها 'غادة عبدالرازق' بين الديين والعصفور لتحدث الأول معها عنالمذكرة التفسيرية ولتحدث معها الثاني عن المكتسبات الشعبية، أما لو نهضت غادةوجلست بجانبي فسأطفئ لأجلها الأنوار وأنثر الشموع وأدير آلة التسجيل على أغنيةعبدالحليم 'فاتت جنبنا' قبل أن أطلب منها أن تحدثني عن 'اللائحة الداخلية' بتفصيلوتسبيل.
والأوضاع السياسية في الكويت لا تحتاج إلى أن تلصق وجهك على فاترينتها وتُحيطه بكفّيك كي تتمكن من رؤيتها بوضوح، فكل شيء على المكشوف. والناس تتحدث عن أن النائبالقلاف قال في جلسة الاستجواب 'السرية' بعد أن شاهد واستمع إلى عرض كلمة د. عبيدالوسمي: 'الله أكبر، كل هذا قاله'، أي أن القلاف كان مؤيداً لضرب الوسمي وسحله قبلأن يعرف تحديداً ما قاله الوسمي، وهو ما يُسمّى في لعبة 'البلوت' وقوانينها 'صنمغطّى'، أي إعلان الموافقة على 'المغامرة الكبرى' قبل أن تنكشف أوراق اللعب، بمعنى 'شراء السمك بمبلغ خيالي وهو مايزال في الماء'... سحقاً للتنمية.
والنائب الدويسان يقول عن المستجوبين ومرافعاتهم: 'لم يأتوا بجديد، كل ما قالوه في الاستجواب هو تكرار لما قالوه في ندواتهم'، وأظنه كان يتوقع أن 'يغيّروا' كلامهمو'يدبلجوا أفلامهم'! يقول ذلك وهو مثلي يعلم أن جلسة الاستجواب تلك، تحديداً، ليستإلا خطوة إجرائية 'روتينية' لا يمكن تجاوزها، فالأمور 'مصلّعة'، والحجج معروفةمسبقاً.
أما بعض من يردد الكليشة المعروفة 'الحكم بعد المداولة وبعد الاستماع إلى حجج الطرفين' – أكرر، في هذه الجلسة تحديداً – فهو يراعي 'الإعلام' لا أكثر، ويريد أنيرتدي قبعة 'النبلاء'. والكليشات فكرة استخدمها الفنانون والفنانات فتبعهمالسياسيون، وأشهر الكليشات هو ما تردده بعض الممثلات من اللواتي اختلط عندهن الليلبالنهار: 'الفن سرق أمومتي'، أو 'تزوجتُ الفن'، وكليشات أخرى متفرقة حفظناها عن ظهرقلب، نحن عشاق قراءة المجلات الفنية في صالون الحلاقة 'عيبي أنني طيبة جداً وأثق فيكل الناس'، 'صحيح أنا عصبية بس قلبي أبيض'... هي كليشات لزوم الإعلام. بل حتى نحنأبناء الصحافة لنا كليشاتنا التي نرددها ولا نتوقف عند معانيها كثيراً، تعلمناها من 'آبائنا الأولين' في الصحافة، مثل 'الجريدة الغراء'، ولا أدري لماذا يجب أن تتلازمكلمتي 'جريدة' و'غرّاء'! أو جملة 'الحمل الوديع'، على اعتبار أن هناك 'حملاًمفترساً' بمخالب وأنياب تسيل منها الدماء




 

آمال:
العدوة... نهاية الخدمة
محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com
%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B4%D9%8A%D8%AD%D9%8A_thumb.jpg
الذين اشتغلوا في البرامج التلفزيونية يعرفون أن أمهات الكتب والمجلدات، التي تظهر خلف 'العالِم' أو 'المفكر' أثناء تقديمه برنامجه، ليست إلا أغلفة جوفاء، ينعق فيها البوم، لا ورقة فيها ولا مرقة، لكن المنتج والمخرج، بل و'العالِم' نفسه، يدركون أن 'شعب عريبيا' ينبهر بالمظهر كثيراً، ويعلمون أن ظهور 'العالم' أو 'المفكر' أمام ديكور عادي سيدفع الناس إلى التشكيك في علمه وأفكاره. لذا وجب التزوير في التصوير.
'شعب عريبيا' تغرّه اللحية وتخيفه العمامة. ولو كنتُ أنا مكان النائب القلاف لاحتضنت عمامتي بشوق، ولقبّلتها تسعاً وتسعين قبلة، مفرّقةً في الكف والخدّ والفمِ، ولو كنتُ مكان النائب خالد العدوة لوقفت أمام المرآة، ووضعت أصابعي بين شعيرات لحيتي ورحت أغنّي لها وأدلّلها كما دللتني 'لحيتي يا لحيتي لا رباع ولا سديس، وصّليني غايتي من ورى هاك الطعوس'.
العدوة الذي يمتلك من الفصاحة ما يعينه على تخدير مستمعيه ولخبطة حواسهم الخمس، كان في سالف الأزمان ينثر الألقاب على 'شيبان القبيلة' فتسير بها الركبان في رحلات الشتاء والصيف، فهذا 'فارس القبيلة' – يقصد والدي رحمه الله، وكان يقول وهو يشير إليه: 'مِن هذا الفارس أستمدّ شجاعتي وثباتي' - وذاك 'حاتم القبيلة' والثالث 'لقمان القبيلة' والرابع والخامس، فتتمايل رؤوس الشيبان زهواً وسلطنة... لَعَبَ في نفسيات شيباننا لعبْ، الله يسامحه، ولحسن الحظ أنه لا يعقد ندواته بالقرب من مرابط الخيل، وإلا استشهد شيباننا كلهم في تلك الليالي.
هي أيام كان فيها خالد العدوة يخفض هامته قليلاً كي لا يحتكّ بالسماء الدنيا فيطعجها فتتأثر أرزاق العباد. هي أيام كان فيها خالد يمسح على رؤوس الجبال بكفّه الحانية، كما يمسح المحسن على رأس اليتيم. هي أيام كان فيها خالد، رغم اختلافي مع نهجه، إذا تحدث في الندوة أو في قاعة البرلمان، صرخت النملة في وجوه بنيّاتها المزعجات 'صه'، وهرولت النحلة تاركة مطبخها لتستمع إليه، وأرخت الكراسي آذانها، وتمايلت القاعة طرباً لفصاحته المخضبة بصلابته ورمت شالها. هي أيام كان فيها العدوة يوزّع ثمار كلماته على المارة وعابري السبيل فيتناولونها بنهم. هي أيام كان يزأر فيها خالد: 'أنا من قبيلة تقتل جبانها فيفرح أهله'... هي أيام.
راحت الأيام تلك وجاءت أيام أُخَر، تقزّم فيها العملاق حتى باتت الزواحف تنظر إليه من الأعلى بشفقة. جاءت أيام يتلثم الناس فيها قرفاً من رائحة ثمار كلماته. جاءت أيام رفع فيها العدوة القضايا على 'ابن فارس القبيلة'، كاتب هذه الدموع، فخسرها. جاءت أيام تمرغت فيها بعض اللحى في حقول النفط (وهنا يجب الانتباه جيداً إلى التعيينات النفطية القادمة وأسماء قياداتها، مع عدم إغفال 'تصنيف الشركات النفطية الحديثة'، وهل استوفت شروط التصنيف أم لا). جاءت أيام يختبئ فيها العدوة ويهرب إلى ما وراء البحر بعد أن كان في الصدارة.
خالد... صدقني، في اللحظات هذه، أشعر أن الحروف الأبجدية تناقصت، لم تعد ثمانية وعشرين حرفاً كما كانت، سقط بعضها واختفى، لم يبق معي منها إلا نحو عشرة أو تزيد قليلاً، بالكاد تكفي لكتابة بعض الجمل المبعثرة: 'اسحب شهادتك في الوالد، اسحبها حفاظاً على طهارة قبره، فلا حاجة له بها ولا بك. لا تدنس سيرته... خالد، احمل أوصافك وألقابك واذهب بعيداً عنا، لكن احرص على أن تكون (مكافأة نهاية الخدمة) مجزية'.

..




i.gif
 
آمال:
يا ويلكم
محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com

محمد%20الوشيحي_thumb.jpg

ربع الحكومة، نواباً وكتّاباً وكذاباً، يتهكمون على كتلة 'إلا الدستور' وأعضائها ويتساءلون بسخرية: 'كيف تجمعوا وهم من مشارب مختلفة'! معهم حق هؤلاء الساخرون، فنواب الحكومة كلهم 'طقم صيني'، ومن 'مشروب' واحد لا يتغير طعمه، فزنيفر وسلوى الجسار يحملان الفكر نفسه، والحويلة والقلاف (الذي شتمه في استجواب سابق وامتدحه في الاستجواب هذا) يحملان التوجه نفسه، ودليهي والراشد توأمان، وعدنان المطوع والمطير نظرتهما إلى الأمور واحدة، والخنفور ورولا دشتي ينطلقان من محطة واحدة، وعسكر ومعصومة لا فرق بينهما. طقم 'دلال أرسلان' التي تتشابه شكلاً وتختلف حجماً.
والاستجواب هذا زلزالٌ بتوابعه، ستسقط فيه الجدران على رؤوس الكثير من النواب العقلاء ونواب 'الفتاوي'، خصوصاً في الدائرتين الرابعة والخامسة، لتتحولا إلى دائرتين باللون الأحمر، ترعبان الحكومة المرعوبة أصلاً.
وهات أذنك يا صاحبي... بدأت منذ يومين أولى خطوات التنسيق بين مجموعة من الشبان الذين أدهشوا النحل بتنظيمهم وحماستهم، منهم من أنهى دراسته الجامعية ومنهم من ينتظر. أخذوا على عاتقهم التخطيط لتحسين مخرجات انتخابات الدائرة الخامسة، كونهم من أبنائها، واستخدام التكنولوجيا إلى أبعد مدى كنافذة إعلامية، وكشف الصفقات التي تتم تحت بشت الليل، وأشياء أخرى حدثوني عنها.
مدهشون هؤلاء الشبان ومرعبون، يا ويلكم منهم، وأظن أن بيت الحكومة الزجاجي سيتكسر على فولاذهم، وأظنها ستندم على أنهم تعلموا وتوسعت مداركهم وتبحروا في التكنولوجيا. وعسى أن تتشكل مجاميع مشابهة لهم في الدوائر الأخرى، وتحديداً في الدائرة الأولى التي هي بحاجة شديدة إلى الماء قبل أن تموت عطشاً، وبحاجة أشد إلى إضاءة تكسر دمس ظلامها، ولولا النائب الأصيل حسن جوهر لتصادم الناس بعضهم ببعض لشدة العتمة.
ووالله يا د.حسن جوهر، لا أدري ماذا أكتب وكيف أكتب، فموقف العدوة والحويلة أسقط من حروفي الأبجدية نصفها الجميل، ليتبقى لي فقط قليلٌ من الحروف الداكنة لزوم الهجاء والذم، فأتيت أنت بموقفك هذا لتجردني حتى من حروفي الداكنة... وها أنا أجلس على الرصيف عارياً من أي حرف يسترني في هذه الأيام الباردة.
أبا مهدي، دعني أكشف لك مضمون حديثي مع الربع في الديوانية عندما جاءت سيرتك ونحن نمسك الورقة والقلم ونحسب أصوات الفريقين والنتيجة المتوقعة... قال أحدهم: 'جوهر سيمتنع، فقلبه معنا لكن عقله هناك، وهو معذور'، وقال آخر: 'بل سيصوت مع عدم التعاون خوفاً على تاريخه الناصع'، وسألوني عن رأيي وهم لا يعلمون أنك أبلغتني قرارَك قبل التصويت بأيام - وبالمناسبة بقي الأمر سراً احتفظت به لنفسي، لم أكشفه حتى لأقرب المقربين إلى أن كشفته أنت بتصويتك -... فأجبتهم: 'أنا متفائل بجوهر، لا لأنه يخشى على تاريخه، بل لأنه يخشى على الكويت، ولأنه أيضاً يخشى ضميرَه... هذا الرجل ضميره يرعبه'.
أبا مهدي... أشعر أن التاريخ يبتسم الآن وهو يكتب عنك، بعد أن نكّس رأسه وهو يتأمل صورة بعض النواب قبل أن يمزّق صفحاتهم، لكنها الزلازل، يا صاحبي، التي تتساقط بسببها الجدران الرخوة وتثبت الجدران المتينة.

....







i.gif
 
آمال
الداخلية... بلا ملابس داخلية

محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com
%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B4%D9%8A%D8%AD%D9%8A_thumb.jpg
وزارة الداخلية تفعل كما يفعل الطفل عندما يخطئ بالكتابة بقلمه الرصاص، فتنبّهه فيمسح خطأه بأصبعه المبللة... لا هو صحح الخطأ ولا هو حافظ على نظافة الصفحة.
ودعونا نغفل مجلس الوزراء كما أغفل 'دم المواطن القتيل'، واستخسر فيه ربع سطر مما يكتبون، وتعالوا نركّز أنظارنا على وزارة الداخلية التي باتت تمتلك صواريخ عابرة للقارات، أطلقت مجموعة منها في مؤتمرها الصحافي الشهير الذي سمّاه الناس 'المؤتمر الصحّاف' بعد أحداث 'ديوانية الحربش'، وأمس أطلق وزيرها صواريخ أخرى... وعن نفسي، وأنا هنا أتحدث بكل رصيدي من الجدية، توقعت أن يصرّح الوزير تصريحاً أحمر فاقعاً لونه، يعتذر في بدايته، ثم يطالب بتشكيل لجنة برلمانية تساعد الداخلية في تحقيقاتها، قبل أن يتقدم باستقالته، ويتوجه إلى بيت 'المغدور' لمشاركة أهله العزاء، إذ لا يمكن أن يقبل أي إنسان، مهما انخفض منسوب إنسانيته ما حدث، لكنه خيب ظني وأصدر بياناً ناقصاً: 'لا يشرفني أن أقود وزارة تعتدي على المواطنين'، ونسي أن يضيف، ربما لضيق الوقت: 'وبناء عليه أتقدم باستقالتي واعتذاري عما حدث'. ثم تلاه بيان الوزارة التي دنّست فيه قبر القتيل.
وأظن أن وزارة الداخلية ملّت إعطاءَنا 'خوازيق' نظرية فقررت تطبيقها عملياً، وها هي اليوم، بعد جريمتها، تظهر لنا مرتدية معطفاً من الفراء الفاخر، لكن الناس يعلمون أنها ترتديه على الجلد، لا شيء تحته.
ومتابعو صحافتنا من خارج الكويت أرسلوا إيميلات مغلفة بالخيبة ومربوطة بخيوط الدهشة يستفسرون: 'هل صحيح أن مواطناً قضى تحت التحقيق؟'، فأجبت: 'صحيح، لكن لا تهنوا ولا تحزنوا فالكويتيون سيعيدون ترتيب الحروف المبعثرة، وسينقذون وزارة الداخلية من غياهب الكذب. أمهلونا بعض الوقت وسنبهركم، أمهلونا وتفرجوا كيف يتفوق الكويتيون على أنفسهم قبل أن يتفوقوا على العرب، أمهلونا وتعلموا منا واحرصوا على الاستعانة بالورقة والقلم كي تستفيدوا'.
والحكومة تسجل أرقاماً قياسية في الجرائم، الواحدة تلو الأخرى، وتقودنا بنجاح إلى 'الدولة البوليسية'، وتتقدم كل يوم خطوة. وخبراء الصحة يقولون: 'لا تمد يدك إلى طبق الطعام قبل أن تهضم جيداً لقمتك السابقة، كي لا ترهق المعدة فتصاب بالسمنة'، والحكومة انتفخ بطنها وتعطلت معدتها وهي تتناول الجريمة فوق الجريمة. والكارثة أنها تجهل ما يتناقله الناس في ما بينهم، وتجهل كذلك كيف تتشكّل البراكين، وأظنها في مسيس الحاجة إلى خبراء جيولوجيين ينبهونها أن عليها أن تحمل أغراضها وتهرب بأقصى سرعة.
على أنني بعد أن أشارك ذوي القتيل وأبناء عمومته العزاء، أتفهم فقدانهم أعصابهم، وأعرف أن ما حدث ليس فقط تنكيلاً بمتهم، بل وتعمّد إهانة كرامته حيّاً وتشويه سمعته ميتاً واستهتار بمشاعر ذويه والمواطنين، لكن كل هذا لا يعني أن نلجأ إلى الاقتصاص بأيدينا، فلدينا نواب يمثلوننا، هم المسؤولون أمامنا، لا وزير الداخلية.
أكرر التمني عليكم، أهل القتيل، رغم معرفتي بدرجة حرارة دمائكم، بأن لا تساهموا في إسقاط الدولة كما تفعل الحكومة ووزير داخليتها، على أن التمني هذا يمتد إلى أن يصل إلى النائب عادل الصرعاوي، بأن يتقدم باستجواب وزير الداخلية، كي يضيف إلى لوحة 'إلا الدستور' الجميلة بعض الألوان الناقصة والضرورية. تقدم يا عادل وسنتفرغ نحن للتفكير في الفتوى التي سيستعين بها 'الربع' هذه المرة للدفاع عن الحكومة... 'من قُتِل في الأحمدي فلا ثائر له'، مثلاً؟
***
لا بأس عليك، معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والحمد لله على نجاح عمليتك.
 
آمال:
عربة بقدونس دهست فرعون تونس
محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com
%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B4%D9%8A%D8%AD%D9%8A_thumb.jpg
الحكاية بإيجاز... بعدما عجز محمد بوعزيزي، الشاب التونسي الجامعي الحاصل على شهادة الفيزياء، عن إيجاد وظيفة تعيله وأسرته، استدان واشترى عربة ملأها بربطات البقدونس وسعى في مناكب مدينته يبيع بضاعته ليُسكِت صراخ بطنه وبطون أهله الجائعة، فصادرت الشرطة عربته، فاحتجّ، فصفعته شرطيّة خرقاء، فأحرق نفسه، فثار أهله وجيرانه، واتسعت الدائرة، إلى أن ابتلعت عرش فرعون تونس... وليس أمام طغاة العرب إلا أن يقرأوا التاريخ، فيمنعوا بيع الخضراوات، بعد أن أضحى الجرجير والكزبرة يهددان أمن الكراسي.
والشبّان التوانسة في هذه اللحظات يبحثون عن أذناب النظام المخلوع - ولا أقول رجاله - ليردّوا إليهم بعض «جمائلهم». والطائرة لا تتزن إلا بالذنب، لذا تحرص كل طائرة طغيان على أذنابها.
وإذا استشارني ثوار تونس فسأشير عليهم أن يبحثوا عن المسؤول الذي أمر بنقل بوعزيزي من المستشفى المتهالك، بعد أن أحرق نفسه، إلى أكبر مستشفيات تونس تحضيراً لزيارة الفرعون المخلوع، ثم سأشير بأصبعي إلى قضاة فرعون ومستشاريه القانونيين، الذين غلّفوا جرائم ربّهم بغلاف من القانون.
على أن المسؤولين الجبناء يتفقون على أمر واحد، مهما اختلفت جنسياتهم، وهو سرعة التضحية بالأعوان، الواحد تلو الآخر، لضمان البقاء.
ويا ويل الحكومات التي تتحدى الشعوب وتنتهك كراماتها، ويا ويل المسؤولين الذين يجيّرون أجهزة الدولة الأمنية لخدمتهم. يا ويلهم من الشعوب التي تنتظر لحظة إزالة «مسمار الأمان» من على رأس القنبلة.
قاعة محمد غزّاي المطيري
بعد مضي أيام من موت المغدور محمد غزاي الميموني تحت تعذيب المباحث، أستغربُ كيف لم تعتذر الحكومة إلى هذه اللحظة ولم تُدِن الجريمة! بل حتى وزير الداخلية لم يعتذر إلى الشعب ولا إلى أهل المغدور، في حين أنها الحكومة نفسها التي سارعت إلى استنكار «الاعتداء» على أحد المستفزين من أتباعها في بيانها الرسمي، وهو الذي تعرض لسجحات وكدمات، في مسرحية مكشوفة الفصول... يبدو أن سجحة هذا أغلى من دم ذاك. تبّاً لميزان الحكومة، وتبّاً لمستشاريها الذين لم ينصحوها بتدارك الموقف، وأظنهم قريباً سيندمون بعد أن «يفور الإبريق» فتتخلى عنهم الحكومة وتتهمهم بـ»تضليلها» كما هي الموضة في العالم العربي هذه الأيام، قبل أن تعلن رضوخها وإذعانها لمطالب الناس العادلة، لكن بعد أن يسقط «غطاء الإبريق» الحكومي من قوة البخار.
عموماً، لسنا بالسذاجة التي تجعلنا ننتظر من القاتل إدانة نفسه، لكننا سنطلب من نوابنا أن يطلقوا على قاعة لجنة الداخلية والدفاع في مجلس الأمة اسم «قاعة محمد غزّاي الميموني»، كي يقرأها كل وزير داخلية لاحق فور دخوله القاعة، فيتذكر جيداً حقوق المتهمين.
ويا محمد غزّاي، أقسم لك بالله أن هول الصدمة مايزال يهز أيدينا بعدما هزّ قلوبنا وعقولنا، ومازالت دموع النساء والصبايا تنهمر بعد أن تكشفت لهن التفاصيل، فقط نتمنى عليك أن تمهلنا حتى نسترد اتزاننا، وعهدٌ علينا أن نجفف دموعك في قبرك بعد أن نجبر الحكومة على تسديد الفاتورة كاملة... كاش.
 
آمال:
خدّام المجتمع
محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com



%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B4%D9%8A%D8%AD%D9%8A_thumb.jpg
يبدو أن وزير الداخلية متأثر جداً ببرنامج الكاميرا الخفية، فما إن استقال حتى استدار «يو تيرن» ورجع فوق حدر وهو يضحك ويشير بأصبعه إلى الكاميرا المختبئة خلف الشجرة. وطبعاً هو وزير إصلاحي بشهادة النواب العقلاء.
وأنصح الناس، خصوصاً النساء، بالتوقف عن قراءة تفاصيل جريمة قتل محمد غزاي على أيدي مجرمي المباحث، كي لا تتقطع حبال قلوبهن. ويقول مواطن: «كانت شقيقتي تقود سيارتها عندما لمحت دورية الشرطة فأجهشت بالبكاء رعباً رغم أن أحداً لم يتعرض لها»، ويضيف: «كانت شقيقتي تتابع كل ما يُنشر عن جريمة قتل محمد غزاي، فتسألني مذهولة: معقولة عندنا ناس بهذه البشاعة؟»، والحمد لله أنها لم تتابع قضية المصري الذي «اعترف» باختطاف مراهقة باكستانية وقتلها بعد أن اغتصبها، ليتبين لاحقاً أنها هاربة مع صديقها، ولم تقرأ كذلك حكاية الحدث السعودي، وبقية جرائم بعض منتسبي المباحث، وأكرر «بعض المنتسبين» الذين تفوقوا على الشيطان وأذاعوا بيانهم رقم واحد.
وأنصح هذه الشابة أن لا تقرأ حكاية أحد كبار السن الكويتيين - التي لم تنشرها الصحافة بعد -مع المباحث، ما دفعه إلى الوقوف أمام مبنى مجلس الأمة قبل أيام والصراخ: «احموني من المباحث أنا وأبنائي وبناتي قبل أن أتحول إلى انتحاري»، وقصة هذا الشايب تبكي أحجار الأهرامات، سأتحدث عنها في المقالة المقبلة ما لم تنشرها الصحف.
ومع كل ذا، فالوزير إصلاحي، وكل يوم يمر نتأكد من «إصلاحيته» التي لا تخرّ منها المية من بين يديها ولا من خلفها، خصوصاً بعد أن عيّن شقيق النائب سعدون حماد مختاراً في إحدى المناطق. وصاحبنا المختار من ذوي السيرة العطرة، إذ لن يسمح له ضميره الحي بنقل أي صوت انتخابي إلى المنطقة ما لم يكن من سكانها.
وللمصادفة جاء هذا التعيين بعد يوم واحد من «تزكية» النائب سعدون حماد عضواً في اللجنة البرلمانية التي ستحقق مع وزير الداخلية وقيادييها. وأنعم بها من لجنة. والمضحك، أنه في يوم تعيين «صاحبنا المختار» استقال العميد كامل العوضي مدير عام الهجرة بعد أن وافقت الحكومة على استبدال عقوبة النائب السابق بادي الدوسري، الذي اعتدى عليه بالشتم والضرب، من الحبس ثلاثة أشهر إلى «خدمة المجتمع».
وأنا لست من المعترضين على استبدال الحبس بخدمة المجتمع، بل على العكس، الحبس لن يفيدنا كما تفيدنا خدمة المجتمع، لهذا أتمنى أن أشاهد بادي الدوسري صباحاً وهو يحمل سطلاً ويرتدي «البلسوت» ويصبغ أسوار المدارس، ومساءً يحمل كيساً بلاستيكياً وينظف الشوارع والشواطئ... خدمة مجتمع.
والطريقة نفسها – أي استبدال الحبس بخدمة المجتمع - استخدمت مع الشيخ صباح المحمد، وخلال أيام ستمتلئ الشواطئ بأصدقاء الحكومة، خدّام المجتمع، يرتدون البلسوتات ويحملون أكياساً سوداء، فالحكومة لا تعرف «الغشمرة» في القانون، ورئيسها يردد مراراً وتكراراً «القانون يُطبق على الكبير قبل الصغير».
وسمّعوني زغروطة، يرحم أبوكم سمعوني زغروطة، بعد أن أصبحت أقصى أمانينا أن نموت في حادث سيارة أو بطلقة رصاصة، بعيداً عن أيدي بعض مجرمي المباحث (لا يعني هذا أن كل رجال المباحث مجرمون) و«شوايتهم» وتشويههم سمعتنا بعد موتنا. على أن المسؤول الأول عما تم هو وسائل الإعلام «المدعومة» وبعض النواب العقلاء، وسأشرح ذلك لاحقاً.
 
آمال
بو عسم
محمد الوشيحي


%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B4%D9%8A%D8%AD%D9%8A_thumb.jpg
مبروك حرية الجاسم وعقبال الدكتور عبيد الوسمي، وشاي على حسابي للربع. وارفعوا أيديكم معي بالدعاء أن يفشل استجواب وزير الداخلية فيستمر في منصبه. ليش؟ كي تفور دماء الناس، أكثر من فورانها الحالي، ويسعوا إلى اقتلاع الجدار الحكومي كله لا أن يكتفوا بإسقاط طابوقة متهالكة تقع في أقصاه.
وعساكر المباحث الذين قتلوا محمد غزاي لا يتعدى دورهم دور «عساكر الإعدام»، أما المتهم الأول والمحرض الرئيسي فهو وسائل الإعلام القذر التي تُرِكَتْ تشق وحدة المجتمع، وسمحت للصوص والطائفيين بالعبث ببيوت خلق الله، إلى أن حقد الجار على جاره والزميل على زميله وانطلق عهد «تحيّن الفرص واختلاقها» وتعذيب الناس والافتراء عليهم.
وكلنا لها، أقصد كل المعارضين، فبالأمس افتروا على الزميل سعد العجمي واتهموه بقيادة سيارته تحت تأثير الخمر، وعندما اكتشفوا أنها واسعة اكتفوا باتهامه بالهرب من نقطة تفتيش ومحاولة دهس عسكري، هكذا، قرر سعد، من باب كسر الملل، دهس عسكري! وغداً سيتهمون الرئيس أحمد السعدون بالهرب من مطعم قبل دفع الفاتورة، ويتهمون الفذ مسلم البراك بإدخال ألعاب نارية منتهية الصلاحية إلى البلاد، وسيكون نصيب أستاذنا أحمد الديين تهمة التحريض على الجهاد في البوسنة، وستتهم أسيل العوضي بالشعوذة وعلاج المرضى بالزيت المغشوش، ويتهم مرزوق الغانم بالتخابر مع قبيلة مطير (يعتبرها البعض من الأعداء)، ولا أدري ما هي تهمتي لكنها بالتأكيد ستكون فضائحية من الطراز الداعر.
والناس قد تصدق مسيلمة، وقد تصدق السراب على خطوط السفر في الصيف، لكنها لن تصدق بيانات الداخلية في عهد هذا الوزير الصدوق، ولا قنوات هياتم وصحف «جوز الست». والغضب من تصرفات الحكومة وتكتيكاتها بلغ خطه الأحمر، خصوصاً بعد «قتل مواطن تحت التعذيب» ثم تشويه سمعته وهو في قبره، وقد أدركت صحيفة «الشاب العصامي» - أو «الصحيفة الزرقاء» كما أسماها الصديق الجميل بدر ششتري في حديثه معي على قناة كاظمة – مدى غضب الناس، فراحت تستخدم «الخطة باء»، أي «السحب الناعم»، وأخذت تنثر التراب على رأسها وتنوح ولا أجدعها نائحة مستأجرة على المغدور محمد غزاي، وراح حكماء بروتوكولها يبصقون على المجرمين، ألا إنهم هم المجرمون ولكن لا يعلمون، أو هم يعلمون ولكن يستعبطون كي يغطوا على جريمتهم التي ساهمت في مقتله رحمه الله، وما إن تبرد دموع الناس حتى تعاود «الحية الزرقاء» لدغها وبث سمومها.
***
أغرقتْ إيميلي رسائل إلكترونية تتساءل: «هل قرأت ما كتبه (وشيحي الفيسبوك)؟»، «هل أنت من يكتب المقالات في الفيسبوك تحت الاسم الفلاني؟»، هل هل هل، فدفعني الفضول إلى قراءة ما كتبه، فصفقت بكل ما أوتيت من دهشة... وفي تجمع ساحة الصفاة حيّاني أحدهم وقدّم لي نفسه: «معك فلان، وشيحي الفيسبوك»، فإذا هو شاب في مقتبل العمر، مسجل خطر على الصبايا الباحثات عن ذوي الوسامة واللباقة والأسلوب الحسن.
وقبل أيام نشرَ مقالته الأولى في جريدة «المستقبل» على صفحتها الأخيرة تحت اسم «بو عسم»، بعد أن تم اعتماده كاتباً لثلاثة أيام في كل أسبوع، الأحد والثلاثاء والخميس، وأظنه قريباً سيكون محط تنافس الصحف التي لا تصلي على سجادة «التنمية».
مقالات هذا المجرم تشبه شهر فبراير المليء بالإجازات والأعياد والخفيف على القلب، ويبدو أنه يفكر جدياً في سحب بساط الكتابة الساخرة، وكل «البُسط» من سوق الزل... ارفعوا فناجين قهوتكم تحية لإبداع هذا المجرم المبتدئ، وتابعوه لتكتشفوا أن الكويت تنافس هولندا في تنوع الورود وجمالها.


 
آمال:
فبراير

محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com


%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B4%D9%8A%D8%AD%D9%8A_thumb.jpg
الجو متعب عاطفياً. يتلف الأعصاب. مسكين يا العزوبي. ونصيحة لكل أم ابنتها فاتنة أن تمنع ابنتها من الخروج من المنزل إلى أن يزول هذا الطقس الخطر، وقد أعذر من أنذر. اللهم ألهم شبابنا وبناتنا الصبر... والحكومة تشجع على الغزل، لذا اتفقت مع رئيس البرلمان على اختطاف شهر فبراير، أقصر الشهور وأجملها، كي يتفرغ الناس للحب. وفبراير الآن محسوب علينا «دفترياً» فقط، وعملياً محسوب على رئيس البرلمان الذي استحوذ عليه بعد أن التبس عليه الأمر وظن أنه مناقصة. والصورة التي نشرها هذا «الجرنال» أمس في غاية الذكاء والشيطنة الصحافية، إذ أظهرت لنا وجوه بعض من أيّد رئيس البرلمان في سرقة فبراير، ومنهم معصومة المبارك وحسين الحريتي وآخرون، أراد الرئيس أن «يستر» عليهم عندما رفض النداء بالاسم، وليت «الجريدة» أتبعت الصورة بصورتين أو ثلاث تكشف لنا وجوه بقية النواب الذين ساهموا في سرقة فبراير من رزنامتنا.
والحكومة وعيالها النواب مثل «امرأة عزيز مصر» التي راودت سيدنا يوسف عن نفسه ثم اتهمته بالاعتداء عليها. و«امرأتنا» أقصد حكومتنا تشتكي من «المؤزمين» الذي يعطلون البلد، ثم تلغي خمسة وتسعين يوماً من عمر المجلس، في حين بحّت أصوات «المؤزمين»، الذين قدّت قمصانهم من دبر، احتجاجاً... حتى المنحة، لم يحضر للتصويت عليها إلا اثنان أو ثلاثة من عيال الحكومة في حين لم يتخلف أحد من «المؤزمين».
وما الذي بقي لم تفعله «خطة التنمية» بنا؟ حتى جمعية حقوق الإنسان حلقت في سماء التنمية، ففي كل الدنيا، جمعيات حقوق الإنسان تصطدم بالحكومات ووزارات الداخلية، أما جمعيتنا فتغني للحكومة «اتمخطري يا حلوة يا زينة» و»ادلّع يا كايدهم». ورئيس الجمعية حولها إلى شركة حكومية، وراح يكتب مقالات تهاجم خصوم الحكومة وتمتدح عيالها. وهو واحد من عيالها، بل من أنشط عيالها، ويكفيه شرف تنظيف الصالة بعد خروج الحكومة، ويكفيه مديح وكيل المراجع له.
وقبل يومين احتج بعض أعضاء الجمعية على مقالته التي كشفت بوضوح عن موقفه المكشوف أصلاً، بعد أن هوّن من جريمة قتل المغدور محمد غزاي، فهدده أعضاء الجمعية بالاستقالة ما لم يتنحّ عن الرئاسة، وأخشى على الأعضاء من أن يتهمهم وكيل المراجع بالطائفية وشق الوحدة الوطنية، رغم أن بعضهم من الطائفة الشيعية، وإن كانوا لا يلتفتون إلى مثل هذا التصنيف.
وعليّ النعمة لم أكن أتوقع في أسوأ كوابيسي أن الجمعية تضم بعض الأسماء الشامخة التي تكشفت لنا، والتي صمتت طوال هذه الفترة وتركت الجمعية تقاد إلى حظيرة الحكومة. لكن عزاءنا أنهم انتفضوا حفاظاً على سمعة الجمعية وعلى سمعتهم قبل ذلك. والحمد لله أن هذا تم قبل أن يصدر «والي» الجمعية «الليبرالي النقي» بياناً يتهم فيه محمد غزاي بإنهاك قوى معذبيه. ولولا الحياء من اللغة العربية لوضعت كلمة «ليبرالي» بين قوسين وكلمة «نقي» بين ثلاثة أقواس.
***
قلوبنا انقسمت نصفين، نصفٌ مع د. عبيد الوسمي وأم محمد غزاي ودستورنا المسلوب وفبرايرنا المنهوب وبرلماننا المضروب، ونصفٌ مع مصر وشعبها الحر، الذين أسهرونا وأقلقونا عليهم... حمى الله مصر والمصريين.
 
آمال:
غريضات أم مناحي
محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com
محمد%20الوشيحي_thumb.jpg

لا شيء أزعج الحكام العرب أكثر من عربة محمد بوعزيزي، الشاب التونسي الذي أحرق نفسه فتتابعت الأحداث إلى أن سقط الفرعون التونسي.
ويبدو أن هذه العربة ماتزال تجوب شوارع الوطن العربي بعد أن أنهت مهمتها في تونس وانتقلت إلى مصر، في الوقت الذي تُعبّد لها بقية الشعوب العربية الطرق، وتستعد الحكومات العربية لمواجهتها بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي أحياناً والحيّ أحايين أخرى... وهي عربة تدفعها الشعوب المغلوبة، فإذا استوت على الطريق تشعبط بها قادة أحزاب «المعارضة الوردية»، أو اللصوص غير الرسميين.
والحكومات العربية الغبية هي التي ستتفرغ منذ اللحظة، قبل وصول عربة بوعزيزي، لسحب «مصروف عيالها» لتدعيم ميزانيات الشرطة والجيش و»قوات مكافحة الشغب» أو «قوات مكافحة الشعب» كما تسميها الشعوب العربية، أما الحكومات التي مايزال لديها قليل من «المخ» فستبادر إلى «الطبطبة» على أكتاف الناس وتسريح شعرهم. وقد أمر القذافي (بالإذن من عائلة «القحوص» الكريمة) قبل يومين بتخصيص 24 مليار دولار لتوفير السكن للشباب، و»إذا حلقوا ذقن جارك فبلل ذقنك».
وكنت طوال الأيام الفائتة أجلس «متربعاً» أمام الفضائيات، أتنقل بينها كما يتنقل النحل بين الأزهار قبل أن يستقر على إحداها، فوقعت عيناي على «الفضائية المصرية»، واستمعت إلى ما يقوله المحافظون (قادة المحافظات) وما يقوله ضيوف البرامج، فعادت بي الذاكرة إلى ما كان يقوله المذيع العربي المعروف «أحمد سعيد» إبان حرب 67، الذي أذاع للناس خبر «سقوط الجيش الإسرائيلي» في الوقت الذي تتساقط فيه المدن العربية، الواحدة تلو الأخرى، و»كل واحدة تقول أنا أسقط أولاً». ولم يكن ينقص محللي الفضائية المصرية سوى جملتين: «أسقطنا سبع طائرات للشعب» و»سنقدم قتلاهم طعاماً للنسور والضباع» كما كان يقول سعيد عن الإسرائيليين (أحمد سعيد هزأ بوزير الإعلام العراقي السابق «محمد الصحاف» وكذبه المكشوف. تخيل). ومن شاهد الفضائية المصرية فسيصعقه انتقادها قناة «بي بي سي» واتهامها بعدم المهنية، وهي التي (الفضائية المصرية) يعجز مذيعوها عن تركيب «المبتدأ» قبل «الخبر» من دون خطأ. وهذا درس لكل حكومة تعتمد على مذيعين وسياسيين من فئة «غريضات أم مناحي» التي تلتقط من الأرض كل ما تقع عينها عليه من دون انتقاء، وتظن أنها امتلكت عرش كسرى وتاج قيصر.
وأظن أن الشعوب الثائرة ستقبض، أول ما تقبض، على «راقصات السلطات وطباليها»، كي تعزف على ظهورهم ألحان الانتقام. وعلى الحكام ورؤساء الحكومات العرب أن يردوا على الهاتف بأنفسهم، ويستمعوا من دون وسيط إلى مطالب الناس وتظلماتهم، قبل أن يضطروا إلى التصريح «أنا فهمتكم» بعد غروب الشمس. ويا ويل مخترعي «فيس بوك» و»تويتر» من دعوات حكام العرب عليهم في الثلث الأخير من الليل، ويا ويل الحكومات التي تستفز شعوبها وتستهين بها، خصوصاً إذا كان الشعب معتاداً تناول الحرية مع إفطاره الصباحي.
ورددوا معي: «اللهم ارحم بوعزيزي واحفظ عربته الحرة».
***
النيران المشتعلة في الغابات المجاورة لن تنسينا د. عبيد الوسمي ولا دم محمد غزاي هليل الميموني. وإذا كانت رقابنا التفتت إلى مصر، فسرعان ما ستعاود التفاتها إلى قبر محمد غزاي.
 
آمال:
الراجل يختلف عن الريّال

محمد الوشيحي
alwashi7i@aljarida.com
%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B4%D9%8A%D8%AD%D9%8A_thumb.jpg
أدينا بندردش، وعليّ النعمة أشعر برغبة في الكتابة سبع سنين بلا انقطاع، فغيوم الفكر ملأى بالمطر، والقلم يجلس على إحدى ركبتيه ويثني الأخرى، كما يفعل العداؤون الأولمبيون قبل صافرة الانطلاق، والولاعة تتحرش جنسياً بسجائر «دافيدوف» وتراودها عن نفسها، والقهوة تغمز لي بطرفها الصنعاني... والله يرحمك يا «طاغور» ويغمد روحك الجنة، يا فيلسوف العالم وشاعر الهند، ما أروعك عندما قلت: «آهات المظلومين كالقطرات، تتكاثر مع كل مظلمة، فإذا تُركت تحولت إلى سيل جارف يقتلع عروش الطغاة»، والذين يشبّهون الأوضاع في الكويت بالأوضاع في مصر وتونس، أقول لهم «تعقبون ويخسأ الخاسئون». ولأن معرفتنا بتونس «معرفة وجه وسلام من بعيد»، فسنقارن أوضاعنا بمصر التي نحفظها ونسمعها عن ظهر غيب.
ولكن لنتفق أولاً على أن الحديث في المقالة عن «البعض» لا «الكل»، أكرر لمن في عينه صمم ومن في عقله رِمَمُ، وأقول بصوت واضح «يلق لق»: «المقالة تتحدث عن البعض لا الكل»... ففي أقسام شرطة مصر، يستقبلك الضابط بكفّ على مقاس قفاك، ويبدأ حواره معك بـ«عامل فيها راجل»، أما في أقسام الشرطة عندنا فلا كف على القفا، بل «شواية»، احتراماً لكرامتك، ولا «عامل فيها راجل» بل «مسوي روحك ريّال». الوضع يختلف.
وفي مصر، قتلت الشرطة شاباً اسمه «خالد سعيد» رحمه الله تحت التعذيب، أما في الكويت فالمقتول شاب اسمه «محمد غزاي»، الاسم يختلف كما هو واضح. وفي مصر ثار الناس مطالبين باستقالة الحكومة انتقاماً للمغدور، ثم تنازلوا فطالبوا باستقالة وزير الداخلية، فردت الحكومة عليهم: «لديكم نواب في البرلمان، فليستخدموا أدواتهم الدستورية»، أما في الكويت فثار الناس ونوابهم القلة، فاستقال الوزير وخرج من الباب الكبير، ثم عاد من البوابة رقم ثلاثة، فغضب الناس، فانزعجت الحكومة وصرخت: «يعني الواحد ما يقدر ينام؟! عندكم نوابكم»، فصرخنا: «نوابك أكثر من نوابنا»، فأشارت إلى أقرب حائط، فتوكلنا على الله ونطحناه. الوضع يختلف.
في مصر، اتهمت الداخلية المغدور خالد سعيد بترويج المخدرات، أما في الكويت فقد اتهموا المغدور بترويج الخمور. والمخدرات تختلف عن الخمور كما تعرفون، لذا فالوضع يختلف. في مصر، ملف خالد سعيد الجنائي كان خالياً من أي تهمة، أما ملف محمد غزاي فكان يحتوي على بعض المخالفات المرورية «ممنوع الوقوف». الوضع يختلف.
وفي مصر، رئيس البرلمان ورئيس الحكومة «صبّه حقنه»، أما في الكويت فـ«حقنه صبّه»، الوضع يختلف... في مصر يقولون «رئيس البرلمان (أشد) علينا من رئيس الحكومة»، ونحن نقول «رئيس البرلمان (أنكى) علينا من رئيس الحكومة». الوضع يختلف... في مصر استحوذ أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطني الديمقراطي وزعيم الأغلبية، على البرلمان، فساعد هذا وزوّر لذاك، ولعب بالبيضة والحجر، وسلب إرادة الناس، وجاء بنواب يقومون بدور المكنسة الألمانية، أما في الكويت فليس لدينا «أحمد عز» بل «أحمد الفهد»، الذي استورد مكانس صينية. الاسم يختلف، والمصانع تختلف، والوضع يختلف.
في مصر، جمعية حقوق الإنسان ضد الحكومة، لكنها محاربة ومقموعة إعلامياً، أما في الكويت، فجمعية حقوق الإنسان بنت الحكومة، وشقيقة وزارة الداخلية، ورئيس الجمعية يرأس مجلس إدارة شركة استثمارية. الوضع يختلف.
في مصر، استفز سفلة الإعلام الناس، بتشجيع من الحكومة، فانتفخت صدور الناس غيظاً، وفي الكويت، استفز سفلة الإعلام الناس، فتورّمت أكبادهم غضباً. الوضع يختلف. في مصر، تتحكحك أحزاب المعارضة بأقدام النظام، وفي الكويت، تتحكحك غالبية التيارات السياسية بأحذية الحكومة. والأقدام تختلف عن الأحذية، والوضع يختلف. في مصر يدّعي النظام الظالم يومياً أنه يتحسس مشاكل الناس، وفي الكويت تدّعي الحكومة الفاسدة أنها تتلمس مشاكل الناس وتلمّس عليها.
في مصر، تجمعوا في ميدان التحرير يوم 25 يناير، وفي الكويت سنتجمع أمام مجلس الأمة يوم 8 فبراير، المكان يختلف، والموعد يختلف، والوضع يختلف... موعدنا 8 فبراير لنسقط هذه الحكومة، تحت قيادة هؤلاء الشبّان الأحرار، الذين استعانوا بأسلحة الدمار الشامل «الفيس بوك والتويتر»، واستصرخوا فينا «كويتيتنا». يا معين.


 
أعلى