السوريون الأعداء

البريكي2020

عضو فعال
السوريون الأعداء


بقلم: أحمد مبارك البريكي
Twitter: @ahmad_alburaiki
Instagram: @ahmad_alburaiki



عن دار رياض الريّس للنشر صدرت مطلع الشهر الفائت رواية "السوريون الأعداء" للروائي السوري فواز حداد، عشت في لجّتها أياما قراءة في شخوصها وحياة في أحداثها.
كتاب هو في نظري الأهم في شرح طلائع الجذور الأولى للأزمة السورية الآنية، وخاصة أن الرواية تحرر قائدها من قيود القائد الصنم الذي تصل يده إلى حاملي الفكر أينما لجؤوا إرهابا، فراحت تغرس خيوطها بعيداً في حقل النزاع الدموي الذي ساجت سيجانه سُلطة لا تعرف إلا لغة حمراء ذات اتجاه واحد، يرحل بها كل عاثر بمطب الحرية بحياته من الحياة إلى الموت، فزرعت بذرة الشقاق على أرض النعمان حركة تصحيحية ظاهرها الوحدة والحرية والاشتراكية، وقيعانها الغيظ وسيقان الحديد ومنابت القيود المتسلقة والمتمددة، يسقيها صهير القتل وفضاء الغدر وحرائق التفرد والسطو بذريعة العدالة الممكنة، فوق جماجم مقدرات أمة أدركت بأن الأمل في عرين الأسد ليس إلا خديعة، حتى غدَت أرض الشام رحلة لشتاء الخلود والموت وعودة لصيفِ عالم جديد.
تناول الكاتب ورقات كتابه فذرّ في البداية جملته التعبيرية التي لا تخلو من غيهب عميق فهمز بأن "هذا كتابي عن الضمير وتلك هي المسألة".
وبين دفّات الملحمة أتقن الـ "حداد" صُنعه، فحضرت الحكاية متوشحة رداء الألم وسراديب القهر وسرايا الموت، بينما الأقدار تتمدّد وتتقهقر حتى رسا المزاد فيها على الرقم الأصعب الذي خطف نصيب (الأسد) منها، وقتئذ تعادى السوريون وسال الاختلاف، فكان أعضل الأرقام رقم السجين (٧٧).
ففي هوج المشاهدة تاه الطبيب الراجي في ظلم الظلمات الحالكة والسجن الأليم وعقود الاختفاء التي تغير فيها كل شيء، بمجرد ظهوره وأسرته في مكان خطأ وزمان خطأ، بلا جرم ولا إدانة أو حتى تهمة ممهورة، أزهقت في سبيل أوامر القتل أرواح العائلة البريئة بزناد مهندس الموت خلف غفلة من ظهر العائل الذبيح وسط ساحة المجزرة، فيما استثنت خيوط الأقدار من المأتم القاسي روح الرضيع، الذي شبّ في كنف عمه القاضي، حتى بزغ يوم رقم آخر (١٨)، حمل معه عام الوعي، الذي بلغه حازم الرضيع/الفجيع بأسرته في مقتلة حماه، عند ذلك الصّباح الدامي من أيام شهر شباط ١٩٨٢.
و(حماه) هي (حازم) وإن بوجه مدينة، فحينما بلغ هو سن الرُشد بلغت هي كذلك في ذات السنة التي مات فيها خانقها، لتحيا قتيلة من بعده إلى أن حطّمت الرقم (٣٠) من عمرها، فأقبل معها شبح ما تبقى من الطبيب المنكود من القبو/القبر، في يوم شبيه بذلك اليوم المأساوي لتنفجر بعدها كل سورية معه عولة وغضباً وثأرا ولتوحل أقدامها في مستنقع القصاص والانتقام والدم.. والذهاب نحو المجهول.
تتوقف الرواية وهي تسير من حماه إلى درعا، عند محطات مفصليّة غاية في الدقة والأهمية من تاريخ سورية الأسدية، لتستعرضها بدءاً بالانفلات الإخواني والانقلاب الأخوي، وانتهاز العلويين المقربين واستخدامهم في حرب الرئيس الخالدة إلى الأبد، تتخللها حكايات المجازر والاعتقالات والتعذيب تحت زيف الخراب الوطني، وتعرج في فصولها الأوديسيّة على ظاهرة استشراء الرشى في الدولة، والاستحواذ على الإعلام الذي صار قطبا أوحد في بلد كثير الأقطاب، حتى فسد القضاء ونخر المتنفذون في عظام القانون، فخارت قوى الاقتصاد وهدمت دعامات المجتمع الذي أفقد الآخر ثقة الآخر.
وفي جو الرواية برزت بجلاء فلسفة القاتل ونظرته للقتل والمقتول على نحو بأن القتل هو ضرورة لابد منها، مادام هناك من يتقبله على أنه نعمة إلهية، من طرف ينظف العالم ومن طرف آخر يمنح لأنصار النعمة الإلهية مسوغات للموت السعيد، إذا هذا زمان الأوغاد منقذي العالم من الإيمان.
 

prince

عضوبلاتيني
ما تطرقته الروايه من وصف دقيق لما عليه حكم الطاغيه وما يقوم به من قمع لهي الحقيقة بعينها ...
الشعب السوري الابي ابتلي بسلطة تسنمت الحكم بغفلة من الزمن وصبروا على القمع حتى ضاع منهم الصبر ..
ولازال الطاغيه يوهم السوريين من انه الحل الاوحد وانه حامي الحمى وانه المقاوم الممانع !!
شكرا .
 
أعلى