الصبر على المصائب

بسم الله الرحمن الرحيم
الصبر على المصائب
وبشر الصابرين:


قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)

قال ابن القيم عن هذه الأية:

وعد الله الصابرين بثلاثة أشياء وكل واحد خير من الدنيا وما عليها وهي صلواته تعالى عليهم ورحمته لهم وتخصيصهم بالهداية وهذا مفهوم لحصر الهدى فيهم.

فبالهدى خلصوا من الضلال وبالرحمة نجوا من الشقاء والعذاب وبالصلاة عليهم نالوا منزلة القرب والكرامة والظالمون حصل لهم ضد هذه الثلاثة:

الضلال عن طريق السعادة والوقوع في ضد الرحمة من الألم والعذاب والذم واللعن الذي هو ضد الصلاة.

في تفسير الطبري آية 155 قال:

وهذا إخبار من الله تعالى ذكره أتباع رسوله أنه مبتليهم وممتحنهم بشدائد من الأمور ليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه كما ابتلاهم فامتحنهم بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة وكما امتحن اصفياءه قبلهم...

وقال ابن عباس:
أخبر الله المؤمنين أن الدنيا دار بلاء وأنه مبتليهم فيها وأمرهم بالصبر وبشرهم فقال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} ثم أخبرهم أنه فعل هكذا بأنبيائه وصفوته لتطيب أنفسهم فقال:
{مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا} ومعنى قوله: ولنبلونكم: ولنختبرنكم.

وفي قوله تعالى: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)

قال ابن عباس:
أخبر الله أن المؤمن إذا سلم الأمر إلى الله ورجع واسترجع عند المصيبة كتب له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله والرحمة وتحقيق سبيل الهدى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

من استرجع عند المصيبة جَبَرَ اللهُ مصيبتهُ وأحسن عُقباهُ وجعل له خلفاً صالحاً يرضاه.


وأن أشد الناس بلاءً هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ويُبتلى المؤمن على حسب دينه فمن كان دينه صُلباً اشتد بلاؤه ومن كان بلاؤه أكثر وأشد فثوابه أعظم.

و لأن من كان أشد بلاءً كان أشد تضرعاً إلى ربه ومن كان أقرب إلى ربه كان بلاؤه أشد ليكون ثوابه أعظم وأكبر ومنزلة أكثر رفعةً.

و الصبر من أعظم ثمار الإيمان لأنه شاق على النفوس لما فيه من مجاهدة النفس وحبسها عن الشهوات وما تريد ولهذا الصبر ضياء وقال النبي عليه الصلاة والسلام:
فما يبرحُ البلاءُ بالعبد حتى يتركهُ يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة. رواه الترمذي-صحيح.


أما عن

فضائل الصبر فهي كثيرة:

فإذا نزل البلاء على المؤمن صبر عليه واحتسب الأجر صبَّره الله وأعانه ومن أراد الله به خيراً أصابه بالمصائب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من يُرِدِ اللهُ به خيراً يُصِب مِنهُ. بخاري
وقال تعالى:
الم(1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ(2)وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)

وقال تعالى: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون.

والمصائب تذكر المرء بالله وبالموت وتذكره بالتوبة ويزهد بالدنيا ويقبل على الآخرة وترفع بها درجاته وتكفر عنه سيئاته ويزيد ثوابه وفي الجنان يجتمع الأحباب بعد ما فرقتهم الدنيا

{فإن لم تروني فسألوا عني}

أنواع الصبر:

1-صبر على أداء الطاعات
2-صبر على المعاصي
3-صبر على أقدار الله المؤلمة
ومن صبر على هذه الثلاثة ابتغاء وجه الله فهو الصابر حقا ومن استكمل شروط الصبر نال الثواب العظيم

شروط الصبر:
1-إخلاص الصبر لله
قال تعالى: وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ.

2-الثاني: الشكوة إلى الله وحده وعدم شكوى حاله إلى الناس
قال تعالى: قال إنما اشكوا بثي وحزني إلى الله

3-أن يكون الصبر في أوانه عند بداية المصيبة لا عند نهايتها أو بعد انتهاء زمانها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصبر عند الصدمة الأولى.متفق عليه.


والحديث عن الصبر أمر طويل فأكتفي بهذا القدر
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
 
أعلى