آمال / «الكويتية» بين الشارب واللحية
[SIZE=+0]آسف... ذكرت في مقالي السابق أن هناك شبهة مالية في صفقة تحديث اسطول طائرات مؤسسة «الكويتية» سابقا (مؤسسة «البربسة» حاليا) قيمتها 200 مليون دولار، والحقيقة أن عشرين مليون دولار سقطت مني سهوا بين الكم الهائل من الأوراق التي أمامي! إذاً، الشبهة المالية الحقيقية هي 220 مليون دولار، للمرحلة الأولى فقط! هذا ما وقع تحت يدي بخلاف ما وقع فوقها... في حين أن بلاعيم مهندسي الطيران سقطت سهوا أيضا لكثرة مطالبتهم بمساواتهم بزملائهم المهندسين في شركات الطيران الأخرى، وهو ما رفضته قيادات البربسة، قبل أن تكاسرهم، وكأن المهندسين يبيعون ستائر وبردايات: نأخذ المتر بربع دينار، تبون والا سوق الجمعة مليان؟ وطبعا، هذه الطريقة التفاوضية معروفة في علم الإدارة، وتسمى... خرطي ميغا وات.
سمو رئيس الحكومة الآن بين أمرين، إن وافق على تخصيص مبالغ لتطوير البلد، فستتطور أرصدة بعض كبار المسؤولين فقط، أما إن رفض تخصيص المبالغ، فستحافظ الكويت على مركزها الأخير بفضل جهود أبنائها. وكأني بالرئيس يقول وهو يضع رأسه بين يديه: «والله يا بلد، ان رفعتها في الشارب، وان نزّلتها في اللحية»! ويكفينا فخرا أننا البلد الوحيد الذي استطاع مسؤولوه التلاعب في صفقات الفجل والرويد. فكيف بصفقات الطائرات؟
نعود لموضوعنا، بدأت القصة المأسوية بعد موافقة الحكومة على مبلغ مليار وسبعمئة مليون دولار لشراء طائرات للمرحلة الأولى (ويا ويلنا من المراحل الأخرى)، وهنا يفترض أن تعلن «البربسة» عن حاجتها لطائرات في المجلات المتخصصة وأمام الجهات المعنية، كما فعلت شركات الطيران الأخرى، لكنها لم تفعل. لماذا؟ لأنها تؤثر الآخرين على نفسها بكل كرم وتضحية... غالبية شركات الطيران أعلنت عن خططها ونجحت في شراء طائرات جديدة كما قرأنا وشاهدنا قبل أيام، لكننا لم نقرأ اسم «البربسة» من بين أسماء تلك الشركات، فما الذي حصل؟ أبدا، البربسة أوعزت لشركة «الافكو»، وهي شركة غالبية أسهمها مملوكة لبيت التمويل الكويتي، بأن تشتري الطائرات ومن ثم تبيعها لـ «الكويتية»! وطبعا الحديث عن سبب اختيار شركة الافكو تحديدا ودونا عن بقية الشركات العالمية والمحلية يطول، لكنني سأقفز على هذا الموضوع لأتحدث بالأرقام عن الفرق في السعر ما بين شراء الطائرات من المصانع مباشرة وشراء الطائرات من الافكو، وسأذكر نوعين على سبيل المثال، لأن الجدول الذي أمامي طويل: قيمة طائرة البوينغ (8-787) من المصنع 100 مليون دولار، ومن ألافكو 110 ملايين دولار، وقيمة طائرة الاير باص (800-350) من المصنع 100 مليون دولار، ومن الافكو 109 ملايين دولار.
وليت مصيبتنا توقفت عند هذا الحد، لا... هناك مصائب أخرى تكشف لنا كفاءة قيادات البربسة، وأهمها أن اللجنة التي شكلها رئيس المؤسسة الشيخ طلال وترأسها بنفسه، كانت قد بعثت بكتاب لمجلس المؤسسة منتصف الشهر الماضي جاء فيه «قد تختلف الطائرات المعروضة من شركة الافكو عن الطائرات المعروضة من المصانع من حيث المواصفات الخاصة والاضافية مما يترتب عليه تكلفة اضافية يتم تحديدها في وقت لاحق حسب متطلبات المؤسسة». شوف التلاعب، يعني احسبوا حسابكم بأن شركة الافكو لا توفر مواصفات المصانع، لذلك فسنحتاج إلى مبالغ أخرى.
طيب بالعقل، إذا كانت قيادة مؤسسة البربسة تتخبط وهي لا تمتلك سوى سبع عشرة طائرة فقط، فكيف ستتصرف أمام سبع وسبعين طائرة كما هو مقرر لها؟ ثم إن هناك علاقة طردية بين خسارة المؤسسة وعدد الطائرات: كلما زاد عدد الطائرات زادت الخسارة بفضل من الله! الآن، خسارة المؤسسة السنوية مئة مليون دولار، ولكم أن تتخيلوا مقدار الخسارة في حال استمرت القيادة ذاتها في إدارة المؤسسة بعد أن يصبح عدد الطائرات 77 طائرة. الحسبة سهلة، اضرب واقسم لتحصل على خسارة سنوية مقدارها نحو 453 مليون دولار سنويا... في حال لم يسارع الوزير بتغيير قيادات المؤسسة.
قيادات المؤسسة أيضا حاولوا التذاكي على مجلس الوزراء الذي طالبهم بتقرير يوضح بعض التفصيلات عن خطة شراء الطائرات، فأرسلت المؤسسة تقريرها، فعقّب مجلس الوزراء على الرد مستغربا: «لم تذكر المؤسسة عدد الطائرات المزمع شراؤها والخطة لتحقيق ذلك» لاحظوا، مجلس الوزراء يطلب الخطة بالتفصيل، وقيادة البربسة لم تذكر أهم نقطة في الخطة وهي عدد الطائرات! نكتة، صح؟... طيب، نتابع تعقيب مجلس الوزراء: «ولم تذكر المؤسسة نوع الطائرات المطلوبة، ولا الجدول الزمني، ولا احتياجات الصيانة من معدات وقطع غيار، ولم تحدد المؤسسة أوجه النقص البشري للمرحلة المستقبلية، ولم يتطرق تقرير المؤسسة لمشكلة تحديث وتجديد مقاعد الطائرات...». يبدو أن البربسة كتبت تقريرها عن هوايات كبار مسؤوليها أو عن أي شيء آخر لا علاقة له بخطة شراء الطائرات، وإلا فكيف نفسر تعقيب مجلس الوزراء هذا؟
الموضوع يطول، وقد أكتب عن مخالفات بقيمة خمسين مليون دولار لتجديد المقاعد... ولا أدري، فقد يصل بي الحال إلى الكتابة عن مخالفات مالية في شراء عجلات الطائرات، بعد أن تمكنت جماعة «احكر» من توحيد ميزانية المؤسسة مع ميزانياتهم الخاصة، على اعتبار أن الحال من بعضه والجيب واحد.
وهناك كوارث أخرى، سأكتب عنها في الوقت المناسب، خصوصا بعد توافر الوثائق التي تحاول قيادة الكويتية إخفاءها، فتصلني من ثلاثة أو أربعة مصادر.
وهنا، نذكر الأخ وزير المواصلات بالجملة التي جاءت في كتاب وزيرة المواصلات السابقة معصومة المبارك الموجه لرئيس الكويتية: «إن مجلس الوزراء يبدي عدم رضاه عن سير أداء المؤسسة، و(لاحظ الكارثة) يعرب مجلس الوزراء عن تخوفه من أن عدم معالجة أوجه القصور سيترتب عليها أضرار تمس أرواح المسافرين»! إذاً، الحكاية ليست مزحة يا وزير المواصلات، وإذا لم تحل قيادات الكويتية للنيابة، فقد تواجه نوابا في البرلمان لم يعتادوا على تقديم أطباق جوز الهند للوزراء المقصرين على منصة الاستجواب. وصدقني، لو حدثت كارثة – لا قدر الله - فستكون أنت المسؤول الوحيد أمام الناس وليس طلال المبارك ومجموعته... فكر في الأمر.
alwashi7i@yahoo.com [/SIZE]
http://www.alraialaam.com/02-07-2007/ie5/articles.htm#5